المنشور رقم (84)
المربع الذهبي (الميلاد الثاني-في السودان-هذا الزمان-بإسم سليمان)
بسم الله الرحمن الرحيم
الفهرست
مقدمة.
مواجهة الحقائق في نزول المسيح عيسى إبن مريم.
تصحيح العقيدة في معرفة الحقيقة في وفاة عيسى ابن مريم.
الحقيقة في رفع عيسي إلى الله روحاً لا جسداً
الحقيقة في عودة عيسي ابن مريم لمن إعتقد أنه لن يعـــود.
الحقيقة في العـودة الثانية للمسيح عيسى إبن مريم بالميـلاد.
الحـقيـقة في زمـن خـروج المسيـح ابن مريـم.
الحقيقة في مكان الميلاد الثاني لعيسى إبن مريم.
الســودان مجمع البحرين مكان نزول المسيح.
أ/ أمصار المسلمين عند خروج الدجال ثلاثة هي:
حقيقة صفة عيسى إبن مريم أخر الزمان بين النبوة والمهدوية.
من آمـن بحقيقة المهدي يختلف معه عند ظهوره كشخص….
الحقيقة في سليمان أبي القاسم موسى هو المسيح إبن مريم؟.
الخـــاتمة.
مقدمة
مواجهة الحقائق في نزول المسيح عيسى إبن مريم
ولا خلاف لي مع الناس في أن عيسى إبن مريم ينزل في المنارة البيضاء أو عقبة أفيق أو غيرها من مواقع النزول المعروفة بشراً سوياً ولكن خلافي معهم أن هذا النزول ليس هو الأول، بل يسبقه النزول الروحي (اي بميلاد طبيعي) ومن ثم التنقل في مواقع ومعسكرات المسلمين لقتال الدجال وجنوده. وخلافي معهم في كيفية وفاة عيسى إبن مريم ورفعه في بني إسرائيل، والسؤال هو هل تم الرفع بالروح والجسـد؟ ام للروح فقط؟ وهل تلاشى جسده في روحه ومن ثم رفعه إلى الله؟ أم تم إنفصال الجسد في الارض ورفعت روحه إلى الله؟ وهل عيسى بضعة من مريم؟ أم هو مثل آدم ليس له أب ولا أم كما قال تعالى:”إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم“؟ هذه الأسئلة وغيرها تحتاج إلى إجابة مسندة إلى نصوص القران والسنة وليس إستناداً على أهواء الناس قال تعالى : ) وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ([1] (المؤمنون : 71 ) فاذا نزل عيسى ابن مريم من السماء بشراً كاملاً إلى الأرض، لوجدنا أنفسنا في مواجهة الحقائق التالية وجهاً لوجه:
(أ) أن ينزل عيسى ابن مريم بلسانه الذي رفع به وبكتابه (الإنجيل) ولبعث رسولاً وصلى بالناس بالإنجيل وهذا ينافي الدين الإسلامي.
(ب) لسان عيسى الذي كان يتكلم به اندثرت لغته الآن من على وجه الأرض وكذلك لغة الإنجيل. فكيف يؤم شخص أناس لا يعرف لغتهم وهم لا يعرفون لغته؟.. وهذا ينافي صريح القرآن في قوله تعالـى: “وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ” إبراهيم الآية 4. ويقول تعالى: “وَلَوْ جَعَلْنَـاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ” فصلت الآية 44. وإذا صلى بالإنجيل يكون قد نسخ القران وهذا ما لم يقل به أحد.
أما من قال أنه يؤم اناساً بالقرآن فإننا سوف نجد أنفسنا أمام الإشكال الأتي: لم نسمع أن أحداً من علماء المسلمين وفقهاء السنة عرج إلى السماء، أو حتى مع سفن الفضاء مع من يعتقد بوجود حياة في الكواكب الأخرى ليُعلّم عيسى ابن مريم اللغة العربية ومن ثم القرآن وفقه الصلاة ثم يعطه إجازة بذلك، وعليه فان تلقيه للقرآن وفقه الصلاة يتم بالوحي، وهذه هي النبوة بكل معانيها الشرعية واللغوية. فيكون عيسى ابن مريم هو خاتم النبيين وليس محمد صلى الله عليه وسلم خلافاً لقوله تعالي: “مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ” الأحزاب الآية 40. هذا إلى جانب انه لا يوجد اثر بذلك. قال السيد محمد صديق بن حسن في كتاب (الإذاعة) عن كيفيه تعلم عيسي قال: “ما قيل انه يأخذ السنة بطريق المشافهة أو بطريق الوحي والإلهام، فلم يوجد من ذلك شي يصار إليه” الإذاعة ص89 . والعقل الذي تقع على عاتقه التكاليف الشرعية يقف مع الدين في عدم وجود عيسى في السماء بشراً سوياً لعدم وجود أكسجين للحياة طوال هذه الفترة المديدة والزمان المتطاول. وإذا كان الدين والعقل يخالفان الاعتقاد بعودة المسيح من السماء بشراً كاملاً. فعلى أي أساس بنى هؤلاء إعتقادهم ؟ .. أم أنه حق فيهم قول الشاعر محمد احمد محجوب رئيس وزراء السودان السابق:
وهيكل تبعته الناس عن سرف ** كالسامري بلا عقل ولا دين
والمسالة هنا في غاية الحساسية لأنها متعلقة بالعقيدة التي لا تصح العبادة إلا بتصحيحها.
تصحيح العقيدة في معرفة الحقيقة في وفاة عيسى ابن مريم
ورد في القرآن الكريم صفتان للوفاة:
(1) الموت: والموت هو مفارقة الروح للجسد وعروجها للسموات، ولا تعود الروح مرة ثانية للجسد إلا يوم البعث. وقد بين القرآن ذلك في قوله تعالى: “وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ” التكوير الآية 7. وقال تعالى أيضاً في سورة الزمر “اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا” الزمر الاية 42.
(2) النوم: يقول الله تعالى: “اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا” الزمر الآية 42. وسمى النوم وفاة لتعطل الحواس الظاهرية (السمع والبصر والشم والذوق واللمس) وهي تعود للعمل بعد أن يستيقظ الإنسان من النوم. وهى تتعطل عند الموت ولا تعود للعمل بسبب مفارقة الروح للجسد. مع استثناء للسمع كما ورد في قتلى بدر. أما وفاة عيسى ابن مريم فقد حدثت نتيجة لتلاشي جسده في روحه ففقد جسده الذي هو مصدر الحواس الظاهرية، وفقد حواسه تبعاً لذلك تماماً كما يفقد النائم حواسه. وعليه يكون المعنى الصحيح لوفاة عيسى ابن مريم، هو تلاشي جسده في روحه ولم تنفصل روحه عن جسده. إذ أن فصل الروح من الجسد يعتبـر موتا “وان عيسى لم يمت” الحديث(8). فرجع عيسى إلى حالته الأولى أي روحاً يكمن فيها جسده (لأن روح عيسى جوهر وجسده عارض). وعند الوفاة يتلاشي العارض ويبقى الجوهر. ومتى ما تهيأت له ظروف النشأة الأولى، يعود جسداً مرة أخرى بنفس الروح والجسد السابق. ولتقريب المعنى للأذهان نضرب مثلاً: إذا نظرت إلى ساق نبات فإن هذا الساق يحتوي على البذرة ولكننا لا نراها. ومتى ما توفرت الظروف فإنها سوف تظهر للوجود. والله تعالى ضرب النبات مثلا للإنسـان فقـال: (وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا) نـوح الآية 17.
فعيسى ابن مريم نزل من السماء روحاً تحتوي على جسده ونفخ روحا في رحم مريم بنت عمران، وتهيأت الظروف الملائمة في الرحم لتتكشف الروح عن الجسد، فكان طفلاً وليس جسده بضعة منها.
وهذا يؤكده قوله تعالى: “إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ” آل عمران الآية 59. وبالوفاة والرفع في بني إسرائيل عاد الجسد إلى الروح وحفظ بداخلها. وعند عودته إلى الأرض سينزل روحا كنزوله الأول من الله. وعندما تتهيأ للروح نفس الظروف الأولى، وهي النزول في الرحم تكشف الروح عن ذلك الجسد طفلاً هو نفس الطفل الأول، إلا انه يخرج من رحم غير مريم التي ماتت ولا سبيل إلى إعادتها لتلد المسيح مرة ثانية. بل تلده في عودته الثانية إمراة غير أمه الأولي. والعلم التجريبى اليوم يؤيد ذلك. فكم من طفل في عالم اليوم ولدته إمراة غير أمه الحقيقية. يقول تعالى: “سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ” فصلت الآية53. وقد اراكم الله حقيقة إمكانية ميلاد عيسى مرة أخرى ومن أم غير أمه الأولى، بمعجزات الطب الحديث في أطفال الأنابيب وعمليات الإستنساخ. وأن عيسى ابن مريم يولد مرة ثانية، وهذه حقيقة يقرها العلم الحديث.
قال تعالى :”إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ” آل عمران الآية55. وقال تعالى: “وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ” النساء الآية”157 – 158.
آية آل عمران أكدت وفاة عيسي بقوله “مُتَوَفِّيكَ” وآية النساء 157 أكدت عدم قتله (وَمَا قَتَلُوهُ) ولما كان القرآن متشابهاً متوافقاً لا يخالف بعضه بعضاً، بقوله تعالى “أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا” النساء الآية (82) ولما كان القتل يعني الموت، بقولـه تعالى “وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ” النساء الآية (93)، فبتدبر هذه الآيات نجد أن وفاة عيسى ابن مريم عند رفعه لا تعني موته، وذلك بالجمع بين آية آل عمران (55) وآية النساء (157)، ولما كان القرآن يشرح بعضه بعضاً، نجد شرح وفاة عيسى في قوله تعالى “اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى” الزمر الآية (42) إذن وفاة عيسي عند رفعه ليس موتاً.
سمى الله تعالى النوم وفاة في آية الزمر(42) السابقة وكل فرد من هذه الأمة يعرف أن الوفاة بهذا المعنى يقصد بها تعطيل (السمع والنظر والشم والذوق واللمس) وأن أدوات هذه الحواس هي: (الأذن والعين والأنف واللسان والجلد) وأن هذه الحواس في الحقيقة هي جسد الإنسان كله المكون لبشريته في صورته الآدمية ولكن الوفاة عند عيسى ابن مريم تختلف عن وفاة الآدميين بسبب إختلاف نشأة الآدميين المتكونة من الطين – أي المادة البشرية الناشئة من إمتزاج ماء الأب مع ماء الأم وبعد ذلك يتم نفخ الروح فيه- أما تكوين عيسى فإنه بدأ روحاً ثم تشكلت روحه بعد نفخها في بطن أمه جسداً، ولم يكن جسده من ماء أمه – أي ليس من طينة أمه الآدمية– ولكن نشأ خلقاً مستقلاً عن أمه.
ولما كانت الوفاة تعنى تعطيل الحواس المكونة لبشريته فإن وفاة عيسى كانت بتلاشي هذه الحواس حتى لا تدرك المحسوسات فأدى ذلك إلى تلاشى بشريته وصورته الآدمية، وعاد إلى اصل بدئه روحاً، وجاءت بلاغة القرآن بإستخدام لفظ (وفاة) بدلاً عن كــلمة (نوم) لأن الوفاة (الموت) يتحلل فيها الجسد ويرجع إلى أصل تكوينه الترابي، فاستخدمت كلمة وفاة هنا لعيسى ليرجع إلى أصل تكوينه الروحي ولا يحدث ذلك عند النوم، وعند موته بعد عودته لا يتلاشى جسده في روحه ولكنه ينفصل عنها لتعرج (روحه) إلى بارئها مخلفة (جسده) في الأرض ليقبر فيها.
الحقيقة في رفع عيسي إلى الله روحاً لا جسداً
قال تعالى: “إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ” النساء الآية171.
وقال تعالى: “ وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا” الأنبياء الآية(91) وقال تعالى:”َمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا” التحريم الآية12. هذه الآيات تبين أطوار خلق عيسي على هذا التوالي:
نزل روحاً من الله وألقي في بطن مريم روحاً وهذه الروح تحولت إلى كلمة الله الواردة في قوله تعالى: “إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ” آل عمران الآية 45. وهذه الكلمة شكلت طينة عيسى إبن مريم وصورته البشرية بتحولها بلفظة (كن) يقول تعالى: “قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ” آل عمران الآية 47. فكان تكوين عيسى إبن مريم الجسماني ومادته الترابية وتخلقها إلى بشر سوي راجع إلى روح الله التي ألقاها إلى مريم، إن عيسى ابن مريم عند وفاته ورفعه إلى الله، عاد إلى حالة الروح الأولى قبل نزولها ونفخها في بطن مريم، على القاعدة التي أقـرها القرآن نفسه في قولــه تعالى: “كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ“الأنبياء الآية 104. .
آية الأنبياء هذه حددت الحـالة التي تكون عليها الذات المتوفاة، وهي تحللها ورجوعها إلى أصل تكوينها بصورة عكسية، وعلى هذه القاعدة فإن جسد عيسى ابن مريم رجع إلى عنصره المكون له، وهو الروح فعاد إلى الله روحاً بالرفع إليه كما بدأ بالنزول منه، وهذا ما يؤكده قوله تعالى: “تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ” المعارج الآية4. فإن الروح هي التي تعرج إلى الله بصريح الآية فلا اجتهاد مع النص. فان القاعدة العلمية المستوحاة من آية الأنبياء (104) هي نفس القاعدة التي أثبتها العلم الحديث بأن جسد الإنسان يتحلل بعد الوفاة إلى عناصره الأولية المكـونة له ويتلاشى فيها “وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا” النساء الآية 87. فيما سبق سرد وتأكيد أن المسيح رفع الى الله روحاً كما كان روحاً من قبل. لانها أهم نقطة في تصحيح عقيدة النزول للمسيح ومن ثم الانطلاق للمرحلة المقبلة في حال الإقتناع بهذا الشرح الذي جاء مفصلاً ومكرراً بأكثر من صيغة مراعياً توصيل المعنى. قال تعالى :”وما على الرسول الأ البلاغ المبين”.
الحقيقة في عودة عيسي ابن مريم لمن إعتقد أنه لن يعـــود.
قال تعالى: “إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ” آل عمران الآية 55.
يلاحظ أن هذه الآية أكدت حقيقة أن عيسى إبن مريم متبع إلى يوم القيامة، ومن لم يتبعه إلي يوم القيامة كفر، ومرجعية هذا الحكم هي استخدام الحرف (إِلَى) الذي يفيد الظرف الممتد إلي يوم القيامة دونما إنقطاع. ومن قال بعدم عودة عيسى، فإنه يحكم ضمناً بأن إتباعه المذكور في الآية يكون للنصارى، وفى هذا الاعتقاد نسخ للقرآن وأتباع للإنجيل إلى يوم القيامة وهذا باطل لأن إتباع المسيح بالإنجيل إنقطع ببعثة النبي الأمي بالقرآن يقول تعالى: “الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ” الأعراف الآية 175.
ولكي ُيتبع عيسي إلى يوم القيامة وفق آية آل عمران 55 ، لابد من أن يرجع ثانية إلى الأرض. وهذا يؤكد حتمية عودته في هذه الأمة.
ولما كان الرفع إليه تعالى فان العودة تكون بالتنزل، وهو أيضا ً يتم للروح. قال تعالى:”تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا” القدرالآية4 والمقصود بالروح هنا عيسى ابن مريم وليس جبريل عليه السلام لأنه من الملائكة، وهذا أيضا دليل صريح من القرآن بعودة عيسى ونزوله روحاً واكرر لا إجتهاد مع النص الصريح.
والسؤال المطروح والمستخلص من الآية “وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ” من هم الذين كفروا أو من هم الذين سيكفروا بعيسى إبن مريم؟ هل هم المسلمون؟ لانهم لم يعرفوه بأوصافه وسيماه؟ كما قال تعالى:“وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ” (57) سورة الزخرف.؟ مع العلم أن هذه الآية تصوّر حال قوم الرسول صلى الله عليه وسلم، فكلمة (يَصِدُّونَ) تعني في المعجم يضحكون ويستهزءون. فهل إستهزأ المسلمون الأوائل بعيسى إبن مريم؟ أم هذه الآية تعني قوم الرسول صلى الله عليه وسلم آخر الزمان؟ ولماذا يستهزئي المسلمون بعيسى إبن مريم ويكفرون به، لطالما جاءهم بمثل معتقداتهم قادماً من السماء بشراً سوياً؟ أم لأنه جاء مخالفاً لمعتقداتهم لذلك كفروا به؟ كما قال تعالى:“أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُون” (المؤمنون : 69 ). فسنة الله لا تتبدل وهو إرسال رسول إلى قومه ومن ثم يبدأ التكذيب وعدم الإتباع والأستهزاء كما حدث للرسل من قبل.
الحقيقة في العـودة الثانية للمسيح عيسى إبن مريم بالميـلاد
قال تعالى :”اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ (1) مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُون” الأنبياء الآية 1ـ2 . وقال تعالى:“وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (5) فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاء مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون” سورة الشعراء5- 6. تتحدث الآيات عن ذكر محدث بعد الرسول صلى الله عليه وسلم يكذب به الناس وهو عيسى ابن مريم بميلاده الثاني في هذه الأمة لاعتقادهم أنه موجود الآن في السماء بشراً سوياً وأنه سيعود في المنارة البيضاء شرقي دمشق ولا يولد لأبوين معروفين في السودان والحقيقة تؤكد ميلاد عيسى ابن مريم ثانية في هذه الأمة بتشريع القرآن والسنة وقول السلف. لقد جاء في القرآن:”وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ” (82) سورة النمل. فالقول الذي يقع على الناس هو عيسى ابن مريم لقوله تعالى:” ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ” (34) سورة مريم.
فهو دابة تخرج من الأرض وهذا ما أكدته الاية “أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ” فلماذا ذكر الله تعالى كلمة (الارض) في هذه الاية، فهل هنالك دواب في السماء؟ أم هو بل هو للتنبيه أن هذه الدابة – (اي عيسى إبن مريم) لن ياتي من السماء كما يعتقد العلماء لان روح عيسى إبن مريم يتم نفخها في الأرحام كما حدث في بني إسرائيل ويكون خروجه بالميلاد وليس نزولاً من السماء قال تعالى:”حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ” الكهف الآية86. . فقد غرُبت روح المسيح عيسى إبن مريم في (عَيْنٍ حَمِئَة) وهو تشبيه لنفخ روحه في رحم إمرأة سمراء من ذرية حام ومن ثم خروجه بميلادٍ ثانٍ في هذه الأمة ويكلمهم ببعثته مهدياً ولكنهم لا يصدقون ميلاده الثاني لأن تكرار الميلاد آية من آيات الله وهو معنى قوله: “بآياتنا لا يوقنون” وذلك ما يؤكده قوله تعالى:“وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (61) “وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (62)وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63) إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (64) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (65) هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ”(66) سورة الزخرف الآيات 61-66.
فالبينات التي جاء بها عيسى في هذه الآيات ليس إبراء ألاكمه والأبرص وإحياء الموتى ولكنها بينات الهدي والفرقان الذي انزل على محمد صلى الله عليه وسلم و(الحكمة) هي السنة المطهرة، لان مجيئ عيسى في هذه الآيات محصوراً في الساعة (وانه لعلم للساعة) وقوله (هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة) فالتكذيب الوارد في هذه الآيات يخاطب المسلمين اليوم عندما يبعثه الله كعلم للساعة وان الأحزاب الذين اختلفوا وخالفوا عيسى ابن مريم هم (المؤتمر الوطني والشعبي والأمة والاتحادي والتجمع المعارض بالداخل والخارج وغيرها من الأحزاب) فهم الذين إختلفوا فيما بينهم من جهة واختلفوا معي من جهة أخرى.
إن الوجه الآخر من الاعتقاد في نزول عيسي هو انه ينزل من الله روحا في الأرحام ويولد مره ثانية، ونسوق على ذلك الشواهد التالية:
قال تعالي: “إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ” آل عمران الآية 45-46. وقد اخرج ابن جرير في شرحه للآية عن يزيد قال: (قد كلمهم عيسى في المهد وسيكلمهم إذا قتل الدجال وهو يومئذ كهل). إن القرآن عربي والتشريع مفصل ويفهم بمقتضى اللغة العربية يقول تعالى: ( لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ) الشعراء الآية 194-195. وفي اللسان العربي المبين (الكهولة) هي السن ما بين الأربعين إلى الخمسين سنة. وبما أن هذا هو عام 2021 من ميلاد عيسى الأول فإن كلامه للناس كهلاً يستوجب ميلاداً جديداً للمسيح. وهذا الميلاد الجديد مهد له عدم وجوده بشراً كاملاً في السماء. قال تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم: “وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ” الأنبياء الآية 34. وهو خطاب يشمل كل البشر بمن فيهم عيسى ابن مريم لانه بشر وليس إلها كما ادعت النصارى.
قال صلى الله عليه وسلم: (إن عيسي لم يمت وانه راجع إليكم قبل يوم القيامة). رواه الحسن البصري مرسلاً رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وذكره ابن كثير في تفسيره لسورتي آل عمران والنساء.
عن أنس بن مالك قال: “كنت أطوف مع الرسول صلى الله عليه وسلم حول الكعبة. إذ رأيناه صافح شيئا لا نراه فقلنا يا رسول الله رأيناك صافحت شيئا ولا نراه ! قال: (ذاك أخي عيسي ابن مريم انتظرته حتى قضي طوافه فسلمت عليه) أخرجه ابن عساكر.
الأحاديث أعلاه تبين بجلاء لا ريب فيه أن عيسى ابن مريم قد نزل إلى الأرض وطاف بالكعبة والتقى بالرسول صلى الله عليه وسلم فيها. وليس هناك ما يؤكد انه رفع مرة ثانية حتى يتوقع نزوله من السماء مره أخرى. وفيها أن عيسى موجود روحاً مؤكدة لمعني الآية (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ) ومؤكداً للميلاد الثاني المشار إليه في قوله تعالي: “وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا“.
وهذا ما يؤكده ما رواه ابن حجر الهيثمي في كتابه: (القول المختصر في علامات المهدي المنتظر) في الباب الأول مما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم, قال بن حجر عن المهدى: (المهدي من ولد الحسن بن علي). ولا ينافيه حديث انه صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة: (والذي بعثني بالحق نبيا أن منهما – يعني الحسن والحسين – مهدي هذه الأمة) لإمكان لحمله على أنه من مجموعهما وأن أباه حسيني وأمه حسنيه. ولعل هذا اقرب للصواب, انتهي.
هذا الكلام واضح وجلي, بأن هذا المهدي الحسني منسوب لأمه الحسنية. ولو كان منسوبا لأبيه لقال: من ولد الحسين, لان أباه حسيني. ولا ينسب لأمه إلا عيسي ابن مريم. فهو يولد مره ثانية في هذه الأمة, وينسب لأمه الحسنية، لا لأبيه الحسيني فلو لم يكن هذا المهدي هو عيسى ابن مريم، لنسبه الرسول صلى الله عليه وسلم لأبيه امتثالاً لقوله تعالى: ( ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ ) الأحزاب الآية 5. والذي ينسب إلى أمه هو عيسى ابن مريم، ولا ينسب لأمه أحداً سواه.
ومن النصوص المخبرة عن نزول عيسى ابن مريم، يلاحظ تكرار نزوله. فقد صح انه ينزل في المنارة البيضاء شرقي دمشق، وفي عقبة أفيق، وفي بيت المقدس، وفي عسكر المسلمين. ويتكرر نفس المشهد في صلاة الصبح بين الإقامة وتكبيرة الإحرام وتختلف تسمية الإمام مرة بقوله المهدي، وأخرى يقول أميرهم، وثالثة: إمامهم، ورابعة إمامهم رجل صالح. وفي كل المواقف يعتذر عيسى ابن مريم. وهذا كله يؤكد حقيقة أن عيسى ابن مريم يأتي إلى هذه الأماكن من المغرب وليس من السماء، وإلا لما تكرر النزول من السماء؟. قال صلى الله عليه وسلم:”… ثم يجئ عيسى ابن مريم من قبل المغرب مصدقاً بمحمد وعلى ملته، فيقتل الدجال، ثم إنما هو قيام الساعة) رواه احمد وله شاهد في البخاري ومسلم على مجيئه من المغرب. واختلاف تسمية الإمام، مرة المهدي، ومرة أميرهم أو رجل صالح تؤكد إن المهدي الذي من ولد فاطمة هو عيسى ابن مريم. ويؤكد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (لا مهـدي إلا عيسى ابن مريم) ذكره ابن كثير في الفتن وصححه.
فالرسول صلى الله عليه وسلم ذكر عدد من الأحاديث منها: “يكون في المغرب الهرج والخوف ويستولى على الناس الجوع والغلاء وتكثر الفتن ويأكل الناس بعضهم بعضاً فعند ذلك يخرج رجل من المغرب الأقصى من ولد فاطمة بنت محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المهدي القائم آخر الزمان وهو أول أشراط الساعة“. القرطبي في التذكرة فصل: من أين يخرج المهدي.
التعليق: إن ما يستفاد من هذا الحديث هو وصف لحالة السودان التي تسبق ظهور المسيح المهدي فهو يعيش في حالة هرج وخوف وجوع وإنفلات أمني وهذا ما يحدث في دارفور (المغرب) ثم إنتقل إلى المركز وبقية الولايات. ولا أحد يستطيع أن يوحد السودان ويستعيد الأمن والعدل سوى سليمان أبي القاسم موسى المسيح المهدي ذو التاييد الرباني.
وذكر القرطبي في التذكرة قال: “فإن المهدي إذا خرج بالمغرب… يكون على مقدمته صاحب الخرطوم وهو صاحب الناقة الغراء وهو صاحب المهدي وناصر دين الإسلام وولي الله حقاً” القرطبي في التذكرة ص 520-521.
فمن هو صاحب الخرطوم الذي فقد السيطرة على بقية أجزاء ممكلته وأصبح حدود مكله الخرطوم؟ فهي إشارة لطيفة لما يحدث الآن من تقطع لاوصال السودان وفقدان السيطرة في معظم الولايات وأصبحت هيمنة الدولة وبسط السيطرة فقط على المركز (الخرطوم).
عن الرضا عن آبائه عليهم السلام قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
“لا تقوم الساعة حتى يقوم القائم الحق منا وذلك حين يأذن الله عز وجل له ومن تبعه نجا ومن تخلف عنه هلك الله الله عباد الله فأتوه ولو على الثلج فإنه خليفة الله عز وجل وخليفتي”. فعيسى هو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن أبي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : ألا إن عيسى ابن مريم ليس بيني وبينه نبي ولا رسول، ألا إنه خليفتي في أمتي من بعدي، ألا إنه يقتل الدجال، ويكسر الصليب، وتضع الحرب أوزارها، ألا فمن أدركه منكم فليقرأ عليه السلام. رواه الطبراني وغيره.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) : ” الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي ، اسْمُهُ اسْمِي ، وَ كُنْيَتُهُ كُنْيَتِي ، أَشْبَهُ النَّاسِ بِي خَلْقاً وَ خُلْقاً ، يَكُونُ لَهُ غَيْبَةٌ وَ حَيْرَةٌ تَضِلُّ فِيهَا الْأُمَمُ ، ثُمَّ يُقْبِلُ كَالشِّهَابِ الثَّاقِبِ يَمْلَؤُهَا عَدْلًا وَ قِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً ” 1
وكما جاء وصفه أيضاً في بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٥١ – الصفحة ١٦٣:”فهناك يظهر مباركا زكيا، وهاديا مهديا، وسيدا علويا فيفرج الناس إذا أتاهم بمن الله الذي هداهم، فيكشف بنوره الظلماء، ويظهر به الحق بعد الخفاء، ويفرق الأموال في الناس بالسواء، ويغمه السيف فلا يسفك الدماء، ويعيش الناس في البشر والهناء، ويغسل بماء عدله عين الدهر من القذاء ويرد الحق على أهل القرى، ويكثر في الناس الضيافة والقرى، ويرفع بعدله الغواية والعمى، كأنه كان غبار فانجلى، فيملأ الأرض عدلا وقسطا والأيام حباء، وهو علم للساعة بلا امتراء” وهذه هي صفات عيسى إبن مريم لانه علم للساعة وأنه يملأ الأرض عدلا وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً.
عن الإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام أنّه قال:“المَهْدِيُّ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ، وَهُوَ رَجُلٌ آدَمُ”.
الحـقيـقة في زمـن خـروج المسيـح ابن مريـم.
إن القرآن لا يحدد الأزمنة اللاحقة صراحة بتواريخ معينة، ولكن يبينها بالظواهر الكونية والعلامات الأرضية على نفس القاعدة فـي سـورة محمــد “فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ” أي بالعلامات والظواهر والإمارات وعلى هذه القاعدة حدد لنا القرآن زمن بعث عيسى المسيح ابن مريم مهدياً بعلامات جاء ذكرها في سورة الإسراء.
قال تعالى:”وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا” الإسراء الآية 4-7. .
وقال تعالى:”وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا” الإسراء الآية104. .
لقد تحققت جميع العلامات الواردة في الآيات السابقة وهي:
1. تغلب اليهود على المسلمين في كل الحروبات منذ عام 1948 م وحتى الحرب الدائرة الآن والتي بدأت بصورة علنيـة في 28 مارس 2002 م، وهو معنى قوله تعالى ” ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ” فالكرة تعني الغلبة في الحرب، وهي تغلب اليهود على المسلمين اليوم.
اليهود اليوم هم أكثر أهل الأرض جمعاً للأموال والثراء، كما أن دولة إسرائيل تعتمد على إمدادات الأموال التي تصلها من الخارج خاصـة مـن الولايات المتحـدة الأمريكية وهو معـني “وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ” وقد تكاثرت أعداد بني إسـرائيل “وَبَنِينَ” في بلاد المهجر وتوافدوا الى فلسطين وهو معنى قوله تعالى”جئنا بكم لفيفا” الاسراء الاية 104 .
العالم الغربي اليوم ينفر لنصرة اليهود في الحرب، ففي كل الحروبات تدخلوا إلى جانب إسرائيل، كما شاهدنا في حرب الخليج الثانية التي لم يخض غمارها الغرب إلا لتدمير قوة العراق العسكرية التي يعتبرها الغرب تهديداً لأمن إسرائيل فقامت الحرب أساساً لنصرة إسرائيل وتدمير قدرات المسلمين وإضعافهم في أي مواجهة عسكرية محتملة قد تشنها إسرائيل عليهم، وقد جنت إسرائيل ثمار ذلك، فشنت حربها الحالية على فلسطين، ونكلت بالمسلمين في عقر دارهم في الوقت الذي كانت تقف فيه دبابات جيوش الملوك والرؤساء ضد شعوبهم لصد الجماهير إذا خرجت للشارع معبرة عما يعتمل في نفوسها من شعور، تضامناً مع الشعب الفلسطيني، فمنهم من قُتل ومنهم من أعتقـل فكانوا عونــاً لليهــود علـى قاعـدة “وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا“.
نصرة العالم الغربي لليهود في المحافل الدولية كما شهد بذلك مؤتمر (ديربان) لمكافحة العنصرية، الذي وفر فيه الأوربيون الحماية الكاملة ضد إدانة إسرائيل ووصفها بالعنصرية، على الرغم من أنهم جميعاً يعلمون يقيناً أن إسرائيل دولة عنصرية. واسمها (إسرائيل) نسبة إلى جدهم سيدنا يعقوب (إسرائيل) شاهد لا ينكر على عنصريتها.
رفض إسرائيل الدائم والمستمر لقرارات الأمم المتحدة وإستـخدام (الفيتو) حق الرفض الأمريكي عشرات المرات ضد قرارات إدانة إسرائيل.