الفهرست
غائـب الشيـعة.
مــدخل.
قائم آل البيت هو ذات عيسى إبن مريم شخص سليمان.
سليمان صاحب الحق الأذل.
عيسى ابن مريم هو الدابة التي تخرج ببحر العرب وتكلم الناس…
الرايات السود(ثوار دارفور) وحرب بني العباس (الإنقاذ).
لا ينال عهدي الظالمين.
الخاتمة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل الأول
غائـب الشيـعة
مــدخل
إن أساس فتنة المسلمين وإنقسام الأمة إلى سنة وشيعة كان بسبب الإختلاف حول الإمام، ومتى تحددت شخصيته في ميزان أصول الدين توحدت كلمة الأمة، والمطلوب الآن من السنة والشيعة إعادة قراءة هذه النصوص للوصول إلى كلمة سواء.
لقد خطت الشيعة خطوات جادة في إعادة قراءة تلك النصوص التي تخص الإمامة، وإمامة المهدي بصورة خاصة، فقد جاء في مقدمة كتاب(علائم الظهور في المستقبل المنظور) تأليف حسن النجفي/ مؤسسة البلاغ الطبعة الأولى 1422هـ/2002م بيروت. وأقتطف من مقدمتة ما يلي:
“يبدو أنه قد آن الآوان لتغيير مسار البحث في موضوع المهدي(ع) فقد نحت بعض البحوث المتأخرة نحواً جديداً من حيث أنها لم تعد تتعرض لذات المسائل التي درج القدماء على التعرض لها والإفاضة فيها، وهي من قبيل إثبات وجود الإمام المهدي(أرواحنا فداه) وسوق الأدلة التاريخية على تولده وكونه ابن الإمام العسكري (ع) أو رفع الغرابة فيما يتعلق بالغيبة بذكر غيبة بعض الأنبياء(ع) عن قومهم كموسى ويوسف(ع)، أو تجميع الشواهد على إمكان طول العمر عن ما هو المتعارف بذكر عمر نوح(ع) وغيره من المعمرين…، إن هذه الموضوعات رغم أهميتها قد فقدت لدى جيلنا المعاصر شطراً كبيراً من جاذبيتها الأولى. فالذوق العام عند المؤمنين المثقفين لم يعد يستحلى هذا النمط من المسائل، ولذا يجب أن تنبثق في الدراسات المهدوية المعاصرة محاور جديدة من البحث، إذ أن الاهتمام ينبغى أن ينصب على الجوانب المتحركة كعلائم الظهور مثلاً، وهذا التحول الملحوظ في اتجاه البحث من الوجهة العقائدية إلى الوجهة الأيديولوجية له ما يبرره طبقاً لشكل الوعي السائد في هذا العصر، إن الموروث الضخم الذي تركه النبي وأهل بيته(صلوات الله عليهم) بصدد التخطيط لليوم الموعود من جملة ما يهدف إليه هو رفع درجة الوعي لدى الأجيال بمدى أهمية الفكر المهدوي الذي هو الامتداد الطبيعي للفكر الرسالي… والمهدوية التي هي جوهر عقيدة الإمامة في الفكر الشيعي لها حضورها في وعي كل إمام من أئمة الهدى(ع). سُئل الصادق(ع) عن قوله تعالى: “وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ” فقال:”كل إمام هاد للقرن الذي هو فيه” كما سئل أيضاً عن قوله تعالى: “يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ” قال:”إمامهم الذي بين أظهرهم وهو قائم أهل زمانه”… إن الذهنية الإسلامية المتسلحة بالوعي الرسالي لا يمكن أن ترتاب في العقيدة المهدوية وتبقي الخلافات بين المسلمين محصورة في إطار الهوية الشخصية للمهدي(ع) وماهية التخطيط الإلهي المرتبط بظهوره، ومعنى ذلك أن المسالة ليست خلافاً في أصل العقيدة بل هي مجرد وجهات نظر، ويمكن أن تتوحد الكلمة بمجرد زوال الغموض الذي اعترى فهم بعض المفردات المتعلقة بالفكرة المهدوية، ومن هنا بالضبط ينبغي أن ينطلق كل بحث رصين وعصري حول المهدوية، نحن لا نفعل أكثر من تنحية رواسب الوعي المتحجر الذي وصل إلينا من عصور كان القول الفصل فيها للأهواء والنوازع الذاتية للحكام المنحرفين. فالمهدية أيديولوجية تنسجم تمام الانسجام مع نضج الوعي السياسي عند الناس… إن كل ما يوجد بأيدينا حول تاريخ المهدي ومعني الفكرة المهدوية من روايات وأخبار يمكن أن يتم تطويعه لذوق العصر وجيله الراهن…” علائم الظهور- حسن النجفي.
التعليق:
1/ من تعليق حسن النجفي “كونه إبن الإمام العسكري”.
أقول: تعليقي لكلام حسن النجفي ليس نقداً وإنما هو لفتح نافذة حوار لتصحيح مسار آلية البحث لمفهوم النصوص الثابتة للتأويل والمتغيرة لمختلف أوجه التفسير.
ففي الفقرة الأولى يقول:”يبدو أنه قد آن الآوان لتغيير مسار البحث في موضوع المهدي من حيث أنها لم تعد تتعرض لذات المسائل وهي من قبيل إثبات وجود الإمام المهدي”.
هذه دلالة على فقدان القدرة في تقديم رؤية عصرية شاملة تنسجم مع واقع الأمة لأن المذهب المبتدع قد تضمن تناقضاً واضحاً في هيكله الداخلي. وبما أنه لم يعد بإستطاعته توسيع قاعدته فقد تم خلق بيئة أخرى وذلك لحاجة المذهب لعقيدة إنتظارية تتسم بروح العصر وتغري خيال منتسبيه وهي بالتملق عن نهج هؤلاء القدماء أي (آل البيت) بعدما أعجزتهم دلائل النصوص الصريحة والتي لم تستوعبها وسائل إدراكهم.
وأما قوله:”إن هذه الموضوعات رغم أهميتها قد فقدت لدى جيلنا المعاصر شطراً كبيرا من جاذبيتها الأولى فالذوق العام عند المؤمنين المثقفين لم يعد يستحلى هذا النمط من المسائل ولذا يجب أن تنبثق في الدراسات المهدوية المعاصرة محاور جديدة من البحث إذ أن الإهتمام يجب أن ينصب على الجوانب المتحركة كعلائم الظهور”.
وهنا الكاتب يدعو إلى إيجاد صيغة أخرى من الإنتظار لحاضر وليس غائب، وذلك لتحويرها كمحاولة ليرتكن فيها العقل الحديث (المؤمنين المثقفين) إلى خانة الترقب للآتي الأكبر وهو سيان بحال لسان إبراهيم عليه السلام في قوله تعالى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (78) } سورة الأنعام.
النص القرآني هو مثالاً مضروباً لحال أهل المذاهب اليوم فما بزغ كوكباً وعوّل عليه وأفل إلا وتطاولت الأعناق لبازغ آخر فالعبرة بالمعتبر. وهذا ليس إستصغاراً أو من باب الذم. بل أن الحسنة فيه أنه المذهب الأمثل الذي قام على الإمامة النصية وهي جوهر الخلافة الربانية ونهج آل البيت من قبل. فجاء بعدهم خلف أضاعوا الميراث وضلوا عن الوريث (إمام الوقت الحاضر) قال تعالى: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً} (83) سورة النساء.
فالقول بإمامة الغائب الشيعي إبن الحسن العسكري (محمد) يعارض مذهب الأئمة عليهم السلام جملة وتفصيلاً بل حتى انها تطيح بآمال الطائفة والتي ثبت من خلال مراجعها وبحوثها بطلان هذه الفكرة الناشئة والوليدة والتي يتبرأ منها الإمام الحسن العسكري بعدم إعلانه عن مولود له سيرته بالإمامة وإن كانت على هذا الإفتراض الأخير فهي تفتقر للشرعية لأن التنصيص هو شأن إلهي لا دخل لوالده به. ومن ثم تحولت نظرية الإمامة إلى الإعتقاد بمهديته وقيامته آخرالزمان بعدما إنهارت الآمال المعقودة في كثير من رجالات أهل البيت عليهم السلام.
عن الحارث بن زياد، عن شعيب بن أبي حمزة قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت له: أنت صاحب هذا الامر ؟ فقال: لا، قلت (فولدك؟ قال لا، قلت فولد ولدك ؟ قال: لا، قلت: فولد ولد ولدك ؟ قال: لا، قلت: فمن هو ؟ قال: الذي يملئها عدلا كما ملئت جورا لعلى فترة من الائمة يأتي كما أن رسول الله صلى الله عليه وآله بعث على فترة من الرسل” الغيبه للنعماني ص 27/ بحار الانوار ج51 ص 9″.
أقـول: الحديث السابق يكشف عن الرجاء المهدوي المأمول على الإمام الصادق عليه السلام والذي نفاه حتى عن حفيد إبنه وشهادة الإمام الصادق تبيّن التناقض الواضح من أقوال الشيعة اليوم في شخص غائبهم إبن الحسن العسكري في قوله: “على حين فترة من الرسل” أي بعد إنقطاع وفتور من الإرسال من الإئمة والجانب الآخر إن جُلّ الروايات البيتية تم النهي فيها بعدم التصريح بإسمه مع أن المشهور لكل الجمهور وليس حصرياً للشيعة فقط أن غائبهم يذكر إسمه صريحاً فقد جاء بعقد الدرر صفحة (41) باب (3) حديث مرسلاً عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام أنه قال:
سأل عمر بن الخطاب علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن المهدي ما إسمه. فقال علي: أما إسمه فلا، إن حبيبي وخليلي عهد إليّ أن لا أحدث بإسمه حتى يبعثه الله عزّ وجلّ وهو ما استودع الله عز وجل رسوله في علمه”.
أقول: يتضح من الرواية أن العهد الموثوق بين الرسول صلى الله عليه وسلم وعلي بن ابي طالب هو في الكتم والنهي بالتصريح بإسم المهدي. وقوله:”حتى يبعثه الله”. أي في أوانه (آخر الزمان) بميلاد جديد وإسم جديد يُخفى على الناس وقائعه ومن ثم يباشر هو بنفسه بتعريف الناس بحقيقته التي لا يعلمها إلا الله ورسوله، أي أن كتاب الله وسنة نبيه هي حجاب دونه فلا مطمع لأحد بالإحاطة به وإدراكه.
وفي كتاب الغيبة للنعماني صفحة (73) عن عبد الله بن العطا. قال: قلت لأبي جعفر الباقر عليه السلام: أخبرني عن القائم (ع) فقال: والله ما هو أنا بصاحبكم. ولا يشار منا إلى رجل منا بالأصابع ويميط إليه بالحواجب إلا مات قتيلاً أو حتف أنفه. قلت: وما حتف أنفه؟. فقال يموت بغيظه على فراشه. حتى يبعث الله من لا يؤبه لولادته أحد. قلت ومن لا يوبه لولادته؟ فقال: أنظر من لا يدري الناس أنه ولد أم لا فذاك صاحبكم”.
أقول: ما تخلص إليه القراءة ان القائم يبعث في زمانه معاصراً لواقعه. وقوله: “من لا يؤبه لولادته أحد” فقطعاً الوصف لا ينطبق على أمره كما الشيعة اليوم التي دأبت في شأن ميلاده وغيبته المزعومة بأدق التفاصيل. ولا يمكن أن يقال فيه “من لا يدري الناس ولد أم لا” فالمعنيون بالخطاب هم الشيعة دون غيرهم. وقوله: “ولا الذي تمدون إليه أعناقكم” أي ليس هو محمد إبن الحسن العسكري بوجه خاص أما بوجه عام يراد كل من توهم بالمهدية المنتظرة بيد أحد منهم في قوله: “لا يشار لأحد منا بالأصابع ويميط إليه بالحواجب إلا مات” وهنا ينفيها عنه وعنهم أيضاً. وأما قوله:”لا تعرف ولادته” أي لا يكترث أحد لمولده والتنبيه للشيعة بصفة خاصة. وللايضاح الحديث التالي:
عن أبي الجارود أنه سأل الإمام الباقر (ع): (متى يقوم قائمكم؟ قال: يا أبا الجارود لا تدركون. فقلت: أهل زمانه؟ فقال: ولن تدرك زمانه، يقوم قائمنا بالحق بعد إياس من الشيعة، يدعو الناس ثلاثاً فلا يجيبه أحد… الى قوله (ع): ويسير الى الكوفة فيخرج منها ستة عشر ألفاً من البترية شاكين السلاح، قراء القرآن، فقهاء في الدين، قد قرحوا جباههم، وسمروا ساماتهم، وعمهم النفاق، وكلهم يقولون يا ابن فاطمة ارجع، لا حاجة لنا فيك. فيضع السيف فيهم على ظهر النجف عشية الإثنين من العصر الى العشاء… ثم يدخل الكوفة فيقتل مقاتليها حتى يرضى الله تعالى) (المعجم الموضوعي: 568ص – 569ص).(دلائل الإمامة- محمد بن جرير الطبري (الشيعي) ص455 – إرشاد المفيد ج2 ص384.
أقول: الحديث حدد القيد الزمني فترة عهد الإمام الحسن وحصره ما بين وفاة راوي الحديث أبا الجارود (120هـ) إلى ميلاد الإبن المزعوم للإمام الحسن (232هـ) فيكون الناتج 112سنة فيصبح أهل زمان رواي الحديث (أبا الجارود) قد أدركوا شخص المهدي بشخصه وبذاته وليس أهل زمانه فقط وأما في الفقرة “يدعو الناس ثلاثاً فلا يجيبه أحد” والجملة الأخيرة هي حجة على الشيعة وأظهر بينة، وللوقوف على التفاصيل ساوردها في موقع لاحق من هذا المنشور فقد جاء بغيبة الطوسي عن أبي سعيد الخراساني قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: لأي شي سُمي القائم، قال: لأنه يقوم بعدما يموت أنه يقوم بأمر عظيم يقوم بأمر الله سبحانه”. وعن أبي بصير قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: مثل أمرنا في كتاب الله مثل صاحب الحمار أماته الله مائة عام ثم بعثه”.
أقول: قبل التعليق أورد ما قاله الطوسي في الحديث “الوجه في هذه الأخبار وما شاكلها أن نقول بموت ذكره ويعتقد أكثر الناس أنه بلى عظامه ثم يظهره الله كما أظهر صاحب الحمار بعد موته الحقيقي. وهذا وجه قريب في تأويل الأخبار على ألا يرجع بأخبار آحاد لا توجب علماً عما دلت عليه العقول السليمة وساق الإعتبار الصحيح إليه وأكدته الأخبار المتواترة التي قدمناها، بل الواجب التوقف من هذه والتسمك بما هو معلوم وإنما تأويلها لها بعد التسليم بصحتها” إنتهى كلامه.
وعليه أقول: أن الطوسي خالف النصوص التي أكدت على حدوث موت حقيقي لا مجازي فصرف معنى الموت إلى الذكر بعدما خُفيت عليه دلالة اللفظ الصريح وأفضل ما قاله إذ أمسك عن التفسير وتوقف عن القول. ومن ثم فإن الروايات التي نقلها تصرّح ان القائم يقوم بعدما يموت، أي سيبعثه الله ببعث جديد وإحياءاً ثاني، فوجه التشبيه كان كاملاً بصاحب الحمار الذي أحياه الله بعد أن أماته موتاً حقيقياً.
وختاماً لما ذكره النجفي في الفقرة التي جاء بها، سُئل الإمام الصادق عليه السلام عن قوله تعالى: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } (7) سورة الرعد. يعني مطلق الهداية التي لم تتقيد بنبي أو رسول فما ثم هناك إلا فرد هاد للحق في كل زمان.
يقول الزمخشري في الكشاف صفحة (22 ـ 23) الآتي نصه: “أن أنبياء الأمم شهداء يشهدون بما كانوا عليه. والشهيد يشهد لهم وعليهم بالإيمان والتصديق والكفر والتكذيب وان يكون حياً معاصراً لهم غير متوفي”.
أقول: هذا هو القول الفصل فالشهادة لم تختص بنبوة نبي ولا برسالة رسول وإنما إشترطت بحياة الشهيد. قال تعالى: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } (84) سورة النحل. وقال تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا} (41) سورة النساء.
وقال تعالى: {وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} (21) سورة ق.
فآية سورة النساء في قوله تعالى:” َجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء” فالخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم فيشهد لهم في حياته وليس بعد مماته ويُراد منهم (هؤلاء) قومه كما إستدل النبي بشهادة عيسى إبن مريم بعد وفاته، كما جاء في الحديث الذي رواه إبن عباس عنه، إذ قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تحشرون حفاةً عراةً غرلاً ثم قرأ (كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين) فأول من يكسى إبراهيم ثم يؤخذ برجال من أصحابي ذات اليمين وذات الشمال فأقول: أصحابي. فيقال: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم. فأقول كما قال العبد الصالح عيسى ابن مريم: “وكنت عليهم شهيداً مادمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم” اللفظ للبخاري حديث رقم3447. أخرجه مسلم(2860).
أقول: “فكنت عليهم شهيداً مادمت فيهم” أي شاهداً لحالهم في حياتي بالإتباع. “ولما توفيتني” إنتفى هذا القول فتكون الشهادة باطلة بل ويحاج بها عليه عند الله وحاشاه من ذلك فلن يجعل الله للظالمين على المؤمنين سبيلا ولن يجعل لهم ظهيرا.
قال تعالى: {رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا } (165) سورة النساء. فالآية هي شرح لوقائع الحديث النبوي السابق والذي يُراد به في جملة “أصحابي أصحابي” أي أنهم أناس عاصرهم حياً وأكتفوا ببيعته فلم تغنِ عنهم شيئاً بعد موته لأنها لم تقع لإمام عصرهم المبعوث فيهم والذي نص عليه الخبر التالي الذي رواه عبد الله بن عمر أنه قال: سمعت رسول الله عليه وسلم يقول: من خلع يداً من الطاعة لقى الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميته الجاهلية” أخرجه مسلم بسنده. وأيضاً عنه رُوي: “من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميته الجاهلية”.
كما إرتدت الأمة على أعقابها بعد وفاة النبي الكريم سيكون هناك إرتداد في كل قوم من هذه الأمة لم تدين بطاعة هؤلاء المبعوثين “رسلاً ومنذرين” فهم ملحقون بهم”أي من أنفسهم وفي أزمانهم وليس من أزمان أخرى سابقة فالشهادة للحاضر. قال تعالى: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (134) سورة البقرة.
جاء بكتاب الرماح للفوتي بالفصل الثالث عشر قول الشيخ أحمد التجاني: “فمن فزع إلى أهل عصره الأحياء من ذوي الخاصة العليا وصحبهم واقتدى بهم ليستمد منهم فاز بنيل المدد الفائض من الله، ومن أعرض عن أهل عصره مستغنياً بكلام من تقدمه من الأموات طُبع عليه بطابع الحرمان وكان مثله كمن أعرض عن نبي زمانه وتشريعه مستغنياً بشرائع النبيين الذين خلوا قبله فيسجل عليه بطابع الكفر”
أقول: قول التجاني هو شرحاً لمعنى الحديث النبوي “من مات ولم يكن في عنقه بيعة مات ميته الجاهلية” وعليه فإن أهل العصر ذوي الحاجة العليا الأحياء هم خلفاء الله وأمناءه على خلقه والذين لا يخلو زمان من واحد منهم ” لكل قوم هاد” فبموته ينقطع مدده وتُحجر شهادته (في حياته فقط) ولا تغني بيعته لهم إلا بآخر يبعثه الله من بعده وهذا هو المتفق عليه من صريح قول النبي صلى الله عليه وسلم قال: “كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وإنه لا نبي بعدى وإنه سيكون خلفاء فيكثرون قالوا فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: فوا ببيعة الأول فالأول، وأعـطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم” أخرجه البخاري (3455) ومسلم (1842).
كما ورد بحديث الأبدال للطبراني في الأوسط، عن أنس قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لن تخلو الأرض من أربعين رجلاً مثل خليل الرحمن فبهم يسقون وبهم ينصرون ما مات منهم أحد إلا أبدل الله مكانه آخر” كما عند الهيثمي في مجمع الزوائد.
وللتأكيد والتاصيل جاء بحديث للنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا مات إبن آدم إنقطع عمله إلا من ثلاث. صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له” رواه مسلم.
فحكم الإنقطاع لم يستثن حتى الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أن يكون من غير جنس بني آدم. فالمنافع التي تلحق بالميت هي من باب خصيصية نفسه والضمير يعود إليه (عمله) إي للميت (يدعو له) (ينتفع به) له خاصة وليس لغيره سبيل به، وأما العام فهو أمر الله وقائم بالله. وهنا نقطة أشير إليها من هذا الشرح يجب التنبيه إليها تتعلق بما يتوارثه أدعياء التصوف وما شاكلهم اليوم وبالأخص اصحاب الطريقة التجانية. فكلام شيخهم (أحمد التجاني) قد قطع حبل الوصال وفض حلقة الجدال في يد كل من يدعي أو يثبت على مقعد الإمامة زوراً أو متقولاً بإرث التجاني والحديث النبوي ينص أن أهل العصر (شخص الإمام) يتم تعيينه من الله فجملة “إلا أبدل الله مكانه آخر” يلاحظ أن فعل الإستبدال والإستخلاف هو بالله ولما كانت الإمامة عهداً إلهياً وأمراً إصطفائياً فهو فرد يختاره الله من عنده. قال تعالى: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا}(124) سورة البقرة. وقال تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} (73) سورة الأنبياء.
وقال تعالى: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} (5) سورة القصص.
فالجاعل هو الله تعالى فيتبيّن من مجمل الآيات أن أمرهم بالتفويض منه سبحانه والنسبة إليه لا بغيره.
وفي ختام هذا الفصل الذي ثبت بالبرهان أن لكل زمان إمام يدعون به ليكون شاهداً عليهم. فالمطلوب من الأمة بغاصيها ودانيها الإحتكام لكتاب الله وسنة نبيه الكريم في التحري ومعرفة شاهدهم الحاضر بينهم الآن. والذي أكدت النصوص أنه عيسى إبن مريم بذاته وروحه بميلادٍ ثانٍ في آل البيت النبوي الشريف وهو شخصي سليمان أبي القاسم موسى بوصفي هادي هذه الثلة وخاتماً لخلفاء الله في الأرض، ليحيا من حيي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة والله على ما أقول وكيل وهو يقول الحق ويهدي السبيل وإنا لله وإنا إليه راجعون.
الفصل الثاني
قائم آل البيت هو ذات عيسى إبن مريم شخص سليمان
عن علي بن الخطاب، عن مؤذن مسجد الاحمر قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام هل في كتاب الله مثل للقائم ؟ فقال: نعم، آية صاحب الحمار أماته الله مائة عام ثم بعثه.
عن أبي سعيد الخراساني قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: المهدي والقائم واحد؟ فقال: نعم. فقلت لأي شيئ سُمي المهدي؟ قال: لأنه يهدي الي أمر خفي وسُمي القائم لأنه يقوم بعدما يموت أنه يقوم بأمر عظيم أنه يقوم بأمر الله” بحار الأنوار ـ 6 ـ 51.
أقول: إن تشبيه صاحب الحمار (عُزير) الذي أماته الله مائة عام ثم بُعث حاملاً لسر التوراة التي أُحرقت وإندثرت آياتها ولم يبقَ منها شيء طيلة عهدي السبي البابلي لليهود على يد بختنصر. فهي ذات رمزية الوصف لغيبة المسيح عيسى إبن مريم الذي أماته الله موتاً حقيقياً ببني إسرائيل ثم بُعث بإحياء جديد بميلادٍ ثانٍ في آل البيت وقول أبي عبد الله “سُمي المهدي: لانه يهدي لـ)أمر خفي) أي أنه يهدي إلى سر الذات والاسم الأعظم. (الإسم العلم للذات العلية لا سواه). فالمهدي هو المسمى وعين الإسم. وهذا هو الأمر الخفي والمضلول عنه والمنهي عن التصريح به إلى وقته كما بُعث عُزير بتوراة موسى بعد موته وهو وبه الغرابة من وقائع ذكر لفظ (موته) ومن ثم فقائم البيت هو عيسى ابن مريم بعد واقعة وفاته الكلية، روحاً وجسداً، فقد ذكر الطوسي في غيبته عن حماد بن عبد الكريم عن أبو عبد الله عليه السلام قال: “إن القائم عليه السلام إذا قام قال الناس أنى يكون هذا وقد بُليت عظامه منذ دهر طويل”.
أقول: فالذي إعتقد بموت عيسى ابن مريم هم اليهود وهي شُبهة الصلب التي نفاها القرآن. قال تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} (157) سورة النساء.
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “المهدي رجل من ولدي وجهه كالكوكب الدري، اللون لون عربي والجسم جسم إسرائيلي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً يرضي في خلافته أهل الأرض وأهل السماء والطير في الجو يملك عشرين سنة”. أخرجه أبو نعيم في مناقب المهدي والطبراني في معجمه.
عن عمران بن الحصين قال: صف لنا يا رسول الله هذا الرجل وما حاله ( أي المهدي ) فقال النبي (ص): ( انه رجل من ولدي كأنه من رجال بني اسرائيل ) بحار الانوار ج52.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْزَةَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَنَّهُ قَالَ… إِنَّ الْقَائِمَ الْمَهْدِيَّ مِنْ نَسْلِ عَلِيٍّ أَشْبَهُ النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ خَلْقاً وَ خُلُقاً وَ سِيمَاءَ وَ هَيْئَةً يُعْطِيهِ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ مَا أَعْطَى الْأَنْبِيَاءَ وَ يَزِيدُهُ وَ يُفَضِّلُهُ” البحار ج 52 – ص 225.
عن أمير الموَمنين عليِّ بن أبي طالب عليه السلام أنّه قال يوماً لحذيفة بن اليمان:… إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم تَفَلَ في فَمِي، وَأَمَرَّ يَدَهُ على صَدري، وقال: اللّهمَّ… واجعل في نسله شَبيهَ عيسى عليه السلام ” غيبة النعمان ص 144.
أقول: ملخص الأحاديث يفضي إلى حقيقة واحدة لا غير وهي أن المهدي صاحب الوصفين العربي والإسرائيلي والذي يشبه عيسى خَلقاً (بالفتح) وخُلقا (بالضم) وهيئته هو ذات عيسى إبن مريم بملامحه الإسرائيلية شخصي سليمان بنشأة عربية من نسل علي عليه السلام. ذكر السيوطي في العرف الوردي “أنه في جسده وبين كتفيه علامة النبوة” معجم أحاديث الإمام المهدي لعلي الكوراني.
وعن أبي الجارود زياد بن المنذر، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) وهوعلى المنبر: (يخرج رجل من ولدي في آخر الزمان أبيض اللون، مشرب بالحمرة، مبدح البطن عريض الفخذين، عظيم مشاش المنكبين بظهره شامتان: شامة على لون جلده وشامة على شبه شامة النبي صلى الله عليه وآله) بحارالأنوار –ج-(51) حديث رقم (43).
كونه يحمل خاتم النبوة دلالة على أنه من الأصل نبي ولا عودة لنبي من الأنبياء إلا عيسى إبن مريم بكامل هيئته الإسرائيلية أي بخاتم نبوته السابقة وهي سمة الأنبياء بحديث كعب “يعطيه ما أعطى الأنبياء”
أقـول: سألني رجل من المساجين عندما تم نقلي إلى سجن نيالا في أغسطس 1981م اسمه محمد مصطفى قائلا: “أنت عيسى ابن مريم روحاً أم روحاً وجسداً؟ ” فأجبته بـ(أني عيسى ابن مريم روحا وجسدا) وفي الليلة التالية قال لي الحق عزّ وجلّ (انك تحمل خاتم النبوّة وانه في الجانب الأيمن من الظهر وانه يشبه اثر الكية بالنار) ليؤكد لي اني عيسى روحاً وجسداً ثم جاءني شخص وجلس أمامي وقال لي وأشار إلى صفحة جنبي الأيمن:( هذا هو خاتم النبوّة) فنظرت فإذا بالخاتم ينبعث منه نور ساطع أظهر الخاتم بصورة واضحة تحت ثيابي، ثم تقلص النور تدريجياً حتى توارى معه الخاتم خلف الثياب) وعندما التفت إلى الشخص لأساله اهو ملك أم من الصالحين لم أجده، ولم أكن قد لاحظت تلك العلامة من قبل وعندما أشرقت الشمس كشفت ملابسي عن موقع الخاتم فرايته لأول مرة في حياتي.
عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يخرج رجل من أهل بيتي يواطئ أسمه اسمي وخُلْقه خُلْقي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً”. أخرجه أبو نعيم في صفة المهدي.
عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ” لو لم يبق من الدنيا إلا ليلة واحدة لطول الله تلك الليلة حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي، يملأها قسطا وعدلاً كما مُلئت ظلما وجوراً، ويقسم المال بالسوية، ويجعل الله الغنى في قلوب هذه الأمة، فيملك سبعاً أو تسعاً، ولا خير في عيش الحياة بعد المهدي”. غاية المرام.
أقول: بما أن هذا المهدي لم يأتِ ذكر اسمه صريحاً فإن سمة خروجه دلّت عليه لأن خروجه هو ركن من أركان الدنيا فلا تنقضي أيامها ولياليها وتنهدم قوانينها إلا بظهوره “حتى يُبعث” و “حتى يملك” وهذه دلالة على أن شخصه علامة على ذوالها والحقيقة المعلومة أن هذا النعت لم يَرِد في حق منتظر آخر غير عيسى ابن مريم وبالتحديد في قوله تعالى: “وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ”. وأما قوله “لا خير في عيش الحياة بعد المهدي” فبموته يغلق باب التوبة ويرفع العمل كآخر خليفة في الأمة ليدل أنه عيسى ابن مريم خاتم المهديين وإن كان في عصره أكثر من مهدي فهم هداة تشريع فما ثم بعده إلا النفخ في الصور. وقد أجمل الشيخ إبراهيم الكولخي وقائع النص بقصيدته التي جاء فيها:
فيختم عيسى لا تكون ولاية *** وبُعيد ممات الروح فالخير يُدفن
المصدر الدواوين الست باب حرف الـ(ن).
فخاتم الولاية هو المهدي عيسى ابن مريم (الروح) ذات شخص سليمان. وفي ذات السياق فقد جاء في تفسير القرآن الكريم لابن عربي قوله في معنى الآية في قوله تعالى: {وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ}
قال: “شياطين الجن: وهم الأوهام والخيالات المحجوبة عن نور القلب العاصية لأمر العقل المتمردة عن طاعة القلب على عهد مُلك سليمان النبي أو سليمان الروح”. المصدر تفسير ابن عربي ج1.
أقول: قبل التفصيل أورد فقرة من كتاب (الخيال الخلاق في تصوف ابن عربي لهنري كوربان) يقول: “أن بعض فصول كتاب (الفتوحات المكية) التي تعبق بالشذى الشيعي مثلما هو الحال في الفصل الرابع والثلاثين من طبعة القاهرة المجلد الأول ص (195) والذي يتناول فيه (سر سلمان أو سليمان) فإن ابن عربي يربط بسلمان أولئك الذين يسميهم أقطاباً باعتبارهم ورثة له في ملكه” انتهى.
أقول: فسليمان الروح هو ذات المسيح عيسى ابن مريم روح الله، الروح الأعظم والخليفة الأول وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم “اسمه اسمي” أي اسم المهدي عيسى هو عبد الله أي العبد المتحقق بالعبودية اسماً ووصفاً وهذا الإطلاق هو من أخص مراتب القرب لله وما تتحقق بكمالها غيره إلا للرسول الكريم في قوله تعالى: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} (19) سورة الجن. المقصود في الآية هو الرسول صلى الله عليه وسلم وأما في عيسى ابن مريم قال تعالى بلسانه {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا} (30) سورة مريم. ودلالة الاسم لم تغفل عن الشيخ فقد أورد في كتابه عنقاء مغرب “هو من العجم لا من العرب آدم اللون أصهب أقرب إلى الطول منه إلى القصر كأنه البدر الأزهر اسمه عبد الله وهو اسم كل عبد الله أما اسمه الذي يختص به فلا يظهر فيه إعراب وينصرف في صناعة الإعراب أوله عين اليقين وآخره قيومية التمكين لا يُدع باسم سواه ولا يُعرف أباه”. فعين اليقين هي من مراتب الروح وهو أول ما ظهر بها ببني إسرائيل وهي العبودية الذاتية. أي لمن له عين اليقين خلاف عبادة العباد فهي لمن له علم اليقين أي أنها (اسم لكل عبد الله) وحرف العين لأول حرف من اسمه (عيسى) وأما قوله “آخره قيومية التمكين” أن آخر حروف اسمه في بعثته الثانية يكون إنتهاء بحرف النون وهي آخر حرف من لفظ كلمة الحضرة الإلهية “كن” فيصبح عيسى هو ذات سليمان الروح الرباني الذي لا أب له بالتحقيق، لقوله في بداية النص “هو من العجم وليس من العرب آدم اللون”.
فالمهدي البيتي الذي ليس منهم في الأصل هو عيسى ابن مريم بميلادٍ ثانٍ ونشأته العربية باسمه العجمي (العبراني) الذي ينتهي بحرف الـ(ن) والتي أشار إلى إضافتها إلى كلمة (سليما) ليكتمل بها نهاية إسم خاتم الأولياء في عنقاء مغرب فقال: “فسترت الإمور بكل كشف لعين صار بالتقوى سليما”. ولمّح إلى بداية قصيدته في قوله “وبالختم يكون التمام”. وختم جملته بـ(سليما) وتمامها (ن) ليكون اسم خاتم الأولياء سـليـمـان. وهي الحقيقة التي إهتدى إليها ابن عربي وأشارت تساؤلات المفكر الغربي (هنري كوربان).
وفي مخطوط لأبي هريرة أن عليا كرم الله وجهه قال: “سر لكل المسلمين أريد أن أخفيه لولا أنني ألهمت أن أذيعه قيل وما هو يا علي؟ فقال: إنه فتي منا أهل البيت يملك الدنيا كذي القرنين، فيؤتى من كل شيء سببا وأمره حاكم ولا راد لأمر الله، فقالوا يا بن أبي طالب أهو في زماننا؟ فقال: إنه علم للساعة” المهدي المنتظر على الأبواب –محمد عيسى داود.
أقول: إن القرآن الكريم والسنة النبوية لم يؤرخا للأحداث بقيد زماني بعينه وإنما بامارت وعلامات أُشترط ظهورها ولما كان هذا الفتى البيتي هو شرط للساعة في صدر الحديث (علم للساعة) فقطعاً هو عيسى ابن مريم وإستدلال الإمام علي بذي القرنين هو إشارة لقرن نبوته السابقة ببني إسرائيل وقرن آخر الزمان مهدياً ويؤكد الوصف ما جاء بحديث الصادق عليه السلام، قال الصادق عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى خلق أربعة عشر نورا قبل خلق الخلق بأربعة عشر ألف عام، فهي أرواحنا، فقيل له: يا ابن رسول الله ومن الاربعة عشر؟ فقال: محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والائمة من ولد الحسين، آخرهم القائم الذي يقوم بعد غيبته فيقتل الدجال، ويطهر الارض من كل جور وظلم ” غيبة النعماني – كما في البحار وكمال الدين ص 335باب 33 – حديث رقم 336.
عن الإمام زين العابدين عليه السلام في خطبته قال: “إن الله تعالى أعطانا الحلم والعلم والشجاعة والسخاوة والمحبة في قلوب المؤمنين ومنا رسول الله ووصيه وسيد الشهداء وجعفر الطيار في الجنة وسبطا هذه الأمة والمهدي الذي يقتل الدجال” المصدر – منتخب الأثر للشيخ الصافي ص 172.
أقول: لم يأتِ قط أي دليل أن الذي يقتل الدجال شخص خلاف عيسى ابن مريم كما نصت الأخبار الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم “لم يُسلط على قتل الدجال إلا عيسى ابن مريم” وفي مورد آخر رُوي عنه أنه قال: “يقتل ابن مريم الدجال بباب لد” ومن ثم فالقائم المحمدي الأخير والذي يقتل الدجال هو روح الله المسيح عيسى ابن مريم الذي غاب روحاً في عالم الروح بواقعة وفاته الكلية (روحاً وجسداً) ببني إسرائيل ثم نزوله روحاً في رحم إمرأة متزوجة من آل بيت النبي الكريم كما نزل روحاً في رحم مريم بنت عمران من قبل، قال تعالى:{وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ} (91) سورة الأنبياء.
ثم بعثته بميلاد يكسبه الصفة الشرعية لخلافة الرسول صلى الله عليه وسلم “أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم ليس بيني وبينه نبي إلا أنه خليفتي في أمتي من بعدي” والميراث النبوي لا يحق إلا ببيتيّ – أي ذريته – “ولا يؤدي عني إلا رجل من أهل بيتي” – أو قوله “الخلافة في قريش ما بقى من الناس إثنان” – أي لا ينوب أحداً عنه في أمر الأمة إلا أن يكون من العترة النبوية الشريفة- وهذا بدوره يفضي إلى أن إمامة عيسى للأمة لا تجب عليه لأن القاعدة الحصرية للخلافة أخرجته إن عاد بالصورة المتخيلة لدى الناس ولا مدخل لولايته عن الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أن يولد فيهم ولادة ثانية في الأمة، ليختم بها الدين ويلحقها بالثلة الأولى من ثلة الإسلام بصريح الحديث النبوي: “كيف تهلك أمة أنا أولها وعيسى ابن مريم آخرها” رواه الحاكم. وقال صلى الله عليه وسلم:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “خير أمتي أولها وآخرها أولها فيهم رسول الله وآخرها فيهم عيسى ابن مريم وبين ذلك ثبج اعوج ليس منك ولست منهم“ رواه أبو نعيم
جاء بكتاب تنبيه الأذكياء للشيخ إبراهيم إيناس الكولخي نقلاً عن الجزء الثاني من الفتوحات المكية لابن عربي الجزء الثاني صفحة (50) ما نصه: “والختم ليس من سلالته الحسية ولكنه من سلالة أعراقه وأخلاقه صلى الله عليه وسلم”.
أقول: “ليس من سلالته الحسية” أي لا صلة رحمية له بأحد وإنما بانتسابه الظاهر من ذرية الرسول صلى الله عليه وسلم (أعراقه وأخلاقه) وهذا دليل أنه عيسى ابن مريم إذ أنه ليس بضعة من أحد لينسب إليه في الأصل فهو روح الله وهذا الإنتساب الظاهر لعيسى في ميلاده الثاني أبرز حقيقته ابن عربي في الفقرة التي جاء فيها “إن لم يكن من بيت الرسول فقد شاركه في النسب العلوي فهو راجع إلى بيته الأعلى لا إلى بيته الأدنى”.عنقاء مغرب صفحة (62 -63).
أقول: قوله: “إن لم يكن من بيت الرسول فقد شاركه في النسب العلوي” يراد بالنسب العلوي هو معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم “الأنبياء أخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد وأنا أولى الناس بعيسى ابن مريم”. والتخصيص بالنسب هو من منزلة العبودية والإشتراك في الإطلاق “عبد الله” ويراد أيضاً أن الختم وإن لم يكن سليل الرسول صلى الله عليه فهو يجتمع به من جهة علي بن أبي طالب (العلوي) وهو معنى “أعراقه وأخلاقه”. وأما قوله “فهو راجع إلى بيته الأعلى لا إلى بيته الأدنى” دلالة أن الختم مقطوع النسب ببيته الأدنى “أي لا صلة له بالخلق فهو الروح الرباني الذي مرده ومآله إلى الله. قال تعالى: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ} (171) سورة النساء. ورجوعه إليه كما نزل روحاً منه قال تعالى: {إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (55) سورة آل عمران.
وقوله تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} (157) سورة النساء.
ويؤصل الشيخ الأكبر هذا الفهم حقيقة الميلاد الثاني لعيسى شخصي سليمان في آل البيت “بعبارات ورموز تزخم بها مخطوطاته وقلّما يندر منها ذكر، فقد جاء بمطلع قصيدة له في كتاب الفتوحات المكية جاء فيها:
فقال لي أن شـمـس المـغرب طالـعة يمـحو بها الله شركــاً وعصيــــاناً
وســورة الكهف تبيّن عن ســـرائرهم علماً لها في الكــون قد بــــانَ
وذكر اليتيمـين في إخراج كنزهمــا فضـلاً من الخالق البارئ إحســاناً
مـن أهـل بيــت رسول الله عنصـــره كمـا كتب بذلـك البــيـت سـلــمانَ
لكـنه من ديــار الغـــرب فـإنــفـتحـت به الأقــاليــم أعاجـمـا وعـربانــاً
قـام فـي الكــون بالتوحيــد مجــتهــداً بعــد الحـرب والهيــجان فرسـاناً
وإذا طلـبت منـه علمـاً يــجِـد به وينفــذ المـال جيــرانــا وســودانـــــاً.
أقول: فشمس المغرب بوصف سورة الكهف هو عيسى ابن مريم وطلوعها هو الميلاد الثاني بالمغرب (السودان) أي سودانـا.
وقوله “يمحو بها شركاً وعصياناً” فالشرك أي بهدمه للعقيدة التي نادت بتثليث ذات البارئ جلّ جلاله أي ـ المسيحية ـ وعيسى هو قوامها ولو تتبعنا الوقائع في سياق إفتتاحية السورة نجد المراد منهم النصارى. في قوله تعالى: {وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} (4) سورة الكهف. أما عصياناً وهي بالإطاحة باليهودية العاصية والمتمردة على قانون السماء في قوله تعالى {مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا} (46) سورة النساء. والفقرتان دلّتا بصورة قاطعة إلى عيسى ابن مريم فهو من يكسر الصليب (النصرانية) ويقتل الخنزير (اليهودية). وقوله “سورة الكهف تبيّن عن سرائرهم علماً لها في الكون قد بانا” سرائرهم ذكر أحوال أعلام الساعة المتضادين هما المسيح عيسى ابن مريم (شمس المغرب) و المسيح الدجال. وأما قوله “من أهل بيت رسول الله عنصره كمـا كتب بذلـك البــيـت سـلــمانا” أي أن عيسى ابن مريم هو المهدي المنسوب لبيت النبي بصلته الظاهرية “عنصره” والبيت” هو البيت الأعلى موطن الروح سليمان “سلمانا”. وهذا المعنى العميق أشار إليه الشيخ عبد الكريم الجيلي في كتابه الإنسان الكامل بفقرة جاء فيها الآتي: “لا يفهم هذا الكلام إلا فتى عربياً قرشياً لغته غير لغة الخلق ومحله غير محلهم” فعيسى هو الفتى العربي القرشي بميلادٍ ثانٍ له فيهم وفي ذات الوقت هو ليس بضعة من أحد بل مقطوع النسب لأنه روح الله والذي لا يُنسب إلا لله فمحله غير محلهم وهذا الفهم لا يعقله إلا سليمان أبي القاسم موسى بالإثبات والنفي في النسب هما حددتا شخصه دون غيره والشاهد في قوله صلى الله عليه وسلم بحديث فتنة الإحلاس. روى أبو داود عن عمير بن هاني سمعت عبد الله بن عمر يقول: “كنا قعوداً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الفتن فأكثر من ذكرها حتى ذكر فتنة الأحلاس فقال قائل وما فتنة الاحلاس؟ قال هي: حرب وهرب. ثم فتنة السراء دخلها أو دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي يزعم أنه مني وليس مني إنما أوليائي المتقون ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع. ثم فتنة الدهيماء لا تدع أحداً من هذه الأمة إلا لطمته لطمة حتى إذا قيل انقضت عادت حتى يصير الناس إلى فسطاطين، فسطاط إيمان لا نفاق فيه وفسطاط نفاق لا إيمان فيه فإذا كان ذاكم فانتظروا الدجال من يومه أو غده”.
أقول: يلاحظ أنه بالرغم من أن هذا الرجل البيتي هو الباعث الأول من وراء فتنة السراء “أي التي يسر بها الناس” لم يحدده النبي صلى الله عليه وسلم بوصف معين يعرف به وإنما بالتلميح والترميز. فجاء ذكره بالتبعيض منه (من أهل بيتي) ثم قطع نسبه به “وليس مني” ثم يحكي عنه “يزعم أنه مني” أي أن الرجل هو من يزعم بصلته بالنبي صلى الله عليه وسلم ثم ينفي ما نفاه النبي عن نفسه “وليس مني” وهذا المعنى لا ينطبق وصفه في أي مهدي بيتي إلا أن يكون هو عيسى ابن مريم شخصي سليمان. والشاهد على وقائع الحديث على سؤال الناس عن نسبي فيقولون: “نحن نعرف أباك وأمك فكيف يُعقل أن تكون أنت عيسى ابن مريم ونحن نعلم أنك سليمان بن عبد القاسم موسى وأمك هي دار السلام بنت محمد”. فأقول لهم: “نعم إنهما والداي من ظاهر الشرع وأما حقيقة فلا أصل لي بهم ولا بأحد لأنني عيسى ابن مريم وأنا على بينة من أمري ويتلوني شاهداً (كتاب الله وسنة نبيه الأكرم) والله يقول الحق ويهدي إليه من أناب.
يقول صاحب جامع الأدلة الجزء الثاني في الفصل 113: “ففي المغارات لإبراهيم بن محمد الثقفي في قوله صلى الله عليه وسلم: “سلمان منا آل البيت” محال يريد به بيت النسب لأنه منزه عن الكذب صلى الله عليه وسلم. ولما كان رسول الله عبداً مخلصاً أي خالصاً طهره الله وأهل بيته وأذهب عنهم الرجس فلا يضاف إليهم إلا مطهر ولابد أن يكون كذلك المضاف إليهم. إلا من حُكم عليه بالطهارة والتقديس فهذه شهادة الرسول صلى الله عليه وسلم لسليمان بالطهارة والحفظ الإلهي والعصمة وهم قد شهد الله لهم بالطهارة فهم المطهرون”.
أقول: نعم فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يرد في لفظه ببيت النسب بـ(صلة الرحم) لسلمان الفارسي لأنه ليس مضافاً إليهم بالميلاد أي من حكم عليه بالطهارة والتقديس. والإضافة إليهم يحتم فيها ميلاداً حسياً. ولما كان عيسى هو عين المضاف فإن النبي هو أولى الناس بهذه الإضافة والإنتساب من دون الناس فجملة “سلمان منا آل البيت” أي عيسى ابن مريم يولد منا نحن آل البيت لا أحد سواهم فهم الأطهار ولا يضاف إليهم إلا طاهر ومقدس. قال تعالى: {فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (36) سورة آل عمران. والتعريض بسلمان الفارسي من باب تشريف الاسم لا غير وإن كان المقصود هو عيسى ابن مريم شخصي سليمان. كما في الحديث التالي.
عن الحسين بن حمدان أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال للمسلمين يومها: “أتهنون سلمان بالإسلام وهو يدعو بني إسرائيل إلى الإيمان بالله منذ أربعمائة سنة وخمسون. سلمان عيني الناظرة ولا تظنون أنه كمن ترون من الرجال إن سلمان كان يدعو إلى الله تعالى وإلي قبل مبعثي بأربعمائة وخمسين سنة” نفس الرحمن في فضائل سلمان – ميرزا حسن النوري ص650.
أقول: أن سلمان الذي كان يدعو إلى عبادة الله ببني إسرائيل قبل البعثة النبوية بأربعمائة وخمسين سنة بالتمام هو ليس بذاك الفارسي الذي وُلد عام 568 ميلادية. فالنبي صلى الله عليه وسلم يكبره في العمر 17 عاماً وقد كانت وفاته عم 644 ميلادية. وقد إعتنق الإسلام في السنة الأولى من الهجرة ومن ثم أطلق عليه النبي صلى الله عليه وسلم اسم “سلمان” بعدما كان اسمه (روزية بن يوذ خشتان) ويقول ابن عبد البر:”كان سلمان صاحب الكتابين الإنجيل والقرآن” وعليه أقول: فسلمان الداعي إلى الله قبل أربعة قرون ونصف ببني إسرائيل قبل الإسلام بكتاب الإنجيل هو عيسى ابن مريم ذات سليمان الذي بُعث بميلادٍ ثانٍ مهدياً بكتاب القرآن ومن الغرب (السودان) وليس من الشرق (فارس) وللتأصيل يقول ابن عربي في الفتوحات المكية: “من أهل بيت النبي عنصره كما كتبنا لذلك البيت سلمانا لكن من ديار الغرب إنفتحت الأقاليم أعجاماً وعرباناً وإذا طلبت منه علماً يجود به وينفذ المال جيراناً وسوداناً” والتخصيص للسودان “سوداناً”، عن أبي ربيع الشامي قال: قال لي عبد الله عليه السلام: “لا تشتر من السودان أحدا فإن كان لابد فمن النوبة فإنهم من الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به أما إنهم سيذكرون ذلك الحظ وسيخرج مع القائم منا عصابة منهم”. معجم أحاديث الإمام المهدي –الكوراني.
أقول: قوله “القائم منا” هو المهدي الفاطمي الذي يخرج آخر الزمان بعصابة أهل المغرب من السودان بالحديث المشهور عن الرسول صلى الله عليه وسلم: “ثم يجيء عيسى ابن مريم من قبل المغرب مصدقاً بمحمد وعلى ملته فيقتل الدجال ثم إنما هو قيام الساعة” يلاحظ بالحديث أنه لم يرد لفظ “نزوله” أو “سماء” بل فيه تحديد للجهة التي يجيئ منها عيسى ابن مريم وعلى الأمة إعادة قراءة النصوص وبالأخص التي تتعلق بأمر النزول السماوي المترسخ بعقيدة الناس فالمراد هو أن ينزل عيسى ابن مريم روحاً في رحم إمرأة من آل البيت متزوجة بالمغرب (السودان) ويولد ولادة طبيعية ثم يجيء مناصراً المسلمين الذين أحكم عليهم الدجال وحاصرهم فينزل فيهم راجلاً أي نزولاً أرضياً لا غير.
الفصل الثالث
سليمان صاحب الحق الأذل
جاء بكتاب تفسير القرآن الكريم لشهاب الدين محمد الألوسي “دار إحياء التراث العربي – باب الإشارة. قال تعالى: ” {وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ} (102) سورة البقرة. “واتبعوا ماتتلو”وهم اليهود: وهي القوى الروحانية والشياطين هم من الإنس المتمردون الأشرار ومن الأشرار ومن الجن الأوهام والتخيلات المحجوبة عن نور الروح. المتمردة عن طاعة القلب العاصية لأمر العقل والشرع والنفوس الأرضية المظلمة على عهد مُلك سليمان الروح الذي هو خليفة الله تعالى في أرضه”.
“سلمان الروح” هو ذات عيسى ابن مريم روح الله شخصي المسيح سليمان خليفة الله بإطلاق. يقول ابن عربي في عنقاء مغرب صفحة (62-63) الآتي نصه. ” فقد يبايع شخص على الإمامة وفي غيره تكون العلامة فتصبح المبايعة على الصفات المعقولة لا على هذه النشأة المجهولة، فيمد عند تلك المبايعة للخليفة الناقص في ظاهر الجنس، الخليفة المطلوب يده من حضرة القدس، فتقع المبايعة عليها من غير أن ينظر ببصره إليها، ولذلك يقع الإختلاف في الإمام المعين لا في الوصف المتبيّن، فقلّ خليفة تجمع القلوب عليه ولا سيما إن إختل ما بين يديه فقد صحّت المبايعة للخليفة وفاز بالرتبة الشريفة، وإن توجه إعتراض فلا سبيل إلى القلوب المنعوتة بالمراض، ولما كان الحق تعالى الإمام الأعلى والمتبع الأولي قال:”إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ” ولا ينال هذا المقام الأجسم بعد النبي المصطفى الأعظم إلا ختم الأولياء الأطول والأكرم وإن لم يكن من بيت النبي فقد شاركه في النسب العلوي فهو راجع إلي بيته الأعلى لا إلى بيته الأدنى” عنقاء 62-63.
أقول: قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ (29) } سورة الحجر.
فالسجود لآدم ليس إلا لسره وجوهره (النفخة الربانية) المودعة فيه. فالبيعة في التحقيق هي للروح (صاحب النشأة المجهولة) أي لعيسى ابن مريم “وهو المتعين بالصفات المعقولة “المحسوسة” في كل خليفة ناب عنه واستتر به “دون ينظر ببصره إليها” والمراد بالمبايع في إشارة لواقعة حديث أنس أنه قال: “بينما نحن مع رسول الله إذ رأينا برداً ويداً. فقلنا: يا رسول الله ما هذا البرد الذي رأينا واليد؟ قال: قد رأيتموه؟ قلنا: نعم: قال: ذاك عيسى ابن مريم سلم علي” مسلم في مسنده.
أخرج ابن عساكر عن أنس قال: “كنت أطوف مع الرسول صلى الله عليه وسلم حول الكعبة إذ رأيته صافح شيئا لا نراه قلنا يا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رأيناك صافحت شيئا لا نراه؟ قال: ذاك أخي عيسى ابن مريم انتظرته حتى قضى طوافه فسلمت عليه” وقول أنس هو المعنى الذي أشار إليه ابن عربي في قوله “لا ينظر إليها ببصره” أي شيئاً لا نراه”.
“فيمد الخليفة الناقص من ظاهر الحس” هو عيسى ابن مريم الناقص إذ ليس له أب فهو ناقص من شق أبيه. “ويمد يده” الخليفة المطلوب من حضرة القدس” وهو النبي صلى الله عليه وسلم “فسلمت عليه” وأما الفقرة ولا سيما إن إختل ما بين يديه “ظهور يد عيسى ابن مريم والإحساس بآثار الروح “البرد” على أنس رضي عنه.
يقول الشيخ أحمد التجاني في كتاب جواهر المعاني صفحة 150: ” تَسَتَّرْتُ من دَهْرِي بِظلِّ جَنَاحِه فَصِرْتُ أرَى دَهْرِي وليس يَرَانِي فَلَوْ تَسَلِ الأَيَّامُ ما اسْمِيَ لما دَرَتْ وأين مكاني ما عَرَفْنَ مكانِي” يقول شارحاً الأبيات: “هي مرتبة الخليفة الأعظم إذ لا اسم له يختص به فإن اسماء الوجود كلها اسماء له لتحققه بمراتبها ولكونه هو الروح في جميع الموجودات فما في الكون ذات إلا وهو الروح المدبر لها والمحرك والقائم فيها ولا في كورة العالم مكان إلا وهو حال فيه متمكن منه “جواهر المعاني ج2 ص 150.
أقول: أن هذا الروح له وجهاً كاملاً في كل ذات “روحانيته” وهذا الوجه هو اسم من اسماءه (صفاته) لتحققه بحقيقة كل اسم “مراتبها” وأما عينه فهو سليمان. ومن باب الإيضاح أورد واقعة تدور حول هذه الحقيقة ففي عام (1960م أو 1961م) ذات يوم ذهبت لمحفل أًسري (حفل زفاف) بمدينة المجلد. فشاهدت (رقصة العروس) فنفرت نفسي من منظر الرقص فخرجت باكياً ومتحسراً على ما رأته عينيّ وكنت أقول في نفسي “كيف تسمح نفس هذا الزوج أن يكشف مفاتن زوجته للناس. وكنت أقول لو كنت أباً لتلك العروس لفسخت عقد القران” وكانت الدموع تتساقط على صدري إلى أن وصلت سريري وبمجرد جلوسي عليه رايت أن الوجود إنمحى تماماً لا سماء ولا أرض ولا شيء مما خلق الله حتى لم أكن أدري من أنا وأين أنا. وفي أثناء تلك الحال تدلى نور الحق عز وجل وتجلى قوله تعالى: “الله نور السموات والأرض” رغم أني في تلك الأيام لم أطّلع على تلك الآية لأنني كنت في المرحلة الأولية في مرحلة جزء تبارك “فتحرك نور الله حركة فبدت من نور الله الأرض جرداء لا معالم عليها، ثم حدثت حركة اخرى للنور فبدت كل المخلوقات ما أعرف منها وما لا أعرف فكانت في صورة دمى لا حياة فيها ولا حركة. حتى الشجر والحيوانات والطيور والحشرات والطحالب. ثم حدث تجلي للحق لهذه الكائنات باسم من اسماءه عرفت فيما بعد أنه اسم الله الأعظم. فسرت الحياة في الكائنات. فتحركت الحيوانات والطحالب وإهتزت الحشائش والأشجار وطارت الطيور وتحركت المياه في البحار بالأمواج وجرت مياه الأنهار. وعند ذلك شعرت أنني لازلت جالساً على سريري وقد جفت مني الدموع وتملكني الخوف والرعب ولم أخبر بهذا المشهد لهوله وخشيت ألا يصدقني أحد في تلك الفترة”.
قال الشيخ عبد الكريم الجيلي في كتابه (الإنسان الكامل) يصف حقيقة المهدي (الخاتم الولي) “فقد سبق ان قلنا أن الحق إذا تجلى على عبده وأفناه عن نفسه قام فيه لطيفة قد تكون ذاتية وقد تكون صفاتية، فذا كانت ذاتية كان ذلك الهيكل الإنساني هو الفرد الكامل والغوث الجامع عليه يدور الوجود وله يكون الركوع والسجود وبه يحفظ الله العالم وهو المعبّر عنه بالمهدي والخاتم وهو الخليفة”. الإنسان الكامل للجيلي ص81.
أقول: قوله “قام فيه الحق لطيفة إلهية” أن اللطيفة هي ذات العبد وذاته هو وجه تجلى به الروح باسمه فتفنى ذات العبد في صفة الاسم فيكون متحققاً بالوصف لا بالاسم. كما في الحديث النبوي، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالي قال: من عادي لي ولياً فقد آذنته بالحرب وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه وما زال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني أعطيته ولئن استعاذني لاعيذنَّه) رواه البخاري. وظهور أثار صفة الاسم في العبد في قوله “إذا أحببته أكون” فهو يسمع بسمع الله ويبصر ببصر الله” وأما إن كانت اللطيفة ذاتية فالذي يبطش هو الله بذاته وذاته هي روحه وروحه هي عين الروح المتجلي بالاسم الأعظم لا بأثره “الصفة” والإشارة في قوله “ذلك الهيكل الإنساني” أي أن الهيكل الجثماني لهذا الفرد هو صورة للروح وهي الصورة التي خلق الله عليها آدم “خلق الله آدم على صورته” فيكون جسده هو روح تجسدت بدناً. وقوله “وهو المعبر عنه بالمهدي والخاتم” أي لم يقع التعريف بحقيقته التي لم تقتصر على اسم عيسى ابن مريم فلا يعرف له اسم واحد وأما من حيث مرتبته فهو الخليفة عن الله سبحانه. قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ (29) } سورة الحجر. ويقول الجيلي في نفس المصدر: “أعلم حفظك الله أن الإنسان الكامل هو القطب الذي تدور عليه أفلاك الوجود من أوله إلى آخره وهو واحد منذ كان الوجود إلى أبد الآبدين ثم يتنوع في ملابس ويظهر في كنائس فيسمى به في اعتبار لباس ولا يسمى به باعتبار لباس آخر” الإنسان الكامل صفحة 229.
أقول: سليمان الروح هو قطب العالم الدنيوي والأخروي الذي قام الوجود به لو زالت روحانيته وإنسلخ عن الدنيا لإنهدمت قواعدها. وقوله “يتنوع في الملابس ويظهر في كنائس” أن أول ما ظهر به هذا الروح كان بلباس مثالي ببني إسرائيل باسم “عيسى”. قال تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ} (59) سورة الزخرف. وقول “يسمى به باعتبار” الاعتبار هو أن الخلق لا تعرف هذا الروح إلا باسم “عيسى” مع أنه في الأصل المثال المعتبر لهم أي أنه العبد الذاتي المضروب لبني إسرائيل قبل أن يكون ابن مريم. وقوله “ولا يسمى به باعتبار لباس آخر” كما كان له اسم ببني إسرائيل فله اعتبار آخر “{وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} (57) سورة الزخرف. أي أن هذا الروح في لباسه الأخير “ميلاده الأخير” لا يسمى بلباس المثال “المقام العيسوي وإنما بذاته “سليمان”.
جاء بمقال على العنوان الإلكتروني: http://voila.ahlamontada.com/t449-topic
“… ومن أقدم المخطوطات التي جاء بها ذكر للمهدي (المسيا المنتظر) سفر النبي أخنوخ وهو إدريس عليه السلام، وقد أفاض النبي إدريس في الحديث عن هذا الرجل وحروبه في نهاية الزمان، فأطلق عليه اسم مُبدأ الأيام وفي بعض التراجم رأس الأيام وفي أخري الرجل الذي يحمل اسم الأزلي وفي تراجم أخري قديم الأيام. وذكر النبي دانيال عليه السلام هذا الرجل وسماه قديم الأيام وفي بعض التراجم الأزلي.
كما تحدث النبي إشعيا عليه السلام باستفاضة عنه وسماه المشيا (ماشيه أو ماشيح) وهو المخلص أو المنقذ وسماه في موضع آخر من سفره الرجل الغصن، وأكد بالإصحاح 19 انه مصري الجنسية (سيخرج من مصر(.
كما سماه النبي زكريا بن برخيا عليه السلام بالرجل الغصن، ويعد سفره ثاني سفر في العهد القديم يتحدث باستفاضة عن هذا الرجل بعد سفر إشعيا.
وأشار إليه النبي يعقوب وهو يعظ أبنائه عند موته وحذرهم أن نهاية بني إسرائيل ونهاية شريعتهم وملكهم ستتم على يديه وسماه شيلوه أو شيلُه.
وفي العهد الجديد (الإنجيل) جاء ذكر المسيا علي لسان عيسى بمعظم الأناجيل، وأختص سفر الرؤيا وهو أخر سفر بالعهد الجديد بالحديث باستفاضة عن هذا الرجل وحروبه مع الدجال وقوى الشر، وأُطلق عليه في السفر اسم الخروف وفي الترجمة السبعينية اسم الحمل ( أي الرجل المسالم أو الوديع ) وجاء بإصحاحات هذا السفر الاثنين والعشرون ما سيقع على الأرض من أزمات ونكبات يضرب بها الله أمم الأرض كلها قبل مجيء هذا الرجل نتيجة لخطاياهم ومعاصيهم والقوى العظمى التي ستظهر على الأرض في القرن الذي سيولد فيه والقرن اللاحق له والذي سيخرج فيه الدجال وينزل فيه إبليس على الأرض وتدور فيه المعارك بين هذا الرجل والقديسون المؤمنون معه وبين الدجال والقوى العظمى التي يحركها إبليس إلى الوقت الذي يأتي فيه عيسي (ابن الإنسان) من السماء لنصرة هذا الرجل وجنوده والقضاء على كل قوى الشر.
ويمكننا من خلال ما جاء بسفر الرؤيا وسفر إشعيا وسفر زكريا وسفر دانيال عن هذا الرجل الذي سيخوض معارك نهاية الزمان أن نرسم صورة واقعية لشخصيته، نلخص أهم ملامحها في الآتي:
1- لهذا الرجل مكانة عظيمة عند الله فهو عصا الله الحديدية التي سيضرب بها كل العصاة والجبابرة والأشرار والظلمة، وقد افتتحت أول رؤيا في سفر الرؤيا بمشهد كان هذا الرجل يجلس فيه بجوار الله وعلي يمينه في عرشه مما يدل على قربه من الله وعظم مكانته عنده.
2- سيفك هذا الرجل طلاسم وأسرار وختوم سفر الرؤيا ويكشف هوية وحقيقة القوى العظمى المذكورة به واهم الختوم والنكبات التي ستقع على الأرض (علامات الساعة)، ويمكن مراجعة بعضاً من هذه النصوص والتفسير الصحيح لها بكتبنا “الحرب العالمية القادمة في الشرق الأوسط” و “هلاك ودمار أمريكا المنتظر” و “يأجوج ومأجوج قادمون” و “أسرار سورة الكهف ومشروع ناسا للشعاع الأزرق” و “اقترب خروج المسيح الدجال”.
3- لهذا الرجل اسم كما ذكر بسفر الرؤيا لن يعرف أحد سواه أسراره وألغازه ويدعى اسمه كلمة الله، وسوف يهديه الله لفك طلاسم وألغاز وأسرار هذا الاسم في جميع نبوءات الأنبياء فيشرحها للناس وتكون هذه العلامة من أهم العلامات الدالة علي صدقه وأنه الرجل المقصود في هذه النبوءات.
4- رجل عادل وحكيم ومسالم ووديع (يتسم بصفات الخروف أو الحمل) ولكنه في نفس الوقت رجل صارم ومقاتل ودكتاتور في بعض قراراته وجبار في الانتصار للحق، فهو رجل يجمع في شخصيته الكثير من المتناقضات، ولهذا فهو الرجل الكامل الذي سيجد فيه الضعفاء والمساكين والمظلومين الرحمة والعدل والمساواة، ويلقى منه الجبابرة والفاسدين والأشرار أشد أنواع القسوة والعذاب والانتقام والتنكيل بهم، فهو لا يتصرف كما قال إشعيا عليه السلام بحسب أهوائه بل بحسب الحق والعدل وبما يرضى الله وهو لا ينتقم لنفسه بل لله وللمظلومين.
5- يمتلك هذا الرجل ذكاء شديد ودهاء عظيم وذو علم واسع وغزير لذا ستلتف حوله معظم شعوب الأرض وترضى بحكمه وأحكامه، وسيركز في بداية دعوته على محاربة المتاجرين بالدين والانتهازيين السياسيين ومثيري الفتن في كل الأديان والمذاهب المختلفة، وسينجح في توحيد كل الأديان في ديانة واحدة هي دين الله الحق.
6- يتصف هذا الرجل بالأمانة والصدق كما جاء بسفر الرؤيا فهو صادق وأمين.
7- سيستخدم هذا الرجل في البداية فمه أو لسانه وعقله للاحتجاج والتحاور مع خصومه وكل أهل الأرض ثم سيلجأ مع العصاة والمتمردين على الله والمفسدين في الأرض للعنف والقتال واستخدام اقسى واعتى آلات وأدوات الحرب ضدهم وسينكل بالجميع، فهو رجل سلام ورجل حروب ودموي في نفس الوقت فعندما يغضب للحق يضرب بمنتهى القسوة والعنف.
8- تكمن أهم أسلحة هذا الرجل في لسانه كما ذكر بالإصحاح 19 من سفر الرؤيا، فمن فمه يخرج سيف ماضي يضرب به كل الأمم، وهو ما يدل على أن هذا الرجل له حجج وبراهين سيقحم بها كل أمم الأرض في الكثير من القضايا التاريخية والدينية المزيفة أو المعتم عليها التي يفجرها بقلمه أو لسانه، أي أنه سيكون خطيب أو صحفي أو كاتب أو باحث أو رجل مفكر ومجدد يصحح المفاهيم الخاطئة والمعتقدات التي أسيئ فهمها في الإسلام والأديان السماوية.
9- سيقوم هذا الرجل بإعادة بناء هيكل الرب كما جاء بالإصحاح السادس من سفر زكريا (أي سيقوم بإعادة بناء بيت الله الحرام بمكة بعد تدنيسه كما شرحت بكتاب مشروع تجديد الحرم المكي).
10- سيعم الخير والسلام والنعيم على كل أهل الأرض في فترة حكمه مع عيسى عليه السلام.
وقد قام بعض الباحثين المسلمين بإسقاط النصوص الواردة في المسيا المنتظر وشيلوه وقديم الأيام على سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، بحجج وبراهين واهية لا تستقيم مع سياق النصوص أو الأحداث التاريخية الثابتة والموثقة ( ولا شك أن هناك الكثير من النصوص في التوراة والإنجيل تخص سيدنا محمد وتنطبق عليه ولا مجال لذكرها هنا(
وقد وقع هؤلاء الباحثين في هذه الأخطاء لأنهم لم يلاحظوا أن هذه النصوص الخاصة بشيلوه وقديم الأيام والمسيا تصرح بأن هذا الرجل سيبيد بني إسرائيل ويحارب الدجال ودول أوربا وأمريكا ويبطل العمل بشريعة التوراة، ويحرر بيت الله الحرام من رجسة الخراب التي يقيمها الدجال به، ويحرر فلسطين من الاحتلال اليهودي لها، ويلتقي بعيسي عند عودته من السماء ويحاربا معاً قوم يأجوج ومأجوج.
وهذه الأحداث لم يقع أي حدث منها مع سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم لأن اليهود في زمانه كانوا مشتتين في الأرض ولم يكن لهم تواجد بأرض فلسطين، ولم يحارب النبي الدجال ودول أوربا والزانية العظيمة (أمريكا)، ولم يقم النبي محمد بإعادة بناء بيت الله الحرام بمكة بعد تدنيسه برجسة الخراب (الهيكل الوثني الذي سيبنيه الدجال بمكة)، ولم يبطل العمل بالشريعة اليهودية بل طالبهم بالالتزام بها كما صرح القرءان بذلك في قوله تعالي:”وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَـئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ “المائدة: 43.
أقول: أن هذا الرجل وإن إختلفت أسماءه وتعددت ألقابه فذاته واحدة. وكل اسم أطلق عليه له دلالة ومعنى تعتقد به كل ملة وطائفة. وسوف أفصل كل فقرة بالنقاط التالية:
“لهذا الرجل اسم لن يعرفه أحد سواه ويدعى كلمة الله”. فلفظ “كلمة الله” لم يدع به سوى عيسى ابن مريم فقد جاء في رؤيا يوحنا (12-13-15): ” له اسم مكتوب ليس أحد يعرفه إلا هو، وهو متسربل بثوب مغموس بدم، ويدعى اسمه كلمة الله… ومن فمه يخرج سيف ماض لكي يضرب به الأمم”
“ويلاحظ أن له اسم خاص به وهو ذات الاسم الذي جاءت الأخبار النبوية بالنهي عن التصريح به. وفي سفر أشعياء ” 49: 1-13: ” أنصتي إليّ أيّتها الجزائر، وأصغوا يا شعوب الأرض البعيدة: قد دعاني ( سمّاني ) الربّ وأنا ما زلت جنينا، وذكر اسمي وأنا ما برحت في رحم أُمّي، جعل فمي كسيف قاطع، وواراني في ظل يديه، فصنع مني سهما مسنونا، وأخفاني في جعبته”.
إن كلمات السفر صريحة أن المقصود هو عيسى ابن مريم إذ سماه الله باسمه قبل نزوله روحاً في بطن أمه. قال تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} (45) سورة آل عمران. و “وواراني في ظل يديه” وهو معنى قوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} و “أخفاني في جعبته” وهي فترة غيبته الكبرى في عالمه الأعلى بعد واقعة الوفاة “روحاً وجسداً” ببني إسرائيل وهذا هو المعنى الحقيقي لمفهوم الرجعة أو الظهور بعد الغيبة لدى الشيعة في شخص الإمام الغائب. وأما الإسم الذي لا يعرفه إلا هو فهو الاسم سليمان الذي له شاهداً من السنة. عن تميم الداري قال: “قلت يا رسول الله: ما رأيت للروم مدينة مثل مدينة يقال لها أنطاكية ما رأيت أكثر منها مطراً فقال صلى الله عليه وسلم: نعم وذلك لأن فيها التوراة وعصى موسى ورضاض الألواح ومائدة سليمان في غار. فلا تذهب الأيام والليالي حتى يسكنها رجل من عترتي اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي خلقه خلقي وخلقه خلقي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً” المهدي الموعود حديث رقم 9 عبد الحسين. ان المائدة لم ترد بلفظ صريح في حق شخص إلا عيسى ليؤكد أنه المهدي البيتي الذي تجمع عليه كل الديانات “أهل التوراة وأهل الإنجيل” في ميلاده الثاني باسم سليمان والذي يهلك الله في زمانه كل الملل ولا يبقى إلا الإسلام.
“يستخدم هذا الرجل فمه في البداية للإحتجاج والتحاور”. ولما كان جوهر الخلاف والإختلاف في شخص هذا الرجل الوحيد الذي يعرّف بنفسه واسمه ووقائع ميلاده الثاني فيبيّن معاني الألفاظ الدالة عليه من النصوص فيحاجج بها الناس “ومن فمه يخرج سيف ماضي” فسليمان هو صاحب القلم الذي يبرز الحقائق في سابقة هي الأولى على جميع الديانات والمعتقدات بتفرد تام وأسلوب معجز لفهم صريح لم تعقل علماء الأمة ولا أحبار اليهود ولا رهبان النصارة مقاصده ومعناه. جاء بكتاب (اليماني) للكاتب عبدالله حسين القحطاني في فصل (ملامح دعوة اليماني) الآتي:
“أما كيفية يبدأ اليماني في دعوته والظاهر والله أعلم أنه سيقوم بالدعوى أولاً بشكل سري حيث يقوم بدعوة بعض الناس مشافهة أو عن طريق إصدار بعض المنشورات تحت عناوين ثانوية. يظهر من خلالها أعلميته على غيره من العلماء في عدة مجالات وخاصة في العلوم الإلهية الغير تحصيلة” المصدر سلسلة منشورات المسيح المهدي (المنشور سليمان لا أب له). وأختم شرح المقالة بفقـرتان جوهريتان وهما سياق هذا المقال وترتبط بدلالة الاسم “فقديم الأيام أو الرجل الأزلي أو الرجل الذي يحمل اسمه الأزلي” فهو الاسم الخاص بذات الله والذي لا يتحقق به في الدهر إلا واحد “أي الروح الرباني مُحدث الحوادث والأكوان”. قال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (1) سورة النساء. فالآية تبيّن أن أصل الخلق الآدمي هي نفخة إلهية “روح الله” وهو ذات واحدة نُفخت في آدم. قال تعالى: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) } سورة ص. فهو جوهر آدم وقوام بشريته الأرضية بلطافته السماوية النورانية فإرتفع عن الخلق فمحله غير محلهم وهو عيسى ابن مريم بهويته الروحية بشقيها (زوجها) أي الزوجين وهما أول الجنس البشري وبث منهما رجالاً كثير ونساء” وهذا لا ينفي أن يكون هناك ذرية لعيسى مقابل ذرية آدم وحواء.
وأما في الفقرة التي جاء فيها: “وأشار إليه النبي يعقوب عليه السلام وهو يعظ ابناءه عند موته وحذرهم أن نهاية بني إسرائيل ونهاية شريعتهم وملكهم ستتم على يديه وسماه (شيلو أو شالوه) كونه يبطل الشريعة اليهودية وينسخ توراتهم بالإسلام دين الله الحق هو ذات عيسى ابن مريم فلم يرد أي دليل أن أحداً غيره تكون على يده نهاية بني إسرائيل. فقد روى الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لينزلن ابن مريم حكما عدلا فليقتلن الدجال وليقتلن الخنزير وليكسرن الصليب وتكون السجدة واحدة لله رب العالمين، ثم قال أبو هريرة: واقرءوا إن شئتم وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته قال أبو هريرة: قبل موت عيسى ؛ يعيدها ثلاث مرات ” أحمد بمسنده. ومن ثم فشالوه هو عيسى ابن مريم فالترجمة الحرفية للاسم شالوه تعني “السليم- الكامل” وهو من مشتقات “شليم وشالوم” وهي تعني السلام ومن العبرية إلى العربية تنطق سليمان ومعناه “الخالي من العيوب والآفات”. فالمسيح هو شالو وهو ذات شخص سليمان. وقد ورد في التوراة بسفر التكوين الآية “49-10″: ” لاَ يَزُولُ قَضِيبٌ مِنْ يَهُوذَا وَمُشْتَرِعٌ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ شِيلُونُ وَلَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ”. أي عند مجيء شيلون (سليمان) تزول دولة إسرائيل (يهوذا) والنص النبوي السابق بيّن تطابق العبارات في قول الرسول صلى الله عليه وسلم “لآن فيها… ومائدة سليمان ولاتذهب الأيام والليالي حتى يسكنها رجل من عترتي”. وقد أشار الكتاب المقدس إلى عودة المسيح عيسى ابن مريم بالاسم (سليمان) ففي أخبار الأيام الأول (الإصحاح 22-9-11): “هو ذا يولد لك ابن يكون صاحب راحة وأريحية من جميع أعدائه حواليه لأن اسمه يكون سليمان فإجعل سلاماً وسكينة في إسرائيل في أيامه هو يبني بيتاً لاسمي وهو يكون لي ابناً وأنا له أبا وأثبت كرسي ملكه على إسرائيل إلى الأبد”. وفي إنجيل لوقا “11-31”: مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ رِجَالِ هذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُمْ، لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ ههُنَا! “
وقوله “سليمان ههنا” يراد به سليمان بن داؤود وأما سليمان الأعظم هو سليمان الروح شخصي المسيح وهذا المعنى هو الذي أشار إليه الشيخ ابن عربي في تفسيره للآية (102) من سورة البقرة :”هم الأوهام والخيالات والمتخيلات المحجوبة عن نور القلب العصية لأمر العقل المتردة عن طاعة القلب على عهد ملك سليمان النبي أو سليمان الروح”. تفسير ابن عربي ج1 وقد أورد الكاتب محمد عيسى داؤود في كتابه المفاجأة ص378 نقلاً عن ابن عربي: “… وتستمر الكنانة في حصن الصيانة وتقوى شوكة قطانها حتى لا يدخلها دخيل ولا يتصرف فيها بديل رجالها الأعيان عدة الغين الجامدة غير المتحركة إذ آن أوانهم وتهيأت أعيانهم شيدوا أركانها وكشفوا أعوانها بالفرد القائم اذ ذاك هو الميم بن الميم الاول وابن الحاء الأول والحاء الآخر، فيه سليمان من الأحرار لا من العبيد رجاله رجال النجدة”﴿المفاجأة ـ صفحة 5- 378﴾.
” وقد ورد بالكتاب المقدس أن المسيح اسمه “سليمان الحقيقي”.
“سيقوم هذا الرجل ببناء هيكل الرب أي أنه سيقوم بإعادة بناء بيت الله الحرام بمكة”.