المنشور رقم (77) كيف تهلك امة انا أولها والمسيح عيسى أبن مريم آخرها

بسم الله الرحمن الرحيم

الفهرست

إستفتاح.

الفـرقة الناجية.

تكليف المهدي بالأمر المباشر من الله..

 ” منهج الاسلام وشرعته:

معرفة المجدد.

ارتـــداد الأمــة.

كيف يتم اختيار الخليفة.

المذهب الأول في تحديد الجماعة:

المذهب الثاني في تحديد الجماعة:

المذهب الثالث في تحديد الجماعة:

 ” الخليفة يُعلن عن نفسه بتكليف مباشر من الله.

الفرقة الناجية في السنة (خلافة على منهاج النبوة).

 ( هادي ثلة الأخرين ).

يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ.

صمت العلماء عن مناصرتي خيانة لميثاق الله..

عودة المسيح في القرآن.

دليل ميلاده الثاني في القرآن.

تحديد نسب المهدي وتعيين شخصه.

قفل باب الإيمان بموت آخر خليفة لله في الأرض….

وآخرهم هو عيسى ابن مريم من قريش:

 يعود الإسلام غـريباً على المسلمين مع سـليمان.

نقلاً عن منشور شعب السودان يقود العالم بالأسلام صفحة (1)

“قال تعالى:

(أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُم)   الفتح الآية 29.

نحن في الشدة بأس يتجلى *** وعلى الود نضم الشمل أهلاً

إستفتاح:

خلف هذه الأمة اقدر على فهم نصوص الكتاب والسنة التي تخاطب زمانهم وأن عليهم مراجعة نصوص الآيات والأحاديث لمعرفة الفقه الصحيح المستنبط منها وليس الانغلاق على فهم السلف لتلك النصوص فالمرجع هو نصوص القرآن والسنة النبوية وليس فهم السلف لهذه النصوص وهذا ما أرشد اليه نبي هذه الامة فقد جاء في صحيح البخاري ـ الطبعة الثانية ـ طبعة بيروت 1402هــ1982م عالم الكتب.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”…ليبلغ الشاهد الغائب فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه” كتاب العلم حديث رقم(9)صفحة 45، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”…فليبلغ الشاهد الغائب فإنه رب مبلغ يبلغه من هو أوعى له ” كتاب الفتن حديث رقم  (27) صفحة 90 ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “نضر الله إمرئاً سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها فرب حامل فقه الى من هو افقه منه” صحيح اخرجه الترمذي 5/24 واللفظ له وابن ماجة 1/85 واحمد 1/437.

هذه الأحاديث ترد المذهب السلفي وتثبت مذهب التجديد بالفهم الحديث المعاصر قال صلى الله عليه وسلم:” إن الله يبعث لهذه الامة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها” رواه ابو داؤود وصححه الحاكم واعتمده الائمة.” إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ “ق37.)إنتهى الإقتباس

 نقلا عن منشور (ظهر المهدي ) بصفحة (6-7)

فصل  يحمل عنوان “المهدي إمام الفرقة الناجية”

الفـرقة الناجية

للإجابة على هذه الاسئلة أنقل من كتاب (الفرقة الناجية والطائفة المنصورة على ضوء الكتاب والسنة ) إعداد محمد بن جميل زينو ـ المدرس في دار الحديث الخيرية بمكة المكرمة، ليكون شاهد الأمة عليها من نفسها. قال:

1-   الفرقة الناجية هي التي تلتزم منهاج الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته ومنهاج أصحابه من بعده وهو القران الكريم الذي أنزله الله على رسوله وبينه لأصحابه في أحاديثه الصحيحة وأمر المسلمين بالتمسك بها فقال: “تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي ولن يفتــرقا حتى يردا عليّ الحوض“ صححه الألباني في الجامع.

2-الفرقة الناجية تعود الى كلام الله ورسوله حين التنازع والاختلاف عملا بقوله تعالى: “فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا“  النساء 59. وقال تعالى: “فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا“ النساء 65.

3-الفرقة الناجية لا تقدم كلام أحد على كلام الله ورسوله عملا بقوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ“ الحجرات 1. وقال ابن عباس: “أخشى أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول لكم قال رسول الله وتقولون قال أبو بكر وعمر“.

وقال: علامات الفرقة الناجية: هم قلة من الناس دعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: “طوبى للغرباء: أْناس صالحون في أْناس سوء كثير من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم “ صحيح رواه أحمد.

واستطرد محمد جميل في نفس المصدر وتساءل: من هي الطائفة المنصورة؟ وأجاب على تساؤله عليها، وأورد بعضا من إجابته:

3/ قال ابن المبارك: هم عندي أصحاب الحديث.

4/ وقال البخاري قال علي بن المديني: هم أصحاب الحديث.

5/ وقال أحمد بن حنبل: إن لم تكن هذه الطائفة المنصورة أصحاب الحديث فلا أدري من هم. المصدر: الفرقة الناجية والطائفة المنصورة. لمحمد جميل زينو 6-16.

أقول: فعلى منهاج الكتاب والسنة أجادل علماء هذه الأمة وعامتها بالتي هي أحسن لأبين لهم صدق قولي وبطلان دعوى من خالفني وخذلني. فالمهدي المنتظر الذي تحدثت عنه الأحاديث هو إمام الفرقة الناجية من هذه الأمة.  وعلى صفحة (12) من نشرة ” الفرقة الناجية والطائفة المنصورة ” أورد الأتي : لقد اعتقد السلف خطأً أن المسيح ابن مريم يعود من السماء وينزل أولاً في الشام بشراً سويا بميلاده الأول دون تحديد زمان عودته وهذه عقيدة فاسدة أحبطت أعمال الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الزمن الذي بعثت فيه مهدياً مجدداً للدين في رأس القرن الهجري الخامس عشر. ودليل فساد عقيدة الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بعثتي قوله تعالى: “وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً “7” فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ “8” وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ “9” وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ “10” أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ “11” فِي جَنَّاتِ النَّـعِيمِ “12” ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ “13” وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ” الواقعة 7-14.

حددت الآية ثلة الأولين بثلاثة:

1أصحاب الميمنة: من اليمن والخير واليمين وهم أصحاب إيمان.

2.وأصحاب المشئمة: أي أصحاب الشؤم والشمال وهم الكفار.

  1. والسابقون: الذين بادروا بالإيمان واتباع خليفة أول الأمة وهو الرسول صلى الله عليه وسلم. هذا التصنيف يتكرر مع خليفة آخر الأمة وهو عيسي ابن مريم بإضافة ثلة الآخرين وهم عيسيابن مريم وأصحابه إلى ثلة الأولين وهم الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ويكون المجموع ثلاثة أزواج وتخطت الآيات وسط الأمة بسبب فساد إعتقادها في كيفية عودة المسيح.

وجاء في الحديث عن عروة بن رويم مرسلاً يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “خير هذه الأمة أولها وآخرها أولها فيهم رسول الله وآخرها فيهم عيسي ابن مريـم وبين ذلك ثبج أعوج ليس منك ولست منهم” سبق تخريجه ص (7).

الصحيح في العقيدة الإسلامية أن المسيح ابن مريم يعود إلى الأرض بميلاد جديد في السودان أولاً مجدداً للدين في القرن الخامس عشر الهجري وينزل في الشام لاحقاً.

ولو أني إكتفيت بتصحيح العقيدة وتعريف المسلمين بكيفية عودة المسيح من دون تحديد شخصيته في ذاتي لكان كافياً بأن أنال شرف إمامة تجديد الدين في هذا القرن ولله الحمد في الأولي والآخرة، ولكن الحق أحق أن يتبع فأنا المسيح عيسي ابن مريم ذاتا وروحاً وجسداً وصورة.ومن النشرة رقم (9) تحت عنوان” الأمام” وبصفحة (2-3) أورد الاتي: فقد روى الشيخان البخاري ومسـلم عن حــذيفة بن اليمان قال: ”كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلـت يا رسول الله: إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم، قلـت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم وفيه دخن. قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هدى، تعرف منهم وتنكر، قلـت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها قلت: يارسول الله صفهم لنا، قال: هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم، قلت: فإن لم يكن لهم إمام ولا جماعة، قال: فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك”.وحدد الله عز وجل حالة التيه التي تعيشها الأمة وعاشتها القمة العربية في شرم الشيخ في سورة الواقعة الآيات (7-14) بقوله تعالى: ”وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (14)”.

صنفت هذه الآيات الأمة إلي ثلاثة أصناف هم:

1/ أصحاب ميمنة    2/ أصحاب مشأمة     3/ وسابقون مقربون .

كان هذا التصنيف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأشار إليهم الله تعالى بقوله: “ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ”.

ثم يتكرر هذا التصنيف:

1/ أصحاب ميمنة     2/ أصحاب مشأمة   3/ وسابقون ومقربون  .

ويكون ذلك في آخر الأمة بدلالة قوله تعالى: ” وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ” ومن مجموع الأولين والآخرين تتكون الأزواج الثلاثة المكونة لأمة الإسلام وإشارته صلى الله عليه وسلم بقوله (نعم) يشير إلى الشر الواقع بين الخير على عهد رسول الله وهي ثلة الأولين في آية الواقعة والخير الممزوج بالدخن في حديث حذيفة الذي يشير إلى الآية ”وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ” وأسقطت الآية وسط الأمة ولم تلحقه بالإسلام وفي ذلك إشارة إلى حالة التيه الذي تعيشه الأمة اليوم.

ولمعرفة ثلة الآخرين هذه أورد ما رواه أبو نعيم عن عروة بن رويم مرسلاً يرفعه إلى الرسول قال: ”خير هذه الأمة أولها وآخرها أولها فيهم رسول الله وآخـرها فيهم عيسى ابن مريم وبين ذلك ثبج أعوج ليس منك ولست منه” التصـريح حديث رقم 64.

وجاء في أسباب النزول للنيسابوري عن عروة بن رويم أن رسول الله في شرحه لقوله تعالى: ” ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ” قــال: ”من آدم إلينا ثلة، ومـني إلى يوم القيامة ثلة ولا يستتممها إلا السودان من رعاة الإبل ممن قال لا إله إلا الله”.

وكفى بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بياناً عن اجتهادات العلماء فقد حدد فيه بالإشارة أن أنصار المسيح من السودان، وما رواه المتقي الهندي في كنز العمال (ج11) حديث رقم 31497 عن عمار بن ياسر قال: ”ويسير صاحب المغرب فيقتل الدجال” لأنه صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” لم يسلط على قتل الدجال إلا عيسى ابن مريم” التصريح حديث(28).

وإنه يجيئ من المغرب كما رواه أحمد: ”ثم يجئ عيسى ابن مريم من قبل المغرب مصدقاً بمحمد وعلى ملته فيقتل الدجال”.) إنتهى الإقتباس. وفي المنشور رقم ( ) الذي يحمل عنوان ” الديمقراطية دين ياجوج وماجوج” وفي فصل” منهاج وشرعة الإسلام ” أورد الأتي:” لكي يصح للإنسان أن يطلق عليه لفظ مسلم أو مؤمن لا بد من أن يستوفي شروط الإسلام التي حددها كشرط للمسلم والمؤمن، وهي شرعة الإسلام ومنهاجه بدليل قوله تعالى: “ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا “ المائدة الآية48.

1/ أن يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وبكتابه القرآن الكريم منزلاً من عند الله تعالى قال تعالى: “كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ “ آل عمران الآية110. إن هذه الامة ممتده منذ بعثته صلى الله عليه وسلم ويختمها عيسى ابن مريم.

19} قال صلى الله عليه وسلم”:ليدركن المسيح أقواماً مثلكم أو خيراً منكم ثلاث مرات، لن يخزي الله أمة أنا أولها وعيسى ابن مريم آخرها” أخرجه الحاكم في المستدرك3-41.

2/ أن أمة الإسلام تنقسم عبر التاريخ إلى أقوام بنص الحديث”أقـواماً منكم” ويقوم على رأس كل قوم إماماً مهدياً، قال تعالى: “ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ “الرعد الآية7.

3/ ينقسم كل قوم إلى أناس ولكل أناس إمامهم الخاص بهـم قال تعالـى: “ يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ” الإسراء الآية71. ولما كان القوم الواحد ينقسم إلى أناس وهي الشرائح المتعددة التي تكوّن الفرق الإسلامية، فإن شريحة واحدة تمثل الفرقة الناجية وباقي الشرائح تمثل فرق الضلال، لأن في كل قوم فرقة ذات إمام هاد بإذن الله، وأخرى تتبع أئمة الضلال الذين ينازعون هذا الإمام الآمر، وجاء تفصيل ذلك في الحديث:

20} قال الرسول صلى الله عليه وسلم:”لا يزال أناس من أمتي منصورين لا يبالون من خذلهم حتى تقوم الساعة” رواه احمد.

وفي قوله تعالى: “وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ”  البقرة الآية60. فهذه الآية تؤكد أن قوم موسى ينقسمون إلى شرائح وصفها القرآن بكلمة(أُنَاس) وهذا يفسر لنا أن أمة الرسول صلى الله عليه وسلم تنقسم إلى(أُنَاس) ولكل أُنَاس إمام كما جاء في قوله تعالى: “يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ”.

إن الهادي في كل قوم من أقوام هذه الأمة هو الإمام في أناس منهم وهو الذي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم حذيفة بإتباعه إن أدركه قال له: “… تلزم جماعة المسلمين وإمامهم…”رواه البخاري.

إن إلتزام الأمة بإتباع هادي الأقوام وإمام الأناس عصمة للأمة من التفرق والإختلاف المؤدي إلى الهلاك والنار.

والشئ المؤسف حقاً وأكرر المؤسف حقاً أن العلماء شككوا الأمة في هذا الإمام بحجة عدم معرفته من بين كثرة المدعين فاتبعوا إسلوباً معمماً معتماً لا يلزمهم بإتباع إمام بعينه وقالوا:(نتبع القرآن والسنة) وإليكم نمازج من مذهبهم الذى سارت الأمة على منهاجه:

(أ‌) قال الإمام احمد:(إن لم تكن هذه الطائفة المنصورة هم أصحاب الحديث  فلا أدري من هم). لقد وقف الإمام احمد موقف المتشكك فلا يؤخذ برأيه.

(ب‌)  قال بسطامي محمد سعيد فى كتابه(مفهوم تجديد الدين):(وقد إختلف السلف فيما بينهم في تحديد من هو المجدد في كل قرن… ومن الظاهر أنه لا سبيل إلى القطع وإنما يرجع تحديد المجدد إلى الغلبة والظن…. ولا مجال إذاً للأدعياء بأن شخصاً بذاته هو المقصود بالحديث فهذه دعوى ولا يعلم حقيقتها إلا الله تعالى) مفهوم التجديد لبسطامي ص30.

اقول : اذا كان الدين محجة بيضاء ليلها كنهارها فكيف يلتبس على الامة طريق الحق فرأى العلماء في المجدد يظهر بوضوح جهلهم بالتجديد، وإرجاعهم العلم لله فيه حكمة، إلا أن الله لم يثتأثر بأمر المجدد في علم الغيب عنده بل أنزله في كتابه وفصل أمره تفصيلاً ليعرفه الناس ويقتدوا به قال تعالى:“أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا “ الأنعام الآية114. لقد فصل القرآن أمر المجدد في منهاج بيَّن المعالم محجة بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك فـي قولـه تعالـى “ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ “ وفي قوله تعالى “ يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ” وأنه يبعث بأمر من الله وداعياً إلى الله بإذنه .

21} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (قد تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها من بعدي الا هالك ومن يعش منكم فسيرى اختلافاً فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجز وعليكم بالطاعة وان عبدا حبشياً فانما المؤمن كالجمل الانف حيثما قيد انقاد) اخرجه البخاري (ايمان29) والترمذي (مناقب 32 ، 34) واحمد 1/236.

ونص حديث المجدد دال على المقصود قال صلى الله عليه وسلم: “إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها” سنن ابي داوود. ولم يترك تحديد المجدد لإجتهادات العلماء.

الفرق بين المجدد ودعاة التجديد أن المجدد يعلن للناس أنه مبعوث مهدياً من عند الله سبحانه وتعالى، وإن أئمة الضلالة يدعون ذلك من تلقاء أنفسهم.

إن إتباع المجدد شرط في إصول الدين خلافاً لمذهب العلماء الذي يبينه الدكتور عبد العليم عبد العظيم البستوي في كتابه (المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث والأثارالصحيحة) قال: (لم أجد أي دليل صحيح على أنه يجب على المسلمين أن يؤمنوا بمهدية رجل معين، كما يجب عليهم الإيمان بنبوة الانبياء المعنيين، مثال ذلك أننا نعرف من السنة الصحيحة أن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد للمسلمين أمر دينهم، ولكن مع ذلك لا أعرف أحداً من العلماء يرى أنه يجب على الناس الإيمان بمجددية أشخاص معينين، والأمر لا يعدو أن يكون المهدي وأحداً من أولئك الذين يحيون شريعة الإسلام)المصدر: المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث والأثارالصحيحة ص383.

إن ما أورده الدكتور عبد العليم إعتراف صريح من العلماء بمخالفتهم لشرع الله من بعد ما تبيّن لهم الرشد من الغي، وذلك بإعترافهم أن حديث المجدد صحيح، وأن المهدي واحداً من الذين يحيون شريعة الإسلام، مع ذلك انهم غير ملزمين بإتباع من يحيي شريعة الإسلام، وفيه إغراء للناس وإغواء لمخالفة من يقيم الدين.

لقد خالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد تثبتهم من صحة سنده.

22} قال صلى الله عليه وسلم:”عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين” أخرجه ابوداوود، والترمذي، واحمد، وابن ماجة، والدارمى، قال الألبانى سنده صحيح.

وخالفوا أمر الله في قوله تعالى:” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ “ النساء الآية59.

لقد إشترط الله على المسلم طاعة الله وطاعة الرسول وطاعة ولي أمر المؤمنين، وهو هادي القوم ومجدد القرن وإمام الأناس، فالزم الله ورسوله الأمة بطاعة المجدد الإمام، وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم عدم معرفة ولي الأمر جهل فى الدين، وإخلال بشروط صحة الإنتساب إلى أمته صلى الله عليه وسلم فأخرجه من الملة وألحقه بالجاهلية.

23} قال صلى الله عليه وسلم:”من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميته جاهلية” أخرج  البخاري بمعناه حديث رقم 7054 ومسلم بمعناه 1849.ونسبه السيد مرتضى الرضوي مسند احمد ج4 ص96 وصحيح مسلم شرح النووي ج12 ص440 وصحيح البخاري ج5 ص13 باب الفتن في تقدمه كتاب (الإمامة والحكومة في الاسلام) تاليف محمد حسين الانصاري الطبعة الاولى 1418هـ ـ 1998م ص84  . وميتة الجاهلية تعني على غير دين الإسلام، ولما التزمت الأمة بمذهب العلماء هذا أسقط وسطها عن الإنتساب لأمته صلى الله عليه وسلم ووصل آخرها الذي يشهد مجيئ عيسى إبن مريم، لأن عيسى إبن مريم هو الذي يبطل منهج العلماء المخالف لقواعد الدين، ويعيد الدين على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

24} قال عليه الصلاة والسلام : “خيرهذه الأمة أولها وآخرها أولها فيهم رسول الله وآخرها فيهم عيسى ابن مريم وبين ذلك ثبج أعوج ليس منك ولست منهم” أخرجه ابو نعيم.

وهذا الحديث شرح لقوله تعالى:” هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ “ الجمعة الآية2-3.

وقوله” لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ “ تفيد الفاصل الزمني بين أول الأمة وآخرها، فإن الآخرين في سورة الجمعة هم الجماعة وإمامهم عيسى ابن مريم، فأنا سليمان ابي القاسم (عيسى ابن مريم) مجدد القرن وهادي القوم وإمام الناس وإمام الجماعة وصاحب الوقت وغوث الزمان ومهدي الدين) إنتهى الإقتباس.  وعلى النشرة رقم ( 43) التي تحمل عنوان ” فتح القسطنطينية ” بالصفحة رقم (31) بالعنوان الجانبي ” الفرقة الناجية في السُنّة ( خلافة على منهاج النبوة)

“…وهذا يفسر لنا تعريف الفرقة الناجية في الحديث (ما أنا عليه اليوم وأصحابي) فالتركيز في تعريف الفرقة الناجية في كلمة (اليوم) فلا نبي بعده ولكن خلفاء كثيرون كما في الحديث “كانت بنوا اسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وإنه لا نبي بعدي فستكون خلفاء فتكثر قالوا فما تأمرنا؟ قال: فوا ببيعة الأول فالأول وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم” أخرجه مسلم1842.

فالضمير الفاعل في (استرعاهم) يعود إلى الله والضمير المفعول به (هم) يعود إلى الخلفاء أي الخليفة يأتيه التكليف المباشر من الله.

ومن هؤلاء الخلفاء المجدد الذي يبعثه الله على كل رأس قرن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها” رواه أبو داود. وهذا المجدد يبعثه الله بالتكليف المباشر (إن الله يبعث).وهو الفرد القائم المكلف من الله لهداية الناس ومن خالفه من أهل زمانه طبع عليه بطابع الكفر بنص الأحاديث “فمن فارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية” وبكلام الشيخ عبد القادر الجيلاني والشيخ أحمد التجاني رضي الله عنهما “فيسجل عليه بطابع الكفر” فلا صوفية بعد اليوم إلاَّ بإتباع سليمان ولا أنصار سنة ولا جماعة الدعوة والإرشاد ولا جماعة الإخوان المسلمين ولا الجماعة الوسطية ولا شيعة ولا سلفية كل هؤلاء (دعاة على أبواب جهنم من اجابهم إليها قذفوه فيها) إلاَّ من اتبع سليمان أبا القاسم موسى. هذا حكم كتاب الله وسنة رسوله ومن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون قال تعالى: “أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا” الأنعام114.

تكليف المهدي بالأمر المباشر من الله

ودليل هؤلاء من الكتاب قوله تعالى: “وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ * إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ” الشورى51.

والسُنة قوله صلى الله عليه وسلم: “قد كان يكون في الأمم قبلكم مُحَدَّثون فإيكن في أمتي منهم أحد فعمر بن الخطاب منهم” أخرجه مسلم برقم (2398).

وهي دلالة قوله “والله المعطي وأنا القاسم” البخاري مسلم رقم (2398).

 ” شعب السودان سيقودون العالم بالاسلام ” تحت عنوان جانبي بالصفحة (17- 20) بالفصل ” منهج الاسلام وشرعته:

قال تعالي: “لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ” المائدة 48.

قال ابن كثير في تفسيره قال ابن عباس ” (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً) قال: سبيلاً

(وَمِنْهَاجًا) قال: سنة.

قال ابن كثير: فإن الشرعة: هي الشريعة

أما المنهاج: هو الطريق الواضح السهل.

السنن: الطرائق.

أقول: وعلى ما تقدم يمكن الحصول على التعريف الآتي:

الشرعة:

الدين مجملاً في عقائده وشعائره ومناسكه وأوامره ونواهيه.

المنهاج:

قيام كل جيل بوظائف الدين والاستمرارية من جيل إلي جيل ويتبع الخلف فيه السلف مع تعاقب الأزمان يرسم محجة الدين ومنهاجه الواضح المعالم وفق الشريعة.

السنن:

اتباع الخلف للسلف وتقليدهم حتى يصبح الدين عندهم كالعرف التقليدي والعادة الموروثة والتراث القومي يربط الأجيال حاضرها بماضيها.

التجديد: هذا الدين الذي وصل للجيل كالتراث الموروث مهمة المجدد هي:أن يبعث فيهم الشعور بأنه وحي من عند الله ومهمة السلف كانت نقل هذا الوحي من غير تصرف بتعديل أو تحريف أو حذف أو إضافة فيربط بذلك الجيل المتأخر بالرعيل الأول الذي شهد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في رد رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن الفرقة الناجية من هم؟ قال : (ما أنا عليه اليوم وأصحابي) رواه الحاكم في المستدرك.

معرفة المجدد

يعرف المجدد بمنهجه المميز وفق شرعة ومنهاج الدين. ولكن ما هي هذه الشرعة وذلك المنهاج؟.  

قال تعالي ” يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ”النساء/26.

فما هي  سنن الذين من قبلنا التي يريد الله أن يبينها لنا لنسير على خطاها؟

أجاب على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:” كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي  وأنه لا نبي بعدي وأنه سيكون خلفاء كثيرون، قالوا فما تأمرنا يا رسول الله ؟  قال ( فوا ببيعة الأول فالأول وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم” متفق عليه.

لقد بين رسول الله سنن الأنبياء في آية النساء  بأن الدين هو السياسة لأنها وظيفة الأنبياء ولا فصل بينهما فالانبياء بعثوا سياسيين ولا فاصل زمني بين نبي وآخر قال تعالي ” ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى ” المؤمنون 44.

وتترى تعني التواتر وشرحها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله (كلما هلك نبي خلفه نبي) هذه هي سنن الذين من قبلنا بأن السياسة والسلطة التنفيذية بيد الأنبياء ولا تهتدي الأمة إلا اذا كانت سلطتها التنفيذية وسياستها بيد خلفاء الله من هذه الأمة (وأنه لا نبي بعدي وسيكون خلفاء كثيرون) فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباع هؤلاء الخلفاء الواحد تلو الآخر (فوا ببيعه الأول فالاول) وأن هذه البيعة هي حق الخليفة على الامة فريضة من الله تعالي ” أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ”النساء 59. وولي الأمر هو الذي تكون جماعته على ما كان عليه الرسول وأصحابه بنص الحديث الذي رواه الترمذي عن  ابن عمر رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “ستفترق أمتي ثلاثاً وسبعين فرقة كلهم في النار إلا واحدة . قيل ومن هم؟ قال: الذين هم على ما أنا عليه وأصحابي” .

وعدم اتباع هذا الخليفة شقاق لله ولرسوله يخرج المرء من ملة الإسلام قال رسول الله صلى الله وسلم في حكمه:”من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية” أخرج  البخاري بمعناه حديث رقم 7054 ومسلم بمعناه 1849.

ولا يوجد زمن كلالة يخلو من خليفة لله في الأرض بين النبي صلى الله عليه وسلم وعيسى ابن مريم (أمة أنا أولها وعيسى ابن مريم آخرها) رواه الحاكم فكل أمرئ يحاسب  نفسه بهذا الميزان هل هو متبع الآن لخليفة الله في الأرض؟ فمن كانت إجابته بلا فهو من الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يتسمون به ( أي الإسلام ) وهم أبعد الناس  منه) اخرجه الحاكم.

ومن تذرع بشهادة أن لا اله الا الله وأن محمداً رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وحج البيت بحجة أن من فعل ذلك فقد أقام الدين فأعلموا أن الدين نفسه لا يقوم بأمر الناس إلا بهذا الخليفة فقد روى أبو داؤود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يزال هذا الدين قائماً حتى يكون عليكم إثنا عشر خليفة  كلهم تجتمع عليه الأمة”.  وفي رواية (لا يزال هذا الدين عزيزاً إلى اثني عشرة خليفة قال فكبر الناس وضجوا ثم قال كلمة خفية  فقلت لأبي ما قال؟ قال: قال: (كلهم من قريش) الفتن لإبن كثير ص36 رواه أبو داؤد وصححه الألباني. وهذا الخليفة هو عاصم الأمة  من الفرقة والشتات وإذا لم تهتد الأمة الى معرفته سيتفرق الناس على أئمة عديدين فتحدث الفرقة فلا ينفع عمل العبادات.

فقد روى أبو داؤود وأحمد وابن ماجة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”سيكون في أمتي إختلاف وفرقة قوم يحسنون القيل ويسيئون العمل يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية” مطابقة الاختراعات للغماري صــ 105. وفي القرآن قال تعالي:”إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ”الأنعام 159 .

وروي الحاكم في المستدرك عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال:”يأتي علي الناس زمان  يجتمعون في المساجد ليس فيهم مؤمن”.

وروى أبو شعيب الحراني في فوائده من طريق الفضل ابن عياض عن الأعمش بسنده فقال:” يأتي على الناس زمان يحجون ويصلون ويصومون وما فيهم  مؤمن” مطابقة الاختراعات العصرية للغماري ص116.

ومرد خروج الناس عن الإيمان مع مزاولتهم لشعائر العبادة راجع إلى الشرك الظاهر بمخالفة منهج الإسلام في الخلافة واتباع الناس لأهوائهم فألهوها قال تعالي: “أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا” الفرقان43. فلو آمن الناس بنهج الإسلام  لما ولوا أمرهم  لغير خليفة الله.

قال الدكتور زكي نجيب محمود في هذا المعني: (ومن أهم تلك المبادئ أن الحكم يكون  لصاحب القدرة عليه لا للوارثين ولا للأقوياء أو الأغنياء لأنه لا يجوز أن يكون بين العقيدة والعمل بها فجوة تفصلهما، فإذا آمن الإنسان بفكرة على أنها الأصلح وجب أن يفني في سبيل  تحقيقها) د. زكي – المعقول واللامعقول  ص 47-48

أقول: إن الدين وحي رباني تنزل إلي مرتبة إدراك العقل فيؤمن به الناس  نتيجة قناعة العقل بعد تفكر وتدبر في التنزيل فمن آمن وأسلم من منطلق فكري فعليه أن يبحث عن القيادة في منهج الدين وللعقل المقدرة في التفكر في الأمور وتمييزها فمهمة الأنبياء تبليغ المنهج الرباني للناس وعلى الأمة الإتباع وفق المنهج المرسوم بمعالمه الواضحة “وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ” الرعد 7. ” يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ” الإسراء 71. ولا يخلو منه زمان (كلما مات رجل أبدل الله مكانه آخر) أخرجه أبو نعيم عن ابن عمر وهو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته وهذا ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وتعارف عليه السلف) إنتهى الإقتباس. وعلى النشرة رقم ( 13) التي تحمل عنوان ” تعالوا إلى كلمة سواء المسيح هو الحل” في صفحة (1) بالعنوان الجانبي ” البحث عن قائد ” أورد الاتي نصه:-

“…قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ) مسند احمد.

الحديث بيّن مراحل فترة نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم ثم بعده فترة خلافة الصحابة على منهاج النبوة، وإنقطعت هذه الخلافة بصنفين في الجبروت الملك العاض والملك الجبري، ثم يحدث بعث للخلافة الراشدة على منهاج النبوة. عن سفينة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكاً” رواه احمد وأبو داوود والنسائي والترمذي. وانتهت مع خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلى والحسن بن علي.

قال الدكتور محمد أحمد إسماعيل المقدم في كتابه (المهدي وفقه أشراط الساعة) في تعليقه على حديث سفينة بالهامش ص 180:

قال الإمام المحقق ابن القيم- رحمه الله تعالى: (والدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أوقع عليهم إسم الخلافة بمعنى الملك في غير خلافة النبوة) قوله في الحديث الصحيح من حديث الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة: (سيكون من بعدي خلفاء يعملون بما يعلمون ويفعلون ما يؤمرون وسيكون من بعدهم خلفاء يعملون بما لا يعلمون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن أنكر بَرِئ ومن أمْسَكَ سَلِمَ ولكن من رَضِيَ وتابع ).

إن الخلافة على منهاج النبوة إنتهت بالحسن بن علي رضي الله عنه وهم الفرقة الناجية ولا تكن الفرقة ناجية إلا أن تكون على منهاج النبوة فقد ذكر عبد المجيد البيانوني في كتابه (وجوب وحدة الأمة) ص 25-26: عن إبن تيمية في حديث الفرقة الناجية: “قالوا يا رسول الله: من الفرقة الناجية؟. قال: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي”.أهـ.

ولذلك جاء في حديث الزهري الإمساك عن الخلافة التي لا تكون علي منهاج النبوة والتبرىء من هؤلاء الخلفاء. وحديث احمد ذكر أن الخلافة علي منهاج النبوة عائدة لا محالة في قوله” ثم تكون خلافة علي منهاج النبوة ثم سكت”.

وبما أن الأحاديث يفسر بعضها بعضاً فإن الخلافة علي منهاج النبوة آخر الحديث تكون لعيسى ابن مريم.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خير هذه الأمة أولها وأخرها أولها فيهم رسول الله وأخرها فيهم عيسى ابن مريم وبين ذلك ثبج أعوج ليس منك ولست منهم” رواه أبو نعيم في الحلية.

 فالثبج الأعوج في هذا الحديث يفسر (الملك العاض والملك الجبري) في الحديث السابق، وبما أن الأمة تعيش الملك الجبري هذه الأيام كحقيقة واقعية في كل العالم العربي والإسلامي فإن الخلافة على منهاج النبوة على عقبه ستكون لعيسى ابن مريم بشرط الحديث(حديث الفتن) الآتي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ستكون بعدي فتن منها فتنة الأحلاس تكون فيها حرب وهرب ثم بعدها فتنة أشد منها ثم تكون فتنة كلما قيل انقطعت تمادت، حتى لا يبقى بيت إلا دخلته ولا مسلم إلا صكته حتى يخرج رجل من عترتي) الفتن لنعيم ابن حماد رقم 94.

يفسر العلماء هذا الرجل في الحديث بأنه المهدي الموعود المنتظر ولهذا الحديث صيغة أخرى برواية ثانية:”… فقال قائل يا رسول الله فما فتنة الأحلاس؟. قال: هي حرب وهرب، ثم فتنة السراء دخلها تحت قدمي رجل من أهل بيتي يزعم أنه منّي وليس منّي  إنما أوليائي المتقون ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع ثم فتنة الدهيماء لا تدع أحد من هذه الأمة إلا لطمته لطمة حتى إذا قيل إنقضت عادت حتى يصير الناس إلى فسطاطين فسطاط إيمان لا نفاق فيه وفسطاط نفاق لا إيمان فيه فإذا كان ذاكم فانتظروا الدجال من يومه أو غده” رواه أبو داؤود. وجاء وصف المهدي في هذا الحديث بـ(رجل من أهل بيتي يزعم أنه مني وليس منى) وهذه الصفة لا تكون إلا لعيسى ابن مريم بميلاده الثاني في آل البيت، لأن مثل عيسى عند الله كمثل آدم أي أنه ليس بضعة من أمه لا في ميلاده الأول ولا الثاني وهذا بتأكيد الرسول صلى الله عليه وسلم لنسبه ثم نفيه) إنتهى الإقتباس. جاء بالنشرة رقم ( 14) التي تحمل عنوان ” دور العلماء في إضلال الأمة” على صفحة (5) تحت عنوان جانبي:  فصل ثلة الإسـلام

قال تعالى: “وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ”الآية 7-11.

صنفت الآيات الأمة إلى ثلاث مراتب:

(1) أصحاب اليمين.    (2) أصحاب الشمال.      (3) السابقون.

ثم جاء التفصيل عن السابقين:

فقال تعالى: ” وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ ” الواقعة الآية 10-14.

وفي تفصيل أصحاب الميمنة قال تعالى:”إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا (37) لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ (38) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآَخِرِينَ” الواقعة الآية 35-40. وعن تفصيل أصحاب الشمال قال تعالى: ” وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (43) لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (44) إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (45) وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (46) وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (47) أَوَآَبَاؤُنَا الْأَوحَّلُونَ َ (48) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآَخِرِينَ (49) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ”الواقعة 41-50.

قوله: “إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآَخِرِينَ” من أصحاب الشمال يقابله ثلة الأولين وثلة الآخرين في أصحاب اليمين، وثلة الأولين وقليل من الآخرين في ثلة المقربين السابقين، وبذلك تكتمل الأزواج الثلاثة في أمة المسلمين لأن الآية صريحة في توجيه الخطاب للمسلمين في قوله”وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً” .

لقد فصّل القرآن ثلة الأولين المتمثلة في الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأجمل القول في ثلة الآخرين في قوله تعالى: “هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيـمُ” الجمعة الآية2-3.

فثلة الأولين هم الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المهاجرين والأنصار وثلة آخرين أجملها في قوله:”وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ” وجاء تفصيل ثلة الأولين وأجمل القول في ثلة الآخـرين أيضاً فقـال تعالى:”وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ” التوبة الآية 100. فالسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلة الأولين والذين إتبعوهم بإحسان هم ثلة الآخرين دل علي ذلك كلمة “الْأَوَّلِينَ” التي تقابلها كلمة “الْآَخِرِين”. وجاء دور السنة في تفصيل ثلة الآخرين فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” ليدركن المسيح أقواماً مثلكم أو خيراً منكم ثلاث مرات، لن يخزي الله أمةً أنا أولها وعيسى ابن مريم آخرها” أخرجه الحاكم.

يلاحظ أن الآيات السابقة في سور الواقعة والجمعة والتوبة سكتت عن وسط الأمة ما بين أول الأمة وآخرها ولكن جاء بيان ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم:”خير هذه الأمة أولها وآخرها، أولها فيهم رسول الله وآخرها فيهم عيسى ابن مريم وبين ذلك ثبج أعوج ليس منك ولست منهم” رواه أبو نعيم في الحلية.) إنتهى النقل والإقتباس. وعلى النشرة رقم (16) التي تحمل عنوان ” الميلاد الثاني لعيسى إبن مريم”  وعلى صفحة (1) أورد الأتي” .. قال تعالى “وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ”  (144) سورة آل عمران. الآية صريحة في أن الأمة الإسلامية سوف تضل بعد وفاة النبي الكريم إلا ان الله يتدارك هذه الأمة بالمهديين الوارد ذكرهم في قوله تعالى : “إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ” (7) سورة الرعد. لم يقصد بالآية الأنبياء من قبل وذلك لأن القرآن نسخ الشرائع قبله ولم يعترف بهداية أحد بعد بعثتة صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى:” وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ ” (85) سورة آل عمران. وفي الحديث الشريف : ( لو كان موسى حياً ما وسعه إلا إتباعي ).

وان الأقوام الوارد ذكرهم في هذه الآية إنما هم من هذه الأمة لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ليدركن المسيح أقواماً من هذه الأمة أنهم لمثلكم أو خيراً منكم ثلاث مرات ) رواه الحاكم. ولكل قوم من أقوام هذه الأمة (هاد) وهو مهدي كل زمان، ويكون بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم بالحديث الشريف:( فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ) رواه ابو داود. وان هؤلاء المهديين لم يقتصروا على (أبي بكر وعمر وعثمان وعلي) كما يظن من لا علم له إنما يبعثون تترا (ما مات منهم احد إلا أبدل الله مكانه آخر) حتى يكون آخرهم عيسى ابن مريم كما جاء في الحديث الشريف الصحيح الذي رواه احمد” يوشك من عاش منكم أن يلقى عيسى ابن مريم إماماً مهدياً “. والمهديون هم ورثة الأنبياء الذين يرثون العمل بالكتب المنزلة يقول تعالى:”ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ” (32) سورة فاطر. فهم أشخاص مخصوصون من هذه الأمة يكلفهم الله بالأمر المباشر .) إنتهى الإقتباس. وأورد من النشرة رقم (22) التي تحمل عنوان ” الخرطوم منارة الهدى تحمل أسم المسيح” بصفحة (17-22) . بالفصل الثاني الذي يحمل عنوان”

ارتـــداد الأمــة

“..جاءت السنة على منهاج القران في بيان أحداث الماضي والحاضر والمستقبل في الأحاديث التي أوردناها من قبل، لقد اخبر القران بان الأمة سوف ترتد عن الإسلام بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى:﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ﴾آل عمران الآية 144. فالأمة مرتدة لا محالة بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام وجاءت السنة لتؤكد ذلك

20/ عن عمر بن الخطاب قال:  اخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بلحيتي وأنا اعرف الحزن في وجهه فقال:  (إنا لله وإنا إليه راجعون اتاني جبريل آنفاً فقال:  إنا لله وإنا إليه راجعون فقلت اجل إنا لله وإنا إليه راجعون، فممّ ذلك يا جبريل ؟ فقال:  ان أمتك مفتتنة بعدك بدهر غير كثير فقلت:  فتنة كفر أم فتنة ضلال ؟ فقال كل سيكون فقلت ومن أين وأنا تارك فيهم كتاب الله ؟ قال:  فبكتاب الله يفتنون وذلك من قبل أمرائهم وقرائهم، يمنع الأمراء الناس الحقوق فيظلمون حقوقهم فلا يعطونها فيقتلوا ويفتنوا ويتبع القراء أهواء الأمراء فيمدونهم في الغيِّ ثم لا يقصرون…) رواه أبو نعيم.  التذكرة للقرطبي ص487.

إذاً الأمة سترتد ردة كفر وضلال سببه الأمراء والقراء وان ذلك لا محالة واقع ويعضد هذا المعنى حديث أبو نعيم عن حذيفة قال:  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 

21/ إذا داهنت قراؤكم أمراءكم وعظمتم صاحب الدنيا والمال مقتكم الله وسقطتم في عينه ).

لقد ذكر حديث عمر رضي الله عنه ان الفتنة فتنة كفر وضلال وانها بسبب القراء والأمراء وقد فاضت السنة بضلال الأمراء، روى مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم:

22/ (يخرج قوم من أمتي يقرأون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيئ ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيئ ولا صيامكم إلى صيامهم بشيئ، يقرأون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم لا تجاوز صلاتهم تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية).

عدم معرفة الإمام يخرج المرء من الإسلام فمع القراءة المجودّة والخشوع في الصلاة والصيام بلا رفث يخرج ويمرق صاحبه من الإسلام.  ويعزز خروج القراء والفقهاء من الإسلام مع تعمير المساجد بالصلاة والقيام حديث عبد الله بن عمر قال:  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

23/ (سيأتي على الناس زمان ما يبقى من القرآن إلا رسمه ولا من الإسلام إلا اسمه، يتسمون به وهم ابعد الناس منه مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء منهم خرجت الفتنة واليهم تعود ) أخرجه الحاكم.

قوله منهم خرجت الفتنة واليهم تعود تفسير لفتنة الكفر والضلال في حديث عمر بن الخطاب فالفقهاء هم سبب كفر وضلال هذه الأمة مع تعميرهم المساجد بالصلاة وإقامة صلاة الجمعة ومع ذلك خراب من الهدى دليل على مخالفتهم لمهدي زمانهم الذي لا يخلو الزمان منه ـ واتبعوا أمراءهم الذين يحاربون المهدي حفاظاً على كراسي الحكم فيمدونهم في الغيّ ثم لا يقصرون.

وقد يجادل مجادل ويقول:  الردة تعني الكفر بالله ومن نطق بالشهادتين لا ينطبق عليه شرط الردة ومن قال لا اله إلا الله دخل الجنة.

أقول:  ان لفظة التوحيد لها شروط قبول

24/ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(أمرت ان أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله إلا الله فان قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها) متفق عليه.

وان من شروط قبولها ما رواه البزار من حديث انس بن مالك قال:  قال:  رسول الله صلى الله عليه وسلم:

25/ (لا اله إلا الله تمنع من سخط الله مالم يؤثروا صفقة دنياهم على دينهم فان فعلوا ذلك ثم قالوا لا اله إلا الله قال الله كذبتم).

فهذا دليل ان كلمة (لا اله إلا الله لا تعفي عن إتباع مهدي كل زمان وصاحب الوقت كما جاء في الحديث: (ومن مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميته جاهلية ـ وميته الجاهلية هي الخروج عن الإسلام في الأحاديث السابقة مع تعمير المساجد بإقامة الصلوات وتلاوة القرآن وأداء شعائر العبادات من صوم وحج وصلاة وزكاة على أكمل وجه والسبب في ذلك فقط هو عدم معرفة صاحب الوقت ومبايعة غيره من جبابرة الأرض باعتبار انهم هم أولياء أمور المسلمين الذين أمر الله بطاعتهم خلافاً لأمر الله وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد رُوِيَّ عن حذيفة بن اليمان انه كان يقول:

26/ (كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت اسأله عن الشر مخافة ان يدركني فقلت يا رسول الله:

(إنّا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر ؟

قال:  نعم

قلت:  وهل بعد ذلك الشر من خير ؟

قال نعم، وفيه دخن.

قلت:  وما دخنه ؟

قال:  قوم يهدون بغير هَدْيِ تعرف منهم وتنكر.

قلت:  فهل بعد ذلك الخير من شر ؟

قال:  نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها.

قلت:  يا رسول الله صفهم لنا ؟

قال:  هم من جلدتنا ويتكلمون بالسنتنا.

فقلت:  فما تأمرني ان أدركني ذلك ؟

قال:  تلزم جماعة المسلمين وإمامهم.

قلت:  فإن لم يكن لهم إمام ولا جماعة ؟

قال:  فاعتزل تلك الفرق كلها ولو ان تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك).  متفق عليه والرواية للبخاري.

هذا الحديث يبين لنا سلوك الأمة منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة فتحدث عن جاهلية وشر قبل البعثة ثم خير متمثل في خلافة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثم شر أي ردة إلى الجاهلية مرة أخرى ثم يأتي بعدها خير أي خلافة تعيد الأمة على منهاج النبوة ولكن ينازع هذا الخليفة دعاة الضلالة من الحكام وعلماء السوء الذين ينحازون إلى الحكام في معاداتهم لهذا الخليفة الذي يجدد الدين كما كان عليه النبي صلى الله وسلم وأصحابه (فيمدونهم في الغيِّ) كتب هشام كمال عبد الحميد في كتابه (الحرب العالمية القادمة) تحت عنوان (ظهور الحكم الجبري العسكري في الدول الإسلامية):

27/ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(تكون النبوة فيكم ما شاء الله ان تكون ثم يرفعها إذا شاء ان يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله ان تكون ثم يرفعها إذا شاء الله ان يرفعها،ثم تكون ملكاً عاضاً فيكون ما شاء الله ان يكون ثم يرفعها إذا شاء ان يرفعها، ثم تكون ملكاً جبرية فتكون ما شاء الله ان تكون ثم يرفعها إذا شاء ان يرفعها،ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت ) رواه احمد وصححه الألباني.

يقول هشام: ومعنى الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم يشير إلى ان أول فترة حكم هذه الأمة سيبدأ بحكمه، ثم يرفع الله هذه الفترة بموته، وقد حدث هذا، ثم يأتي بعده فترة حكم بالخلافة وتسير هذه الخلافة على منهاج النبوة ثم يرفعها الله، وقد حدث هذا في الخلفاء الأربعة:  ابوبكر وعمر وعثمان وعلي كرم الله وجهه ثم يأتي بعد هذه الخلافة فترة حكم ملكي متوارث يورَّث فيها كل ملك ابنه أو أخوه أو أحفاده، أو أقاربه، وقد حدث هذا أثناء فترة الحكم الأموي والعباسي والعثماني، فهذه الفترات مثلت فترة الحكم العاض (المتوارث) ومازال في بعض دولنا الإسلامية بقايا من هذا النوع من الحكم.

ثم أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ظهور الحكم الجبري بعد ذلك، وهو الحكم العسكري القهري الديكتاتوري، وهو منتشر في كثير من البلاد الإسلامية، وسيرفع الله هذا البلاء عن هذه الأمة في وقت قريب ان شاء الله تعالى، كما أكد ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه السابق، وينعم الله عليهم بعودة الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة مرة ثانية وذلك بعد ان يظهر في هذه الأمة المهدي المنتظر الذي سيوحدهم ويقود بهم الملحمة الكبرى، كما أشارت إلى ذلك أحاديث أخرى.  وهذا الحكم العسكري الديكتاتوري الذي تعيشه بعض الدول الإسلامية في زماننا هذا علامة من العلامات التي ستقع قبل خروج المهدي المنتظر وقبل وقوع الملحمة الكبرى ) المصدر: الحرب العالمية القادمة لهشام كمال عبد الحميد ص54.

وحددت السنة ان فترة الخلافة على منهاج النبوة بثلاثين عاماً فقد روى عن سفينة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

28/ (الخلافة بعدي ثلاثون عاماً ثم تكون ملكاً) رواه احمد وأبو داود والنسائي والترمذي.

قال ابن كثير في البداية والنهاية صفحة (9): (وقد اشتملت هذه الثلاثون على خلافة أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان الشهيد وعلي بن أبي طالب الشهيد ايضاً وكان ختامها وتمامها بستة اشهر وليها الحسن بن علي بعد بيعة أبيه وعند تمام الثلاثين نزل عن الأمر لمعاوية بن أبي سفيان ) اهـ. 

أقول:  لقد غير معاوية سنة النبي صلى الله عليه وسلم المتمثلة في الخلافة على منهاج النبوة وبدأ عهد الملك العاض فكان أول محدث بدعة غير بها سنة النبي صلى الله عليه وسلم ومنهاج تشريع الدين في الخلافة.

29/ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  (لا يزال هذا الأمر قائماً بالقسط حتى يكون أول من يثلمه رجل من بني أمية) أخرجه أبو يعلي ـ الفتن لنعيم حديث رقم 823. الحديث ضعيف إلا انه يتقوى بحديث سفينة قبله والحديث آلاتي بعده

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

30/ (أول من يغير سنتي رجل من بني أمية ) أخرجه ابن أبي عاصم وحسنه الألباني، راجع الدجال لسعيد أيوب بالهامش صفحة 171.

وبعد الفاصل الذي ترتد فيه الأمة إلى شر الجاهلية كما جاء في الحديث رقم (26) والذي بينها الحديث رقم (27) بأنها فترة الحكم الممتد من عهد معاوية ويشمل الخلافة الأموية والعباسية بعدها إلى العهد التركي وصولاًً إلى الحكم العسكري الحاضر كل هذا الحكم بنصوص السنة هي فترة ارتداد الأمة إلى الجاهلية الأولى وذكر الحديثين (26) و(27) رجوع الأمة إلى الإسلام بظهور خليفة راشد يخرج الأمة من ردة الجاهلية القائمة الآن هو المهدي المنتظر وجاء القرآن ليعزز هذا وليؤكده فقال عزّ وجلّ:

﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ﴾ الواقعة 10ـ14.

تكلمت الآية عن ثلة السابقين الأولين على عهد الخلافة الراشدة على منهاج النبوة وهى فرقة الجنة وحددت السنة فترتها الزمنية في حديث سفينة بثلاثين عاماً مما يعني بعد ذلك كانت فرق النار كما جاء في أحاديث افتراق الأمة.

وانه سيأتي بعد ذلك الإمام المهدي ليوحد المسلمين ويعيد الخلافة على منهاج النبوة ليعيد الأمة إلى الإسلام بعد الضلال والكفر الذي مرت به خلال فترة الملك العضوض والجبري الذي تعيشه الأمة اليوم، ليلحق آخر الأمة بأولها كما نصّ عليه القران قال عزّ وجلّ:

﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ التوبة الآية 100.

وقال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾الجمعة 2ـ3.

وبين الرسول صلى الله عليه وسلم ما جاء في الآيات السابقة فقد روى ابن كثير في تفسيره عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزلت إذا وقعت الواقعة ذكر فيها ثلة من الأولين وقليل من الآخرين قال عمر يا رسول الله ثلة من الأولين وقليل منا ؟ قال فامسك آخر السورة سنة ثم نزل (ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

31/ (يا عمر تعال فاسمع ما قد انزل الله (ثلة من الأولين وثلة من الآخرين) ألا من ادم اليّ ثلة وأمتي ثلة ولن نستكمل ثلتنا حتى نستعين بالسودان من رعاة الإبل ممن شهد ان لا اله إلا الله وحده لا شريك له) تفسير ابن كثير ج4.

وذكر السودان في أسباب نزول ثلة من الآخرين لها دلالتها وخصوصيتها على انه من السودان يخرج مهدي آخر الزمان وهو الذي يعيد الخلافة على منهاج النبوة فأصحابه مثل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

32/ (إذا ظهرت فيكم السكرتان سكرة الجهل وسكرة حب العيش وجاهدوا في غير سبيل الله فالقائمون يومئذ بكتاب الله سراً وعلانية كالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ) الغماري في مطابقة الاختراعات وعزاه لنعيم في الفتن.

قوله:  (وجاهدوا في غير سبيل الله) دليل على إعلان الحكام العسكريين للجهاد في عهد الملك الجبري فهو جهاد في غير سبيل الله لان الذي يعلن الجهاد في سبيل الله هو خليفة الله في الأرض وصاحب الوقت إلا ان هذا الحديث يشير إلى إعلان الإنقاذ للجهاد المقدس في حرب الجنوب واليمن) إنتهى الإقتباس.وعلى النشرة رقم (38 ) تحت عنوان ” الإنقاذ والخليفة الاخير ” بصفحة (7) ” بالفصل الثاني تحت عنوان:-مروق الأمة وخروجها عن الإسلام”

“..قال البخاري: حدثنا محمد بن المثني. حدثنا الوليد بن مسلم: حدثنا الوليد بن جابر: حدثني بُسْرُ بن عبيد الله الحضرمي: أنه سمع أبا إدريس الخَولاني: أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت: يا رسول الله إنا كنّا في جاهلية وشر وجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: (نعم)

قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: (نعم وفيه دخن)

قلت: وما دخنه؟ قال: (قوم يهدون بغير هدْيي تعرف منهم وتنكر)

قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: (نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها)

قلت: يا رسول الله صفهم لنا. قال: (هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا)

قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: (تلزم جماعة المسلمين وإمامهم)

قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: (فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك)

رواه البخاري حديث رقم (7084)  ومسلم حديث رقم (1847).

هذا الحديث يؤكد أن الأمة ستخرج من الإسلام إلى الجاهلية بعد وفاة الرسول صلي الله عليه  سلم كما نص على ذلك قوله عز وجل “وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ” (144) سورة آل عمران. فالأمة في مجملها انقلبت على أعقابها بإتباع هدى أئمة الضلالة ولكن بقيت فئة قليلة متمسكة بهدى النبي صلى الله عليه وسلم ومنهج الخلافة متبعة لكل خليفة لله يعلن عن نفسه “إن لقيت لله يومئذ خليفة في الأرض فألزمه إن ضُرِبَ ظهرك وأُخذ مالك وإلاّ فأهرب في الأرض حتى يأتيك الموت وأنت عاض على أصل شجرة”. الفتن لنعيم بن حماد حديث رقم (353) وروى البخاري ومسلم مثله.

6647 حدثنا إسماعيل: حدثني ابن وهب، عن عمرو، عن بكير، عن بسر بن سعيد، عن جنادة بن أبي أمية قال: دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض، قلنا: أصلحك الله، حدَّث بحديث ينفعك الله به، سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم، قال: دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فقال فيما أخذ علينا: أن بايعنا على السمع والطاعة، في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفرا بواحاً، عندكم من الله فيه برهان. رواه البخاري وبرهان كفرهم من الله قوله عز وجل “ومن لم يحكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ” (44) سورة المائدة.

فحكام اليوم لا يحكمون بما أنزل الله وهذا كفر بواح ملزم الخروج عن اعتمادهم كأولياء أمور لهذه الأمة قال البخاري: حدثنا محمد بن المثني. حدثنا الوليد بن مسلم: حدثنا الوليد بن جابر: حدثني بُسْرُ بن عبيد الله الحضرمي: أنه سمع أبا إدريس الخَولاني: أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت: يا رسول الله إنا كنّا في جاهلية وشر وجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: (نعم)

قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: (نعم وفيه دخن)

قلت: وما دخنه؟ قال: (قوم يهدون بغير هدْيي تعرف منهم وتنكر)

قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: (نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها)

قلت: يا رسول الله صفهم لنا. قال: (هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا)

قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: (تلزم جماعة المسلمين وإمامهم)

قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: (فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك)

رواه البخاري حديث رقم (7084)  ومسلم حديث رقم (1847).

هذا الحديث يؤكد أن الأمة ستخرج من الإسلام إلى الجاهلية بعد وفاة الرسول صلي الله عليه  سلم كما نص على ذلك قوله عز وجل “وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ” (144) سورة آل عمران. فالأمة في مجملها انقلبت على أعقابها بإتباع هدى أئمة الضلالة ولكن بقيت فئة قليلة متمسكة بهدى النبي صلى الله عليه وسلم ومنهج الخلافة متبعة لكل خليفة لله يعلن عن نفسه “إن لقيت لله يومئذ خليفة في الأرض فألزمه إن ضُرِبَ ظهرك وأُخذ مالك وإلاّ فأهرب في الأرض حتى يأتيك الموت وأنت عاض على أصل شجرة”. الفتن لنعيم بن حماد حديث رقم (353) وروى البخاري ومسلم مثله.

-6647 حدثنا إسماعيل: حدثني ابن وهب، عن عمرو، عن بكير، عن بسر بن سعيد، عن جنادة بن أبي أمية قال: دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض، قلنا: أصلحك الله، حدَّث بحديث ينفعك الله به، سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم، قال: دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فقال فيما أخذ علينا: أن بايعنا على السمع والطاعة، في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفرا بواحاً، عندكم من الله فيه برهان. رواه البخاري وبرهان كفرهم من الله قوله عز وجل “ومن لم يحكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ” (44) سورة المائدة.فحكام اليوم لا يحكمون بما أنزل الله وهذا كفر بواح ملزم الخروج عن اعتمادهم كأولياء أمور لهذه الأمة) إنتهى الإقتباس والنقل.  وفي النشرة رقم (41 )  بعنوان تأكيد الشرع على سليمان أبي القاسم موسى أنه المسيح  ” في الفصل الثاني بصفحة (6-9)  تحت عنوان ” عدم الإيمان بالخليفة ردة في الدين وخروج عن الإسلام “

“…قال تعالى: “وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ” آل عمران (144).

يعتقد معظم المفسرين وعلماء الأمة أن هذه الآية هي أنباء عن مانعي الزكاة في عهد أبي بكر الصديق ورِدتهم كانت في الخلاف على أداء الزكاة لأبي بكر لاختلافهم معه لعدم قناعتهم بخلافته.

قال ابن كثير في تفسيره للآية “خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” التوبة (103). أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يأخذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها، وهذا عام وإن أعاد بعضهم الضمير في (أَمْوَالِهِمْ) إلى الذين اعترفوا بذنوبهم وخلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً ولهذا اعتقد بعض مانعي الزكاة من أحياء العرب أن دفع الزكاة إلى الإمام لا يكون، وإنما كان هذا خاصاً بالرسول صلى الله عليه وسلم لهذا احتجوا بقوله تعالى “خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً” أهـ.فرِدة الأمة مشروعة بوفاته صلى الله عليه وسلم وقد كانت فوقعت الرِدة كجواب شرط لموته. 

وعن علي بن أبي طالب إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “يخرج قوم من أمتي يقراءون القرآن ليس قراءتكم إلى  قراءتهم بشيء ولا صلاتكم إلى  صلاتهم بشيء ولا صيامكم إلى  صيامهم بشيء يقراءون القرآن ويحسبون أنه لهم وهو عليهم لا تجاوز صلاتهم تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّمية” رواة مسلم برقم (1066).

يرى المفسرون أن ذلك الحديث صدق في الخوارج وسبب خروجهم ومروقهم من الإسلام مع توحيدهم وإحسانهم للعبادة هو مخالفة الخليفة.

فالرِدة عن الإسلام والخروج عنه في الحديث ليس خاصاً بل هو عام في كل من انطبقت عليه شروط الرِدة الواردة فيه وهي مخالفة إمام زمانه كما جاء في الحديث (خلفاء فيكثرون) و (فوا ببيعة الأول فالأول) فإن اقتصار الخلافة على بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تشفع لهم بعد موته لأن الله سيبعث خليفة بعد وفاته مباشرة فقد جاء عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أنكم محشورون حفاة عراة غرلاً، ثم قرأ: “كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ” وأن أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم وأن أناساً من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: أصحابي: أصحابي فيقول: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم فأقول: كما قال العبد الصالح “وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ”. أخرجه البخاري برقم (3349). ومسلم برقم (2860).

فأسباب رِدة الصحابة هي اكتفاءهم ببيعته صلى الله عليه وسلم وعدم مبايعة من خلفه من الأئمة عن عبد الله بن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من خلع يداً من طاعة لقى الله يوم القيامة لا حجه له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية” أخرجه مسلم حديث رقم (1851).

فالبيعة والطاعة هنا للخليفة الذي يبعثه الله وليس الذي يفرض نفسه بقوة السلاح أو بولاية العهد أو الانتخاب الجماهيري فإن بيعة أمثال هؤلاء هي الردة إلى الجاهلية بعد نعمة الإسلام كما جاء في حديث حذيفة بن اليمان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها. ثم تكون مُلكاً عاضاً فيكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها. ثم تكون مُلكاً جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها. ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت”. رواه أحمد وصححه الألباني.

هذا الحديث يبطل بيعة كل الذين يدعون الخلافة الإسلامية زوراً بحد السيف والتي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالملك العضود وأخرى بالجبرية. وخلافة الله غير ذلك وإنما تكون على منهاج النبوة أي أن الخليفة يبعثه الله من عنده كما جاء في الحديث عن حذيفة ابن اليمان قال: “كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أساله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر ؟.

قال: نعم.

قلت: وهل بعد هذا الشر من خير ؟.

قال: نعم وفيه دخن.

قلت: وما دخنه؟.

قال: قوم يهدون بغير هدي تعرف منهم وتنكر .

قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟.

قال: نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها.

قلت: يا رسول الله صفهم لنا؟.

قال: هم من جلدتنا و يتكلمون بألسنتنا.

قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟.

قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم.

قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ؟.

قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك”أخرجه البخاري برقم (3606) واللفظ له وأخرجه مسلم برقم (1847).

الأحاديث السابقة كلها صحيحة ومروية عن جملة من أجلّاء الصحابة هم علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وحذيفة بن اليمان وكلها تؤكد على مضمون واحد هو خروج الأمة عن الإسلام بسبب مخالفة الخليفة الإمام ولكل زمان إمامه وإمام هذا الزمان هو سليمان أبو القاسم موسى فقد لخصت آية واحدة محكمة في القرآن معاني الأحاديث آنفة الذكر هي قوله عز وجل: “وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا” الأحزاب (67).

فالسادات والكبراء هم أصحاب المُلك العضود والملك الجبري وهداة يقولون قال الله تعالى وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتصدوا للخليفة المبعوث من قبل الله فحق عليهم قوله عز وجل: “وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُم مُّهْتَدُونَ * وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلاَ يُنقِذُونِ” يس (20 -23).

هؤلاء الموحدون الذين قالوا “وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ” يس (15). وكذبوا المرسلين “إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ” يس (15). ألهوا أنفسهم لأنهم نصبوا خلفاء لله من عند أنفسهم – أي قاموا مقام الله الذي يختار خليفته في الأرض. وهو معنى “أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً” وهو حال هذه الأمة التي أخذت في تنصيب الملوك والرؤساء بالملك العضود والجبري وأطاعوا سادتهم وكبراءهم فاتخذوهم آلهة على سنن اليهود والنصارى قال تعالى: “سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً” الإسراء (77). أي في مستقبل تعامل هذه الأمة الإسلامية مع الخلفاء من بعدك. فقد جاء في الحديث عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا في جحر ضب لاتبعتموهم قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟” أخرجه مسلم واللفظ له برقم (2669) والبخاري برقم (7320).

وهذه الأدلة كلها تؤكد أن الآيتين “اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ” الفاتحة (6 -7). تشير إلى  إتباع الخلفاء من هذه الأمة خاصة وأن قوله عز وجل: “غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ”  المراد بهم الذين يتبعون سنن اليهود والنصارى من هذه الأمة خاصة الذين يخالفون ويكذبون كل خليفة في هذه الأمة أعلن للناس بأنه مبعوث من قِبل الله بالتكليف المباشر على سنن الخلافة في عهد النبوة. وهو مراد الحديث (خلافة على منهاج النبوة) وحق على من خالفه قوله عز وجل: “اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ” التوبة (31). فالأحبار هم علماء هذه الأمة والرهبان أتباع الطرق الصوفية اليوم مثل أتباع القادرية والسمانية والتجانية والشاذلية على سبيل المثال لا الحصر فكل هؤلاء ضلوا وأضلوا الأمة عن (الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ). والسبب في هذا الضلال هو عدم معرفة واتباع خليفة الله ولذلك وجب تعريفه بتحديد شخصيته. إنتهى الإقتباس

” دولة الإسلام المدنية”  تحت عنوان جانبي  يحمل “كيف يتم إختيار الخليفة ” صفحة (7-14) الفصل الثاني:-

كيف يتم اختيار الخليفة

قال الدكتور محمد عماره في كتابه (إحياء الخلافة الإسلامية- حقيقة أم خيال):

(يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن بني إسرائيل كانت تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وإنه لا نبي بعدي وأنه سيكون خلفاء” رواه البخاري وابن ماجة والإمام أحمد.

وفي هذا الحديث النبوي الشريف نبوءة نبوية… وتوجيه نبوي بتميز السياسة في الدولة الإسلامية عنها في مواريث الأمم السابقة على أمة الإسلام… فقبل الإسلام كان السائد في طبيعة السلطة بمختلف الدول- عبر التاريخ والحضارات- هو (السلطة الدينية) التي تمزج وتوحد بين الدين والدولة، وتجعل سلطان الحاكم السياسي ديناً خالصاً، وشأناً من شئون السماء، الأمر الذي كان يعوق، بل يلغي سلطة البشر وسلطان الأمم والشعوب في تلك الأمم والحضارات.

ساد هذا في الكسروية الفارسية، عندما كان كسرى يحكم كإله أو إبن إله، فكان قانونه قانوناً إلهياً، لا حق لأحد في الاعتراض عليه أو المراجعة فيه. وساد هذا – كذلك- في القيصرية الرومانية- في عهد وثنيتها- عندما كان قيصر إلهاً- وفي عهد نصرانيتها- عندما كان البابوات يتوجون القياصرة والأباطرة تتويجاً دينياً- في الكنائس والكاتيدرائيات- فيمنحونهم سلطات الدين واللاهوت والكهنوت… بل وساد ذلك- أيضاً- تحت حكم البابوات، عندما جمعوا السلطة الزمنية- سلطة الدولة- إلى سلطتهم الحَبُرية الكهنوتية، فكانوا (بابوات- أباطرة) في ذات الوقت.

وقبل كل ذلك، سادت هذه الفلسفة –  في طبيعة سلطة الدولة – في الفرعونية القديمة، عندما كان الفرعون إلهاً أو ابن إله، يقول للناس “أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى” (24) سورة النازعات. “مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي” (38) سورة القصص… “مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ” (29) سورة غافر.

وفي ظل كل هذه الدول، لم تكن الأمم والشعوب مصدراً لأي سلطة أو سلطان… كانت (دولاً دينية)- بالمعنى الكهنوتي لهذا الاصطلاح.وحتى (الديمقراطية) التي عرفتها دولة مدينة (أثينا) في التاريخ الأغريقي، والتي قالوا إن الحكم فيها كان للشعب بالشعب، فإن السلطة فيها كانت جميعها احتكاراً للقلة القليلة من السادة المُلاّك الفرسان الأشراف الأحرار، ولم يكن لجمهور الناس، من الفقراء أو العامة أو الأرقاء أي حظ- في هذه الدولة (الديمقراطية) من السلطة والسلطان. وعندما جاءت العلمانية الغربية- مع النهضة الأوربية الحديثة، وفلسفة الأنوار الوضعية- فاختلعت هذه الفلسفة الكهنوتية والسلطة الدينية من أساسها، وأحلت سلطة الشعب محل اللاهوت، وجعلت الإنسان سيداً للكون، بدلاً من الله، فإن آحادية مصدر السلطة وطبيعتها قد ظلت هي السائدة في هذه الدولة العلمانية.ففي (الدولة الدينية) كان هناك (لاهوت- وسماء) وحكومة تحكم بالحق الإلهي، وباسم السماء، ولا وجود لسلطة الأمة والشعب.وفي (الدولة العلمانية) أصبح هناك أمة وشعب، وحكومة تحكم باسم الأمة والشعب، ولا وجود لسلطان الحاكمية الإلهية والشريعة الدينية في تدبير سياسة هذه الدولة العلمانية ومجتمعاتها. ومن هنا جاء امتياز نظام الخلافة الإسلامية وتميّز فلسفة الحكم فيه عن جميع تلك الدول التي سادت عبر التاريخ الذي سبق أو غاير تاريخ الإسلام.

فالخلافة الإسلامية ليست دولة دينية، تلغي سلطة الأمة، وإنما هي دولة مدنية، تختارها الأمة، تفوضها، تراقبها، وتحاسبها وتعزلها عند الاقتضاء… وهي- دولة الخلافة- تصنع سلطة الأمة في إطار سيادة الشريعة الإلهية، فتكون الأمة فيها مصدر السلطات، بشرط أن لا تجاوز سلطات الأمة فيها حدود الحلال والحرام التي تقررت في شريعة الله، لأن الإنسان والأمة في الرؤية الإسلامية الكونية: خليفة لله، ونائب ووكيل، وليس سيد الكون وإنما هو سيد فيه.

وبهذا جمعت الخلافة الإسلامية، لأول مرة في تاريخ فلسفة الحكم، بين سادة الحاكمية الإلهية، وبين سلطة الأمة، فكانت (الدولة) فيها مفوضة من الأمة، لا نائبة عن السماء، ومسئولة أمام الأمة، لا معصومة، فعّالة لما تريد، دون أن تسأل عما تفعل، وكانت دولة الخلافة مع أمتها مستخلفة لله- سبحانه وتعالى- وملتزمة بإقامة الشريعة الإلهية، التي هي بنود عقد وعهد الاستخلاف، فالدولة- هنا- ليست سلطة دينية خالصة ولا هي متحررة من الشريعة الدينية، وإنما هي الدولة التي تحرس الدين، وتسوس المجتمع بهذا الدين، مع استمداد سلطانها من الأمة، وليس من الله والدين وهي وإن تولت شئوناً دينية مع الشئون المدنية والدنيوية فإن سلطتها ليست دينية بالمعنى الكهنوتي لهذا الاصطلاح” انتهى الاقتباس.

الآراء السابقة- وأعني قول رشا وأحمد هلال الهاشمي والدكتور محمد عماره- تمثل فكر التجديد الإسلامي لمفكري وعلماء هذا العصر ممثلاً بصورة عامة في الحركات الإسلامية من أفغانستان إلى المغرب.

وهناك في المقابل تيار سلفي يتحصن بالفكر السلفي الموروث الذي استنبطه فكر علماء السلف من نصوص القرآن والسنة تمسك به الخلف واعتبره جزءاً لا يتجزأ من أصليّ التشريع الإسلامي (القرآن الكريم والسنة النبوية) أو قل أصلاً ثالثاً من أصول التشريع.   

أورد الشيخ الدكتور محمد بن عمر بن سالم بازمول في تاليفه (الجماعة والإمامة) تحت عنوان: (منهج السلف في الجماعة):

” تكلم بعض الناس من منظور حزبي محض، في تحديد الجماعة المرادة في الحديث، فجاء بتعريف وتحديد للجماعة يتنافى مع المقصود حتى أصبح سَعْيُ كثير منهم للجماعة ولزومها، السبب الرئيسي في مفارقتهم للجماعة، والمروق منها…

والناظر يجد في تحديد الجماعة ثلاثة مذاهب وهي التالية:

المذهب الأول في تحديد الجماعة:

الجماعة هي التي اتفقت آراء جميع المسلمين فيها على إمام واحد بعقد وبيعة…

فهذه هي التي يحرم الخروج عليها، وهي التي قال الرسول صلى الله عليه وسلم فيها لحذيفة رضي الله عنه: ” تلزم جماعة المسلمين وإمامهم…” الحديث.

وقالوا: (يجب على المسلمين السعي لإيجاد هذه الجماعة وتنصيب الإمام المتفق على بيعته).

المذهب الثاني في تحديد الجماعة:

إنها الجماعات الإسلامية القائمة الآن المعروفة بأسمائها وقادتها ونظمها وأعضائها.

قلت: يعني كالإخوان المسلمين، وجماعة التبليغ، وحزب التحرير وغيرها…

قالوا: لأنها كلها ليست إلاّ وسائل للدعوة جائزة.

وقالوا: إنه لا يضير المسلم أن يختار من هذه الجماعات- التي ليست إلاّ وسيلة للدعوة- جماعة، يراها أقرب إلى الحق والصواب، وهذا المذهب في حقيقته نتاج المذهب الأول، لأن أصحابه يريدون بهذه الجماعات أنها تحقق الطريق إلى الجماعة الأم بزعمهم.

المذهب الثالث في تحديد الجماعة:

هم القوم المجتمعون على الاستمساك بالكتاب والسنة الذين يؤثرون كلام الله تعالى على كلام كل أحد، ويقدمون هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم على هدي كل أحد، فالمستمسك بالكتاب والسنة، وعقد الاجتماع والعهد على ذلك، والوفاء به، وعدم نقضه، يفيد الاجتماع والائتلاف، اكتمال القوة واستحكامها، فلا تتناقض.

فالجماعة هنا هم المجتمعون على الحق، وإن كانوا قليلاً، وكان المخالف لهم كثيراً، فإن يد الله معهم، لأن الحق هو الذي كانت عليه الجماعة الأولى من عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا نظر إلى كثرة أهل الباطل من بعدهم.

عن عمرو بن جمعون الأودي قال: قدم علينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوقع حبه في قلبي فلزمته حتى واريته في التراب بالشام، ثم لزمت أفقه الناس بعده عبد الله بن مسعود فذكر يوماً عنده تأخير الصلاة عن وقتها فقال:

“صلوا في بيوتكم واجعلوا صلاتكم معهم سُبحة، فقلت له: وكيف لنا بالجماعة؟ فقال لي: ” يا عمرو بن ميمون إن جمهور الجماعة هي تفارق الجماعة، إنما الجماعة ما وافق طاعة الله وإن كنت وحدك”.

قال أبو شامة رحمه الله: “وحيث جاء الأمر بلزوم الجماعة فالمراد به لزوم الحق وإتباعه وإن كان المتمسك به قليلاً والمخالف كثيراً، لأن الحق الذي كانت عليه الجماعة الأولى من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ولا ينظر إلى كثرة أهل الباطل”.

وقال اسحق بن راهويه رحمه الله: “لو سألت الجهال عن السواد الأعظم لقالوا: جماعة الناس، ولا يعلمون أن الجماعة عالم متمسك بأثر النبي صلى الله عليه وسلم وطريقه ومن كان معه وتبعه فهو الجماعة”.

وقال الشاطبي رحمه الله: “فانظر حكايته تتبيّن غلط من ظن أن الجماعة هي جماعة الناس وإن لم يكن فيهم عالم، وهو فَهْمُ العوام لا فَهْم العلماء…”.

وقال ابن القيِّم رحمه الله: “وكان محمد بن أسلم الطوسي الإمام المتفق على إمامته مع رتبته أتبع الناس للسنة في زمانه حتى قال: “ما بلغني سُنة عن رسول الله إلاّ عملت بها ولقد حرصت على أن أطوف بالبيت راكباً فما مكنت من ذلك”. فسُئل بعض أهل العلم في زمانه عن السواد الأعظم الذي جاء فيهم الحديث: “إذا اختلف الناس فعليكم بالسواد الأعظم، وصدق والله، فإن العصر إذا كان فيه عارف بالسنة داع إليها فهو الحجة وهو الإجماع وهو السواد الأعظم وهو سبيل المؤمنين التي من فارقها واتبع سواها ولاّه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيراً” (إغاثة اللهفان 1/70).

وقال أيضاً رحمه الله: “وأعلم ان الإجماع والحجة والسواد الأعظم هو العالم صاحب الحق وإن كان وحده وإن خالفه أهل الأرض… وقد شذ الناس كلهم زمن أحمد بن حنبل إلاَّ نفراً يسيراً فكانوا هم الجماعة وكانت القضاة حينئذ والمفتون والخليفة وأتباعه كلهم هم الشاذون، وكان الإمام أحمد وحده هو الجماعة، ولما لم يتحمل هذا عقول الناس قالوا للخليفة:

“يا أمير المؤمنين أتكون أنت وقضاتك والفقهاء والمفتون كلهم على باطل وأحمد وحده هو على الحق؟ فلم يتسع علمهم لذلك فأخذه بالسياط والعقوبة بعد الحبس الطويل…”أهـ.

أقف في هذا الفصل على قول الدكتور محمد عماره (فالخلافة الإسلامية ليست دولة دينية تلغى سلطة الأمة.. وإنما هي دولة مدنية تختارها الأمة..)

وقول ابن القيم كما نقله الدكتور محمد بن عمر “إن الإجماع والحجة والسواد الأعظم هو العالم صاحب الحق وإن كان وحده وإن خالفه أهل الأرض”. فالتعارض وأضح بين الرأيين وللإجابة عليهما بمنهج القرآن الكريم والسنة المطهرة يكون بالرجوع إلى مآل الأمة يوم القيامة الذي أحكمته وبينته وفصلته سورة الواقعة قال تعالى:  “إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ * خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ * إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَكَانَتْ هَبَاء مُّنبَثًّا * وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ ” (1-14) سورة الواقعة.

فالسابقون زوجان (ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ) وتقابلها ثلة قليلة من الآخرين هي زوج ثلة الأولين.

وقال تعالى: “وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ * فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ * وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ  * وَمَاء مَّسْكُوبٍ * وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ * وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ * إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا * لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ * ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِّنَ الْآخِرِينَ” (27-40) سورة الواقعة.

وأصحاب اليمين في هذه الأمة زوجان (ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ) يقابلها زوجها (وَثُلَّةٌ مِّنَ الْآخِرِينَ) فتكون مع ثلة السابقين زوجان وزوجها الثالث هم أصحاب الشمال قال تعالى: “وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ * لَّا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ * إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ * وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ * وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَ آبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ * قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ” (41-50) سورة الواقعة.

فأصحاب الشمال (أولون وآخرون) وبهذا تكون حصيلة عمل هذه الأمة في الدنيا يوم القيامة ثلاثة أزواج (أصناف)

[1]  السابقون: (أ) (ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ) (ب) (وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ).

[2] أصحاب اليمين: (أ) (ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ) (ب) (وَثُلَّةٌ مِّنَ الْآخِرِينَ).

[3]  أصحاب الشمال: (أ) أصحاب الشمال من الأولين (ب) اصحاب الشمال من الآخرين.

هذا المآل النهائي لهذه الأمة يوم القيامة وحصيلتها من حصادها في عملها الدنيوي. فكل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية إذا شرحت شرحاً صحيحاً سيتوافق مع هذا المآل الذي حددته سورة الواقعة وأي شرح أو فهم لنصوص الكتاب والسنة لا يخلص إلى النتيجة التي حددتها سورة الواقعة فهو حكم باطل لأنه يخالف حكم الله.

فأول الأمة معلوم هو الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه هم ثلة السابقين الأولين وثلة أصحاب اليمين هم من آمن به في حياته صلى الله عليه وسلم من الصحابة وأصحاب الشمال من الأولين هم من خالفه وكفر بدعوته.

وأما القليل من السابقين الآخرين زوج ثلة السابقين الأولين هم أصحاب المسيح سليمان أبي القاسم الذين يسبقون الناس في الإيمان به عند عودته وثلة أصحاب اليمين الآخرين هم من آمن به قبل موته في عودته وهم زوج ثلة أصحاب اليمين الأولين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أما أصحاب الشمال الآخرين هم من كذب بالمسيح سليمان أبي القاسم موسى من الذين يسمون أنفسهم بالمسلمين وما هم كذلك فهذه السورة خير برهان فهم زوج أصحاب الشمال الأولين الذين كفروا بنبوته صلى الله عليه وسلم.

وهذا هو المآل النهائي وحصاد الأمة من عملها في الدنيا يوم القيامة وقد بيّن القرآن ذلك فقال تعالى لعيسى ابن مريم “وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ” (55) سورة آل عمران. فعيسى المقصود هنا هو ذات سليمان أبي القاسم موسى لأن المسيح عند عودته يولد سودانياً في آل البيت وقد وضّحت ذلك في منشورات كثيرة فأرجعوا إليها ومن شك وكذب بي أجاب عليه الحق عز وجل “ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ” (55) سورة آل عمران. وللسُنّة برهان على ذلك.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خير أمتي أولها وآخرها وفي وسطها الكدر ولن يخزي الله أمة أنا أولها والمسيح آخرها”. أخرجه الحكيم الترمذي وضعفه الرواة.

أقـول: إن الحديث وإن كان ضعيفاً فإن معناه صحيح؛ لأنه جاء تفصيلاً دقيقاً لسورة الواقعة ومنسجماً مع روح ومعاني الحديث الصحيح التالي:

عن بُسْرُ بن عبد الله الحضرمي قال حدثني أبو إدريس الخَوْلاني: انه سمع حذيفة بن اليمان يقول:

“كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت: يا رسول الله إنا كنّا في جاهلية وشر وجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال(نعم)

قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: “نعم وفيه دخن”

قلت: وما دخنه؟ قال:”قوم يهدون بغير هدْيي تعرف منهم وتنكر”

قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: “نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها”

قلت: يا رسول الله صفهم لنا. قال: “هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا”

قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: “تلزم جماعة المسلمين وإمامهم”

قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: “فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك”.

أخرجه البخاري حديث رقم (3606).

 فالحديث يطابق في معناه الحديث الضعيف قبله وكلاهما يطابق معاني سورة الواقعة، فثلة الأولين ثلة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وثلة الآخرين ثلة عيسى ابن مريم وأصحابه وأسقط القرآن والسنة وسط الأمة ما بينهما فلا تلتفتوا إلى علماء الدخن الذين هم من جلدة الرسول صلى الله عليه وسلم والذين يتكلمون بلسانه من علماء المسلمين فإن هؤلاء ليسوا من الإسلام في شيئ. وإنما الذي يعيد هذه الأمة إلى الإسلام كما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم هو عيسى ابن مريم لا غير وهو سليمان أبو القاسم موسى الذي يقيم دولة الإسلام المدنية لأنه الإمام المختار من عند الله لا بإختيار الأمة كما قال الدكتور محمد عماره سامحه الله ولا باختيار الصفوة أو النخبة كما جاء في حديث الإمام على قال:

“سيخرج قوم في آخر الزمان أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية لا يجاوز إيمانهم حناجرتهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فان في قتلهم أجراً لمن قتلهم، عند الله يوم القيامة”.

أخرجه مسلم برقم (1066).

وعن عليّ أيضاً قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

“يخرج قوم من أمتي يقرأون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيئ، ولا صيامكم إلى صيامهم بشيئ، يقرأون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم، لا تجاوز صلاتهم تراقيهم يمرقون من الإسلام كما  يمرق السهم من الرمية” أخرجه مسلم برقم متكرر (1066).

فالسُنة الصحيحة أخرجت الأمة عامة معها النخبة من حسبان الأمة ولم يبق للأمة إلاّ صاحب الحق الذي ذكره ابن القيم ولو كان وحده وخالفه أهل الأرض، فلو أن اختياره من الناس لما كان وحده وكونه وحده دليل أنه مختار من عند الله لا من قبل جمهور الأمة ولا من النخبة من العلماء العاملة الناصبة التي تقيم الليالي ساجدة راكعة متهجدة بالقرآن تجيد تلاوته وتحسن الصلاة وتصوم رمضان وتحج بلا رفث ولا فسوق فالإمام هو المبعوث من عند الله وحده على منهاج خلافة وإمامة النبوة كما طلب سيدنا إبراهيم من ربه كما جاء في القرآن “وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ” (124) سورة البقرة. ولذلك نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعيّن خليفة له من أصحابه لعلمه أنه شأن الهي وأما ما أشار إليه من خلافة أبي بكر وعمر وغيرهما هو من باب التنبؤ بالمستقبل. فعهد الله لا يمنحه الله للظالمين أي ان الإمام يختاره الله فلو كان أمر إختيار الإمام للأمة لما طلب إبراهيم عليه السلام من الله أن يختار الأئمة من ذريته ولأختار هو خليفته من أبنائه وعينه بنفسه لأن إبراهيم كان وحده أمة قال تعالى: “إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ” (120) سورة النحل. كما أن الله تعالى لن يتخلَ عن خصوصيته في اختيار خلفائه للظالمين وهم جمهور الأمة الذي قال تعالى عنهم في محكم كتابه  “وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ” (103) سورة يوسف.

وحتى عن هذه القلة المؤمنة قال تعالى عنها “وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ” (106) سورة يوسف. وجاء في وصف الجمهور “وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ” (116) سورة الأنعام. فكيف يختار هؤلاء خليفة الله وأكثرهم مشركون ويسقط هذا الحق عن إبراهيم الحنيف الذي لم يكن من المشركين إذن الخليفة رجل يبعثه الله ويقوم في الناس وحده فمن أطاعه آمن ومن خالفه كفر إلى يوم القيامة)إنتهى الإقتباس والنقل. وفي النشرة رقم (41) باسم ” تأكيد الشرع على سليمان أبي القاسم موسى أنه المسيح” وفي الصفحة الأخيرة أورد التالي” إن الأمة ارتدت عن الإسلام إلى الجاهلية بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ومنذ عهد الصحابة بدلالة القرآن “وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ” آل عمران (144). وتوارثت الأمة هذه الردة بالفطرة “فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه”.

بدلالة الحديث: “إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا بهذا الخير- يعني الإسلام- فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: (نعم)) يعني رِدة وجاهلية وهذه الردة تمت على مستوى الأفراد في الحديث: “يؤخذ برجال من أصحابي ذات الشمال فأقول أصحابي أصحابي فيقول إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم”.

وعلى مستوى الأمة فانها خرجت من الخلافة على منهاج النبوة أي لم تبايع أي خليفة لله فارتدت بمبايعة ملوك (المُلك العضود والمُلك الجبري) فإذا كان هذا هو حال الأفراد والأمة منذ القرن الأول من البعثة الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم: ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته” أخرجه البخاري برقم (2652).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم – قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثاً- ثم أن بعدكم قوماً يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون وينذرون ولا يوفون ويظهر فيهم السَّمَنُ” رواه البخاري برقم (3650).

فإذا كانت الأمة في خير قرونها قد ارتدت عن الإسلام جماعات وأفراداً فبكل تأكيد فإني قد وجدتها في القرن الخامس عشر أكثر بُعداً عن الإسلام وأني جاهد الآن لأعيدها إلى  الإسلام إلى الخلافة التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت”.

وسبب خروج الأمة ورِدتها إلى الجاهلية هو عدم مبايعة خليفة الله المذكور في الحديث “ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية” فالبيعة المذكورة في الحديث هي لخلفاء الله خاصة فالأمة كانت تبايع لخلفاء بني أمية وخلفاء بني العباس وخلفاء الفاطميين وخلفاء الأتراك واستمر الحال إلى  يومنا هذا في مبايعة الملوك والأمراء على اعتبار أنهم خلفاء البيعة المذكورة في الحديث وذلك باطل فالخليفة المطلوب بيعته هو الخليفة الذي إذا لم تجده تهجر المجتمع والمساجد وتهرب في الأرض كما جاء في الحديث (فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام …فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك”.

والنصوص السابقة أكدت أن إمام هذا الزمان (زمان تطاول الحفاة العراة العالة رعاء الشاء في البنيان) وزمن عودة اليهود إلى  الأرض المقدسة (لفيفاً) واحتلالهم لبيت المقدس كل هذه الشواهد تؤكد أن إمام الناس اليوم هو عيسى ابن مريم وأثبتت النصوص أنه يولد في السودان وهو شخص سليمان أبي القاسم. ويترتب على الأمة على مستوى الدول والجماعات والأفراد أن يعلموا الآتي:

لقد ورَثَت الأمة الرِدة عن الأجيال عبر القرون منذ عهد الصحابة في القرن الأول الهجري وبُعثتُ لأعيدها على جادة الطريق والملة الإبراهيمية التي يختار خلفاءها الله كما جاء في الآية “وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً” هذه الملة هي التي أُمرت بإحيائها بعد أن هداني الله إليها كما قال تعالى: “قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ” الأنعام (161). فهل تتبعني الأمة على هذا الصراط السوي أم يقولون لي قول الأمم من قبلكم “أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ * بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ *وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ * قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ” الزخرف (21-24). وقال تعالى: “إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءهُمْ ضَالِّينَ * فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ” الصافات (69-70).

فالأمة لا تتمسك بالكتب المنزلة ولكنها تتمسك بما وجدت عليه آباءها بدلالة الآيات السابقة والحديث الآتي:

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

“كل إنسان تلده أمه على الفطرة وأبواه بعد يهودانه وينصرانه ويمجسانه فإن كانا مسلمين فمسلم. كل إنسان تلده أمه يلكزه الشيطان في حِضْنِّيه إلاَّ مريم وأبنها”. أخرجه مسلم برقم (2658) للبخاري مثله برقم (1358) و(1385).

فالأمة ورثت الرِدة الواردة في آية آل عمران (144) (انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ) وحديث ابن عباس (لن يزالوا مرتدين) عن الآباء بالفطرة الواردة في الحديثين السابقين وبنص الآية (وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ).

وإلى جانب أني أحقق لهذه الأمة الهداية وأعيدها إلى الإسلام بعد خروجها عنه وهم (يقرأون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء) ويصلون (ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء) ويصومون (ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء) ومع كل ذلك (يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية) فالعبادة بدون إتباع الخليفة لا تكفي فإن إتباع الخليفة هو أمر الله في القرآن قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ” النساء (59). فأن سليمان أبا القاسم هو ولي أمركم اليوم. فإن إتباعي يحقق لهذه الأمة النصرة على أعدائها من اليهود والنصارى الذين استباحوا عقيدة المسلمين وأرضهم وعرضهم، وأجمع كلمة المسلمين على كلمة لا إله إلاَّ الله حتى لا يُعبد إلاَّ الله ولا يبقى من الدين إلاَّ الإسلام ليسود العدل والأمن والنظام. فلا نصر لهذه الأمة على أعدائها في هذه الدنيا إلاَّ إذا آمنت قال تعالى: “إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ” غافر (51). وقال تعالى: “وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ” الروم (47).

ولا إيمان لأهل هذا الزمان إلاَّ إذا اتبعوا سليمان أبا القاسم موسى فهو المسيح المشار إليه في قوله تعالى: “وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ” آل عمران (55). فيتبع بالقرآن في عودته لأن إتباعه بالإنجيل نسخ بالقرآن.

ويوم القيامة يحشر أهل هذا الزمان باسمي يقول تعالى: “يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ” الإسراء (71). فالرسول صلى الله عليه وسلم لا يشهد حتى للصحابة بعد موته كما جاء في الحديث “فأقول كما قال العبد الصالح “وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ”. هذا هو طريق الحق جاء مفصلاً في الكتاب والسنة قال تعالى: “أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً” الأنعام (114). فأنا آخر الخلفاء فإذا مت يقفل باب الإيمان بالله لأن الايمان بالله متعلق بخليفته في الأرض قال تعالى: “وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا” النساء (159). وهو مراد قوله تعالى: “يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً” الأنعام (158). فعيسى ابن مريم آية بصريح قوله عز وجل: “وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً” مريم (21).

فـ “هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي”)  إنتهى الإقتباس والنقل. ومن النشرة رقم (41) التي تحمل العنوان ” فتح القسطنطينية”  تحت العنوان الجانبي ” الخليفة يُعلن عن نفسه بتكليف مباشر من الله”بصفحة( 29-31) جاء في الفقرة”.. وان ما يميّز خلفاء الله في الأرض هو إعلانهم على الملأ أنهم تلقوا تكليفهم بالإمامة من الله أو بواسطة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان منهم أئمة الصوفية أمثال الشيخ عبد الله الجيلاني والشيخ احمد التيجاني والشيخ إبراهيم الكولخي.

جاء في كتاب بغية المستفيد لشرح منية المريد تأليف محمد السائح الشرقي العمري التجاني: جاء فيه صفحة(214).”فقد نقل في تنوير الحلك عن الشيخ سراج الدين بن الملقن أنه ذكر في كتابه (طبقات الأولياء) عن الشيخ عبد القادر الجيلاني أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الظهر فقال لي: يا بني ألا تتكلم فقلت يا ابتاه أنا رجل أعمى فكيف أتكلم على فصحاء بغداد؟ فقال: أفتح فاك ففتحه فتفل فيه سبعاً وقال تكلم على الناس..”

وعن سند الشيخ التجاني قال صفحة(271).

“وأما إن سألت عن سند سيدنا رضي الله عنه هذا الورد المحمدي الأسمى فقد أخذه رضي الله عنه عن سيد الوجود صلى الله عليه وسلم يقظة ومشافهة…” أهـ. وحجة هؤلاء إذ طالبهم الناس بالدليل “هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ” الأنبياء24. يقولوا “أَفَمَنْ كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ” هود17. أي شهادة الكتاب والسنة لا خوارق الظواهر الكونية والدليل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم “والله المعطي وأنا القاسم” فكل ما يؤخذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو عطاء الله فنصوص الكتاب والسنة ليست جوفاء أو خرقاء وإنما متصلة بأعيان يظهر كل منهم في حينه (لا يجليها لوقتها إلا هو) بالأمر الرباني “فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ” الحجر94. فلا مجال للمُلك أو الرئاسة أو الخلاقة بالاجتهاد والشورى.

نقل عمر الفوتي في كتابه (الرماح) الفصل (18) قول الشيخ الجيلاني: “من ادعى الإذن الخاص من الله تعالى وانبسط للخلق بالدعوة فإنه يوت كافراً إلى أن يتوب”.

فكل الأئمة في هذه الأمة من قريش قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقى من الناس إثنان” أخرجه مسلم(1820).

وروى البخاري: “لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقى منهم إثنان” أخرجه البخاري (3501).

وعنه صلى الله عليه وسلم: “إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم إثنا عشر خليفة… قال: كلهم من قريش” أخرجه مسلم(1821) ورواية للبخاري “يكون إثنا عشر أميراً… كلهم من قريش” البخاري (7222، 7223).

وقريش هي ذرية إبراهيم عليه السلام والإمامة فيهم تجري بمقتضى الآية “إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا * قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي * قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ” البقرة124. أي خلفاء هذه الأمة يختارهم الله ودور الرسول صلى الله عليه وسلم توصيل الأمر إليهم من الله المعطي. وفي الحديث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي ومن رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي ومن كذب عليِّ متعمد فليتبوأ مقعده من النار” أخرجه البخاري(110).

وهذا يفسر ما جاء في الحديث “هداة بغير هدى… ودعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها… هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا”.

والدعوة المذمومة هي دعوى الإمامة وليس المراد بها دعوة التبليغ المحمودة كما جاء في الحديث عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب عليِّ متعمدأ فليتبؤا مقعده من النار” أخرجه البخاري (3461).

وطابع الكفر هذا ينطبق على مشايخ الطوائف الصوفية اليوم، القادرية، السمانية، التجانية إلى آخرهم لأن صحة المشيخة أن ياتيه التكليف من الله وبشرط أن يكون هذا المكلف على قيد الحياة لقد إنقطع مدد عبد القادر الجيلاني لتلاميذه الذين صحبوه في حياته بموته وكذلك التجاني فقد جاء في كتاب الرماح لعمر الفوتي الفصل (13): (وقال شيخنا (يعني التجاني): فمن فزع إلى أهل عصره الأحياء من ذوي الخاصية العليا أي اصحاب التكليف المباشر من الله بواسطة الرسول صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناماً” وصحبهم واقتدى بهم واستمد منهم فاز بنيل المدد الفائض من الله ومن أعرض عن أهل عصره مستغنياً بكلام من تقدمه من الأموات كالشيخ عبد القدر الجيلاني أو التجاني بعد موتهم طبع عليه بطابع الحرمان وكان مثله كمن أعرض عن نبي زمانه وتشريعه مستغنياً بشرائع النبيين الذين خلوا قبله فيسجل عليه بطابع الكفر” أهـ.

الفرقة الناجية في السنة (خلافة على منهاج النبوة)

وهذا يفسر لنا تعريف الفرقة الناجية في الحديث (ما أنا عليه اليوم وأصحابي) فالتركيز في تعريف الفرقة الناجية في كلمة (اليوم) فلا نبي بعده ولكن خلفاء كثيرون كما في الحديث “كانت بنوا اسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وإنه لا نبي بعدي فستكون خلفاء فتكثر قالوا فما تأمرنا؟ قال: فوا ببيعة الأول فالأول وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم” أخرجه مسلم1842.

فالضمير الفاعل في (استرعاهم) يعود إلى الله والضمير المفعول به (هم) يعود إلى الخلفاء أي الخليفة يأتيه التكليف المباشر من الله.ومن هؤلاء الخلفاء المجدد الذي يبعثه الله على كل رأس قرن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها” رواه أبو داود. وهذا المجدد يبعثه الله بالتكليف المباشر (إن الله يبعث).وهو الفرد القائم المكلف من الله لهداية الناس ومن خالفه من أهل زمانه طبع عليه بطابع الكفر بنص الأحاديث “فمن فارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية” وبكلام الشيخ عبد القادر الجيلاني والشيخ أحمد التجاني رضي الله عنهما “فيسجل عليه بطابع الكفر” فلا صوفية بعد اليوم إلاَّ بإتباع سليمان ولا أنصار سنة ولا جماعة الدعوة والإرشاد ولا جماعة الإخوان المسلمين ولا الجماعة الوسطية ولا شيعة ولا سلفية كل هؤلاء (دعاة على أبواب جهنم من اجابهم إليها قذفوه فيها) إلاَّ من اتبع سليمان أبا القاسم موسى. هذا حكم كتاب الله وسنة رسوله ومن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون) إنتهى الإقتباس.  وفي المنشور رقم (47) التي تحمل عنوان ” ثورة الاعاجم ” وفي فصل ( هادي ثلة الأخرين ) بصفحة(1-3) جاء فيها:-“..هــادي ثـلة الآخـرين

        قال تعالى:  “إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ” الرعد (7). لا أدري لماذا يصر كثير من العلماء بأن (المهدي) لم يُذكر في القرآن وأن كل الأحاديث المصرّحة به لم يصح منها حديث لذلك أسقطوه من عقيدة الأمة.

أقول: من الأشياء التي تدعو إلى الإعجاب أن يرد العلماء كثير من الأحاديث بحجة ضعف سندها وهذا يؤكد للأمة أن علماءها لم يأخذوا الأخبار على علاتها بل محصوها لمعرفة الصحيح من المعتل وبهذا تثق الأمة بالصحيح وتتوقف عند المعلول.

فكون الأحاديث المصرحة بلقب المهدي معلولة كلها فذلك لا يحجر على القرآن ذكره فالحق أن الآية السابقة صرحت بذكر المهديين جميعاً “وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ” (والهادي) أقوى في دلالته على الإمامة من (المهدي) لأن (الهادي) هو الذي يؤتم به أما (المهدي) فقد تكون هدايته قاصرة على شخصه فقط، فالآية “وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ” تلزم الأمة بأنه في كل قوم منها (إمام هادي) يلزمها الاعتقاد بإمامته وإتباعه في كل قوم من هذه الأمة، وكل من اتبع هذا الإمام الهادي فهو مهدي نتيجة لإقتدائه بهادي قومه. والقوم هم الذين يعيشون في زمن واحد من أزمان هذه الأمة كشرط أساس لتعريف (القوم) وقد يضاف إلى هذا الشرط شروط أخرى جانبية كأن يربطهم رابط الإقليم (الجهوية) أو العرق أو الدين….الخ.

والزمن هو الشرط الأساسي في تحديد القوم فالإنذار لا يكون إلاَّ بالتحذير من أمر مستقبلي يحدث ويكون النذير لتهيئة الناس نفسياً لاستقباله فذكرت الآية بنص صريح أن لكل قوم من أقوام هذه الأمة (هَادٍ) وأن هؤلاء الهداة هم الذين تنقسم عليهم الأمة إلى (أقوام) هم الذين يعاصرونه في زمان هذه الأمة الممتد من بعثته صلى الله عليه وسلم إلى أن تختم بعيسى ابن مريم هو هادي آخر قوم من أقوام هذه الأمة.

يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ

قال تعالى: “وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ” محمد (38)، قال ابن كثير في المجلّد الرابع لشرحه لهذه الآية:

(وَإِن تَتَوَلَّوْا) أي: عن طاعته وإتباع شرعه (يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) أي: ولكن يكونوا سامعين مطيعين له ولأوامره. وقال أبي حاتم وابن جرير حدثنا يونس بن عبد الأعلى حدثنا ابن وهب، أخبرني مسلم بن خالد عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية (وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين إن تولينا استبدل بنا ثم لا يكونوا أمثالنا؟ فقال: (فضرب بيده على كتف سلمان الفارسي رضي الله عنه ثم قال: هذا وقومه ولو كان الدين عند الثريا لتناوله رجال من الفرس) تفرد به مسلم بن خالد الزنجي ورواه عنه غير واحد وقد تكلم فيه بعض الأئمة رحمة الله عليهم والله أعلم) أهـ.

وقوله : “تكلم فيه بعض الأئمة” يعني عدم الإجماع على صحته وبهذا لا تقوم به حجة فهو مرجح عليه بالحديث الآتي:

أخرج مسلم: حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن عبد الملك بن عمير عن جابر ابن سمرة عن نافع بن عتبة قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة قال: فأتى النبي صلى الله عليه وسلم قوم من قِبَل المغرب. عليهم ثياب الصوف، فواقفوه عند أكَمَةٍ، فإنهم لقيام ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد قال: فقالت لي نفسي: ائتهم فقم بينهم وبينه، لا يغتالونه، قال: ثم قلت: لعلَّهُ نجيّ معهم. فأتيتهم فقمت بينهم وبينه، قال: فحفظت منه أربع كلمات أعدهنَّ في يدي قال:

“تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله ثم فارس فيفتحها الله ثم تغزون الروم فيفتحها الله ثم تغزون الدجال فيفتحه الله” أخرجه مسلم (2900).

إمام (قوم) المغرب هؤلاء هو أحد الأئمة الهداة الوارد ذكرهم في الآية “وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ” وهو آخر المهديين لأنهم يغزون الدجال في آخر الأمة وانتصارهم على الدجال (فيفتحه الله) دليل على أن إمامهم الهادي هو عيسى ابن مريم. وكونهم يغزون الدجال (فيفتحه الله) دليل على أن الدجال دولة تحكمها مؤسسات وليس مجرد رجل بعينه، فإني منذ بداية دعوتي ذكرت أن الدجال مظهر حضاري كان في الماضي مجسداً في بريطانيا (الإمبراطورية التى لا تغرب عنها الشمس) لأن الدجال لغة يعني تغطية الأرض والآن خلفتها الولايات المتحدة الأمريكية فهي اليوم الإمبراطورية التي لا تغرب شمسها وبهذا التعريف للدجال لا يمكن أن ينحصر في رئيس بعينه من رؤساء بريطانيا في السابق أو أمريكا في الحاضر ولا يمكن أن يحصر في شخص جورج بوش الأب أو الأبن أو كلينتون أو أوباما أو ترامب بل أن الأحاديث الصحيحة تتحدث عن ثلاثين دجالاً) إنتهى الإقتباس والنقل. وعلى النشرة رقم (41 ) بعنوان ” فتح القسطنطينية” وعلى صفحة(34-42) بالفقرة التي تحمل العنوان ” عيسى إبن مريم لم يكن خالداً بروحه وجسده ولذلك عودته تكون بالميلاد الثاني ) جاء فيها“.. قال تعالى: “وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ * وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ * مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ * وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا*بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ * وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا” النساء (157-158).

وبما أن القرآن يشرح بعضه بعضاً فإن ما أُجمل في أية ما تحتمل جملة معاني يُفصَّل في آية أخرى من القرآن لمعرفة المراد المخصوص دون غيره، قال تعالى: “وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ” الأعراف52. وقال عز وجل: “أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا * وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ * فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ” الأنعام114.

وأن الله توفى عيسى ابن مريم قبل رفعه قال تعالى: “إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ” عمران55.

وقد فصّل القرآن في الفرْق بين وفاة الموت ووفاة النوم فقال تعالى: “اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا * فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى * إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” الزمر42. فوفاة الموت يمسك الله صاحبها فلا يعيش ياكل ويشرب ويمشي بين الناس وهذا حال عيسى ابن مريم بعد وفاته في بني إسرائيل.

أما وفاة النوم فإن صاحبها يقوم بعدها ليزاول كسبه بين الناس وإشارة التنبيه في الآية “إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” للذين يعلمون نص الآية إن وفاة عيسى ابن مريم كانت وفاة موت واستثنت الآية الغافلين الذين يعتقدون أن وفاة عيسى كانت وفاة نوم وجاء تفصيلهم في آيات أخرى كثيرة منها قوله تعالى: “وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ * لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا * أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ * أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ” الأعراف179.

وذكر العالمين بتفصيل الكتاب وبيانه في قوله عز وجل: “وَكَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ” الأنعام105.

والنتيجة النهائية لتفصيل القرآن في مسألة وفاة عيسى ابن مريم قوله تعالى: “وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ * فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ*وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ” الأنبياء (7-8).

وقوله عز وجل: “وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ * أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ” الأنبياء34.

فأهل الذكر يعلمون من تفصيل القرآن: أن عيسى ابن مريم كان بشراً وليس إلهاً ولا مَلَكاً ولا جاناً وكان قبل النبي صلى الله عليه وسلم فهو لم يكن خالداً بروحه وجسده أي بهيئته البشرية الكاملة كما كان عليه قبل الرفع.

جاء في كتاب نزول عيسى ابن مريم آخر الزمان للسيوطي تحقيق محمد عبد القادر عطا صفحة42. أخرجه ابن عساكر عن أنس قال: “كنت أطوف مع الرسول صلى الله عليه وسلم حول الكعبة إذ رأيته صافح شيئا لا نراه قلنا يا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رأيناك صافحت شيئا لا نراه؟ قال: ذاك أخي عيسى ابن مريم انتظرته حتى قضى طوافه فسلمت عليه”.

روى ابن عدي في الكامل عن أنس قال بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأينا بُرداً# ويداً فقلنا يا رسول الله: “ما هذا البُرد الذي رأينا واليد؟ قال: قد رأيتموه؟ قلنا نعم قال: ذاك أخي عيسى ابن مريم سلم علِّي”.

أي لا يُرى إلاَّ رداؤه فالحديث بصيغتيه يشرح الآيات السابقة ويستمد سنده من هذه الآيات فلا اجتهاد مع النص إن كان ضعيفاً وله شاهد من القرآن يقويه.

أما ضلال الأمة كان في اعتقادهم المخالف لما جاء مفصلاً في القرآن العظيم وإتباعهم الأعمى لعقيدة النصارى التي تقول أن المسيح ابن مريم قام من قبره بعد موته على الصليب ثم صعد إلى السماء بروحه وجسده مخالفين بذلك ما نص عليه الكتاب.

صمت العلماء عن مناصرتي خيانة لميثاق الله

فحق عليهم قوله تعالى: “فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَىٰ وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ * أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ * وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ * أَفَلَا تَعْقِلُونَ” الأعراف169.

وجاء ذكر الميثاق في قوله تعالى:

“وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا * فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ*لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ * وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ” آل عمران(187-188).

(يفرحوا بما أوتوا) بالقيام ببعض أعمال الخير ولا يبالون بكل التزامات التشريع فلا اجتهاد مع النص الصريح والصحيح. فأيتيّ الأنبياء (7،8، 34). شرح تفصيلي- شرح القرآن بالقرآن- لوفاة عيسى ابن مريم وتفصيل الحديث الصحيح كانت وفاة المسيح كوفاة النبي صلى الله عليه وسلم “فأقول كما قال العبد الصالح عيسى ابن مريم… فلما توفيتني” فلم يعد هناك مجال التباس في نوعية وفاة عيسى ابن مريم (نوم أم موت) يجتهد فيه العلماء. بعد تفصيل القرآن والسنة أنها كانت وفاة موت.

عودة المسيح في القرآن

كثير من العلماء يعلمون أن وفاته كانت وفاة موت فادى ذلك إلى اعتقاد بعضهم بعدم عودته وهذا خطأ.قال تعالى: “إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ * ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ” آل عمران55.

فالآية: “وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ” قضت بعودته في هذه الأمة ليكون اتباعه إلى يوم القيام بالقرآن الذي نسخ إتباعه بالإنجيل إلى يوم القيامة.

دليل ميلاده الثاني في القرآن

كلامه في سن الكهولة في هذه الأمة: قال تعالى: “إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى  وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا” المائدة110.

فكهولة عيسى ابن مريم في ميلاده الأول مضت عام (40- 60) وكهولته في هذه الأمة تكون بميلاده الثاني في آل البيت وهو مهدي آل البيت المنتظر الذي تتحدث عنه الأحاديث أنه يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً وتفيض في زمنه النعمة على الأمة. وذكر الميلاد الثاني في كتاب الرماح لعمر الفوتي الفصل (18) جاء فيه: “والشيخ من جنود الله تعالى يرشد به المريدين ويهدي به الطالبين#- قال تعالى:” أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ} (90) سورة الأنعام. فبذلك يكون المريد كالجزء من الشيخ كما أن الولد جزء من الوالد في الولادة الطبيعية وتصير هذه الولادة الثانية ولادة معنوية كما ورد عن عيسى ابن مريم عليه السلام: لن يلج ملكوت السماء من لم يولد مرتين” أهـ. فعيسى هو الذي يولد مرتين بهذا النص الصريح ومن صرفه إلى غير ذلك فهو من باب يحرفون الكلم عن مواضعه.

وولوج ملكوت الله يعني الخلود في نعيمه ولن يدخل المسيح إلاَّ أن يولد ولادة ثانية وسبب عودته هو لتكملة الولادة الثانية ثم يموت موتاً لا رجعة فيه إلى يوم الخروج.

تحديد نسب المهدي وتعيين شخصه

جاء في الباب الأول من (القول المختصر) ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من علامات في الفصل الأول:

الأولى: أنه من أهل البيت. الثانية: من ولد الحسن بن علي.

العلامة الثانية: أنه من ولد الحسن بن علي رضي الله عنهما ولا ينافيه حديث أنه قال صلى الله عليه وسلم لفاطمة: “والذي بعثني بالحق نبياً إن منهما (يعني من الحسن والحسين) مهدي هذه الأمة”.

الحديث لا مكان حمله على أنه من مجموعهما أو أن أباه حسين وأمه حسنية ولعل هذا أقرب.

أقول: هذا المهدي منسوب لأمه الحسنية وليس إلى أبيه الحسيني ولا ينطبق هذا الوصف بأي حال من الأحوال على مولود إلاَّ أن يكون هذا المولود عيسى ابن مريم إذا كانت أمه متزوجة برجل من آل البيت. وهو المهدي المذكور في فتنة الأحلاس:

عن عمير بن هاني سمعت عبد الله بن عمر يقول: كنا قعودا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الفتن فأكثر في ذكرها حتى ذكر فتنة الأحلاس فقال قائل: يا رسول الله وما فتنة الاحلاس؟ قال: “هي حرب وهرب، ثم فتنة السراء دخلها أو دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي يزعم أنه مني وليس مني إنما أوليائي المتقون، ثم يصطلح الناس علي رجل كورك على ضلع، ثم فتنة الدهيماء لا تدع أحدا من هذه الأمة إلاَّ لطمته حتى إذا قيل انقضت عادت يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً حتى يصير الناس إلى فسطاطين فسطاط إيمان لا نفاق فيه وفسطاط نفاق لا إيمان فيه فإذا كان ذاكم فانتظروا الدجال من يومه أو غده” ووفقه الذهبي. ومن التصريح بذكر الدجال في الحديث يتبيّن من السياق أن الآخريَن هما المهدي المنتظر والمسيح ابن مريم ومن السياق أيضاً (يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع) ينطبق على المهدي غير المسيح الذي يحاصره الدجال وان اختياره يتم باتفاق الناس “يصطلح الناس” فالمسيح لا يكون بإصطلاح الناس عليه فيكون من المعلوم من الحديث بالضرورة أن المسيح هو “رجل من آل البيت يزعم أنه مني وليس مني” وما يميزه من آل البيت جميعاً هو زعمه “أنه مني وليس مني” والذي يزعم هذا الزعم هو سليمان أبو القاسم موسى وكنت أقول ذلك عندما يقول لي الناس نحن نعرف آباك وأمك فكيف تكون أنت عيسى ابن مريم الذي ليس له أب فأقول: “أنا لست بضعة من أحد” وهذا يفسر ما جاء في الحديث “رجل من أهل بيتي يزعم أنه مني وليس مني” وهذا النسب الوارد في الحديث الذي لا ينطبق على أحد من آل البيت إلاَّ سليمان أبي القاسم. ورد أيضاً في القرآن في قوله تعالى: “وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ*وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ” البلد (2-3). أي الرسول صلى الله عليه وسلم والد لسليمان وفي نفس الوقت “مَا وَلَدَ” بالنفي ولا ينطبق هذا الميلاد على أحد من المهديين إلاَّ على المسيح ابن مريم عندما يولد للمرة الثانية في هذه الأمة وهو شخص سليمان أبي القاسم موسى لا غير، وهو سبب نسبته لأمه الحسنية وليس إلى أبيه الحسيني في القول المختصر وهذا الحديث يثبت الحكم الآتي:

1/ أن سليمان أبا القاسم هو مهدي آل البيت المنتظر.

2/ وأنه أي: سليمان هو المسيح المنتظر في ميلاده الثاني في عودته.

وجاء في القول المختصر للهيتمي الباب الثاني مما جاء عن الصحابة رضوان الله عليهم: العلامة الثانية والعشرون: “في كتفه علامة النبي صلى الله عليه وسلم” أهـ.

وهذه آكد الدلائل على أن هذا المهدي جسمه جسم نبي لأنه يحمل الخاتم وهذا دليل على أن مهدي آل البيت هو المسيح ابن مريم لا غير.

أثبت العلم الحديث أن ماء تكاثر الرجل مخنث (XY) يحمل عنصر الذكورة (Y) وعنصر الأنوثة (X) وأن ماء تكاثر الأنثى مؤنث أي يحمل عنصر الأنوثة فقط (XX) وهنا يصح من ناحية علمية قوله تعالى: “خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ” هي آدم “وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا” حواء سورة النساء (1). لأن عنصر نشأتها موجود في آدم وليس العكس والمسيح ابن مريم ذكر فعناصر نشأته (XY) لا يمكن أن تكون من مريم (XX) لأنها فاقدة للعنصر (Y) فلا يمكن أن يكون المسيح بضعة منها ففاقد الشئ لا يعطيه. وهنا يصح أصل نشأته في قوله تعالى: “إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ * خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ” فتكون مريم أم عيسى بالحضانة لأن نشأته مستقلة عن ماءها. وإذا عاد وولدته إمراءة متزوجة فإن نشأته الثانية تكون مستقلة أيضاً عن ماء والدته الثانية “كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ” وقوله “كما بدأكم تعودون” وبالتالي فميلاده في هذه الأمة لا يكون مرتبطاً بنتيجة هذا الزواج وإن بدا للناس أن ميلاده كان نتيجة لهذا الزواج وهو التفسير الشرعي لقوله تعالى: “وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ” وفي الحديث: “رجل من أهل بيتي يزعم أنه مني وليس مني” فإثبات النسب لزواج أمه ونفيه لإستقلالية نشأته عنها. وهو مهدي آل البيت الذي يحمل علامة النبي ولو حملها أي رجل غيره من آل البيت لكان سبب إنتقالها إليه عن طريق الجينات الوراثية وإنتقالها بهذه الكيفية يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد ورث هذه العلامة بالصفات الوراثية الطبيعية عن أجداده غير الأنبياء وهذا يفرغ العلامة من دلالتها على النبوة وخاتم النبوة علامة خاصة بالأنبياء لا تنتقل بالوراثة فيكون الرجل البيتي الذي يحمل خاتم النبوة هو في الأصل نبي.

قفل باب الإيمان بموت آخر خليفة لله في الأرض

جمع القرآن بين النبيين والمهديين في قوله تعالى: “وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ * إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ * وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ” الرعد الآية7.

عن أبي حازم قال قاعدت أبا هريرة خمس سنين فسمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “كانت بنوا اسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وإنه لا نبي بعدي فستكون خلفاء فتكثر قالوا فما تأمرنا؟ قال: فوا ببيعة الأول فالأول وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم” أخرجه مسلم بلفظه رقم (1842).

وآخرهم هو عيسى ابن مريم من قريش:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يزال هذا الأمر قريش ما بقى من الناس إثنان” أخرجه مسلم (1820) مثله للبخاري (3501).

وإذا خلت الأرض من هؤلاء الخلفاء تسقط البيعة الشرعية تلقائياً ويُقفل باب الإيمان لأنه لا يوجد وسيط الإيمان بين الله والخلق وهو الخليفة.

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: “من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية عُمَّية يغضب لعصبة أو يدعوا إلى عَصَبَةِ أو ينصر عَصبة فقُتل فقِتْلة جاهلية ومن خرج على أمتي يضرب بَرها وفاجرها ولا يتحاش من مؤمنها  ولا يفي لذي عهدِ عهدةُ فليس مني ولست منه” أخرجه مسلم (1848).

فلا جماعة بعد موت عيسى ابن مريم إلاَّ الذين اتبعوه.

وجاء قفل باب الإيمان في قوله تعالى: “هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ * يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا * قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ” الأنعام158.

فعيسى ابن مريم من هذه الآيات وهو المراد منها لأنه المخصوص بالإيمان والاتباع والطاعة.

قال تعالى:” وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ” (21) سورة مريم. وقال تعالى: “وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ * وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا” النساء159.

وقال تعالى: “وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ” آل عمران55.

واتباع عيسى في هذه الآية هو المبيّن في كتاب القول المختصر للهيتمي الباب الأول: “المهدي وسط الأمة” العلامة الثانية والأربعون: “أنه وسط الأمة وعيسى آخرها وأريد بالوسط قريب آخرها حتى لا ينافي بقية الروايات المصرحة بأنه آخرها، ولتقدمه يسيراً على عيسى وصف بأنه وسط الأمة، وعيسى بأنه الآخر، ولا ينافي ذلك قول ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: يكون بعد الجبارين الجابر يجبر الله به أمة محمد صلى الله عليه وسلم ثم المهدي ثم المنصور ثم السلام ثم ابن العصب…” أهـ.

فعيسى لا وجود له في هذه القائمة لأنه مهدي آل البيت المتّبَع وأتباعه هم المنصورون بعده على الذين كفروا إلى يوم القيامة فمحكم القرآن يضبط السُنة والسُنة تشرحه.ومتى خلت الأرض من أتباع المسيح صار كل علماء هذه الأمة دعاة على أبواب جهنم بسبب قفل باب الإيمان بموت خليفة الله في الأرض وهو المسيح المهدي سليمان. ومن أنكر وجود هذه الخلافة الربانية فقد وصد بنفسه باب الإيمان في وجهه مبكراً.) أنتهى الإقتباس والنقل. وعلى النشرة رقم (46) المعنونة بأسم ( ثورة التغيير وتحطيم الصنم الأمريكي) بصفحة (17-18) بعنوان جانبي ” يعود الإسلام غـريباً على المسلمين مع سـليمان

قد سبق الحديث عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء” أخرجه مسلم (145).

كثير من الناس يفهمون أن مراد الحديث أن عدد المسلمين يقل تدريجياً فيصير المسلمين أقل عدداً من غيرهم حتى يزولوا عن آخرهم ومراد الحديث غير ذلك لأن كلمة (يعود) تعني البعث من جديد وهي غير (يصير) التي معناها إلى الزوال لو استخدمت في الحديث بدلاً كلمة (يعود).

وهذا الحديث يفيد بأن عدد المسلمين الذي يزيد على المليار اليوم لا يعتبر لأن إسلامهم غير معتبر لمخالفتهم لعقيدة الإسلام التي تؤكد أن عودة المسيح ابن مريم تكون بميلاد رجل من آل البيت هو المهدي المنتظر هذا الاعتقاد ينكره المسلمين من الوهلة الأولى فلا تؤمن به إلاَّ القلة القليلة هم الغرباء المراد بهم في الحديث. فالعبرة بالنوعية التي تحي السنة بعد اندثارها بغياب المنهج عن الكثرة الغالبة فهذا هو المراد بالغربة.

وبعد طول عناء التبليغ يُمكِّن الله لهذه الفئة القليلة ويشرح صدور الناس للإيمان على شاكلة ما حدث للرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه في صدر الرسالة “كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ”.

وكما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “وتجدون من خير الناس أشدهم كراهية لهذا الأمر حتى يقع فيه” أخرجه البخاري (3588) ومسلم (2526).

وهذا المعنى تؤكده سورة الواقعة: قال تعالى: “وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْئمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّـعِيمِ * ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ” الواقعة الآية (7- 14).

لاحظوا تكرار (أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ، َأَصْحَابُ الْمَشْئمَةِ، وَالسَّابِقُونَ): فالأزواج الثلاثة على فترتين فترة الأولين وفترة الآخرين

(1) السابقون: “وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّـعِيمِ” الواقعة الآية (10- 12)

(أ): فترة الأولين قوله تعالى: “ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ” الواقعة الآية (13)

(ب): فترة الآخرين قوله تعالى: “وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ” الواقعة الآية (14).

(2) أصحاب اليمين: “لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ” الواقعة الآية (38).

(أ) فترة الأولين: “ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ” الواقعة الآية (39)

(ب) فترة الآخرين: “وَثُلَّةٌ مِّنَ الْآخِرِينَ” الواقعة الآية (40).

(3) أصحاب المشأمة: “وَأَصْحَابُ الْمَشْئمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ” الواقعة الآية (9).

“وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ” الواقعة الآية (41).

(أ) فترة الأولين: “قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ” الواقعة الآية (49).

(ب) فترة الآخرين: “وَالْآخِرِينَ” الواقعة الآية (49).

فالأولون السابقون وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال هم من عاصر الرسول صلى الله عليه وسلم في بداية رسالة الإسلام.

والآخرون السابقون وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال من عاصر سليمان أبي القاسم مهدي آل البيت في فترة عودة الإسلام التجديدية، فإيمان أصحاب سليمان وكفر من كذبه قوله تعالى: “وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ” آل عمران (55).

ويصدق هذا الشرح لسورة الواقعة الحديث الذي رواه عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كيف تُهْلكُ أمة أنا أولها وعيسى ابن مريم آخرها” التصريح حديث رقم (18) رواه الحاكم وصححه السيوطي.

فالإيمان الصحيح بعودة الدين وبعثه من جديد حتى يلحق آخر هذه الأمة بأولها هو الاعتقاد أن (سليمان أبا القاسم موسى) هو المسيح عيسى ابن مريم مهدي آل البيت بميلاده الثاني. 

 

 

المسيح المهدي المحمدي الخاتم

سليمان أبي القاسم موسى

الميرم- شقادي 2019-3-1م