بسم الله الرحمن الرحيم
الفهرست
مـقدمـة
منهـج الإسـلام
تحديد زمن خروجه وإمامته
تحديد شخصية عيسى ابن مريم عند عودته
الخاتمــة
مـقدمـة :
هذه النشرة تعتبر عماد النشرات السابقة لأنها اقتصرت فقط على المصادر الأساسية الصحيحة دون الاستشهاد بالأحاديث المشكوك في صحة سندها أو المتشابه من القرآن. بل الاعتماد في الأساس على محكم القرآن والأحاديث الصحيحة.
منهـج الإسـلام
قال تعالى }يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا” 26ـ 27 سورة النساء ـ وبيّن الرسول صلى الله عليه وسلم سنن الأنبياء لتهتدي بها الأمة.
1ـ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وأنه لا نبي بعدي وأنه سيكون خلفاء كثيرون، قالوا فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: فوا ببيعة الأول فالأول وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عمَّا استرعاهم” متفق عليه واللفظ للبخاري.
تضمن الحديث التشريعات الآتية :
1/ أن الخليفة يتم تعيينه من الله.
2/ بيعة الخليفة حق على كل مسلم أوجبه الدين ومن لم يبايع الخليفة أرتد إلى الجاهلية
2ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “ومن مات ليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ) رواه مسلم.
إذا مات هذا الخليفة فإن الله سيعقبه بخليفة آخر فيجب على من أدركه ان يجدد البيعة له خلفاً لسلفه.
3ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” تحشرون حفاة عراة غرلا ثم قرأ (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) فأول الخلق يكسى إبراهيم، ثم يؤخذ برجال من أصحابي ذات اليمين وذات الشمال فأقول أصحابي، فيقال أنهم لن يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم. فأقول كما قال العبد الصالح عيسى بن مريم ﴿وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ *إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ أخرجه البخاري.
اشتمل الحديث على التشريعات الآتية :
1 ـ بيعة الرسول صلى الله عليه وسلم مجزية في حياته وبعد موته يلزم من عاش بعده من الصحابة والتابعين مبايعة من خلفه من الخلفاء وهكذا إلى قيام الساعة.
2 ـ وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم كوفاة عيسى وهذا الحديث يفسر للأمة وفاة عيسى الواردة في قوله تعالى: ” إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ” (55) سورة آل عمران. وان الرسول صلى الله عليه وسلم استخدم عبارة (يتوفى) في موت عيسى في آخر الزمان.
4ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” فيمكث في الأرض أربعين سنة ثم يُتَوَّفى ويصلى عليه المسلمون ويدفنونه” رواه أحمد.
لقد اختلف العلماء حول وفاة عيسى وعودته ولكن الحكم الفيصل عند الاختلاف يكون بالرجوع إلى الكتاب والسنة لمعرفة الحق وليس آراء العلماء أو السلف قال تعالى {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ} (40) سورة يوسف.
5ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” ليبلغ الشاهد الغائب فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه” رواه البخاري. وفي رواية أخرى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” فليبلغ الشاهد الغائب فإنه رب مبلغ يبلغه من هو أوعى له ” رواه البخاري.
التعليق : الشاهد هو الصحابي والغائب خلف هذه الأمة. وهذان الحديثان يدحضان عقيدة إحتكار العلم لعلماء السلف ويتركان باب العلم مفتوحاً بل الأمر يتعدى ذلك إذ في الحديثين تشريع بأنه قد يأتي من الخلف من هو اعلم بشرع الله من السلف. وهذا هو المدخل لعودة المسيح التي نص عليها الكتاب والسنة خلافاً لإعتقاد السلف في أن المسيح بقى بروحه وجسده على الحالة التي كان فيها في بني إسرائيل وأنه ينزل كذلك والحق الذي بيّنه القرآن والسنة غير ذلك وهو أن يولد المسيح مرة ثانية في هذه الأمة وإليكم البيان على ذلك:
قال تعالى {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾(157، 158) سورة النساء.
وقال تعالى “إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ” (55) سورة آل عمران.
آيتا النساء نفتا قتل اليهود له وآية آل عمران أثبتت ان الله توفاه ورفعه. فالآيات أحكمت الوفاة والرفع أي أثبتتهما ولكنها لم تفصِّل كيفيته الرفع هل رفع بروحه وجسده أم رفع روحاً فقط؟. ولما كان القرآن يشرح بعضه بعضاً أي ما أجمل في آية في القرآن نجد له تفصيلاً في آيات أخر كما بين الله تعالى في قوله: “الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ” (1) سورة هود.
لقد جاء شأن عيسى مفصلاً في آيات أخر من القرآن قال تعالى “وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ * وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ”(7، 8) سورة الأنبياء.
وقال تعالى:” وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ”(34) سورة الأنبياء.
الآيات قيدت فترة زمنية محددة (قبلك) قبل محمد صلى الله عليه وسلم ونفت في هذه الفترة المعينة بقاء أي بشر نبياً أو غير نبي ان يبقى بجسده وبشريته فهي تشمل عيسى ابن مريم وتنفي بقاءه بشراً كما يعتقد من لا علم له وهو الإعتقاد الخاطئ الذي رسخه العلماء في ذهن الأمة. ومع فناء جسد عيسى بالوفاة إلا أن القرآن أكد عودته قال تعالى “…وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ …” (55) سورة آل عمران.
أقـول :
إن أي اعتقاد في عدم عودة المسيح فإن هذه الآية معناها البديل هو نسخ القرآن وإبقاء إتباع المسيح بالإنجيل بدليل القرآن نفسه وهذا مستحيل لهيمنة القرآن على كل الكتب المنزلة قال تعالى : {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ …” (48) سورة المائدة. فالهيمنة تعني إبطال حكم غيره في وجوده ومثله قوله تعالى: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ”(4) سورة الزخرف. فحكم القرآن يعلو على حكم غيره من الكتب. وهذه الآية إلى جانب آيات أخر حددت عودة عيسى بعد وفاته ورفعه لأن الآية تضمنت نصاً صريحاً بأن عيسى يتبع إلى يوم القيامة من دون انقطاع هذا الإتباع. وبما أن القرآن أكد أن عيسى الذي بعث بالإنجيل انقطع إتباعه وبقى الإيمان به من دون إتباعه بالإنجيل كسائر الأنبياء بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بنص قوله تعالى:”الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ”(157) سورة الأعراف.
فآية الأعراف (157) أثبتت انقطاع إتباع عيسى بالإنجيل فيكون إتباعه إلى يوم القيامة في آية آل عمران (55) دليلاً على عودته وقوله تعالى:{وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ}) (46) سورة آل عمران. هذه الآية وان كانت تعاضد آية آل عمران (55) في عودة المسيح إلا أنها تزيد عليها لأنها تفصل العودة بميلاد المسيح للمرة الثانية في هذه الأمة بعد ميلاده الأول في بني إسرائيل فالقرآن عربي ويفهم بلسان العرب قال تعالى : “وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ “(4) سورة إبراهيم.
وقال تعالى:{وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ *نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ﴾(192 ـ195) سورة الشعراء. وبما أنه في لسان العرب سن الكهولة هي العمر مابين (40 ـ 60) سنة وبما انه قد مضى على ميلاد عيسى في بني إسرائيل (2006) سنة فإنه لو بقى بروحه وجسده فلن يكلم الناس في هذه الأمة كهلاً لأن عمره لا ينقص ولا يجمد بنص قوله تعالى: “وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ”(68) سورة يــس. فإن آية أل عمران (46) تؤكد ان عودته في هذه الأمة تكون بميلاده فيها. وجاءت السنة لتعاضد القرآن في ميلاد عيسى في هذه الأمة.
6ـ قال رسول صلى الله عليه وسلم :” والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الحرب ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خير من الدنيا وما فيها” ثم يقول أبو هريرة واقرأوا ان شئتم ﴿وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا﴾) رواه البخاري ومسلم.
بيّن هذا الحديث الأحـكام الآتية :
ان عيسى احد حكام هذه الأمة.
وانه قائد جيوش المسلمين وينتصر بالإسلام على اليهود والنصارى بقيادة الدجال وينتصر على المسلمين بقيادة السفياني (هو رجل يدعي الإسلام ويقاتل المهدي ) وبعد قتل المسيح المهدي للسفياني يوحد كلمة المسلمين.
وانه يشهد لمن آمن به واتبعه في عودته من أهل الكتاب (القرآن والتوراة والإنجيل) بالإيمان ومن كذبه منهم بالكفر.