
الفهرست
مـدخل:
المقدمة.
حرب السلام :
أرض الحُمْر الجغرافية.
بحـيرة نـَوْ:
نزوح دينكا نقوك إلى منطقة أبيي:
(ملحق):
أبيي أرض الحُمْر المسروقة.
الخطة الامريكية لتقسيم السودان.
المهدي والدجال وعيسي المسيح.
المهدي البيتي هو عيسي ابن مريم :
القحـطاني:
الخاتــمة.
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
مـدخل:
جاء في كتاب سلسلة قضايا سودانية للنقاش يحمل عنوان (اتفاقية السلام) جاء فيه ص46 حول منطقة أبيي:
5- تحديد الحدود الجغرافية:
5-1: تنشئ رئاسة الجمهورية مفوضية حدود أبيي لتحديد وترسيم منطقة مشيخات دينكا نقوك التسع التي حُولت إلى كردفان سنة 1905م والمشار إليها هنا كمنطقة أبيي.
5-2: تحدد الرئاسة تكوين مفوضية حدود أبيي والإطار الزمني المتاح لها غير أن اللجنة ستضم من بين ما تضم خبراء وممثلين عن المجتمعات المحلية والإدارة المحلية تنهي اللجنة أعمالها خلال فترة السنتين الأولين للفترة الانتقالية.
5-3: تقدم مفوضية حدود أبيي تقريرها النهائي للرئاسة حال الفراغ منه وعند عرض التقرير النهائي عليها تقوم الرئاسة باتخاذ الإجراءات اللازمة مباشرة لإدخال الوضع الإداري الخاص لمنطقة أبيي حيز التنفيذ.) أهـ.
وقال أمير عبد الماجد في الصفحة السابعة من الصحافة عدد السبت 23 يوليو 2005م تحت عنوان: (النار القادمة من أبيي) – الحلقة الأولى قال:” في المفاوضات وبين ثنايا الحوار تقدم المبعوث الأمريكي الخاص السيناتور جون دانفورث بمقترح حمل اسم (مبادئ الاتفاق بشأن أبيي) في التاسع عشر من مارس 2004م وسلمه للنائب الأول آنذاك على عثمان محمد طه ودكتور جون قرن النائب الأول للرئيس حالياً وقائد الحركة الشعبية واعتمد المقترح كأساس لحل النزاع بشأن أبيي مقترح السناتور دانفورث المعتمد قال في ديباجيته إن أبيي هي جسر بين الشمال والجنوب يربط شعب السودان وقال في المادة التي حملت الرقم (1-1-2) تعريفاً للمنطقة أنها منطقة مشيخات دينكا نقوك التسع التي حُولت إلى كردفان في عام 1905م.
وهذه المادة لها ارتباط وثيق بالإشكال الحالي المتعلق بتقرير لجنة الخبراء وتجاوز صلاحياتها …إلى جانب البند (5) في اتفاق أبيي الذي تحدث عن تحديد الحدود الجغرافية وقال في المادة (5-1) الآتي:
تنشئ رئاسة الجمهورية مفوضية حدود أبيي لتحديد وترسيم منطقة مشيخات دينكا نقوك التسع التي حُولت إلى كردفان في عام 1905م والمشار لها هنا بمنطقة أبيي). أهـ.
التعليق :
لقد أصبح المطلوب تحديده هو حدود بحر الغزال التي ضُمت إلى كردفان عام 1905م وهي المشار لها هنا بمنطقة أبيي وما كان ذلك ليخلق إشكالاً بين الدينكا نقوك والحُمْر ولكن يبدو أن هناك جهات تتعمد إثارة الفتن بين الحُمْر والدينكا لتجد لها موطئ قدم ومدخل إلى زعزعة أمن السودان كما توقعت ذلك مجموعة الأزمات الدولية لأنه في الأصل لم تكن تلك الحدود تابعة لدينكا نقوك ولكنها كانت حلقة تواصل (جسر) كما سماها دانفورث بين الشمال والجنوب وليس للنزاع فخرجت من هدف التعايش (التواصل) إلى حلبة الصراع والاقتتال.
المقدمة
حرب السلام :
اوردت صحيفة الصحافة في صفحتها الأولى بتاريخ 26يوليو 2005م نقلاً عن :نيروبي :وكالات .
“قالت مجموعة المنظمات الدولية امس أن اتفاق نيفاشا يمثل نجاحاً كبيراً على الصعيد الأفريقي الا أنه عرضة للخطر بسبب تردد الحزب الحاكم وتأخر الإصلاح في حركة التمرد والخلاف بشان النفط.
وذكرت المجموعة في تقرير اتسم بالتشاؤم بشان اتفاق يناير أن تنفيذ (الإتفاق) يتباطأ كثيراً.
وأضافت هناك حالة إحباط متزايدة لأن التوقعات المبكرة بشأن السلام لم تتحقق.
وقال كبير محللي المجموعة الدولية لشئون القرن الأفريقي في مؤتمر صحفي (رغم أنه خطوة على الطريق الصحيح … فينبغي للمجتمع الدولي أن لا يقنع بهذه النتيجة وينسى أمر السودان ويعتبر(الإتفاق) قصة نجاح).
وأضاف سيكون الطريق صعباً وخطراً في المستقبل، وذكرت المجموعة أن العائق الرئيسي هو غياب الإرادة السياسية لدى حزب المؤتمر الحاكم متهمة إياه بأنه وقّع الإتفاق في يناير لتحويل أنظار المجتمع الدولي عن صراع دارفور. وقالت المجموعة (أنه في حال الموافقة على الإنفصال فستحرم الخرطوم من ثروة نفطية ومعدنية كبيرة تتركز في الجنوب)، وأضاف التقرير وعنوانه (سلام السودان الهش) قائلاً :” انه يرغب في أن يبدو متعاوناً على الأقل حتى يدرأ الضغوط الدولية فيما يخص الوضع في دارفور ولكن لديه حافزاً قوياً للإنتقاص من الاتفاق مع الوقت”.
وتابع التقرير (أنه ينشط في تشجيع العداء بين الجماعات الجنوبية على أمل أن يتبين أن الصراع الداخلي في الجنوب يزعزع الإستقرار الى حد يمكن منه تاجيل الإستفتاء لاجل غير مسمى دون أن يكون هو الملوم).
ومن جهة آخرى فإن الحركة الشعبية لتحرير السودان متاخرة جداً عن جدولها الزمني للتحول من حركة تمرد الى حركة سياسية ودمج مقاتليها في جيش جديد.
وقالت المنظمة (إن تنفيذ الجدول الزمني لتحول الحركة الشعبية تباطأ الى حد بعيد بسبب التمركز الشديد لعملية اتخاذ القرار والافتقار لبعض القدرات الى جانب وجود مشاكل في السيولة النقدية) .
كما أن استمرار وجود مليشيا قوات دفاع جنوب السودان والتي كانت تعارض الحركة الشعبية في الماضي في الجنوب يمثل عائقاً آخر، وقالت المجموعة الدولية (إن المليشيا التي اتفق الجانبان من خلال التفاوض على حلها فعلياً ينبغى الآن دمج مقاتليها في هياكل الحركة الشعبية لمنع الخرطوم من استخدامهم في تقويض السلام).
ويلقى الخلاف بشان توزيع موارد النفط في جنوب السودان بظلاله على الإتفاق الذي ينص على أن تذهب نصف عائدات النفط في الجنوب الى سلطات المنطقة.
أما المشكلة الأكثر تعقيداً فهي الخلاف بشان الترسيم الدقيق للحدود بين الشمال والجنوب حيث يطالب الجانبان بمنطقة توجد بها حقول نفط، وقالت المجموعة إنه زيادة على ذلك وقعت الحركة الشعبية بشكل منفرد على عدد من الصفقات التي تتسم بالتهوّر بينها صفقة مع شركة وايت نايل البريطانية للتنقيب، الأمر الذي أثار غضب الحكومة.
وخلصت المجموعة الى أن مثل هذه الخلافات يمكن أن تعلق عملية توزيع عائدات النفط الى اجل غير مسمى وهو أمر من شانه أن يضعف قدرة الحركة الشعبية لتحرير السودان على تطبيق اتفاقات السلام الى جانب زيادة الافتقار الى الثقة المتبادلة.
أرض الحُمْر الجغرافية
عندما أتحدث عن ارض الحُمْر أقصد بها البقعة الجغرافية التي يحدها من الجنوب نهري (الغزال والزراف) وهي حدود طبيعية واضحة المعالم وتمتد شمالاً الى الأٌضية هذه الأرض لا يحق لاحد زحزحة الحُمْر منها لانها ديارهم ويوجب الشرع دفاع ابنائها عنها إذا تدخلت أيدي لاخراجهم عنها يقول تعالى:(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) الحج الآية 39-40 .
لقد تم تقسيم أرض الحُمْر إدارياً بين اربع مديريات هي بحر الغزال واعالي النيل ودارفور وكردفان وأن ذلك لم يحرك ساكناً في ابناء الحُمْر ولم يوجب الدفاع عنها لانهم لم يخرجوا من أرضهم وظلوا بها الى اليوم. لأن التقسيم الإداري للمديريات يتبع في النهاية الى إدارة سياسية موحدة يضمها السودان الكبير بشماله وجنوبه وشرقه وغربه ففي الغرب يتبع جزء من ارض الحُمْر لدارفور وكردفان والجنوب فيه أجزاء من أرض الحُمْر التابعة لإدارتي بحر الغزال واعالي النيل وأن أرض الحُمْر بهذا الوضع الجغرافي يجعلها الضامن الوحيد للسودان من التقسيم والتجزئة الى دويلات ذات إدارات سياسية مستقلة لأنه في حال إنفصال الجنوب عن الشمال بسبب منحهم تقرير المصير فإن مصير منطقة الحُمْر الواقعة في إقليمي بحر الغزال وبحر الزراف باعالي النيل يحددها أبناء الحُمْر وليس دينكا نقوك أو التوج أو الروينق لأن لكل هذه القبائل حدودها الجغرافية الواضحة المعالم التي تخص كل قبيلة فلا يحق لقبيلة التصرف في أرض قبيلة أخرى فلا يجوز شرعاً ولا يوجد قانون وضعي يجوزه لأنه تصرف في حق الغير بدون اذنه.
هذا الحق الشرعي والقانوني للحُمْر هو الذي يخرج إتفاق نيفاشا بين الحكومة والحركة الشعبية الخاص بإعتماد حدود 1956م من الشرعية ومنتهكاً لحقوق الحُمْر المدنية كحد لفصل الجنوب إذا صوّت الجنوبيون لصالح قرار الإنفصال وأول خرطة عرفت في المنطقة ضمت بحر الغزال الى كردفان في العهد التركي وكانت تغطي جزء من أرض الحُمْر ولم تشمل كل أرض الحُمْر الممتدة على امتداد نهر الغزال ونهر الزراف غرباً وشرقاً بأحداث ووقائع يشهد عليها تاريخ المنطقة ومدونة في التاريخ وأستدل على ذلك بما أورده أمير عبد الماجد في الحلقة الثالثة من مقاله (النار القادمة من أبيي) في صحيفة الصحافة بتاريخ 30 يوليو 2005م يقول: “عبد الرسول النور أحد قيادات حزب الأمة وأحد أبرز قيادات المسيرية وعضو وفد المفوضية، لديه رؤية لأحقية المسيرية ربما رسمت صورة عن قرب لغضب المسيرية من تقرير الخبراء، وهي رؤية تستند الى أن المسيرية وصلوا المنطقة في القرن السابع عشر واستوطنوا هناك الى الآن مما يعني أن الحياة هناك لم تشهد تغيرات كبيرة على المستوى الديمغرافي، وشواهد عبد الرسول على أحقية المسيرية بالمنطقة تعتمد في بعض جوانبها على شهادات كتاب زاروا المنطقة في تلك الفترة كالرحالة التونسي وبعض المسئولين الإنجليز الذين تحدثوا عن وقائع بعينها كالحرب التي اشتعلت بين السلطان (تيراب) سلطان درافور والسلطان (هاشم) سلطان المسبعات في كردفان وهي حرب أشار المؤرخون فيها الى المسيرية وقالوا إن تدخلهم في الحرب رجّح كفة السلطان تيراب عام 1756م أي قبل أكثر من نصف قرن من الغزو التركي .
ويدلل عبد الرسول النور على عدم وجود الدينكا بالمكان عبر واقعة عصيان المسيرية ومعارضتهم للحكم التركي الذي قضى على سلطنة المسبعات في عام 1822م فارسل لهم الحاكم التركي حملة تأديبية لاخضاعهم بقيادة أغا باشا الذي قُتل في المعركة بعد هزيمة جيشه، يقول عبد الرسول هنا( لم يذكر التاريخ شيئاً عن مشاركة الدينكا في هذه المعركة رغم انها كانت في الثلاثينيات من القرن التاسع عشر… ويضيف ولم يشاركوا ولم يذكر المؤرخون شيئاً عنهم في معركة دارت بالقرب من منطقة أبيي الحالية…لانهم ببساطة لم يكونوا هناك ) اهـ.
كل هذه الشواهد والشهادات تؤكد ملكية الحُمْر الخالصة لمنطقة أبيي الى ضفاف بحر الغزال والزراف فهم كقبيلة غير معنيين بفصل الجنوب عن الشمال بشرط ألا تُضم منطقة أبيي الى ضفاف بحر الغزال والزراف الى الجنوب إذا اختار الجنوبيون الانفصال .
جاء في الأثر عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : (تقتتل فئتان على دعوى جاهلية عند خروج امير وقبيلة فتظهر الطائفة التي تظهر وهي ذليلة(او حقيرة ) فيرغب فيها عدوها الذي يليها فيقتحم في النار ) رواه الحاكم في المستدرك ج(4).
اوردت صحيفة الصحافة في عددها (4360) بتاريخ 25يوليو 2005م في الصحفة الخامسة تحت عنوان (النار القادمة من أبيي) الحلقة الثانية ، بقلم امير عبد الماجد واقف فيه عند الفقرة الجوهرية اساس النزاع بين الحُمْر ودينكا نقوك وهي الفرضية السابعة .”.. الفرضية السابعة وهي فرضية استقتها من مرافعة حكومة السودان تقول:(إن المنطقة الوحيدة التي تأثرت بقرار سلطات الحكم الثنائي القاضي بادارة دينكا نقوك لجزء من كردفان كانت المنطقة الواقعة جنوب بحر الغزال وأن دينكا نقوك استقروا في المساحة شمال النهر فقط عام 1905م).
وتعتقد حكومة السودان أنه وقت صدور القرار القاضي بوضع منطقة دينكا نقوك تحت سلطات إقليم كردفان في هذا الوقت كان سلطان نقوك واناسه يسكنون المنطقة جنوب بحر العرب وأن الحكم الثنائي كان يعترف بان بحر العرب هو الحدود الشمالية بين اروب بيونق والمسيرية الحُمْر بالإضافة الى أن المنطقة الوحيدة التي نقلت تبعيتها الإدارية الى كردفان كانت تلك الواقعة جنوب بحر العرب وهي المنطقة التي كـان يسكنها دينكا نقوك وتوش “.
وتحليل الخبراء لهذه الفرضية قال الاتي :
” تتسم بينة الحكومة وتفسيرها لحدود 1905م بالصدقية منذ الوهلة الاولى لانها مسنودة بوثائق معاصرة مضمنة في التقارير السنوية حول اقليمي كردفان وبحر الغزال وتنص نصوصا صريحة حول كون بحر العرب كان يمثل الحدود بين الإقليمين بالإضافة الى الخرائط المعاصرة وشبه المعاصرة التي توضح أن الحدود بين الاقليمين كانت تمتد على طول بحر العرب .أنظر الخرطة التي توضح الحدود الإدارية بين مديريتي كردفان وبحر الغزال في العهد التركي ص(12).
الخبراء وصفوا هذه الحجة الحكومية في تقريرهم بـ(العقلانية) بعد اطلاعهم على خارطة اعدتها ادارة المخابرات عام 1904م استنادا الى ما اورده الميجور ويكنسون عن رحلته عام 1902م من الابيض الى دار جانق كما يقول الخبراء يصبح من المنطقي استخلاص أن العرب الحُمْر كانوا يعيشون بجوار بحر العرب وأن ويكنسون لم يمر في رحلته تلك بقرى دينكا نقوك الا بعد أن قطع مسافة (15) ميلا بعد نهر العرب .
يقول التقرير أنه إذا حاول المرء تحديد الأميال التي ذكرها ويكنسون لكل مرحلة من مراحل رحلته فسيتوصل الى أن النهر الذي اطلق عليه نهر العرب كان في الحقيقة هو رقبة الزراف (نول).
أقول: هذه الحقيقة يؤكدها ما ورد في تقرير الخبراء في نفس المقال جاء فيه :(فقد ذكر الميجور بريسفال اثناء سفره من واو الى منطقة اروب بيونق عام 1904م ان نهر الكير يبعد مسافة (50) ميلاً جنوب بحر العرب ).
التعليق:
عند دخول الإنجليز الى السودان كانوا يسمون المناطق والأماكن بلسان سكانها أو بلغتهم الإنجليزية إذا تعذر ذلك، وهذا يؤكد أن سكان بحر الغزال وبحر الزراف اللذان يقعان جنوب بحر العرب انما هي مناطق عرب الحُمْر لأنها تحمل لغتهم وعنهم سجّل الإنجليز اسم بحر العرب وبحر الغزال وبحر الزراف بالحرف اللاتيني فالعرب يسمون النهر بـ(البحر) وهي لغة عربية فصيحة.
وأن الدينكا يسمون النهر بـ (كير) وعندما تجاوز الميجور ويكنسون الى الجنوب وجد قرى دينكا نقوك. وهو ما توصل اليه الميجور بريسفال حين وجد أن نهر (كير) يبعد 50 ميلاً جنوب بحر العرب.
وهذا أبرز الحقيقة الآتية وهي:
هناك حدود قبلية بين قبيلتي الدينكا نقوك والتوج تحددها معالم على الأرض لا تخفى على احد من العرب الحُمْر أو دينكا نقوك وكل من يريد ان يشهد للحق وبالحق فالمواقع التي تحمل الأسماء العربية هي أرض الحُمْر بلا منازع والمناطق التي تحمل اسماء لغة الدينكا فهي أرض دينكا بلا منازع وإن هنالك تداخلاً ادارياً لا علاقة له بالحدود القبلية لان الادارة قومية وليست عنصرية فإن الحدود الادارية قسمت منطقة قبيلة الحُمْر التي يحدها من الجنوب الغربي بحر الغزال ومن الجنوب الشرقي بحر الزراف ستظل ارضاً للحُمْر مهما كانت تبعيتها الادارية كما ستظل الأراضي ملكاً لاصحابها الحُمْر الذين تفرقت أرضهم بين بحر الغزال في الجنوب الغربي واعالي النيل في الجنوب الشرقي وكردفان في الشمال وأن هذه الأرض لا تدخل في تقرير المصير المتفق عليه بين الإنقاذ والحركة الشعبية واذا كان الفصل عنصرياً فعليه الا ُيمسّ بحر الغزال وبحر الزراف وبحر العرب لانها ملك لقبيلة الحُمْر فلا يحق لقبيلة غيرهم تحديد مصيرها بل كل يقف عند حده القبلي، واذا ارادت الحركة الشعبية وحكومة الإنقاذ تقسيم حدود المديريات على اساس قبلي عنصري فإن المنطقة الواقعة من (الأُضية) في الشمال الى نهر بحر الغزال ونهر الزراف في الجنوب تُضَم في محافظة واحدة تحمل اسم محافظة الحُمْر أما اذا تحلى القادة السياسيون بروح القومية وسموا عن التردي في انكفاء العنصرية فستظل قبيلة الحُمْر بحدودها الجغرافية التي تتبع الآن الى ولايتيّ بحر الغزال في جزئها الجنوبي الغربي وولاية الوحدة في اعالي النيل في جزئها الجنوبي الشرقي لأنها منطقة وجودهم الطبيعي ولم يتخلوا عنها في يوم من الأيام حتى عندما بلغ التمرد أوجّه وانسحبت الحكومة من بحر الغزال وبحر الزراف قاوم الحُمْر التمرد ووصلوا تلك المنطقة لانها ملك لهم وليس للدينكا فقاتلوا التمرد ولم يغادروا المنطقة الى اليوم. فاذا كان الحُمْر قد تمسكوا بأرضهم في حالة الحرب فلا احد يسلبهم أرضهم في حالة السلم.
بحـيرة نـَوْ:
تمثل ضفاف نهريّ الغزال والزراف الموطن الجغرافي والسياسي لقبيلة المسيرية، فإن بعد المنطقة الجغرافي ووعورة طرق الوصول إليها جعلها شبه مستقلة عن نفوذ السلطنات التي كانت في كردفان و دارفور والسلطنة الزرقاء ومثلت ضفاف النهرين موطناً جغرافياً للقبيلة لأن وديان الأنهار تفيض وتغمر مساحات واسعة من الأراضي المنبسطة وعندما تنحسر المياه في فترة الصيف تنبت في مراقد المياه الكلأ المرئ تأكل منه أنعامهم فتمتلئ لحماً وتجود لهم باللبن الغذاء الأساسي للمسيرية وقديماً قال الناس ((الشعر ديوان العرب)) وتاريخ المنطقة يحفظ لنا وجود المسيرية على ضفاف نهري الغزال والزراف ومن تلك الآثار: تتناقل الأسرة أنشودة لأم كلثوم بنت الفضيل ابن رحمة والدة جدي لأمي تمدح فيها زوجها عبد القاسم وتقول الأبيات:
كان خوفـوه ما بخـاف
وكان خلُّـوه بزيد تـلاف
أبْ شيـشة تور القـراف
برعـى بيـك الـدفـاف
وعبد القاسم لقبه (أب شيبة) ولكنها قالت (أب شيشة) بالترخيم والدفاف مفردها (دفة) وهي لحن في الكلمة العربية (ضفة) وجمعها ضفاف) والمقصود بها ضفاف بحري الغزال والزراف. لقد عاش عبد القاسم في الفترة (1800 ـ 1879م) معاصراً لسلطنة الفونج وتوفي في العهد التركي وعلى مجري هذا النهر توجد بحيرة (نَوْ) وهي موضع إنداح فيه النهر في مساحة شاسعة أدى إلى تغيير ملحوظ في مناخ المنطقة فعندما تهب الرياح الجنوبية الغربية فإنها تتشبع ببخار الماء من مسطح البحيرة المائي فيتحول إلى نسيم عليل منعش للنفس فيطلق عليه المسيرية كلمة (نَوْ) بفتح النون وسكون الواو ومعناها الهواء الرطب الذي يحمل رائحة الماء فهي تماثل كلمة (الصبا) في لغة عرب الجزيرة والنبات النضير المتشبع بالماء يطلق عليه المسيرية كلمة (مناوٍ) اشتقاقاً من كلمة (نَو) وهنالك زهرة الـ(نوني) أسمها مشتقاً من الـ(نَوْ) لأنها لا تنبت في الماء المستديم.
واخذ المستعمرون والمكتشفون من المسيرية أسماء المعالم على النهر فسموا الجزء الغربي من النهر بحر الغزال وسموا الجزء الشرقي بحر الزراف وأطلقوا كلمة المسيرية (نَوْ) على البحيرة الواقعة على مجرى النهر. وحتى دينكا التوج أطلقوا إسم الـ(جور) على إمتداد بحر الغزال لتواجد العرب على ضفافه لأن كلمة (جور) عندهم تعني (العرب) فهي شهادة من الدينكا أنفسهم بأن بحر العرب هو بحر الغزال.
وهذان النهران (بحر الغزال والزراف) هما الموطن السياسي والجغرافي لقبيلة المسيرية ولكن يرغمهم الذباب والبعوض في فترة الخريف للنزوح إلى جنوب كردفان ومع بداية توقف الأمطار فإنهم يغفلون راجعين للإستقرار حول ضفاف النهرين إلى أن يجبرهم البعوض والذباب للنزوح شمالاً في العام القادم وهذا سبب ترحالهم .
ان سبب مغادرة المسيرية لبحر الغزال والزراف المؤقت هي الظروف الطبيعية في فترة الأمطار فيلجأون إلى جنوب كردفان ثم لم يلبثوا ان يعودوا إلى بحر الغزال لأنها موطنهم الجغرافي والسياسي وعن المسيرية اخذ الإنجليز اسم مديرية بحر الغزال السياسية فهي مديرية المسيرية الخاصة بهم ولو لم يجد الإنجليز المستوطنين من المسيرية لأطلقوا على معالم بحر الغزال أسماء المواطنين فيها أو أطلقوا عليها اسم مكتشفيها مثل بحيرة (دوارد) أو بحيرة (كيوجا) أو بحيرة (توركانا). أو بحيرة رودلف.
قد يجادل أهل كردفان المسيرية في ملكية الأرض أما سكان بحر الغزال إلى نهر الجور والجزء الواقع شمال بحر الزراف من أعالي النيل إلى حدود كردفان فإن هذه البقعة من الأرض خالصة للمسيرية لأنها تحمل توقيعهم وبصمة يدهم فلا منازع لهم في إحتكارهم لملكية هذه الأرض فإسم النهر في الشمال (النيل) و في كل مرحلة من مراحله يتغير اسمه تبعياً لتسمية السكان المحليين حوله ومعلوم انه لم يوجد تداخل بين القبائل قبل الإنجليز فكل قبيلة كانت تعيش في وحدة إدارية منفصلة ولا سلطان لها على القبائل المجاورة وكانت تفصل بين القبائل المتجاورة خطوط نار عازلة تمثل حدودها السياسية والإدارية لأن أي احتكاك بين أي قبيلتين متجاورتين يعني الحرب والاقتتال. فكانت كل حدود قبيلة تمثل دولة مستقلة بذاتها، ولكن بعد دخول المستعمر الإنجليزي وبسطه لسيطرته على الجميع وبسطه للأمن حدث التداخل بين القبائل وبناء على هذه الحقيقة فان الحدود الجغرافية والسياسية لكل قبيلة هي ما كانت قبل دخول الإنجليز وليست الحدود الإدارية التي صنعها الإنجليز لتسهيل مهمتهم في إدارة أمن واقتصاد البلد. وهذه هي الفترة التي تسللت فيها قبائل الدينكا والنوير إلى شمال نهري الغزال والزراف واستوطنوا في منطقة المسيرية وهذا يمنحهم حق المواطنة ولكن لا يمنحهم حق ملكية الأرض وتقرير مصيرها والحقيقة الهامة هي ان المسيرية وُجِدُوا في هذه المنطقة قبل أن يوجد السودان كدولة في حدوده السياسية وكانت بحر الغزال تمثل دولة المسيرية السياسية قبل ان يوجد السودان السياسي وإذا لم يرض السودانيون بالمسيرية في السودان الجديد فما عليهم إلا ان يفصلوا بحر الغزال والزراف عن هذا السودان الجديد وفي هذه الحالة ستكون للمسيرية دولتهم المستقلة عن السودان وستتعامل مع السودان الجديد بحسن الجوار وتقيم معه علاقات دبلوماسية مميزة وربما معاهدة دفاع مشترك وإذا أدركت القبائل الجنوبية المجاورة للمسرية هذه الحقيقة وهي أكثر القبائل المطالبة بالانفصال. فإنهم سوف يفكرون ألف مرة ومرة في الإقدام على خيار الانفصال . واني على يقين تام بأن هذه المنطقة بالتحديد هي العصب الرابط بين شمال السودان وجنوبه وصمام الأمان لوحدة السودان. والمطلوب من السياسيين والمثقفين في الحركة الشعبية بوجه خاص التنبه لهذه الحقيقة قبل الإستفتاء المرتقب لان منطقة المسيرية بموقعها المميز هي وحدها الكفيل الذي يجعل الوحدة خياراً جذاباً للجنوبيين
وللإيضاح فقد أُرفقت الملحق (أبيي مركز الصراع) من المنشور رقم (21) (المخلص من شر الدجال وحروب الروم) تحت عنوان : أبيي مركز الصـراع
في تحليل سياسي للشارع السياسي تحت عنوان النزاع القبلي في(( أبيي ))
الحقائق الغائبة:
(جاء في مقال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي آدم العمراني المقيم في المملكة العربية السعودية أن مخطوطة الفكي النور موسى المؤرخة عام 1110هـ –1700م تعتبر أقدم أثر للمسيرية في الإستقرار في أبيي قال هندرسون في كتابه مذكرات هجرة المسيرية إلى جنوب غرب كردفان المجلّد (( 22)) ان النور موسى هو أقدم شخص يؤرخ لهجرة المسيرية من مملكة وداي بين دار فور والكفرة إلى وطنهم الجديد – ذكر التونسي، الرحالة والمؤرخ الذى زار المنطقة في القرن الثامن عشر أن المسيرية تحالفوا مع السلطان هاشم سلطان المسبعات في كردفان لصد عدوان السلطان تيراب سلطان دارفور عام 1785م مما يؤكد بأن فى ذلك الوقت كان المسيرية استقروا سلفاً فى كردفان لفترة طويلة مكنتهم من أن يفهموا الأوضاع السياسية ويشاركوا فى صنع الأحداث، قال التونسي: انه بعد مقتل السلطان تيراب إنضم إلى مغتصب العرش عبد الرحمن الرشيد فى عودته إلى دارفور عدد من شيوخ المسيرية والرزيقات بلغ عدة آلاف. إتفق المؤرخون والرحالة بمختلف جنسياتهم بأن المسيرية استقروا فى منطقة أبيي لأكثر من قرن قبل ان يهاجر إليها الدينكا. قال: بي. بى هاول: فى كتابه مذكرات عن دينكا نوك بغرب كردفان الذى نشر مقتطفات منه سنة 1951م فى المجلّد ((30)) أ س – أ ن – أر يصعب تحديد الوقت الذى بدأت فيه هجرة دينكا نوك فقال: يتعذر تقديم تأريخ دقيق لهذا الحدث، ولكن من خلال الدراسة وخرائط الرحالة الأوائل فإن هجرة الدينكا لمنطقة أبيي يمكن تحديدها بأنها لقد حدثت فى القرن التاسع عشر الميلادي. لقد ذكر تقرير إستخبارات السودان رقم 128 بتأريخ مارس 1905م بأن السلطان أروب قرر سنة 1904م أن يتبع لمديرية كردفان وليس لبحر الغزال. السلطان أروب هو أول زعيم لدينكا نوك. فى عام 1905م تم إبرام ميثاق اخاء بين زعيم المسيرية الناظر نمر علي الجلة والسلطان كوال أروب الذى عبر بموجبه دينكا نوك ليستقروا ببحر العرب فى منطقة أبيي. كان لميثاق الاخاء دور كبير فى تطور العلاقة والمودة السائدة لفترة طويلة بين المسيرية والدينكا نوك فكان هناك إحترام متبادل من الطرفيين لهذا الميثاق، والإنصهار والإندماج والمودة بين المسيرية والدينكا. وكان هذا يشهد به الأعداء قبل الأصدقاء. إن المفتش الإنجليزى أثنى على هذه المودة فى تقريره سنة 1920-1921م وكذلك مدير مديرية بحر الغزال أشاد بهذه العلاقة فى خطابه بتاريخ 21/7/1927م واوصى بان يستمر الدينكا نوك فى مجلس ريفي المسيرية نتيجة لعلاقتهم الجيدة وقد قامت الإدارة البريطانية فى اواخر الثلاثينات بإجراء استفتاء للدينكا نوك بزعامة كوال أروب وأعطته الخيار إذا كان يريد الإنضمام إلى الجنوب أو الإستمرار فى الشمال وان يبقى تابعاً لمجلس المسيرية. وقد قامت الإدارة البريطانية بحشد عدد كبير من سلاطين الدينكا بعد أن عقدت معهم سلسلة من الإجتماعات السرية وطلبت منهم إقناع كوال أروب بخيار الإنضمام إلى بحر الغزال والتخلى عن الشمال وطلبوا منهم أن يشرحوا له شروط بنود ميثاق الاخاء الذى لا يعطيه الحق فى الأرض، ولكنه أكد لهم معرفته التامة بهذا الميثاق مع ذلك فإنه ملتزم به ولقناعته بالوفاء لرغبة والده هذا الوفاء الذى شهد به الدكتور فرانسيس دينق مجوك حيث قال:” ان كوال أروب صرح لزعماء الدينكا فى إجتماع خاص ان إختياره للشمال لم يكن تفضيلاً للعرب على أهله الدينكا، لكنه كان وسيلة لحماية أرضهم ومصالحهم إذا قرروا الإنضمام إلى الجنوب، فإنه يخشى ان يطالب المسيرية بأرضهم على انها ملكهم ويتحولوا إلى جيران معاديين ويجبروا الدينكا على الخروج منها… هذه هي شهادة الدكتور فرانسيس دينق مجوك” المصدر : الشارع السياسي الأحد 18 ديسمبر 2005م ص6 .
خرائط توضيحية:
خرطة توضع حدود كردفان في العهد التركي تصل الى نهر بحر الغزال نقلاً عن كتاب “الصراع القبلي في دارفور) .للدكتور التجاني مصطفى محمد صالح : ص 80
نلاحظ في هذه الخرطة أن مديرية كردفان تضم الضفة الشمالية لبحر الغزال وبحر العرب وان حدود مديرية بحر الغزال تقع جنوب بحر العرب مع العلم أن بحر العرب موقع النزاع هو نهر الجور الذي يقع جنوب نهر بحر الغزال وليس الذي يلتحم بنهر بحر الغزال من الجهة الشمالية الشرقية لأن كلمة (جور) عند الدينكا معناها (العرب) والمقصود منهم هنا الحُمْر أنظر خرطة السكان والقبائل في الصفحة التالية.
خارطة السكان والقبائل أطلس جمهورية السودان(الطبعة السادسة 1987) ص 11.
في هذه الخارطة اقتطع الجزء الجنوبي من مديرية كردفان وألحق بمديرية أعالي النيل إلا أن الحدود الإدارية لا تسلب الحُمْر أرضهم الجغرافية وبالنظر إلى هذه الخارطة نتبين أن أرض الحُمْر الجغرافية وُزعت بين أربع مديريات هي كردفان وأعالي النيل وبحر الغزال ودارفور وستظل الحقيقة الكبرى هي إطلاق كلمة جور على النهر جنوب نهر الغزال اعترافاً من الدينكا أنفسهم بأحقية الحُمْر الجغرافية لهذه المنطقة وستظل باقية معلماً بارزاً على أرض الواقع. وأن التقسيم الإداري لا يمنع الحُمْر حقهم الجغرافي في أراضيهم الواقعة في أعالي النيل وبحر الغزال وكردفان ودرافور فهم يتبعون إدارياً لكل هذه المديريات.
نزوح دينكا نقوك إلى منطقة أبيي:
قال دينق الور: (الحقيقة التاريخية المتعلقة بـ(أبيي) واضحة وهي في الحقيقة تعود إلى ما قبل فترة الحكم الثنائي وإعادة فتح السودان، فالدينكا قد جاءوا إلى منطقة أبيي اثر هجرة طويلة من الشمال إلى الجنوب في القرن السادس عشر والسابع عشر واستقروا هناك على مراحل حيث عبروا في النهاية النيل الأبيض ليستقروا في تلك المنطقة. أما لماذا ألحقت تلك المنطقة بكردفان عام 1905م فذلك لاسباب إدارية حيث إن المنطقة كانت معزولة عن واو والمراكز الإدارية لبحر الغزال بأنهار ومستنقعات عديدة تجعل حركة الإداريين الإنجليز منها وإليها في منتهى الصعوبة وكان من الأيسر الحركة إليها من إتجاه كردفان. كما تعرضت منطقة أبيي في تلك الفترة وقبلها لغارات الرقيق التي كان يمارسها عرب البقارة وكان الإنجليز معنيين وقتها بمحاربة الرق في السودان وكان من السهل عليهم أن يفعلوا ذلك إنطلاقاً من مراكزهم الإدارية في كردفان ). المصدر: صحيفة الوطن عدد السبت 20/أغسطس ص 11.
(ملحق):
قال الناظر علي نمر علي الجلة ناظر العجائرة فرع المسيرية الحُمْر في رده على أسئلة الصحفي محمد قور حامد قال الناظر علي نمر:
(إن دينكا انقوك المتواجدين في أبيي اليوم كانوا قد أتو من النوير ولم يكن لديهم وجود في بحر الغزال، والدليل على ذلك الشلوخ التي على جباههم هي شلوخ النوير وليست شلوخ دينكا بحر الغزال وهذا شاهد أول على خطأ دعواهم كونهم من بحر الغزال بالعكس انهم ليسوا من بحر الغزال.
وهؤلاء الدينكا عندما دخلوا على منطقتنا في بحر العرب أتوا على ثلاث مجموعات:
المجموعة الأولى : هي مجموعة الروب ولد يونق و( وخشم بيتهم ) (أبيور) هؤلاء أتوا عن طريق ( نبقاية ) تصحبهم خشوم بيوت صغيرة مثل(أبيور ، وأنجل ، أجويل) ثم تم استقبالهم من قبل أهلنا المسيرية الحُمْر العجائرة وتم وضعهم شمال الجزيرة والجرف ـ ذلك جنوب العرب.
أما المجموعة الثانية هي مجموعة (ماتجوار ، أنجاديل ، ومرانق) هذه الثلاث خشوم أتت عن طريق (قرنتية) ثم وضعناهم في جنوب بحر العرب.
أما المجموعة الثالثة: هي مجموعة (توربوك، وبانقو) هؤلاء خرجوا وهبطوا من جهات أعالي النيل حتى وصلوا كادقلي ولكنهم أتوا واتصلوا مع ابناء عمومتهم حيث وضعناهم كذلك جنوب بحر العرب.
وقال: أنا على استعداد أن اذهب معكم حتى تزوروا البيوت والاطلال القديمة لهؤلاء الدينكا التي وضعناهم فيها شمال ابو نفيسة وجنوب بحر العرب.
في ذلك الزمان لم تكن البلاد آمنة وهم أتوا لاجئين ومستجيرين حيث كانت تدور بينهم والنوير معارك كبيرة، وكان ذلك سبب خروجهم من منطقة النوير لأن النوير مارسوا عليهم قتلاً شديداً لذلك اتوا متفرعين ولم ياتوا دفعة واحدة ثم استضفناهم، وأجرناهم من الدينكا وحميناهم من بعض أهلنا العرب في دارفور حيث كان الناس في ذلك الزمان يتخطفونهم، حميناهم من أي قبيلة دينكاوية أو عربية ان تمارس عليهم سلوكاً غير انساني وينتهك كرامتهم.
اليوم انا أتحدى أي من يقول لدى قبيلة المسيرية رقيق من أبناء الأنقوك، في أي قبيلة من قبائل من قبائل السودان حميناهم من اخوتنا حتى مجئ الحكم التركي والمهدية …). المصدر : صحيفة الوان عدد الأحد 14جمادي الأولى 1427هـ 11يونيو2006م العدد (3539) الصفحة (6)
التعليق:
1/ فاصل المستنقعات بين دينكا نقوك وأعالي النيل هو منطقة للحُمْر.
2/ ان دينكا نقوك ليسوا من المواطنيين المحليين لمنطقة أبيي بإعتراف دينق الور. وانهم عبروا النيل الابيض دليل على انهم أتوا من اعالي النيل شرق النيل الأبيض، والمسيرية يسكنون في ترحالهم في اعالي النيل غرب النيل الأبيض، وتوجد قبيلة النوير باعالي النيل شرق النيل الأبيض.
3/ ان منطقتهم أضيفت إلى كردفان عام 1905م وخرطة التركية السابقة في عهد إسماعيل باشا تحدد أن بحر العرب كان حداً إدارياً فاصلاً بين كردفان وبحر الغزال ولم يقع أي جزء من بحر الغزال شمال بحر العرب وعليه فإن الجزء المضاف إلى كردفان الذي يعتبره دينكا نقوك موطنهم يقع جنوب بحر العرب وليس شماله.
4/ وإذا كان البقارة (الحُمْر) يمارسون الرق مع دينكا نقوك فإن هذا يستوجب وجود فاصل ناري للعداء بين القبيلتين وهذا يؤكد صدق تقرير الميجور بريسفال (منطقة اروب بيونق عام 1904م ان نهر الكير يبعد مسافة 50 ميلاً جنوب بحر العرب وليس هناك تداخل كما نشاهده اليوم بعد أن رحلوا إلى داخل منطقة الحُمْر شمال بحر العرب)أهـ .
قال اللواء التوم النور دلدوم مسئول الشؤون السياسية والتنظيمية في قوات دفاع جنوب السودان للمحاور الصحفي حسن حميدة: ( السؤال: بحكم أنك نشأت مع أهلك المسيرية ثم انتقلت لأهلك أيضاً في بحر الغزال حدثنا عن أبيي وامكانية حل المشكلة القائمة الآن بين الدينكا والمسيرية؟.
الاجابة: انا قرأت جزءاً من المرحلة الإبتدائية في أبيي عام 1952م وقد كان لوالدي دور كبير جداً وكل المواطنيين يعرفونه وهو نجار وكان يشيد الكباري ويصنع البنطونات وقد صنع بنطون أبيي وقوقريال، والدينكا في أبيي يتبعون لاعالي النيل وقد جرت مشاكل بينهم والنوير فلجأوا الى منطقة أبيي واستضافوهم أهل المنطقة في تلك الفترة في حكومة المنطقة ومنذ أن ولدنا في المجلد وأبيي عرفنا أن دينكا أبيي والمسيرية هم جزء لا يتجزأ أصلاً وكل التعليم والثقافة التي ينطقها دينكا أبيي وجدوها من المسيرية فكيف يريدون أن يتبعوا للجنوب؟. وفي اتفاقية (أنانيا One) طالب دينكا أبيي بالتبعية لبحر الغزال وفعلاً تعاملوا مع الولايات الجنوبية وكان جزءاً كبيراً منهم في حكومة ابيل ألير وقد وجدوا مضايقات شديدة جداً من الجنوبيين بحجة أنهم غير تابعين للجنوب وبينهم جزء كبير موجود الآن في الخرطوم والآن دينكا أبيي يطالبون أن ينضموا للجنوب في الوقت الذي لا يقبل فيه احد في الولايات الأربع في بحر الغزال الكبرى لا يقبل احد أن يتبع دينكا أبيي لبحر الغزال والأفضل كان يتبعوا لأعالى النيل لأنهم أصلاً من هناك وأقرب الناس لهم في ولاية وأراب وشمال بحر الغزال فهل سئل هؤلاء أن يكون دينكا أبيي معهم؟. ولذلك فحتي إذا أنضموا لبحر الغزال بصفة خاصة وللجنوب بصفة عامة فسيواجهون صعوبات في التعامل معهم في الإقليم الجنوبي كما ذكرت وقد كانت علاقاتهم مع المسيرية وكانوا هم الأفضل لهم أن يكون معهم في غرب كردفان وهم الآن يريدون أن يفصلوا ولاية غرب كردفان لجبال النوبة ويأتون للنوبة- مع أن كادقلي تبعد من أبيي مسافة كبيرة جداً لا تقل عن (210) ميلاً وما أبعد من مابين واو وراجا. وهل سيقبل النوبة بدينكا أبيي؟. وهل سيشاركونهم في السلطة؟. وهل يوجد للدينكا جبل من جبال النوبة؟.
السؤال: ما هو الحل من وجهة نظرك؟.
الإجابة: لا يوجد حل غير أن يتبع دينكا أبيي للمسيرية لكن أي اتفاق آخر يسبب خلافات بين دينكا أبيي والمسيرية.
السؤال: إذا كان النداء للوحدة أصلاً فما الداعي لمثل هذه الإشكالات؟.
الإجابة: إذا كانوا هم يسعون للوحدة فلا داعي كي أقول: أنا أريد أن أذهب محل آخر وهنالك فرق بين ملكية الموقع والمشاركة، وبعض الجنوبيين قالوا أن الخرطوم تتبع لهم وقد كان المسيرية في هذه المنطقة قبل الإستقلال. وقد قال(مستر ري) لدينكا وحينها كنت في الإبتدائية بمجوك إن السودان سيأخذ استقلاله فعليكم أن تفكروا هل تريدون أن تتبعوا للشماال أم للجنوب؟. واعطاهم فرصة شهرين بل اكثر وذات يوم زار(ري) مناطق الجنوب قوقريال واويل وكان معه ليبواور ومجوك زاروا الجنوب وعندما رجعوا وجدوا علي نمر ناظر العجايرة في منطقة أبيي وناداهم وسألهم فقالوا له نحن زرنا الجنوب ووجدناه لا يليق معنا وأفضل لنا أن نظل مع الشمال بصفة عامة وكردفان بصفة خاصة وبعد (ري) جاء (هوك) وأيضاً ناقش هذا الموضوع وقالوا له احسن لهم البقاء مع المسيرية وبعده جاء (مستر استس) والذي حضر الاستقلال ونزوح المسيرية فاتفقوا في كل المرات ان يتبعوا لكردفان وحاولوا عدة مرات وكانوا تابعين لكردفان، وإذا كان لهم الرغبة في الجنوب أصلاً لانضموا إليه. فالحل إما أن يقعدوا مع المسيرية ويتعايشوا معهم كما كانوا في السابق أو يتحركوا الى واو أو ملكال أو أي موقع يتبع جغرافياً لجنوب السودان) المصدر: صحيفة أخبار اليوم عدد الإثنين 22 اغسطس 2005م العدد (3905) الصفحة (7).
التعليق:
1/ أصل المشكلة من الإدارة البريطانية لمحاولاتها المتكررة لاتباع الدينكا في منطقة أبيي للجنوب وليس الدينكا انفسهم الذين رفضوا كل محاولات الإنجليز ولذلك اختلقوا الفتنة الأخيرة في منطقة أبيي التي كانت تسمي أصلاً دار المسيرية واعتبروها تابعة لدينكا نقوك- في تقرير لجنة الخبراء- الأخير الذين تجاهلوا حتى الوثائق الإنجليزية التي تثبت عدم أحقية دينكا نقوك لمنطقة أبيي.
2/ يقر التوم النور كما اقر من قبل دينج ألور أن دينكا نقوك جاءوا الى هذه المنطقة عبر أراضي النوير في الشرق وأنهم ليسوا من سكان منطقة أبيي المحليين- وسر رفضهم الإنضمام الى اعالي النيل لأن حرب النوير التي الجأتهم لديار المسيرية ما زالت عالقة بأذهانهم.
3/ سكن المسيرية منطقة أبيي قبل دينكا نقوك لأن المسيرية كان يجاورهم في الحدود من جهة الجنوب الشرقي النوير ولا يعرفون غيرهم فهم الى الآن يطلقون على فصائل ماعز الدينكا كلمة (نور) المشتقة من اسم قبيلة (نوير) وعندما دارت المعركة بين النوير والنقوك لجأ نقوك الى منطقة المسيرية فواسوا جراحهم ووفروا لهم الملاذ الآمن من النوير لأن قبيلة المسيرية كانت تفصل جغرافياً بين النوير في الشرق ودينكا نقوك في الغرب فكونت جداراً عازلاً طبيعياً بين القبيلتين وكان يمكن لدينكا نقوك أن يحفظوا ذلك للمسيرية وقد حفظه أجدادهم الأوائل الذين خاضوا المعركة مع النوير وآواهم المسيرية. أما الجيل الحاضر من أبناء نقوك تنكر للتاريخ الذي أثبتت سبع وخمسون(57) وثيقة أحقية المسيرية لمنطقة أبيي في حين لم يأت أبناء نقوك بوثيقة واحدة تثبت احقيتهم لارض أبيي لأنه أصلاً لا يوجد لهم حق.
4/ لقد أجمل اللواء التوم النور الحل في التعايش مع المسيرية كسابق عهدهم أو يتحركوا- أي يتركوا للمسيرية أبيي- ويحملوا امتعتهم الى أي مكان شاءوا في الجنوب.
خريطة حوض النيل أطلس السودان (الطبعة السادسة) ص 13
وهي تبين أن نهر الجور وهو منطقة اروب بيونق عام 1904م يبعد مسافة(50) خمسين ميلاً جنوب بحر العرب كما ذكر الميجور بريسفال. ويجب ملاحظة أن الدينكا هم الذين أطلقوا على النهر الذي يقع جنوب نهر الغزال إسم (الجور) الذي معناه نهر العرب وهو كان خط التلامس بين الحُمْر من الشمال ودينكا نقوك من الجنوب أما المثلث الذي ألحق من مديرية بحر الغزال بكردفان عام 1905م فهو أرض خالصة للحُمر.
صورة للخرطة الانجليزية رقم 7 وهي توضح المديريات عند خروج الحكم الثنائي عام 1956م .وبعقد مقارنة بين هذه الخرطة وخرطة العهد التركي الواردة في الترقيم (3) يتبين أن المثلث الذي اقتطع من مديرية بحر الغزال وألحق بمديرية كردفان يقع ضلعه الشمالي على الضفة الجنوبية لبحر العرب ويلتقي ضلعاه الآخران داخل مديرية بحر الغزال وأن هذا المثلث يتبع أصلاً للحمر لأن حدود الحُمْر تمتد جنوب بحر العرب حتى نهر الغزال وإن مسكن الدينكا نقوك يقع جنوب نهر الغزال وليس شمال نهر الغزال (بحر الغزال). فلا وجود لدينكا نقوك قبل 1905م بين نهري الغزال والعرب.
أبيي أرض الحُمْر المسروقة
أورد امير عبد الماجد في الحلقة الثالثة من (النار القادمة من أبيي) في الصحافة عدد السبت 30يوليو 2005م الصفحة الخامسة شروط الاتفاق التي تسلل الخبراء تحت غطائها لسرقة جزيرة من اليابسة تحيط بها أرض الحُمْر وتطبق عليها من كل نواحيها ويمِلك الحُمْر تلك الأرض (تلك الجزيرة اليابسة جغرافياً) ودل على ذلك معالمها الأرضية ووضعها الجغرافي تقول الإتفاقية كما دونها امير عبد الماجد:
” الاتفاق تحدث في المادة (5) التي حملت اسم (الحدود الجغرافية ) في المادة (5-1) عن انشاء مفوضية حدود أبيي لتحديد وترسيم منطقة مشيخات دينكا نقوك التسع التي حُولت الى كردفان في عام 1905م والمشار اليها بمنطقة أبيي.
تحدد الرئاسة تكوين مفوضية أبيي والاطار الزمني المتاح لها غير أن اللجنة ستضم ضمن عضويتها خبراء وممثلين عن المجتمعات المحلية والادارة المحلية وتنهي اللجنة اعمالها خلال فترة السنتين الاوليتين للفترة الانتقالية (هذا نص المادة (5-2).
المادة (5-3) تقول: ان المفوضية يجب أن تقدم تقريرها للرئاسة حال الفراغ منه وعند عرض التقرير النهائي عليها – اي الرئاسة – تقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة مباشرة لإدخال الوضع الإداري بمنطقة أبيي إلى حيز التنفيذ.
لاحظ هنا ان المادة (5-1) تتحدث عن تحديد وترسيم منطقة مشيخات دينكا نقوك التي ضُمت الى كردفان عام 1905م والمشار اليها كمنطقة أبيي، هذا هو تكليف اللجنة.
لاحظ أن الاتفاق قال في المادة (5-3) تقدم المفوضية تقريرها للرئاسة ولم يقل تقدم لجنة الخبراء .. ومعلوم ان المفوضية تضم خمسة أعضاء من الحكومة ومثلهم من الحركة الشعبية بالاضافة الى خمسة أعضاء أجانب.
في النقطة الاولى دعونا نقرأ هذه الفقرة في تقرير الخبراء بالنص وهي فقرة تتحدث عن التكليف الواضح للمفوضية، يقول الخبراء نصاً في الخلاصة التي وصل لها التقرير النهائي بعد الدارسة الدقيقة لكل الفرضيات التي طرحها المسيرية ودينكا نقوك وحكومة السودان والحركة الشعبية والتحقق الكامل من البينات المتوفرة توصل خبراء مفوضية ترسيم حدود أبيي للآتي:
ركزوا معي هنا – قال الخبراء بالنص 🙁 لم توجد عام 1905م حدود واضحة للمنطقة التي تم نقل تبعيتها من بحر الغزال الى كردفان ) انتهى.
في النقطة الثانية المتعلقة بتسليم المفوضية تقريرها للرئيس (المفوضية وليس لجنة الخبراء ) يقول عبد الرسول النور: (إن دينكا نقوك طلبوا من اللجنة شراء منزل فاعطتهم مزرعة ويروي عبد الرسول كيف تجاوزتهم لجنة الخبراء ولم تعقد او تحاول حتى عقد لقاء مع المفوضية التي فوضتهم)… يقول النور: (استمعنا للتقرير للمرة الأولى أمام رئيس الجمهورية … تكتمت اللجنة على الامر بصورة غريبة) وقال:(عندما التقينا السفير جيف ملنغتون سألناه مباشرة … هل انتم ملتزمون بحدود 1905م … وهي حدود نعرفها تماماً… قال نعم نحن ملتزمون وهذه هي كلمة أمريكا التي ستقف عندها في كل الاوقات).
يلزم أن أشير هنا إلى أن الخبراء اتصلوا أيضاً دون علم المفوضية – بالأشخاص الذين اعدوا الورقة الأمريكية وسألوهم عن رأيهم قالوا (أخبرونا اين تقع هذه المنطقة ؟ وأجاب هؤلاء: المنطقة التي كانت في أذهاننا عند إعداد الورقة هي المنطقة التي تعايش فيها الدينكا مع المسيرية حتى عام 1965م ) انتهى.
التعليق :
التفويض تم على أساس ما ضم من بحر الغزال الى كردفان عام 1905م هذا ما دون على وثيقة الاتفاق ولم يتفق على مافي أذهان الأمريكان لانهم لم يفوضهم احد لاعداد هذه الورقة ولا على حدود 1965م فالتفويض له مفوضية معينة ومعلومة وليس لجنة خبراء وفي حدود معلومة (ما ضم من بحر الغزال الى كردفان ) وبتاريخ معلوم هو (1905م) .
ولهذا فان ما توصلت اليه لجنة الخبراء لا علاقة له بنص الاتفاقية الخاصة بترسيم حدود أبيي الوارد في الفقرة (5-1) القرار اتخذته لجنة الخبراء وليس المفوضية فخرج عن شرط الاتفاق الوارد في الفقرة (5-3) وكون الورقة أعدها أشخاص من الأمريكان خارج التفويض الوارد في الفقرة (5-2) دلالة على خرق هذه الفقرة فالأشخاص الذين أعدوا الورقة الأمريكية هم الذين سرقوا أرض الحُمْر.
والمحصلة النهائية خرق الإتفاق كله من قبل الخبراء فسقط الحكم بصورة تلقائية ولم يكن ملزماً لاحد .
الخطة الامريكية لتقسيم السودان
إن خطة تقسيم أرض الحُمْر كانت ضمن تخطيط أمريكي لتفتيت السودان فقد اصدرت سلسلة كتاب الصباح كتيباً يحمل عنوان (هل تضرب امريكا السودان ) يقول كاتبه محمد احمد مبروك. في عنوان داخلي (الإستراتيجية الأمريكية ) ص22-25.
(واضح أن الأمريكان أمامهم الآن بعد أن اكملوا تماماً تصفية المسألة العراقية بشكل نهائي وتدمير العراق وتقسيمه بما يضمن انه لن ينهض ويصير قوة كبيرة خلال عقدين أو ثلاثة على الأقل … وهناك الصومال الذي تمثل فوضاه الراهنة ملاذاً خصباً لرعاية وتفريخ الإرهاب… وهو ايضاً اصبح جاهزا ًللتقسيم بل دخل مرحلة التجزئة وقامت فيه بالفعل (جمهورية ارض الصومال) هو في حاجة الى جهد قليل وتكتمل تجزئته لكن يتوقع قبلها توجه الامريكان نحو السودان وايران حيث ينافس السودان ايران في الترتيب هذا على اعتبار أن سوريا قد انتهي أمرها وأن التصعيد معها سيستمر ريثما يستجم جند المارينز وتذهب عن انوفهم – رائحة دماء اطفال ام القصر والبصرة وبغداد- وبعدها – في غضون شهور – سيتم سحق سوريا حسبما تريد اسرائيل .ولن يكون موفقاً إذا قلنا إن استجابة أوتجاوب أو حتى انبطاح سوريا سيجنبها الضربة. وواضح أن الدويلات التي تزمع أمريكا اقامتها في السودان قد بدأت تتبلور.
الولايات الجنوبية أصبحت كياناً بارز الوضوح وجري الحديث حول فصله وضمه ومنحه حق تقرير المصير وهذا يعني انه صار كيانا… وساعد على تبلور هذا الكيان اتفاقية اديس ابابا 1971م التي قام بموجبها المجلس الانتقالي العالي وهو يمثل بوضوح (رأس الدولة) ثم مجلس تنسيق الولايات الجنوبية الذي يمثل (الحكومة الاتحادية التي تتبعها حكومات هي الحكومات الولائية).
جبال النوبة ايضاً بدأت تتضح ملامح نشوء كيان قائم بذاته فيها… وأقوى ما ساعد على ذلك تمرد بعض الطامعين في سلطان أو الذين شعروا بالضياع من بعض المثقفين وانضمامهم لحركة التمرد مستغلين دعاوى الظلم في بعض المناطق فحاولوا اخراجها من سلطان حكومة السودان مروجين لنعرات عنصرية تعود لصراعات قبلية سابقة وكان ذلك عنصراً اساسياً في امكانية تحويل هذه المفاهيم الى دعاوى الخروج على سلطان الدولة وشعور (بالغربة) عن السودان.
وازداد كيان جبال النوبة اتضاحاً بالقرار الأمريكي بفصل قضية جبال النوبة عن قضية جنوب السودان ووقف اطلاق النار فيها واجراء معالجات سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية خاصة بها…وبدأ تدويل القضية باقتراح مراقبين دوليين للاشراف على الالتزام بوقف اطلاق النار مما يحقق غرض بلورة هذا الكيان من جهة ولفت نظر دول العالم الى نشوء هذا الكيان والتعامل معه على انه كيان منفصل وحكومة السودان كيان اخر وبينهما نزاع.
ورغم صعوبة تخيل كيان قائم في مملكة الفور القديمة الا أنه لا يخفى على ذي عينين أن يبصر اليد الاجنبية في اذكاء نعرة (الغرب واولاد الغرب) والتعصب الشديد في هذا الاتجاه. ورغم ان الامتزاج والتداخل بين الغرب والوسط اقوى من الدعوات التي تثور هنا وهناك (بتميز) لهذه المنطقة الا أن تطويرها الى كيان منفصل وارد وقوى إذا حدث اضطراب في كيان السودان كله أو بدأت تجزئته.
في الشرق واضح أن غلبة عنصر البجة والظلم الطويل الذي عاشوه يجعلهم يشعرون بأنهم أصحاب قضية خاصة وليس خافياً أن نشوء كيانات سياسية خاصة بهم علامة على هذا الشعور مثل حزب مؤتمر البجة … ورغم أنه لم تبدر بوادر جادة تنم عن قيام كيان منفصل الا أن العين الأمريكية ترى دون شك أن هذه نقطة يمكن أن تحسب لمصلحة استراتيجيتها الكلية الرامية الى تمزيق السودان )أهـ.
أقـول:
خطة التمزيق هذه لها علاقة مباشرة بمجيء المهدي والدجال والمسيح والصراع حول الأرض الواقعة من النيل الى الفرات وهي في الحقيقة صراع للأديان في المقام الأول.
المهدي والدجال وعيسي المسيح
جاء في كتاب (القول المختصر في علامات المهدي المنتظر) لابن حجر الهيتمي تحقيق الدكتور محمد زينهم محمد عزب في الباب الأول في (علاماته وخصوصياته) التي جاءت عنه صلى الله عليه وسلم.
العلامة (الخمسون ): ( أنه يقاتل الروم ثلاثة أيام ثم تكون الغلبة في الثالث فلا يزالون حتى يفتح القسطنطينية فبينما هم يقتسمون الذهب فيها بالاترسة إذ ناداهم صارخ أن الدجال قد خلفكم في ذراريكم) وجاء في حديث صحيح بيان هذا الصارخ وهو (لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو دابق) وهما بفتح همزة الأول وسكون عينه المهملة وبكسر موجده الثاني موضعان بقرب حلب. (فيخرج اليهم الجيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ فإذا تصافوا قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم. فتقول المسلمون: لا والله لانخلي بينكم وبين اخواننا فيقاتلونهم فيهزم ثلث لايتوب الله عليهم أبداً، ويقتل ثلثهم أفضل الشهداء عند الله، ويفتح الثلث لا يفتنون ابداً فيفتحون قسطنطينية، فبينما هم يقسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون إذ صاح فيهم الشيطان إن المسيح قد خلفكم في أهليكم وذلك باطل فإذا جاءوا الشام خرج، فبينما هم يعتدون القتال يسوون الصفوف إذ اقيمت الصلاة فينزل عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام فياتيهم فاذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء فلو تركه لذاب حتى يهلك ولكن يقتله الله بيده فيريهم دمه في حربته)، وفي حديث صحيح (لا تقوم الساعة حتى يغزوا مدينة جانبٌ منها في البر وجانب منها في البحر سبعون الفاً من بني اسحاق). قيل صوابه (اسماعيل) كما دلت عليه أحاديث أخر (فإذا جاؤها لم يقاتلوا فإذا قالوا لا اله الا الله والله أكبر سقط جانبها الذي في البحر ثم يقولون ذلك فيسقط جانبها الاخر ثم يقولون ذلك فيفرج لهم فيدخلونها فيقيمون فيها فبينما هم يقسمون الغنائم إذ جاءهم الصريخ فقال “إن الدجال قد خرج فيتركون كل شئ ويرجعون”).
وفي رواية عند الحاكم أن الذين يفتحون القسطنطينية أهل الحجاز وأنهم (يصيبون نيلاً عظيماً لم يصيبوا مثله قط وأنه يصرخ بهم صارخ بالدجال فيفيضون المال على المال فمنهم الآخذ ومنهم التارك وكل نادم فينتظرون فلا يجدون شيئا ثم يعزمون على الخروج الى لدّ قرب بيت المقدس).
ويروى عن حذيفة رضى الله عليه: (أنهم يفتحون حصون الروم بالتكبير وأنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنهم يفتحون قسطنطينية ورومية يقبلون بها أربعون الف ويستخرجون كنوزاً كثيرة من ذهب وجوهر ويقيمون سنة بها يبنون المساجد وأنهم يرسلون لمدينة اخرى فبينما هم يقتسمون كنوزها إذ هم بصارخ الدجال قد خلفكم في أهلكم بالشام فيرجعون فإذا الأمر باطل فينشئون الف مركب ويركبون فيها من (مكة) وهم أهل المشرق والمغرب والشام والحجاز على قلب رجل واحد فيسيرون الى رومية فيكبرون عليها فيسقط حائطها ويقتلون بها ستمائة الف) في قصة طويلة تبينه ذكر المؤرخون في صفة رومية من العجائب مالم يسمع باذناه عن بلد في العالم ويقرب منها قسطنطينية، وصح عنه انه صلى الله عليه وسلم قال : (الملحمة العظيمة وفتح القسطنطينية وخروج الدجال في سبعة اشهر) وفي رواية (سبع سنين) قال أبوداود في (ستة) وهذا أصح يعني من الأول.
الشرح والتعليق :
إن المدينة التي جانب منها في البر وجانب منها في البحر وسميت قسطنطينية في رواية وفي رواية اخرى رومية ما هي الا الكويت بالشواهد الاتية:-
لقوله ” جانب منها في البر وجانب منها في البحر ” فالكويت اسم العاصمة التي على الشاطئ جانب البحر والكويت الدولة جانب البر وهذا الوصف لاينطبق على قسطنطينية الترك او رومية الروم.
قوله ” تغزوا … من بني اسحاق وقيل صوابه اسماعيل ” وتحقق ذلك في الكويت لأن الكويت غزاها العراقيون من (بني اسماعيل ) وهم العرب ثم غزاها بنو اسحاق (الروم) بالتحالف الغربي لاخراج القوات العراقية عام 1991م.
لقد ورد في حديث ” لا قسطنطينية لكم ولا رومية ” وهنا يخاطب الروم الذين غزوا الكويت وفيه اشارة الى ان الغزو الرومي من (بني اسحاق ) للكويت كان عدوانا من جانب الروم لان الكويت لا هي قسطنطينية الروم ولا روميتهم بل هي دولة عربية لا علاقة للروم بها حتى يغزوها .
قوله : وصح عنه انه صلى الله عليه وسلم قال : (الملحمة العظيمة فتح القسطنطينية وخروج الدجال في سبعة اشهر).
وقد تأكد ذلك بالعدد لقد غزا صدام الكويت ودخلها في الثاني من اغسطسس 1990م واخرجه التحالف الرومي وعقد معه اتفاقية وقف اطلاق النار في فبراير 1991م وهي سبعة اشهر بالكمال ويزيد ذلك تاكيداً اطلاق صدام على اسم معركة الروم تلك اسم (ام المعارك) فتطابق ذلك مع الحديث (الملحمة العظيمة).
وبناءاً على هذا الحديث الصحيح وتجليه في الواقع على الارض يتبين الاتي:-
أن صدام حسين هو المهدي الذي يحاصره الدجال ويتقدم المسيح المهدي عيسى ابن مريم.