المنشور رقم (84)
المربع الذهبي (الميلاد الثاني-في السودان-هذا الزمان-بإسم سليمان)

بسم الله الرحمن الرحيم

الفهرست

مقدمة.

مواجهة الحقائق في نزول المسيح عيسى إبن مريم.

تصحيح العقيدة في معرفة الحقيقة في وفاة عيسى ابن مريم.

الحقيقة في رفع عيسي إلى الله روحاً لا جسداً

الحقيقة في عودة عيسي ابن مريم لمن إعتقد أنه لن يعـــود.

الحقيقة في العـودة الثانية للمسيح عيسى إبن مريم بالميـلاد.

الحـقيـقة في زمـن خـروج المسيـح ابن مريـم.

الحقيقة في مكان الميلاد الثاني لعيسى إبن مريم.

الســودان مجمع البحرين مكان  نزول المسيح.

أ/ أمصار المسلمين عند خروج الدجال ثلاثة هي:

حقيقة صفة عيسى إبن مريم أخر الزمان بين النبوة والمهدوية.

من آمـن بحقيقة المهدي يختلف معه عند ظهوره كشخص….

الحقيقة في سليمان أبي القاسم موسى هو المسيح إبن مريم؟.

الخـــاتمة.

مقدمة

مواجهة الحقائق في نزول المسيح عيسى إبن مريم

ولا خلاف لي مع الناس في أن عيسى إبن مريم ينزل في المنارة البيضاء أو عقبة أفيق أو غيرها من مواقع النزول المعروفة بشراً سوياً ولكن خلافي معهم أن هذا النزول ليس هو الأول، بل يسبقه النزول الروحي (اي بميلاد طبيعي) ومن ثم التنقل في مواقع ومعسكرات المسلمين لقتال الدجال وجنوده. وخلافي معهم في كيفية وفاة عيسى إبن مريم ورفعه في بني إسرائيل، والسؤال هو هل تم الرفع بالروح والجسـد؟ ام  للروح فقط؟ وهل تلاشى جسده في روحه ومن ثم رفعه إلى الله؟ أم تم إنفصال الجسد في الارض ورفعت روحه إلى الله؟ وهل عيسى بضعة من مريم؟ أم هو مثل آدم ليس له أب ولا أم كما قال تعالى:”إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم“؟ هذه الأسئلة وغيرها تحتاج إلى إجابة مسندة إلى نصوص القران والسنة وليس إستناداً على أهواء الناس قال تعالى : ) وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ([1] (المؤمنون : 71 ) فاذا نزل عيسى ابن مريم من السماء بشراً كاملاً إلى الأرض، لوجدنا أنفسنا في مواجهة الحقائق التالية وجهاً لوجه:

(أ) أن ينزل عيسى ابن مريم بلسانه الذي رفع به وبكتابه (الإنجيل) ولبعث رسولاً وصلى بالناس بالإنجيل وهذا ينافي الدين الإسلامي.

(ب) لسان عيسى الذي كان يتكلم به اندثرت لغته الآن من على وجه الأرض وكذلك لغة الإنجيل. فكيف يؤم شخص أناس لا يعرف لغتهم وهم لا يعرفون لغته؟.. وهذا ينافي صريح القرآن في قوله تعالـى: “وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ” إبراهيم الآية 4. ويقول تعالى: “وَلَوْ جَعَلْنَـاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ”  فصلت الآية 44. وإذا صلى بالإنجيل يكون قد نسخ القران وهذا ما لم يقل  به أحد.

أما من قال أنه يؤم اناساً بالقرآن فإننا سوف نجد أنفسنا أمام الإشكال الأتي: لم نسمع أن أحداً من علماء المسلمين وفقهاء السنة عرج إلى السماء، أو حتى مع سفن الفضاء مع من يعتقد بوجود حياة في الكواكب الأخرى  ليُعلّم عيسى ابن مريم اللغة العربية ومن ثم القرآن وفقه الصلاة  ثم يعطه إجازة بذلك، وعليه فان تلقيه للقرآن وفقه الصلاة يتم بالوحي، وهذه هي النبوة بكل معانيها الشرعية واللغوية. فيكون عيسى ابن مريم هو خاتم النبيين وليس محمد صلى الله عليه وسلم خلافاً لقوله تعالي: “مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ” الأحزاب الآية 40. هذا إلى جانب انه لا يوجد اثر بذلك. قال السيد محمد صديق بن حسن في كتاب (الإذاعة) عن كيفيه تعلم عيسي قال: “ما قيل انه يأخذ السنة بطريق المشافهة أو بطريق الوحي والإلهام، فلم يوجد من ذلك شي يصار إليه” الإذاعة ص89 . والعقل الذي تقع على عاتقه التكاليف الشرعية يقف مع الدين في عدم وجود عيسى في السماء بشراً سوياً لعدم وجود أكسجين للحياة طوال هذه الفترة المديدة والزمان المتطاول. وإذا كان الدين والعقل يخالفان الاعتقاد بعودة المسيح من السماء بشراً كاملاً. فعلى أي أساس بنى هؤلاء إعتقادهم ؟ .. أم أنه حق فيهم قول الشاعر محمد احمد محجوب رئيس وزراء السودان السابق:

وهيكل تبعته الناس عن سرف   **  كالسامري بلا عقل ولا دين

والمسالة هنا في غاية الحساسية لأنها متعلقة بالعقيدة التي لا تصح العبادة إلا بتصحيحها.

تصحيح العقيدة في معرفة الحقيقة في وفاة عيسى ابن مريم

ورد في القرآن الكريم صفتان للوفاة:

(1) الموت: والموت هو مفارقة الروح للجسد وعروجها للسموات، ولا تعود الروح مرة ثانية للجسد إلا يوم البعث. وقد بين القرآن ذلك في قوله تعالى: “وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ” التكوير الآية 7.  وقال تعالى أيضاً في سورة الزمر “اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا” الزمر الاية 42.

(2) النوم: يقول الله تعالى: “اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا” الزمر الآية 42. وسمى النوم وفاة لتعطل الحواس الظاهرية (السمع والبصر والشم والذوق واللمس) وهي تعود للعمل بعد أن يستيقظ الإنسان من النوم. وهى تتعطل عند الموت ولا تعود للعمل بسبب مفارقة الروح للجسد. مع استثناء للسمع كما ورد في قتلى بدر. أما وفاة عيسى ابن مريم فقد حدثت نتيجة لتلاشي جسده في روحه ففقد جسده الذي هو مصدر الحواس الظاهرية، وفقد حواسه تبعاً لذلك تماماً كما يفقد النائم حواسه. وعليه يكون المعنى الصحيح لوفاة عيسى ابن مريم، هو تلاشي جسده في روحه ولم تنفصل روحه عن جسده. إذ أن فصل الروح من الجسد يعتبـر موتا “وان عيسى لم يمت” الحديث(8). فرجع عيسى إلى حالته الأولى أي روحاً يكمن فيها جسده (لأن روح عيسى جوهر وجسده عارض). وعند الوفاة يتلاشي العارض ويبقى الجوهر. ومتى ما تهيأت له ظروف النشأة الأولى، يعود جسداً مرة أخرى بنفس الروح والجسد السابق. ولتقريب المعنى للأذهان نضرب مثلاً: إذا نظرت إلى ساق نبات فإن هذا الساق يحتوي على البذرة ولكننا لا نراها. ومتى ما توفرت الظروف فإنها سوف تظهر للوجود. والله تعالى ضرب النبات مثلا للإنسـان فقـال: (وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا) نـوح الآية 17.

فعيسى ابن مريم نزل من السماء روحاً تحتوي على جسده ونفخ روحا في رحم مريم بنت عمران، وتهيأت الظروف الملائمة في الرحم لتتكشف الروح عن الجسد، فكان طفلاً وليس جسده بضعة منها.

وهذا يؤكده قوله تعالى: “إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ” آل عمران الآية 59. وبالوفاة والرفع في بني إسرائيل عاد الجسد إلى الروح وحفظ بداخلها. وعند عودته إلى الأرض سينزل روحا كنزوله الأول من الله. وعندما تتهيأ للروح نفس الظروف الأولى، وهي النزول في الرحم تكشف الروح عن ذلك الجسد طفلاً هو نفس الطفل الأول، إلا انه يخرج من رحم غير مريم التي ماتت ولا سبيل إلى إعادتها لتلد المسيح مرة ثانية. بل تلده في عودته الثانية إمراة غير أمه الأولي. والعلم التجريبى اليوم يؤيد ذلك. فكم من طفل في عالم اليوم ولدته إمراة غير أمه الحقيقية. يقول تعالى: “سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ” فصلت الآية53. وقد اراكم الله حقيقة إمكانية ميلاد عيسى مرة أخرى ومن أم غير أمه الأولى، بمعجزات الطب الحديث في أطفال الأنابيب وعمليات الإستنساخ. وأن عيسى ابن مريم يولد مرة ثانية، وهذه حقيقة يقرها العلم الحديث.

قال تعالى :”إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ” آل عمران الآية55. وقال تعالى: “وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157)  بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ”  النساء الآية”157 – 158.

آية آل عمران أكدت وفاة عيسي بقوله “مُتَوَفِّيكَ”  وآية النساء 157  أكدت عدم قتله (وَمَا قَتَلُوهُ)  ولما كان القرآن متشابهاً متوافقاً لا يخالف بعضه بعضاً، بقوله تعالى “أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا” النساء الآية (82)  ولما كان القتل يعني الموت، بقولـه تعالى “وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ” النساء الآية (93)، فبتدبر هذه الآيات نجد أن وفاة عيسى ابن مريم عند رفعه لا تعني موته، وذلك بالجمع بين آية آل عمران (55)  وآية النساء (157)، ولما كان القرآن يشرح بعضه بعضاً، نجد شرح وفاة عيسى في قوله تعالى “اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى” الزمر الآية (42) إذن وفاة عيسي عند رفعه ليس موتاً.

سمى الله تعالى النوم وفاة في آية الزمر(42)  السابقة وكل فرد من هذه الأمة يعرف أن الوفاة بهذا المعنى يقصد بها تعطيل (السمع والنظر والشم والذوق واللمس) وأن أدوات هذه الحواس هي: (الأذن والعين والأنف واللسان والجلد) وأن هذه الحواس في الحقيقة هي جسد الإنسان كله المكون لبشريته في صورته الآدمية ولكن الوفاة عند عيسى ابن مريم تختلف عن وفاة الآدميين بسبب إختلاف نشأة الآدميين المتكونة من الطين –  أي المادة البشرية الناشئة من إمتزاج ماء الأب مع ماء الأم وبعد ذلك يتم نفخ الروح فيه-  أما تكوين عيسى فإنه بدأ روحاً ثم تشكلت روحه بعد نفخها في بطن أمه جسداً، ولم يكن جسده من ماء أمه – أي ليس من طينة أمه الآدمية ولكن نشأ خلقاً مستقلاً عن أمه.

ولما كانت الوفاة تعنى تعطيل الحواس المكونة لبشريته فإن وفاة عيسى كانت بتلاشي هذه الحواس حتى لا تدرك المحسوسات فأدى ذلك إلى تلاشى بشريته وصورته الآدمية، وعاد إلى اصل بدئه روحاً، وجاءت بلاغة القرآن بإستخدام لفظ (وفاة)  بدلاً عن كــلمة (نوم) لأن الوفاة (الموت) يتحلل فيها الجسد ويرجع إلى أصل تكوينه الترابي، فاستخدمت كلمة وفاة هنا لعيسى ليرجع إلى أصل تكوينه الروحي ولا يحدث ذلك عند النوم، وعند موته بعد عودته لا يتلاشى جسده في روحه ولكنه ينفصل عنها لتعرج (روحه) إلى بارئها مخلفة (جسده) في الأرض ليقبر فيها.

الحقيقة في رفع عيسي إلى الله روحاً لا جسداً

قال تعالى: إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ” النساء الآية171.

وقال تعالى: وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا” الأنبياء الآية(91) وقال تعالى:”َمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا” التحريم الآية12. هذه الآيات تبين أطوار خلق عيسي على هذا التوالي:

نزل روحاً من الله وألقي في بطن مريم روحاً وهذه الروح تحولت إلى كلمة الله الواردة في قوله تعالى: “إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ” آل عمران الآية 45. وهذه الكلمة شكلت طينة عيسى إبن مريم وصورته البشرية  بتحولها بلفظة (كن) يقول تعالى: “قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ” آل عمران الآية 47. فكان تكوين عيسى إبن مريم الجسماني ومادته الترابية وتخلقها إلى بشر سوي راجع إلى روح الله التي ألقاها إلى مريم، إن عيسى ابن مريم عند وفاته ورفعه إلى الله، عاد إلى حالة الروح الأولى قبل نزولها ونفخها في بطن مريم، على القاعدة التي أقـرها القرآن نفسه في قولــه تعالى: “كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ“الأنبياء الآية 104. .

آية الأنبياء هذه حددت الحـالة التي تكون عليها الذات المتوفاة، وهي تحللها ورجوعها إلى أصل تكوينها بصورة عكسية،  وعلى هذه القاعدة فإن جسد عيسى ابن مريم  رجع إلى عنصره المكون له، وهو الروح فعاد إلى الله روحاً بالرفع إليه كما بدأ بالنزول منه، وهذا ما يؤكده قوله تعالى: “تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ”  المعارج الآية4. فإن الروح هي التي تعرج إلى الله بصريح الآية فلا اجتهاد مع النص. فان القاعدة العلمية المستوحاة من آية الأنبياء (104)  هي نفس القاعدة التي أثبتها العلم الحديث بأن جسد الإنسان يتحلل بعد الوفاة إلى عناصره الأولية المكـونة له ويتلاشى فيها “وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا” النساء الآية 87. فيما سبق سرد وتأكيد أن المسيح رفع الى الله روحاً كما كان روحاً من قبل. لانها أهم نقطة في تصحيح عقيدة النزول للمسيح ومن ثم الانطلاق للمرحلة المقبلة في حال الإقتناع بهذا الشرح الذي جاء مفصلاً ومكرراً بأكثر من صيغة مراعياً توصيل المعنى. قال تعالى :”وما على الرسول الأ البلاغ المبين”.

الحقيقة في عودة عيسي ابن مريم لمن إعتقد أنه لن يعـــود.

قال تعالى: “إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ” آل عمران الآية 55.

يلاحظ أن هذه الآية أكدت حقيقة أن عيسى إبن مريم متبع  إلى يوم القيامة، ومن لم يتبعه إلي يوم القيامة كفر، ومرجعية هذا الحكم هي استخدام الحرف (إِلَى) الذي يفيد الظرف الممتد إلي يوم القيامة دونما إنقطاع.  ومن قال بعدم عودة عيسى، فإنه يحكم ضمناً بأن إتباعه المذكور في الآية يكون للنصارى، وفى هذا الاعتقاد نسخ للقرآن وأتباع للإنجيل إلى يوم القيامة وهذا باطل لأن إتباع المسيح بالإنجيل إنقطع ببعثة النبي الأمي بالقرآن  يقول تعالى: “الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ” الأعراف الآية 175.

ولكي ُيتبع عيسي إلى يوم القيامة وفق آية آل عمران 55 ، لابد من أن يرجع ثانية إلى الأرض. وهذا يؤكد حتمية عودته في هذه الأمة.

ولما كان الرفع إليه تعالى فان العودة تكون بالتنزل، وهو أيضا ً يتم للروح. قال تعالى:”تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا” القدرالآية4 والمقصود بالروح هنا عيسى ابن مريم وليس جبريل عليه السلام لأنه من الملائكة، وهذا أيضا دليل صريح من القرآن بعودة عيسى ونزوله روحاً واكرر لا إجتهاد مع النص الصريح.

والسؤال المطروح والمستخلص من الآية “وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ” من هم الذين كفروا أو من هم الذين سيكفروا بعيسى إبن مريم؟ هل هم المسلمون؟ لانهم لم يعرفوه بأوصافه وسيماه؟  كما قال تعالى:وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ” (57) سورة الزخرف.؟  مع العلم أن هذه الآية تصوّر حال قوم الرسول صلى الله عليه وسلم، فكلمة (يَصِدُّونَ) تعني في المعجم يضحكون ويستهزءون. فهل إستهزأ المسلمون الأوائل بعيسى إبن مريم؟ أم هذه الآية تعني قوم الرسول صلى الله عليه وسلم آخر الزمان؟ ولماذا يستهزئي المسلمون بعيسى إبن مريم ويكفرون به، لطالما جاءهم بمثل معتقداتهم قادماً من السماء بشراً سوياً؟ أم لأنه جاء مخالفاً لمعتقداتهم لذلك كفروا به؟  كما قال تعالى:أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُون(المؤمنون : 69 ).  فسنة الله لا تتبدل وهو إرسال رسول إلى قومه ومن ثم يبدأ التكذيب وعدم الإتباع والأستهزاء كما حدث للرسل  من قبل.

الحقيقة في العـودة الثانية للمسيح عيسى إبن مريم بالميـلاد

قال تعالى :”اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ (1) مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُون” الأنبياء الآية 1ـ2 . وقال تعالى:“وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (5) فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاء مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون” سورة الشعراء5- 6. تتحدث الآيات عن ذكر محدث بعد الرسول صلى الله عليه وسلم يكذب به الناس وهو عيسى ابن مريم بميلاده الثاني في هذه الأمة لاعتقادهم أنه موجود الآن في السماء بشراً سوياً وأنه سيعود في المنارة البيضاء شرقي دمشق ولا يولد لأبوين معروفين في السودان والحقيقة تؤكد ميلاد عيسى ابن مريم ثانية في هذه الأمة بتشريع القرآن والسنة وقول السلف. لقد جاء في القرآن:”وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ” (82) سورة النمل. فالقول الذي يقع على الناس هو عيسى ابن مريم لقوله تعالى:” ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ” (34) سورة مريم.

فهو دابة تخرج من الأرض وهذا ما أكدته الاية “أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ” فلماذا ذكر الله تعالى كلمة (الارض) في هذه الاية، فهل هنالك دواب في السماء؟ أم هو بل هو للتنبيه أن هذه الدابة – (اي عيسى إبن مريم) لن ياتي من السماء  كما يعتقد العلماء لان روح عيسى إبن مريم يتم نفخها في الأرحام كما حدث في بني إسرائيل ويكون خروجه  بالميلاد وليس نزولاً من السماء قال تعالى:”حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ” الكهف الآية86.  . فقد غرُبت روح المسيح عيسى إبن مريم في (عَيْنٍ حَمِئَة) وهو تشبيه لنفخ روحه في رحم إمرأة سمراء من ذرية حام  ومن ثم خروجه بميلادٍ ثانٍ في هذه الأمة  ويكلمهم ببعثته مهدياً ولكنهم لا يصدقون ميلاده الثاني لأن تكرار الميلاد آية من آيات الله وهو معنى قوله: “بآياتنا لا يوقنون” وذلك ما يؤكده قوله تعالى:“وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (61) “وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (62)وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63) إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ  (64) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (65) هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ”(66) سورة الزخرف الآيات 61-66.

فالبينات التي جاء بها عيسى في هذه الآيات ليس إبراء ألاكمه والأبرص وإحياء الموتى ولكنها بينات الهدي والفرقان الذي انزل على محمد صلى الله عليه وسلم و(الحكمة) هي السنة المطهرة، لان مجيئ عيسى في هذه الآيات محصوراً في الساعة (وانه لعلم للساعة) وقوله (هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة) فالتكذيب الوارد في هذه الآيات يخاطب المسلمين اليوم عندما يبعثه الله كعلم للساعة وان الأحزاب الذين اختلفوا وخالفوا عيسى ابن مريم هم (المؤتمر الوطني والشعبي والأمة والاتحادي والتجمع المعارض بالداخل والخارج وغيرها من الأحزاب) فهم الذين إختلفوا فيما بينهم من جهة واختلفوا معي من جهة أخرى.

إن الوجه الآخر من الاعتقاد في نزول عيسي هو انه ينزل من الله روحا في الأرحام ويولد مره ثانية، ونسوق على ذلك الشواهد التالية:

قال تعالي: “إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ” آل عمران الآية 45-46. وقد اخرج ابن جرير في شرحه للآية عن يزيد قال: (قد كلمهم عيسى في المهد وسيكلمهم إذا قتل الدجال وهو يومئذ كهل). إن القرآن عربي والتشريع مفصل ويفهم بمقتضى اللغة العربية يقول تعالى: ( لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ) الشعراء الآية 194-195. وفي اللسان العربي المبين (الكهولة) هي السن ما بين الأربعين إلى الخمسين سنة. وبما أن هذا هو عام 2021 من ميلاد عيسى الأول فإن كلامه للناس كهلاً يستوجب ميلاداً جديداً للمسيح. وهذا الميلاد الجديد مهد له عدم وجوده بشراً كاملاً في السماء. قال تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم: “وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ” الأنبياء الآية 34. وهو خطاب يشمل كل البشر بمن فيهم عيسى ابن مريم لانه بشر وليس إلها كما ادعت النصارى.

قال صلى الله عليه وسلم: (إن عيسي لم يمت وانه راجع إليكم قبل يوم القيامة). رواه الحسن البصري مرسلاً رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وذكره ابن كثير في تفسيره لسورتي آل عمران والنساء.

عن أنس بن مالك قال: “كنت أطوف مع الرسول صلى الله عليه وسلم حول الكعبة. إذ رأيناه صافح شيئا لا نراه فقلنا يا رسول الله رأيناك صافحت شيئا ولا نراه ! قال: (ذاك أخي عيسي ابن مريم انتظرته حتى قضي طوافه فسلمت عليه) أخرجه ابن عساكر.

الأحاديث أعلاه تبين بجلاء لا ريب فيه أن عيسى ابن مريم قد نزل إلى الأرض وطاف بالكعبة  والتقى بالرسول صلى الله عليه وسلم فيها. وليس هناك ما يؤكد انه رفع مرة ثانية حتى يتوقع نزوله من السماء مره أخرى. وفيها أن عيسى موجود روحاً مؤكدة لمعني الآية (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ) ومؤكداً للميلاد الثاني المشار إليه في قوله تعالي: “وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا“.

وهذا ما يؤكده ما رواه ابن حجر الهيثمي في كتابه: (القول المختصر في علامات المهدي المنتظر) في الباب الأول مما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم, قال بن حجر عن المهدى: (المهدي من ولد الحسن بن علي). ولا ينافيه حديث انه صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة: (والذي بعثني بالحق نبيا أن منهما – يعني الحسن والحسين – مهدي هذه الأمة) لإمكان لحمله على أنه من مجموعهما وأن أباه حسيني وأمه حسنيه. ولعل هذا اقرب للصواب, انتهي.

هذا الكلام واضح وجلي, بأن هذا المهدي الحسني منسوب لأمه الحسنية. ولو كان منسوبا لأبيه لقال: من ولد الحسين, لان أباه حسيني. ولا ينسب لأمه إلا عيسي ابن مريم. فهو يولد مره ثانية في هذه الأمة, وينسب لأمه الحسنية، لا لأبيه الحسيني فلو لم يكن هذا المهدي هو عيسى ابن مريم، لنسبه الرسول صلى الله عليه وسلم لأبيه امتثالاً لقوله تعالى: ( ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ ) الأحزاب الآية 5. والذي ينسب إلى أمه هو عيسى ابن مريم، ولا ينسب لأمه أحداً سواه.

ومن النصوص المخبرة عن نزول عيسى ابن مريم، يلاحظ تكرار نزوله. فقد صح انه ينزل في المنارة البيضاء شرقي دمشق، وفي عقبة أفيق، وفي بيت المقدس، وفي عسكر المسلمين. ويتكرر نفس المشهد في صلاة الصبح بين الإقامة وتكبيرة الإحرام وتختلف تسمية الإمام مرة بقوله المهدي، وأخرى يقول أميرهم، وثالثة: إمامهم، ورابعة إمامهم رجل صالح. وفي كل المواقف يعتذر عيسى ابن مريم. وهذا كله يؤكد حقيقة أن عيسى ابن مريم يأتي إلى هذه الأماكن من المغرب وليس من السماء، وإلا لما تكرر النزول من السماء؟. قال صلى الله عليه وسلم:”… ثم يجئ عيسى ابن مريم من قبل المغرب مصدقاً بمحمد وعلى ملته، فيقتل الدجال، ثم إنما هو قيام الساعة) رواه احمد وله شاهد في البخاري ومسلم على مجيئه من المغرب. واختلاف تسمية الإمام، مرة المهدي، ومرة أميرهم أو رجل صالح تؤكد إن المهدي الذي من ولد فاطمة هو عيسى ابن مريم. ويؤكد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (لا مهـدي إلا عيسى ابن مريم) ذكره ابن كثير في الفتن وصححه.

فالرسول صلى الله عليه وسلم ذكر عدد من الأحاديث منها: “يكون في المغرب الهرج والخوف ويستولى على الناس الجوع والغلاء وتكثر الفتن ويأكل الناس بعضهم بعضاً فعند ذلك يخرج رجل من المغرب الأقصى من ولد فاطمة بنت محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المهدي القائم آخر الزمان وهو أول أشراط الساعة“. القرطبي في التذكرة فصل: من أين يخرج المهدي.

التعليق: إن ما يستفاد من هذا الحديث هو وصف لحالة السودان التي تسبق ظهور المسيح المهدي فهو يعيش في حالة هرج وخوف وجوع وإنفلات أمني وهذا ما يحدث في دارفور  (المغرب) ثم إنتقل إلى المركز وبقية الولايات. ولا أحد يستطيع أن يوحد السودان ويستعيد الأمن والعدل سوى سليمان أبي القاسم موسى المسيح المهدي ذو التاييد الرباني.

وذكر القرطبي في التذكرة قال: “فإن المهدي إذا خرج بالمغرب… يكون على مقدمته صاحب الخرطوم وهو صاحب الناقة الغراء وهو صاحب المهدي وناصر دين الإسلام وولي الله حقاًالقرطبي في التذكرة ص 520-521.

فمن هو صاحب الخرطوم الذي فقد السيطرة على بقية أجزاء ممكلته وأصبح حدود مكله الخرطوم؟ فهي إشارة لطيفة لما يحدث الآن من تقطع لاوصال السودان وفقدان السيطرة في معظم الولايات وأصبحت هيمنة الدولة وبسط السيطرة فقط على المركز (الخرطوم).

 عن الرضا عن آبائه عليهم السلام قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وآله:

“لا تقوم الساعة حتى يقوم القائم الحق منا وذلك حين يأذن الله عز وجل له ومن تبعه نجا ومن تخلف عنه هلك الله الله عباد الله فأتوه ولو على الثلج فإنه خليفة الله عز وجل وخليفتي”. فعيسى هو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن أبي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلمألا إن عيسى ابن مريم ليس بيني وبينه نبي ولا رسول، ألا إنه خليفتي في أمتي من بعدي، ألا إنه يقتل الدجال، ويكسر الصليب، وتضع الحرب أوزارها، ألا فمن أدركه منكم فليقرأ عليه السلام. رواه الطبراني وغيره.

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) : ” الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي ، اسْمُهُ اسْمِي ، وَ كُنْيَتُهُ كُنْيَتِي ، أَشْبَهُ النَّاسِ بِي خَلْقاً وَ خُلْقاً ، يَكُونُ لَهُ غَيْبَةٌ وَ حَيْرَةٌ تَضِلُّ فِيهَا الْأُمَمُ ، ثُمَّ يُقْبِلُ كَالشِّهَابِ الثَّاقِبِ يَمْلَؤُهَا عَدْلًا وَ قِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً ” 1

وكما جاء وصفه أيضاً في بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٥١ – الصفحة ١٦٣:”فهناك يظهر مباركا زكيا، وهاديا مهديا، وسيدا علويا فيفرج الناس إذا أتاهم بمن الله الذي هداهم، فيكشف بنوره الظلماء، ويظهر به الحق بعد الخفاء، ويفرق الأموال في الناس بالسواء، ويغمه السيف فلا يسفك الدماء، ويعيش الناس في البشر والهناء، ويغسل بماء عدله عين الدهر من القذاء ويرد الحق على أهل القرى، ويكثر في الناس الضيافة والقرى، ويرفع بعدله الغواية والعمى، كأنه كان غبار فانجلى، فيملأ الأرض عدلا وقسطا والأيام حباء، وهو علم للساعة بلا امتراء” وهذه هي صفات عيسى إبن مريم لانه علم للساعة وأنه يملأ الأرض عدلا وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً.

عن الإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام أنّه قال:“المَهْدِيُّ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ، وَهُوَ رَجُلٌ آدَمُ”.

 الحـقيـقة في زمـن خـروج المسيـح ابن مريـم.

إن القرآن لا يحدد الأزمنة اللاحقة صراحة بتواريخ معينة، ولكن يبينها بالظواهر الكونية والعلامات الأرضية على نفس القاعدة فـي سـورة محمــد “فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ” أي بالعلامات والظواهر والإمارات وعلى هذه القاعدة حدد لنا القرآن زمن بعث عيسى المسيح ابن مريم مهدياً بعلامات جاء ذكرها في سورة الإسراء.

قال تعالى:”وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4)  فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5)  ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6)  إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا” الإسراء الآية 4-7. .

وقال تعالى:”وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًاالإسراء الآية104. .

لقد تحققت جميع العلامات الواردة في الآيات السابقة وهي:

  1. 1. تغلب اليهود على المسلمين في كل الحروبات منذ عام 1948 م وحتى الحرب الدائرة الآن والتي بدأت بصورة علنيـة في 28 مارس 2002 م، وهو معنى قوله تعالى ” ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ” فالكرة تعني الغلبة في الحرب، وهي تغلب اليهود على المسلمين اليوم.

  2. اليهود اليوم هم أكثر أهل الأرض جمعاً للأموال والثراء، كما أن دولة إسرائيل تعتمد على إمدادات الأموال التي تصلها من الخارج خاصـة مـن الولايات المتحـدة الأمريكية وهو معـني “وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ” وقد تكاثرت أعداد بني إسـرائيل “وَبَنِينَ” في بلاد المهجر وتوافدوا الى فلسطين وهو معنى قوله تعالى”جئنا بكم لفيفا” الاسراء الاية 104 .

  3. العالم الغربي اليوم ينفر لنصرة اليهود في الحرب، ففي كل الحروبات تدخلوا إلى جانب إسرائيل، كما شاهدنا في حرب الخليج الثانية التي لم يخض غمارها الغرب إلا لتدمير قوة العراق العسكرية التي يعتبرها الغرب تهديداً لأمن إسرائيل فقامت الحرب أساساً لنصرة إسرائيل وتدمير قدرات المسلمين وإضعافهم في أي مواجهة عسكرية محتملة قد تشنها إسرائيل عليهم، وقد جنت إسرائيل ثمار ذلك، فشنت حربها الحالية على فلسطين، ونكلت بالمسلمين في عقر دارهم  في الوقت الذي كانت  تقف فيه دبابات جيوش الملوك والرؤساء ضد شعوبهم لصد الجماهير إذا خرجت للشارع معبرة عما يعتمل في نفوسها من شعور، تضامناً مع الشعب الفلسطيني، فمنهم من قُتل ومنهم من أعتقـل فكانوا عونــاً لليهــود علـى قاعـدة “وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا“.

  4. نصرة العالم الغربي لليهود في المحافل الدولية كما شهد بذلك مؤتمر (ديربان) لمكافحة العنصرية، الذي وفر فيه الأوربيون الحماية الكاملة ضد إدانة إسرائيل ووصفها بالعنصرية، على الرغم من أنهم جميعاً يعلمون يقيناً أن إسرائيل دولة عنصرية. واسمها (إسرائيل) نسبة إلى جدهم سيدنا يعقوب (إسرائيل) شاهد لا ينكر على عنصريتها.

  5. رفض إسرائيل الدائم والمستمر لقرارات الأمم المتحدة وإستـخدام (الفيتو) حق الرفض الأمريكي عشرات المرات ضد قرارات إدانة إسرائيل.

كل ذلك يؤكد أن إسرائيل فسدت في الأرض، والذي يؤكد أن فساد إسرائيل الحالي هو الثاني بدلالة صفة العودة الواردة في سورة الإسراء الآية 104.  لقد تفرقت بنو إسرائيل في أرض الشتات في قوله تعالى: “اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ” أي فسادكم في المرة الأخيرة – أي الثانية. عدتم إلى الأرض المقدسة في قوله تعالى:”جِئْنَا بِكُم” إلى فلسطين في شكل هجرات جماعية، كهجرة اليهود الفلاشا التي حدثت أوائل الثمانينات من القرن الماضي عبر السودان وهو معني قوله: (لَفِيفًا) أي أن هجرات العودة الحالية كانت جماعية ومنظمة وفق الآية.

لقد عاد بنو إسرائيل إلي الأرض المقدسة فلسطين واحتلوا القدس في حرب 1967 م وكانت لهم الكرة والغلبة على المسلمين، وفسدوا في الأرض ثانية ولكنها ستكون الأخيرة. لأن المرحلة الآتية هي القاضية، وستكون عليهم طامة كبري يقول تعالى:”فَإِذَا جَـاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ” أي فسادكم في المرة الثانية وهو الكائن الآن والواقع المشاهد من كل مكان بالفضائيات التي تنقل الأحداث حية بالصورة والصوت، فإن عاقبة هذا الفساد والعلو في الأرض حددته الآية في قوله تعالى :”لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبـِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا” الإسراء الآية 7 “لِيَسُوءُوا” أي المسلمين “وُجُوهَكُم” أيها اليهـود “وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ” الأقصى فاتحين ومحطمين للحصار المضروب حوله “كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ” من قبل في زمن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، ولكن تحت خليفة راشد أيضاً هو عيسي ابن مريم خليفة الله وخليفة رسوله.

وبسبب الغبن الدفين في قلوب المسلمين الذي خلقته مجازر اليهود في جنين ونابلس، فإن المسلمين سيحطمون حصون اليهود، وينكلون بهم شر تنكيل في المعركة التالية في قوله تعالى: “وَلِيُتَبـِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا

فالذي يقود المسلمين لحسم الحرب الدائرة الآن في العالم ضد الإسلام والمسلمين ويقودهم إلى النصر المبين لقطع دابر الكفرة والملحدين لتعلو كلمة الحق والدين، هو عيسي ابن مريم العائد بعد أن أثبت الحال عجز الملوك والأمراء والرؤساء والسلاطين عن حمل راية الإسلام، للذود عن الإسلام والمسلمين في جميع أراضي المسلمين، لأن ذلك من إختصاص عيسى ابن مريم وحده وليس لأمير سواه  يقول تعالى “هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِوقوله تعالى: “ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ” آل عمران الآية 55.

فعيسى ابن مريم ولا أحد غيره هو الذي يقود السودانيين والمسلمين لتخليص بيت المقدس من قبضة اليهود وفسادهم في الأرض وهو خفيف الاجنحة الذي يقود شعب كوش الاجرد لإحتلال جبل صهيون.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “العرب يومئذ قليل وجلهم ببيت المقدس وإمامهم رجل صالح فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل عليهم عيسى بن مريم الصبح فرجع ذلك الإمام ينكص يمشي القهقرى ليقدم عيسى يصلي فيضع عيسى عليه السلام يده بين كتفيه ثم يقول له  تقدم فصلَّ فإنها لك أقيمت فيصلي بهم إمامهم، فإذا إنصرف قال عيسى عليه السلام: أفتحوا الباب فيفتح ووراءه الدجال ومعه سبعون ألف يهودي كلهم ذو سيف محلى وساج فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء وينطلق هارباً ويقول عيسى: ان لي فيك ضربه لن تسبقني بها فيدركه عند باب اللد الشرقي فيقتله فيهزم الله اليهود فلا يبقى شيئ مما خلق الله يتوارى به يهودى إلا أنطق الله ذلك الشيئ لا حجر ولا شجر و لا حائط ولا دابة إلا الغرقدة فإنها من شجرهم لا تنطق – إلا قال يا عبد الله المسلم هذا يهودي فتعال اقتله” أخرجه ابن ماجه .

وما نص عليه هذا الحديث هو واقع على الأرض اليوم في بيت المقدس فالمسلمون يصلون داخل المسجد الأقصى ولا سبب يمنع أن يكون إمامهم الآن رجل صالح. واليهود يقفون خلف أبواب المسجد وأي رجل يفتح الباب يجد اليهود خلفه وهذا شاهد يؤكد أن الدجال قد ظهر وإن التبس أمره على الناس كما إلتبس عليهم أمر ابن صياد من قبل وأن عيسى قد ظهر وإن التبس امره على المسلمين كما التبس أمره على اليهود من قبل عند بعثته نبياً في بني إسرائيل تحقيقاً لقوله صلى الله عليه وسلم: “لتتبعن سنن من كان قبلكم“. رواه البخاري في الاعتصام ومسلم في المعلم.

الحقيقة في مكان الميلاد الثاني لعيسى إبن مريم.

قال تعالى:” حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا” الكهف الآية86.

حرفا الجر(في وعند) في هذه الآية ظرفا مكان، ولما كانت الشمس الظاهرية لا تغرب في أي مكان في الأرض يسكنه قوم أو شعب من شعوبها، فلا بد أن يكون المقصود بها غير هذه الشمس المعروفة للناس ظاهرياً بطلوعها من المشرق وغيابها في المغرب. وإلا عاب الناس هذه الآية على القرآن. فلا أحد يستطيع إقناع الناس بصحة القرآن إلا بصرفها عن ظاهرها ليكون تأويلها أن المقصود بها هو عيسى ابن مريم وأن العين الحمئة هي طينة أبويه لأن الإنسان خلق من الحمأ يقول تعالى:“وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ” الحجر الآية 26 وتغرب: (جهة الغرب)، وصفة: الغياب في الأرحام بنزوله في آل البيت كما بينت الآيات السابقة، وأستدل على ذلك بشرح القرآن نفسه بنفسه، وكفى بالله شهيداً.

فقد وصف الله سبحانه وتعالى سيدنا يعقوب عليه السلام بالشمس قال تعالى في رؤيا يوسف عليه السلام :”إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ” يوسف الآية4 وفسر القرآن الشمس بأنها يعقوب عليه السلام في قوله تعالى:”وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبـْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا” يوسف الآية100. فيعقوب عليه السلام هو الشمس حقاً بدون استخدام أداة تشبيه. ونجد مثالاً آخر في القرآن. قال تعالى:”يَاَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45)  وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا” الأحزاب الآية45-46.  فقد وصفت هذه الآية النبي صلي الله عليه وسلم بالسراج المنير.  ونجد القرآن فسر السـراج بالشمــس في قوله تعالى: “وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا” نوح الآية 16.  فالرسول صلى الله عليه وسلم هو الشمس.  ولما كان هنالك تشابه بين ذي القرنين وعيسي بن مريم بلحن القول في (ذي القرنين)أن عيسي بن مريم ذو قرنين، أي إمام قرنين، قرن في بعثته رسولاً نبياً، وقرنٍ ثانٍ في عودته مهدياً لا نبياً، فإنه هو المقصود بهذه الشمس التي تغرب في عين حمئة في هذه الآية. وبما أن آدم خُــلق من الحمأ، وأن مثـل عيسى كمثل آدم، فإنه الشمس التي تغرب في هذه العين الحمئة، وأن الحمئة هي طينة أبويه من آل البيت. ولما كان هذا الفصل مخصصاً لمكان الميلاد، فإن دقة اختيار ألفاظ القرآن استخدمت كلمة (تغرب) بدلاً من (تنزل) لتعطي كلمة (تغرب) معني مزدوجاً مثانياً هو: تغرب صفة وتعني الغياب في صلب من يلده. وتغرب جهة وتعني الغرب والغرب يقاس من موقع نزول القرآن أي غرب الجزيرة العربية، أي أن عيسى ابن مريم يولد ثانية في أهل البيت غرب الجزيرة العربية.

الســودان مجمع البحرين مكان  نزول المسيح

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم 🙁ويكون للمسلمين ثلاثة أمصار مصر بملتقى البحرين ومصر بالحيرة، ومصر بالشام، فيفزع الناس، ثلاث فزعات فيخرج الدجال في أعراض الناس، فيهزم من قبل المشرق. فأول مصر يرده المصر الذي بملتقى البحرين … وينزل عيسى ابن مريم عليه السلام عند صلاة الفجر فيقول له أميرهم: يا روح الله تقدم صلّ. فيقول: هذه الأمة أمراء بعضهم على بعض فيتقدم أميرهم فيصلي فإذا قضى صلاته اخذ حربته فيذهب نحو الدجال، فإذا رآه الدجال ذاب كما يذوب الرصاص، فيضع حربته بين ثندوتيه فيقتله وينهزم أصحابه، فليس يومئذ شيء يوارى منهم أحداً حتى أن الشجرة لتقول يا مؤمن هذا كافر ويقول الحجر يا مؤمن هذا كافر) أخرجه أحمد في مسنده واللفظ له، وأخرجه ابن شيبة والطبرانى والحاكم وصححه.

ويستفاد من هذا الحديث الآتي:

أ/ أمصار المسلمين عند خروج الدجال ثلاثة هي:

السودان: المشار إليه في الحديث. بملتقى البحرين وهما النيل الأزرق والنيل الأبيض ويلتقيان عند مقرن العاصمة المثلثة. والبحر قد يعني النهر، يقول الله تعالى: “وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هـَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ” فاطر الآية 12.

العراق: المشار إليه بالحيرة، فالعراق اليوم يضم مملكة الحيرة القديمة.

فلسطين: المشار إليها بالشام، وهذه المناطق محاصرة اليوم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل مظهر الدجال وجنوده.

وهنا ملاحظة مهمة: وهي أن الدجال يهزم مَنْ هم مِنْ قبل المشرق، أي يهزم العراق، ولم يهزم مَنْ هم مِنْ قبل المغرب- السودان– لأن طائفة المغرب لا تزال ظاهرة حتى يخرج عيسى ابن مريم.

قال صلى الله عليه وسلم: (لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين حتى ينزل عيسى ابن مريم) كنز العمال ج(14) ص 618.

 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الدجال خارج وانه أعور عين الشمال، وانه يبرئ الأكمة والأبرص ويحي الموتى، ويقول للناس أنا ربكم. فمن قال أنت ربي فقد فتن، ومن قال ربي الله حتى يموت فقد عصم من الفتنة ولا فتنة عليه ولا عذاب، فيلبث في الأرض حتى ما شاء الله، ثم يجئ عيسى ابن مريم من قبل المغرب مصدقاً بمحمد وعلى ملته، فيقتل الدجال، ثم إنما هو قيام الساعة) رواه احمد وله شاهد في البخاري ومسلم على مجيئه من المغرب.

 يستفاد من هذا الحديث:

أولاً: أن الذي يبرئ الأكمه والأبرص ويحي الموتى آخر الزمان، هو الدجال وليس عيسى ابن مريم، لاحظوا ذلك في الحديث.

ثانياً: أن عيسى ابن مريم يجيئ من المغرب وليس من السماء.

عن جابر بن سمرة قال: سألت نافع بن عقبة بن أبي وقاص، قلت: حدثني هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الدجال؟ فقال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده طائفة من أهل المغرب يسلموا عليه، وعليهم الصوف. فلما دنوت منه سمعته يقول: (تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله عليكم، ثم تغزون فارس فيفتحها الله عليكم، ثم تغزون الروم فيفتحها الله عليكم، ثم تغزون الدجال فيفتحها الله عليكم) رواه ابن حبان ج8 رقم 6638.

يؤكد هذا الحديث الحقائق الآتية:

أ. إن قائد طائفة المغرب هو عيسى ابن مريم، لأنها هي التي تقتل الدجال. ولا يقتل الدجال إلا عيسى ابن مريم. قال صلى الله عليه وسلم: “لم يسلط على قتل الدجال إلا عيسى ابن مريم”  أخرجه ابو داؤد .

ب. يرسم هذا الحديث خط سير المسيح في تنقله في عسكر المسلمين أثناء قتاله للدجال، مطابقاً تماماً للحديث الذي ورد ذكره، من السودان عبر الجزيرة العربية من قوله (تغزون جزيرة العرب) ثم إلى العراق من قوله (تغزون فارس)، وكانت تابعة لفارس أيام نطق الرسول صلى الله عليه وسلم بالحديث كما أن العراق الحالي يضم  أجزاء من فارس القديمة، ثم تغزون الروم التي كانت تحتل غربي الشام زمن الرسول صلى الله عليه وسلم. ثم يغزون وينتصرون على الدجال ويفتحون بيت المقدس.

ج. من هذا الحديث تبرز ملاحظة مهمة، وهي أن الدجال رجل طاغية يقود اليهود في حربهم ضد المسلمين لتحرير بيت المقدس، وليس شخصاً يحمل على عاتقه جنة ونار وجبل خبز وكل ذلك يصرف للتأويل.

عن عمار بن ياسر قال: (إن لأهل البيت بينكم أمارات، فألزموا الأرض حتى ينساب الترك في خلافة رجل ضعيف فيخلع بعد سنتين من بيعته، ويحالف الترك بالروم – ويخسف بغربي مسجد دمشق. ويخرج ثلاث نفر من الشام، ويأتي هلاك ملكهم من حيث بدأ، ويكون بدأ الترك بالجزيرة والروم وفلسطين – فيتبع عبد الله عبد الله فيلتقي جنودهما بقرقيسياء على النهر، فيكون قتالاً عظيم ويسير صاحب المغرب فيقتل الدجال) كنز العمال ج (11) حديث رقم 31497. هذا الحديث يؤكد لنا إن صاحب المغرب الوارد في هذا الحديث هو قائد طائفة المغـرب وهو وصاحب المغرب الذي يقتل الدجال ولن يقتل الدجال أحد إلا عيسى ابن مريم. وغرب الجزيرة العربية هو السودان. إذ لا يسلط على قتل الدجال غيره، فأفهموا لعلكم تعقلون.

روى الإمام الطبري عن الرسول صلى الله عليه وسلـم  قال: ( إنما يجدد هذا الدين آخر الزمان السود الجعد أهل الجلابيب من وراء البحر) فإذا نظرت إلى خريطة الجزيرة العربية فإنه لا يوجد شعب من وراء البحار التي تحيط بالجزيرة العربية ينطبق عليهم هذا الوصف إلا السودان وبما أن المجدد آخر الزمان هو عيسى ابن مريم بلا خلاف بين العلماء، فإنه من السودان بنص الحديث.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في شرحه لسورة الواقعة يقول الله تعـالى: “ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآَخِرِينَ” الواقعة الآية  (39 ـ 40). قــال: (من آدم إلى ثلة وأمتي ثلة، ولن تكتمل ثلتنا حتى تستعينوا بالسودان من رعاة الإبل) اسباب النزول للسيوطى.

حسم الرسول صلى الله عليه وسلم الاجتهاد بالنص الصريح، بأن عيسى ابن مريم من السودان، لأن الثلة التي تكمل ثلة الصحابة هي ثلة عيسى ابن مريم من هذه الأمة أمة آخر الزمان.

قال صلى الله عليه وسلم: (ليدركن المسيح أقواماً مثلكم أو خير منكم ثلاث مرات، ولن يخزى الله أمة أنا أولها وعيسى آخرها) أخرجه الحاكم في المستدرك ج3 رقم 41.

ولا يمكن أن تكون الثلة التي تكمل ثلة الصحابة الواردة في الحديث، إلا ثلة عيسى ابن مريم، فلو كملت ثلة الإسلام قبل مجيء عيسى ابن مريم، فإن ذلك يخرج عيسى وصحبه من طائفة الإسلام، وهذا باطل.

ومن الأدلة القاطعة من الكتاب والسنة، يتبين أن عيسى ابن مريم رسول الله إلى بني إسرائيل يبعث مهدياً في هذه الأمة ويحمل الجنسية السودانية بالميلاد لا بالتجنس (الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ) البقرة الآية 146. ولا يلتفت إلى الذين يكتمون الحق وهم يعلمون، ولا إلى الذين على قلوبهم أقفالها.

حقيقة صفة عيسى إبن مريم أخر الزمان بين النبوة والمهدوية

والسؤال هو ما هي صفة عيسى إبن مريم عندما يعود ثانيةً ؟ هل سيعود نبي؟ ومعلوم ان النبوة ختمت بالرسول صلى الله عليه وسلم. أم سيعود مهدي؟

قال الدكتور عبد العليم عبد العظيم: “ولم أعرف من المتقدمين من تعرض لإنكار هذه الفكرة  نعم، لقد روي عن بعض التابعين أنهم رأوا أن المهدي هو عيسى بن مريم. وهذا القول وإن كان إعترافاً بفكرة المهدي في أصل الأمر، لكنه في الوقت نفسه يتضمن إنكار مهدي آخر” المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة المجلد الاول ص30.

وعدَّد من أصحاب هذا الرأي فقال: أي د. عبد العليم:

1-   روى ابن أبي شيبه عن مجاهد أنه قال: المهدي عيسى بن مريم.

2-    وروى نعيم بن حماد عن الحسن البصري أنه قال: “المهدي عيسى بن مريم عليه السلام”.

3-    وروي عنه أيضاً أنه قال: “ما أرى مهدياً فإن كان مـهـدي  فهـو عمر بن عبد العزيز، وهذا مع كونه معارضاً لقوله الأول، لم يصح إسناده عنه”.

4-     قال ابن حبان في صحيحه “ذكر الأخبار عن وصف اسم المهدي واسم أبيه ضد قول من زعم أن المهدي عيسى بن مريم انتهى.

وأعلق على هذا الرأي وأقول: لاتعارض في ذلك لأن اسم الرسول صلى الله عليه وسلم وإسم عيسى بن مريم متطابقان قال تعالى علي لسان عيسى: “قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا مريم 30. وقال تعالى عن رسول الله صلى الله عليـه وسـلم: “وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا الجن 19. وقد بينت في منشورات سابقة.

5-    أبو محمد بن الوليد البغدادي وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية عنه أنه أنكر أحاديث المهدي اعتمـاداً على ما روي عن النبي أنـه قال: “لا مهدي إلا عيسى بن مريم.

 وقد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذكرالمهدي وأنه من أهل بيته وأنه يملك سبع سنين وانه يملأ الأرض عدلاً وان عيسى بن مريم عليه السلام يخرج فيساعده على قتل الدجال وانه يؤم هذه الأمة ويصلي عيسى خلفه المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة المجلد الاول ص 60.

 تـعلـيق:

إن السبب الجوهري في انقسـام الأمة الإسلامية إلى فريقين: سنة وشيعة هي الإمامة وخلافة الرسول صلى الله عليه وسلم وكان يمكن أن ينتهي هذا الخلاف بعد وفاة الإمام علي رضي الله عنه وكان سبب امتداد هذا الخلاف إلى اليوم هو الاختلاف حول المهدي. فيظن السنة أن المهدي الذي ينتظرونه غير منتظر الشيعة ولو اتبع هؤلاء الفرقاء الحق لاتحدوا فيما بينهم  فالحق واحد لايتجزأ والحق الذي لا يتجزأ هو أن عيسى بن مريم يولـد مرة ثانيـة في آل البيت. فهو المهدي الذي يرفعه الشيعة إلى درجة الأنبياء مما يثير اشمئزاز أهل السنة فكان هنالك خطأ من الطرفين، ممزوج بسوء فهم الجانبين لحقيقة المهدي المختلف فيه. فلو صحَّ لأصحاب المذهب السني (أن عيسى بن مريم يولد مرة ثانية وهذا ما أثبته في منشوراتي السابقه) وصححَّ للشيعة اعتقادهم في أن الخليفة البيتي الإمام إنما هو عيسى بن مريم وهذا لا يكلف الشيعة كثيرا ً; فهُمْ الأقرب إلى هذه الحقيقة من الـسنة وذلك لاعتقادهم برجعة أئمتهم بعد الغياب، تماماً كما يرجع عيسى عند السنة، وعند ذلك ينتفي سبب الخلاف بين الفرقاء.

توجد طائفة كثيره من الأحاديث الشريفة تمزج بين صفات عيسى ابن مريم وبين مهدي آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من ذريه فاطمة مزجاً لا تكاد تفصل بينهما مما يؤكد أن هذا المهدي هو عين عيسى ابن مريم ذاته، بعد نزوله في الأرحام في آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وولادته مرة ثانية، وينشأ حتى يبلغ الأربعين من عمره ليكلم الناس كهلاً إماماً مهدياً لا نبياً ولا رسولاً.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم: (المهدي رجل من ولدي، وجهه كالكوكب الدري، لونه عربي، والجسم إسرائيلي. يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً. يرضي بخلافته أهل الأرض والسماء) أخرجه الطبراني في الجامع للأصول ج 5 ص 343.

فلا يمكن أن يكون هذا المهدي المشار إليه في هذا الحديث والذي هو من ولد الرسول صلى الله عليه وسلم إلا عيسى ابن مريم. لقوله صلى الله عليه وسلــم (والجسم إسرائيلي) دون تشبيه. مما يدل بالقطع على أن جسمه إسرائيلي. وأن هذا حتما هو عيسى ابن مريم  فقد كانت له ولادة في بني إسرائيل فهو منهم. كما أكد الرسول صلى الله عليه وسلم ولادته الثانية بأن قال: (من ولدى).

اخرج الطبري عن أبى أُمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يكون بينكم وبين الروم أربعة هدن، يؤم الرابعة على يد رجل من آلـ هرقل، تدوم سبع سنين. قيل: يا رسول الله من إمام الناس يومئذ؟ قال: من ولدى ابن أربعين سنة كأن وجهه كوكب دري في خده الأيمن خال أسود عليه عباءتان قطوانيتان، كأنه من رجال بني إسرائيل يستخرج الكنوز ويفتح مدائن الشرك) كنز العمال ج14 حديث رقم 38680. هذا المهدي الذي من ولد النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين سنة، أي كهلاً، مطابقا لعمر عيسى بقوله تعـالى: “وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا” وقد أشرنا إلى شرح الآية بأنه يكلم الناس كهلاً عندما يقتل الدجال.

ولا يفتح مدائن الشرك مهدي غير عيسى بقوله تعالى عنه: و”َإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ” النساء الآية 159. وهو الذي يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويهلك الله في زمانه كل الملل ولا يبقى إلا الإسلام، ويعم السلام كمـا وردت بذلك أحاديث كثيرة مشهورة.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يخرج الدجال في أمتي فيمكث أربعين، لا أدري أربعين يوماً أو أربعين شهراً أو أربعين عاما. فيبعث الله عيسى ابن مريم كأنه عروة بن مسعود، فيطلبه فيهلكه.. ) رواه مسلم واحمد. هذا الحديث قفل باب الاجتهاد بالنص الصريح أن المهدي الذي من ولده صلى الله عليه وسلم  ذو الجسم الإسرائيلي، في الحديثين السابقين ما هو إلا عيسى ابن مريم. فهو الذي يشبه (عروة بن مسعود) الذي ورد في صريح هذا الحديث. وهنا تبرز ملاحظة في غاية الدقة والأهمية وهي: أن عروة بن مسعود رجل من ثقيف أمه قرشية. أي ان صلته بقريش بأمه وهي نفس الصلة التي تربط عيسى ابن مريم بقريش عندما تلده إمرأة من آل البيت في هذا الزمان، إذ لا صلة لعيسى ابن مريم ببني إسرائيل ولا بقريش إلا بأمه لأنـه لا أب له علـى الإطلاق، وإن ولدته إمرأة متزوجة، فان صلته بقريش تكون بأمه كما كانت في بني إسرائيل بأمة.

قال الدكتور عبد الرحمن بدوي في الإنسان الكامل ص 125: “أما فيما يتصل (بالقائم) فقد اجمع أهل السنة أولاً ان يروا فيه انه عيسى الذي سيعود ظافراً لا محتملاً للعذاب والآلام أو زعيماً لا يقهر تهبط عليه روح عيسى ويهتدي بهدايته، ان لم يكن هو عيسى نفسهوفقاً للحديث المشهور…(لا مهدي إلا عيسى)”.

أقـول: بل هذا المولود البيتي الذي تهبط عليه روح عيسى إنما هو عيسى نفسه لان روح عيسى لا تحل في غير جسده. وهذا تأكيد أن ان المسيح عيسى إبن مريم يأتي بصفة مهدي. لا نبي ولا رسول.

من آمـن بحقيقة المهدي يختلف معه عند ظهوره كشخص

قال ابن عربى فى الباب السادس والستين وثلاثمائة فى الفتوحات المكية ج6 م5:”… إن لله خليفة. .. . من عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم يشهد الملحمة العظمى مأدبة الله بمرج عكا يبيد الظلم وأهله، يقيم الدين، ينفخ الروح فى الإسلام يعز الإسلام به بعد ذلة ويحيا بعد موته، (1) يضع الجزية ويدعو الى الله بالسيف فمن أبى قتل ومن نازعه خذل، (2) يظهر من الدين ماهو عليه فى نفسه ما لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لحكم به، (3) يرفع المذاهب من الأرض فلا يبقى إلا الدين الخالص، أعداؤه مقلدة العلماء أهل الاجتهاد لما يرونه من الحكم بخلاف ما ذهب إليه أئمتهم فيدخلون كرهاً تحت حكمه خوفاً من سيفه وسطوته ورغبةً فيما لديه يفرح به عامة المسلمين أكثر من خواصهم، يبايعه العارفون بالله من أهل الحقائق عن شهود وكشف بتعريف الهىَّ، له رجال إلهيون يقيمون دعوته وينصرونه هم الوزراء يحملون أثقال المملكة ويعينونه على ما قلده الله. ..” المصدر عنقاء مغرب فى ختم الأولياء وشمس المغرب. ملحق الطبعة الاولى مؤسسة كوثر بتاريخ 1996م -1417هـ. ص90-91.

الشـرح:

المأدبة العظمى بمرج عكا: معركة هرمجدون عند أهل الكتاب.

يحيا بعد موته: يجدد الدين وينفخ فيه الروح بإبطال المذهب السلفى.

يرفع المذاهب: لعدم صلاحيتها فى مسائل جوهرية تخص العقيدة وروح العصر.

أعداؤه مقلدة العلماء: لأنهم اصبحوا رواة لاجتهادات أصحاب المذاهب السلفية التى تخالف نصوص الكتاب والسنة إذ يبعث المهدى أصولى المنهج وليس سلفى المذهب. ما لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لحكم به: يعيد أصول الدين الصحيح على عهد النبوءة.

التـعلـيق:

1)    أهم علامة لصدق دعوة المهدى أن يخالفه علماء أهل زمانه لأنهم انحرفوا عن الدين القيم وجاءهم المهدى بخلاف ما يعتقدون.

2)    ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمة على المحجة البيضاء وأنها لا تكون كذلك إلا اذا كان الحق فيها واضحاً وتخالف فيه نصوص الكتاب والسنة عقيدة العلماء وهو سبب رفع المهدى لمذاهب الأئمة المجتهدين.

3)    أهم معلم للخلاف بين المهدى والأئمة عدم اعتقادهم أنّ المهدى الفاطمى هو عيسى ابن مريم.

قال تعالى: “يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ الإسراء الآية 71.  وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم باتباعه قال: “تلزم جماعة المسلمين وإمامهم” رواه البخارى ومسلم.

وفرض على الأمة بيعته قال صلى الله عليه وسلم: “ومن مات ليس فى عنقه بيعه مات ميته جاهلية” رواه مسلم.  ومقابل ذلك يصبح طريق أئمة الضلالة واضحاً أيضاً وهم مقلـدة العلماء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعريفهـم: “دعـاة بغير هدي تعرف منهم وتنكر” رواه البخارى ومسلم. فالمهدى يدعو إلى الله بإذنه لأنه يخرج ويدعو بالأمر المباشر من الله، وأئمة الضلالة يدعون وفق أهوائهم فـ “تعرف منهم وتنكر”. لقد أصبح الحق أبلجاً والباطل لجلجاً، قال تعالى: “لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ” النساء الآية 165. وقال تعالى: “سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌفصلت الآية 53.

فالله شهيد على ما أقول وأدعي ورسوله، وكفى بالله ورسوله شهيداً، فما ضرنى بعد ضلالة الجهلاء ومكر السفهاء كل دابة هو آخذ بناصيتها.

وبعد هذا السرد يجب تصحيح عقيدة الصفة التي يعود بها عيسى إبن مريم وهي عودته مهدياً لا نبي ولا رسول .للننتقل إلى فصل آخر وهو زمن ميلاد هذا المهدي الاخير عيسى إبن مريم.

الحقيقة في سليمان أبي القاسم موسى هو المسيح إبن مريم؟

السؤال الجوهري هل سيأتي المسيح للمرة الثانية بذات الإسم الذي تسمى به في بني إسرائيل أي (عيسى) أم سيأتي بإسم آخر يُعقد المشهد أمامه ويُدخل جميع الفرق والطوائف في دائرة السنن الأولى “لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشر وذراعاً بذراع“، فالرسول صلى الله عليه وسلم عندما بشّر به عيسى قال “ورسول من بعدي إسمه أحمد” # ؟ فعندما جاء بـإسم محمد كُذب به بحجة أن الإسم غير مطابق وكذلك اليوم. فأقول :” فلتعرفنهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول” الاية #

ولا أظن أن اسم (سليمان) يسبب إشكالاً، فالذات الواحدة قد يلحقها اكثر من اسم. فعيسى ابن مريم لم يسمى بالمسيح عند ولادته في بني إسرائيل. بل عّرف الله تعالى الناس به بعد ثلاثين عاماً من ميلاده. كما إن اسمي (سليمان) له شاهد في قوله تعالى علـى لسـان المسيـح: (وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ) مريم الآية 33. فسليمان مشتق من معني هذه الآية.

قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (رأيت موسى وعيسى وإبراهيم … فأما عيسى فاحمر جعد عريض الصدر وأما موسى فآدم جسيم كأنه من رجال الزط) رواه البخارى .

قال صلى الله عليه وسلم: (بينما أنا نائم أراني أطوف الكعبة وإذا برجل آدم سبط الشعر يهود بين رجلين، ينطف رأسه ماء أو يهرق ماء فقلت من هذا؟ قالوا: هذا المسيح ابن مريم) رواه البخارى. من الحديثين يلاحظ وجود اختلاف واضح في صفات المسيح عيسى ابن مريم. وقد علق محمد شفيع مفتي باكستان أو عبد الفتاح أبوغدة على هذا التعارض قائلاً: (يمكن أن هذا الاختلاف باختلاف الأوقات) وقال أيضاً في لون عيسى: (الآدم: الشديد السمرة الأقرب إلى السواد) راجع كتاب (التصريح بما تواتر فى نزول المسيح) لمحمد أنور شاه الكشميرى تحقيق محمد شفيع.

إن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يناقض بعضه بعضا، وخاصة إذا كان راوي الحديثين المتعارضين هو البخارى، وبإتفاق السلف والخلف فإن صحيحه أكثر الصحاح إعتماداً. والتفسير الوحيد لكي لا يتعارض كلامه صلى الله عليه وسلم هو أن يولد عيسى ابن مريم وتكون له نشأة ثانية في بيئة (سودانية)  فيكون بمواصفات سودانية جعد الشعر آدم اللون – فالسودان  يقع في المنطقة المدارية التي تسود لون البشرة وتعطل نمو الشعر- فيكون متقبضاً جعداً. أما النشأة الأولى في الشام، خارج المنطقة المدارية، فإنه سبط الشعر، أحمر أو مربوع الحمرة إلى البياض. فكلما ابتعدت المنطقة عن مدار الشمس، كان لون البشرة مائلا إلى الحمرة والبياض. والشعر مسترسلاً سبطاً. فمن لون عيسى في نشأته الثانية ومن مواصفاته يستبين (انه سوداني من إفريقيا).

ورد في الأثر (يكون بإفريقية أمير يلي اثني عشر عاما، وتكون بعده فتنة، ثم يلي أمير أسمر، يسير إلى المهدي ويؤدي إليه الطاعة ويقاتل عنه) الهيتمى فى القول المختصر في علامات المهدى المنتظر. يبدو أن المقصود بهذا الأمير، الرئيس عمر البشير وان الفتنة المذكورة في الحديث قد تكون فتنه المؤتمر الوطني بإنقسامه والله اعلم.

أما الأمير الأسمر الذي يسير إلي المهدي ويؤدي إليه الطاعة ويقاتل عنه، هو المسيح بلا ريب ويسير بطائفة أهل المغرب من أفريقية وينزل عند المنارة البيضاء. انطلاقا من الخرطوم، كما أورد الإمام القرطبي في التذكرة  (ويكون على مقدمته صاحب الخرطوم وهو صاحب الناقة الغراء وهو صاحب المهدي وناصر دين الإسلام وولي الله حقا) ومن عظم النبوءة ذكر اسم الخرطوم حرفياً، لتحدد بدقة مكان انطلاق ناصر دين الإسلام، وبلا خلاف هو عيسى ابن مريم الذي يهلك الله في زمانه كل الملل ويبقى الإسلام منصورا على الأديان السماوية بعد أن يفك الحصار عن المهدي المحاصر في المنارة البيضاء شرقي دمشــق – في العراق – وقد كان ذلك التحديد من قبل أن تظهر الخرطوم إلى الوجود على خريطة العالم.

بعد أن أثبتت النصوص أن المسيح عيسي بن مريم يعود ثانية ويولد مرة أخرى  وغرب الجزيرة العربية وتأكد كل ذلك بنصوص لا تقبل الجدل بل إن المجادل يجد نفسه في مواجهة مع هذه النصوص، وبطريقة تجعله هو المعني بقوله تعالى:”َإِنَّهُـمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ” الأنعام الآية  33. ولمحاولة التهرب من مجابهة القرآن يطالبني المجادلون بمعجزات ظاهرة، فارد عليهم بالقرآن لما فيه من عظات وعبر لأن المعجزات لم تكن يوماً هي سبباً لإيمان الناس، فإن النمروز لم يضع تاجه على رأس إبراهيم عليه السلام بعد خروجه من النار بإعجاز رباني، بل قال له: “أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا” مريم الآية46.  وتحت التهديد والوعيد أختار المنفى الاختياري فراراً بدينه. وعقرت ناقة صالح عليه السلام قال تعالى: “وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آَيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ (64)  فَعَقَرُوهَا” هود الآية64 – 65.

وقتل سحرة فرعون لما آمنوا لموسى عليه السلام فإنهم كانوا مكرهين على مناظرة موسى عليه السلام، ولم يطلبوا منه المعجزة. يقول تعالى:  “إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ” طه الآية 73 . وأما فرعون قال عنه:”وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آَيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى” طه الآية 56.

وأن قريشاً لما طلبوا من محمد صلي الله عليه وسلم أن يشق لهم القمر، وقد فعل بإذن الله أعرضوا، قال تعالى في شــأنهم:  “اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1)  وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ” القمر الآية 1-2. .

ويكفي في هذا المجال قوله تعالى” وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آَيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ (109) وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ” الأنعـام الآية 109 – 110. .

فلم تكن المعجزات سبباً لإيمان أحد في يوم من الأيام  فقريش التي طالبت  بالمعجزة كفرت بها بعد وقوعها، في حين آمن (الأوس والخزرج) ولم يطالبوا النبي صلي الله عليه وسلم بمعجزة.

وخلاصة القول: لكي يعلم الناس أن سليمان أبا القاسم موسى هو ذات المسيح وليتأكدوا من ذلك عليهم بالرجوع إلي الكتاب واستفتاء علماء الأصول وهو الطـريق الأمثل لمعرفة الأنبياء من قبل، ولمعرفة المهديين من بعد، يقول تعالى :”وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ” الرعد الآية 43.

وعلم الكتاب عند علماء الأصول، ومن عندهم علم الكتاب يعرفون أن الإمام يعــرف بسمــاته، عــلى قاعـدة سورة محمـد:  “فَلَعَرَفْتَهـُمْ بِسِيمَاهُمْ” وهي المبينة في قوله تعالى: ” وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ” النساء الآية.83  وقد أورد صاحب كتاب جواهر المعاني كلام أهل الله ، قال:”الولي لا يأتي قط بشرع جديد، وإنما يأتي بالفهم الجديد من الكتاب والسنة الذي لم يكن يعرف لأحد قبله، ولذلك يستغربه كل الاستغراب من لا إيمان له بأهل الطريق ويقول هذا لم يقل به أحد على وجه الذم” جواهر المعاني ج 1 ص 16.

أقــول: إن خصوصية المجدد تكمن في أن يأتـي بالجديد الغـير مسبوق، فيكتسب صفة الخصوصية والتمييز على علماء زمانه. ولما لم يسبقني أحد من علماء السلف ولا علماء هذا القرن باستنباط ميلاد عيسي ابن مريم ثانية في هذه الأمة وتأصيل ذلك بالكتاب والسنة، تفردت بصفة مجدد القرن بتصحيح عقيدة العلماء المورثة من شروحات السلف لتوضيحي للمعاني الصحيحة من الكتاب والسنة بشرح وفهم جديد صحيح غير مسبوق.

كنت قد صرحت بأني خليفة الله في هذا الزمان ومجدد القـرن الحالي، وأني ذات المسيح عيسي إبن مريم مهدي هذه الأمة، وسماتي دالة على ما قاله الله تعالى في صفة الإمام على نحـو قولـه: “َعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ” فهذه شهادة من الله لي بأني أنا سليمان أبا القاسم موسى  المسيح المهدي المحمدي، منقذ هذه الأمة من محنتها الراهنة، وكفي بالله شهيداً.

وأقـول: إن حالة التشتت والفُرقة التي يعيشها العالم العربي والإسلامي وكثرة الفتن والقتل والظلم ما هو إلا تمهيد لحكم المسيح فقد إمتلأ العالم ظلماً وجوراً بسبب المؤامرات الشيطانية الخبيثة بقيادة الدجال وجنوده (أمريـكا وإســرائيل)  فلا أحد يستطيع أن يهزمهم إلا المسيح سليمان أبو القاسم ولا أحد سواه فلم يسلط على قتل الدجال إلا عيسى إبن مريم. وأن جميع المحاولات في لبسط الأمن والسلام والعدل في هذه الدول وبداية بالسودان ستبوء بالفشل وقد ذكرت ذلك مراراً وتكراراً ، أنه وبعدم إلتفاف السودانيون حولي فلن يتحقق العدل والســـلام وأنه إهدار للوقت والجهد ولا أحد يستطيع خلاص هذه الأمة من محنتها الراهنة، بل كل الملوك والرؤساء والقادة العسكريين وقفوا عاجزين عن تحريك آلاتهم العسكرية لنصرة الإسلام والمسلمين بل أصبحوا بتقاتلون فيما بينهم لتنفيذ أجندة الدجال في عدم إستقرار هذه الدول، وانصبت أقلام المفكرين الحائرة في التعريض بالملوك والرؤساء، وقام العلماء خطباء في المساجد في وقت لا يجدي فيه اللوم، ولا تنفع الخطب بل الذي يفيد الآن هو التفاف الأمة حول إمامها الذي ينازل العدو في الميدان لإغاثة المسلمين ونصرة الحق والدين  وهذا ما تحتاجه الأمة الآن.

أما علماء الأصول، قال عنهم الله تعالى :”الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ” البقرة الآية 146.  فهم اليوم في امتحان حقيقي فإما أن يعلنوا للناس أن سليمان أبا القاسم هو المسيح المهدي، وإما أن يحق فيهم قوله تعالى:  “فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالـدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيـْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ”  الأعراف الآية169.  فالعلماء اليوم بين مطرقة الحق وسندان الخلق المتمثل في ملوك ورؤساء العالم العربي والإسلامي اليوم.

وقد حكم العرب بنصوص القرآن، أن عيسى إبن مريم رفع روحاً وسيعود روحاً وتـلده امرأة متزوجة برجل من أهل البيت، ويولد غرب الجزيرة العــربية، آدم اللـون ومن السودان بلون (الحمأ) وهو إمام المسلمين اليوم، وهو سليمان أبو القاسم موسى وفق قوله تعالى:”وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ ” الرعد الآية 37.   فالقرآن يحكم به بمقتضى اللغة العربية وليس بميل الأهواء.

الخـــاتمة

على أئمة المساجد في كل مكان، والعلماء، تصحيح عقيدة الناس في كيفية عودة المسيح، بعد أن بيّن كتاب الله وسنة رسوله الكريم، أنه ينزل من الله روحا وينزل في الأرحام ويولد مرة ثانية وهذه مسألة جوهرية قاطعة لا لبس فيها، وأنه من السودان بالتحديد. وما دام القرآن بين أيدينا فلن يلتبس علينا الحق بالباطل أبدا. قال تعالى: ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) النحل الآية 89. وقال صلى الله عليه وسلم: (قد تركتكم على المحجه البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدى إلا هالك  ومن يعيش منكم فسيرى إختلافاً فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنه الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وعليكم بالطاعة وإن عبداً حبشياً فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد إنقاد) أخرجه البخاري والترمذي وأحمد. فالمسئولية جد عظيمة لأنها مسئولية أمام الله، وتصحيح العقيدة يتطلب جهداً كبيراً لأن العقيدة الفاسدة تشعبت مع النفس وامتزجت بها وتخللت الجسد فأصبحت لبنته وقوامه. فلابد أن تنهض الأمة جمعاء للقيام بتصحيح العقيدة، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته. وتقع المسئولية الكبرى على الملوك والرؤساء في العالم الإسلامي لأن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن وأنتم تعلمون أن قريشاً التى ظلت تكذب الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من عقد من الزمان، وظل يتلو عليها القرآن ويجادلها بالتي هي أحسن دون جدوى، ولكنها آمنت له كلها في ساعة واحدة، عندما جاءها بهيبة السلطان. والسلطان نفسه هو الذي وقف في وجه الإيمان بموسى عليه السلام. (فَمَا آَمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ) يونس83. فلا تفتنوا الناس عن مبايعتي وإتباعي. فالرعية تنتظر مبادرتكم حتى لا تقولوا لهم آمنتم له قبل أن نأذن لكم، وللأزهر الشريف دوره الرائد في التصحيح فالعلماء في مشارق الأرض ومغاربها هم كواكبه، أضاءت ظلمات الجهل من ضياء شمس معارف الأزهر حتى إستبان طريق الهدى والرشاد، محجة بيضاء لمن أراد الوصول إلى الله فكلكم مسئول عن رعيته. وأنتم محط ثقة الجميع. وعلى أحبار هذه الأمة وعلمائها في شتى أنحاء العالم مسئولية جسيمة في تصحيح العقيدة. فهم ورثة الأنبياء في الاستقامة على جادة الطريق، والخوف خشية أن تزل قدمهم بمخالفة الله ولو بصغائر اللمم. (ولأن يهدي الله بك امرئ واحداً خير لك من حمر النعم). فأنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر، وتؤمنون بالله وتكفي الشهادة على أمانتكم، أنكم حفظتم نصوص الشريعة كما هي دون تحريف بحفظ القواعد الأساسية التي تقوم عليها الشريعة والعقيدة، فما زالت المعالم واضحة لمن أراد إقامة صرح الدين. فأي شهادة تقدير أعظم من حفظكم للدين فأورثتموه كما ورثتموه بلا تحريف فلا تتوانوا في أن تعدوا في قائمة المصححين فأنتم أعلم بنصوص التشريع والله المعين.

(40) قال رسول الله صلى الله علية وسلم: (نضر الله عبداً سمع مقالتي فحفظها ووعاها، وأداها كما سمعها فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه) السيرة النبوية – مؤسسة البلاغ – طبعة أولى ص 373. وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نضر الله امرئاً سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها فرب حامل فقه الى من هو أفقه منه) صحيح اخرجه الترمزي واللفظ له 5/24 وإبن ماجة 1/85 وأحمد 1/437 . وفي رواية قال رسول الله صلى الله وسلم: “نضر الله امرأ منا سمع منا حديثاً فحفظه حتى يبلغه غيره، فرب حامل فقه الى من هو افقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه” رواه الترمزي ـ صحيح. 

وبفضل هؤلاء الأمناء إلحاق آخر هذه الأمة بأولها قال تعالى”وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِم” الجمعة الآية 3. وسيقفل باب الإنضمام لهذه الطائفة بعد موتي، بعد أن أملا الأرض عدلاً ولو ليوم واحد. قال تعالى: “وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ” النساء الآية (159) صدق الله العظيم.

فغاية مما كلفت به هو البلاغ المبين بأني أنا سليمان أبا القاسم المسيح المهدى منقذ هذه الأمة من الفتن وهاديها من الضلال وناصرها بالحق وداعياً إلى الله بإذنه على محجة الرشاد.

 

المسيح المهدي سليمان أبي القاسم موسى

أكتوبر 2021م