بسم الله الرحمن الرحيم

الفهرست

المقدمة:

سنن هذه الأمـة على سـنن الأمـم السابقة.

عـدم الإيمـان بالخـليفة ردة في الـدين وخـروج عن الإسـلام

تحـديد الإمـام بآيات الأكـوان.

دلالة الـشرع على أن سليمان أبي القاسم هو المسيح.

الســودان مـكان الـميلاد الثاني للـمسيح.

الخــاتمة.

المقدمة:

قال تعالى: “وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ * إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ * وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ * فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ” الأنبياء (91 -94).

وقال تعالى: “وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ * يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ * فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ * فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ” المؤمنون (50 -54).

الآيات السابقة محكمة وصريحة اللفظ والدلالة في الأتي:

  1. الأنبياء من آدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم وأتباعهم أمة واحدة.

  2. ان أتباع الأنبياء يختلفون بينهم إلى أحزاب وكل حزب يعتقد أنه هو صاحب المنهاج المستقيم.

  3. والحقيقة أن وأحداً منهم لا غير هو الذي على الحق بدليل أن الأمة واحدة من آدم إلى قيام الساعة فلا يكون في الزمان إلَّا إمام واحد هو الهادي إلى الصراط المستقيم من خالفه هو من أحزاب الضلال ولا مبرر للاختلاف معه بالاجتهاد والرأي.

بدليل قوله عز وجل: “وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَـذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ” هود (118 -120). وقال تعالى: “مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ” فصلت (43).

  1. الآيات تتحدث عن الضيق النفسي الذي يعانيه الرسول صلى الله عليه وسلم من تكذيب الناس فيسليه بأن يقص عليه ما لاقاه الأنبياء قبله من معاناة من أقوامهم.

  2. وفيها موعظة وذكرى للمؤمنين عندما يبعث الله فيهم مهديين.

  3. إن جزاء المخالفين من الجِنِّة والناس جهنم جزاءاً موفوراً.

فالقصد من هذا المنشور معرفة هادي الأمة في كل زمان من أئمة أحزاب الضلالة ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيا عن بينة ولا سبيل إلى معرفة هذا المهدي الراشد إلَّا باتباع منهج وشرعة الإسلام من وحي القرآن والسنة حتى يلحق أمة المسلمين مع أمم السابقين لتكون “وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ”.المؤمنون (52).

الفـصل الأول

سنن هذه الأمـة على سـنن الأمـم السابقة

قال تعالى: “يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ” النساء (26).

لقد حفل القرآن بقصص الأنبياء وسيرهم مع أقوامهم مجملة ومفصلة قال تعالى: “ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ * مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ * ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاء أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُم بَعْضاً وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْداً لِّقَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ” المؤمنون (42 -44).

فالآيات صريحة في الآتي:

  1. الأمم تكذب بالأنبياء.

  2. يحصل لهم الهلاك بسبب مخالفتهم.

فقد جاء ذلك في قوله عز وجل: “وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ * ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَواْ وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ آبَاءنَا الضَّرَّاء وَالسَّرَّاء فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ” الأعراف (94 -95).

وقال تعالى: “وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ” الأنعام (42 -45).

فعندما يبعث الله رجلاً من عنده لإنذار الناس وهدايتهم فإنهم يعترضون عليه فيأخذهم الله بالشدائد فلا يرعوون ثم يغدق عليهم نعمة استدراجاً لهم مع استمرارهم في تكذيبهم ثم يأخذهم بغتة عقاباً لهم على مخالفتهم لمبعوثه.

هذه السنن هي الجارية اليوم في السودان على وجه التحديد فعندما أبلغتهم بأني المسيح عيسى ابن مريم رسول الله في بني إسرائيل في عهد النبوة قد بعثني الله مهدياً لهذه الأمة على هدى محمد صلى الله عليه وسلم كذبوني فحاق بالسودان ما حاق بالأمم السابقة ولا مخرج إلاَّ باتباعي على سنن السابقين كما جاء في قصة يونس عليه السلام في قوله تعالى: “فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ” يونس (98).

وعدم اقتناع الناس بدعوتي لا يبرر تكذيبهم ولا يشفع لهم قولهم بوحدانية الله وربوبويته فقد كفر إبليس مع توحيده لله وشهادته بأن الجنة حق وقد كان فيها فاهبطه الله منها وأن النار حق وأن البعث حق في قوله عز وجل: “إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ * قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ * قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ * قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ * قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ * قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ * قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ * لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ” ص (71 -85).

ومن أمثلة ذلك أصحاب القرية فقد كانوا موحدين أي معترفين بالرحمن وكان تكذيبهم بالرسل لا غير، قال تعالى في قصتهم: “وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ * إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ * قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ” يس (13 -15).

فكثير من الأمم تلجأ إلى هذه الحيلة أي الإيمان بالله وعدم اقتناعهم ببعثة من أرسل إليهم وهي حجة مردودة ومن ذلك قوله عز وجل: “وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ” الأنعام (91).

ودحض الله حجة من يفرده بالوحدانية دون الإلتفات إلى  خلفائه بقوله عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً * أُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً” النساء (150 -151).

ويعتقد المسلمون من هذه الأمة أن ذلك خاص بالنبيين والمرسلين ولا يشمل خلفاء هذه الأمة وهذا الاعتقاد رده القرآن في قوله عز وجل: “وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ” النور (55).

فاستخلاف المؤمنين بعد ختم النبوة لا يكون كاستخلاف من كان قبلهم إلاَّ إذا كان الخليفة يصطفيه الله كما كان يصطفي أنبياءه من قبل ولم يترك أمر اختيار خلفاء هذه الأمة كما كان من قبل، فلم يترك اختيار الأنبياء للأمم السابقة، ومن ذلك قوله عز وجل: “وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ * أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ” الزخرف (31 -32).

وحتى لا يختلط الأمر على الناس كما قال تعالى: “وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ” الأعراف (52).

جاء تفصيل القرآن لأمر الإمامة فهي عامة تشمل عهد النبوة والخلافة بعد ختم النبوة إلى  قيام الساعة في قوله تعالى: “وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ” البقرة (124).

فالإمام في فترة إبراهيم عليه السلام – فترة النبوة – يختاره الله- والإمام أيضاً في فترة الخلافة ما بعد النبوة يبعثه الله لأن موقعه من الإعراب (مفعول به) وأنه لا يتم باختيار من سبقه حتى ولو كان نبياً في مقام أولي العزم من الرسل مثل إبراهيم عليه السلام، فإذا كان ذلك ممكناً لما طلب إبراهيم من ربه أن يختار الأئمة من بعده من ذريته ولفعل ذلك من تلقاء نفسه بوصاية وولاية العهد من بعده كما يفعل الملوك والأمراء في العالم الإسلامي اليوم. فكل خليفة في هذه الأمة يبعثه الله اصطفاءً لا بمشورة الأمة أوانتخابها لقوله صلى الله عليه وسلم:

“كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وأنه لا نبي بعدي وسيكون خلفاء فيكثرون قالوا فما تأمرنا؟ قال: فوا ببيعة الأول فالأول وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم” رواه البخاري برقم (3455) واللفظ له وأخرجه مسلم برقم (1842).

فالنص صريح أن الذي استرعاهم هو الله فأصبحت مخالفتهم هي مخالفة الله وهذا سبب كفر من خالفهم على منهاج قوله عز وجل: “وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً * أُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً” النساء (150 -151).

الفصـل الثاني

عـدم الإيمـان بالخـليفة رِدة في الـدين وخـروج عن الإسـلام

قال تعالى: “وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ” آل عمران (144).

يعتقد معظم المفسرين وعلماء الأمة أن هذه الآية هي أنباء عن مانعي الزكاة في عهد أبي بكر الصديق ورِدتهم كانت في الخلاف على أداء الزكاة لأبي بكر لاختلافهم معه لعدم قناعتهم بخلافته.

قال ابن كثير في تفسيره للآية “خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” التوبة (103). أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يأخذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها، وهذا عام وإن أعاد بعضهم الضمير في (أَمْوَالِهِمْ) إلى الذين اعترفوا بذنوبهم وخلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً ولهذا اعتقد بعض مانعي الزكاة من أحياء العرب أن دفع الزكاة إلى الإمام لا يكون، وإنما كان هذا خاصاً بالرسول صلى الله عليه وسلم لهذا احتجوا بقوله تعالى “خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً” أهـ.

فرِدة الأمة مشروعة بوفاته صلى الله عليه وسلم وقد كانت فوقعت الرِدة كجواب شرط لموته. 

وعن علي بن أبي طالب إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

“يخرج قوم من أمتي يقراءون القرآن ليس قراءتكم إلى  قراءتهم بشيء ولا صلاتكم إلى  صلاتهم بشيء ولا صيامكم إلى  صيامهم بشيء يقراءون القرآن ويحسبون أنه لهم وهو عليهم لا تجاوز صلاتهم تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّمية” رواة مسلم برقم (1066).

يرى المفسرون أن ذلك الحديث صدق في الخوارج وسبب خروجهم ومروقهم من الإسلام مع توحيدهم وإحسانهم للعبادة هو مخالفة الخليفة.

فالرِدة عن الإسلام والخروج عنه في الحديث ليس خاصاً بل هو عام في كل من انطبقت عليه شروط الرِدة الواردة فيه وهي مخالفة إمام زمانه كما جاء في الحديث (خلفاء فيكثرون) و (فوا ببيعة الأول فالأول) فإن اقتصار الخلافة على بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تشفع لهم بعد موته لأن الله سيبعث خليفة بعد وفاته مباشرة فقد جاء عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أنكم محشورون حفاة عراة غرلاً، ثم قرأ: “كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ” وأن أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم وأن أناساً من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: أصحابي: أصحابي فيقول: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم فأقول: كما قال العبد الصالح “وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ”. أخرجه البخاري برقم (3349). ومسلم برقم (2860).

فأسباب رِدة الصحابة هي اكتفاءهم ببيعته صلى الله عليه وسلم وعدم مبايعة من خلفه من الأئمة عن عبد الله بن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من خلع يداً من طاعة لقى الله يوم القيامة لا حجه له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية” أخرجه مسلم حديث رقم (1851).

فالبيعة والطاعة هنا للخليفة الذي يبعثه الله وليس الذي يفرض نفسه بقوة السلاح أو بولاية العهد أو الانتخاب الجماهيري فإن بيعة أمثال هؤلاء هي الردة إلى الجاهلية بعد نعمة الإسلام كما جاء في حديث حذيفة بن اليمان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها. ثم تكون مُلكاً عاضاً فيكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها. ثم تكون مُلكاً جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها. ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت”. رواه أحمد وصححه الألباني.

هذا الحديث يبطل بيعة كل الذين يدعون الخلافة الإسلامية زوراً بحد السيف والتي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالملك العضود وأخرى بالجبرية. وخلافة الله غير ذلك وإنما تكون على منهاج النبوة أي أن الخليفة يبعثه الله من عنده كما جاء في الحديث عن حذيفة ابن اليمان قال: “كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أساله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر ؟.

قال: نعم.

قلت: وهل بعد هذا الشر من خير ؟.

قال: نعم وفيه دخن.

قلت: وما دخنه؟.

قال: قوم يهدون بغير هدي تعرف منهم وتنكر .

قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟.

قال: نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها.

قلت: يا رسول الله صفهم لنا؟.

قال: هم من جلدتنا و يتكلمون بألسنتنا.

قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟.

قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم.

قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ؟.

قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك”أخرجه البخاري برقم (3606) واللفظ له وأخرجه مسلم برقم (1847).

الأحاديث السابقة كلها صحيحة ومروية عن جملة من أجلّاء الصحابة هم علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وحذيفة بن اليمان وكلها تؤكد على مضمون واحد هو خروج الأمة عن الإسلام بسبب مخالفة الخليفة الإمام ولكل زمان إمامه وإمام هذا الزمان هو سليمان أبو القاسم موسى فقد لخصت آية واحدة محكمة في القرآن معاني الأحاديث آنفة الذكر هي قوله عز وجل: “وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا” الأحزاب (67).

فالسادات والكبراء هم أصحاب المُلك العضود والملك الجبري وهداة على أبواب جهنم يقولون قال الله تعالى وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتصدوا للخليفة المبعوث من قبل الله فحق عليهم قوله عز وجل: “وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُم مُّهْتَدُونَ * وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلاَ يُنقِذُونِ” يس (20 -23).

هؤلاء الموحدون الذين قالوا “وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ” يس (15). وكذبوا المرسلين “إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ” يس (15). ألهوا أنفسهم لأنهم نصبوا خلفاء لله من عند أنفسهم – أي قاموا مقام الله الذي يختار خليفته في الأرض. وهو معنى “أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً” وهو حال هذه الأمة التي أخذت في تنصيب الملوك والرؤساء بالملك العضود والجبري وأطاعوا سادتهم وكبراءهم فاتخذوهم آلهة على سنن اليهود والنصارى قال تعالى: “سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً” الإسراء (77). أي في مستقبل تعامل هذه الأمة الإسلامية مع الخلفاء من بعدك. فقد جاء في الحديث عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا في جحر ضب لاتبعتموهم قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟” أخرجه مسلم واللفظ له برقم (2669) والبخاري برقم (7320).

وهذه الأدلة كلها تؤكد أن الآيتين “اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ” الفاتحة (6 -7). تشير إلى  إتباع الخلفاء من هذه الأمة خاصة وأن قوله عز وجل: “غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ”  المراد بهم الذين يتبعون سنن اليهود والنصارى من هذه الأمة خاصة الذين يخالفون ويكذبون كل خليفة في هذه الأمة أعلن للناس بأنه مبعوث من قِبل الله بالتكليف المباشر على سنن الخلافة في عهد النبوة. وهو مراد الحديث (خلافة على منهاج النبوة) وحق على من خالفه قوله عز وجل: “اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ” التوبة (31). فالأحبار هم علماء هذه الأمة والرهبان أتباع الطرق الصوفية اليوم مثل أتباع القادرية والسمانية والتجانية والشاذلية على سبيل المثال لا الحصر فكل هؤلاء ضلوا وأضلوا الأمة عن (الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ). والسبب في هذا الضلال هو عدم معرفة واتباع خليفة الله ولذلك وجب تعريفه بتحديد شخصيته.

الفصل الثالث

تحـديد الإمـام بآيات الأكـوان

قال تعالى: “وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ” النمل (93).

وقال تعالى: “سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ” فصلت (53).

وأهم هذه الآيات عودة اليهود إلى الأرض المقدسة (لفيفاً) في هجرات جماعية قال تعالى: “وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُواْ الأَرْضَ فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً” الإسراء (104). وقوله تعالى: “فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً” الإسراء (7).

وفي الحديث عن أبي امامة: فقالت أم شريك ابنة أبي العكر: يا رسول الله فأين العرب يومئذ؟ قال: “العرب يومئذ قليل وجلهم ببيت المقدس وإمامهم رجل صالح فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل عليهم ابن مريم الصبح فرجع ذلك الإمام ينكص يمشي القهقري ليتقدم عيسى يصلي بالناس فيضع عيسى عليه السلام يده بين كتفيه ثم يقول له:  تقدم فصلِّ فإنها لك أقيمت فيصلي بهم إمامهم، فإذا انصرف قال عيسى عليه السلام: افتحوا الباب فيفتح ووراءه الدجال ومعه سبعون ألف يهودي كلهم ذو سيف محلي وساج فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء وينطلق هارباً ويقول عيسى: إن لي فيك ضربه لن تسبقني بها فيدركه عند باب اللد الشرقي فيقتله فيهزم الله اليهود” رواه ابن ماجة.

الحديث يمثل الواقع المشاهد في حياة الناس في القدس باستثناء دخول عيسى ابن مريم فالإمام الصالح في القدس هو إمام الصلاة وان إمام الامارة هو عيسى ابن مريم بدليل أنه هو الذي يصدر أوامر قتال اليهود والدجال وليس إمام المسجد الراتب.

وان الدجال الآن موجود وهو جورج بوش الابن وهو أحد الدجالين الذين ذكرهم الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد قام خلال شهر يناير 2008م بزيارة القدس وأصدر تعليماته وضماناته لحماية دولة إسرائيل اليهودية وعاصمتها القدس فقد أوردت مجلة المجلة في عددها بتأريخ 21-28 ذو القعدة 1428هـ عن نورمان ميلر جاء في المقال:

“وقد حظى الرئيس بوش بالنصيب الأكبر من الشتائم فهو حسب وصف ميلر: “أحد عملاء الشيطان، ولا تصدقوا أنه يخاطب المسيح كما يزعم فالشيطان هو الذي يهمس في أذنه” أهـ صفحة 26.

يشير ميلر إلى قول بوش أن الله كلمه ووجهه بقتال الإرهابيين ويعني بهم الفلسطينيين الذين يدافعون عن أرضهم في القدس وغزة والضفة الغربية المحتلة فانطبق عليه وصف الدجال لأنه يحاصر المسلمين ويقتلهم ويمنع عنهم الطعام كما يفعل الآن في غزة وعندما يجتمع مجلس الأمن لفك الحصار عنهم تتدخل إدارة بوش لمنع المجتمع الدولي من فرض فك الحصار على الإسرائليين.

ومعلوم أن الدجال يخرج في حربه على المسلمين من غضبة عن أم المؤمنين حفصه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “يخرج من غضبة يغضبها” رواه مسلم برقم (2932).

وقد خرج جورج بوش الابن غاضباً على المسلمين بعد تفجيرات 11 سبتمبر.

والآية الأخرى المشاهدة اليوم هي تطاول الحفاة العالة رعاء الشاء في دول الخليج في البنيان كعلامة على الساعة ففي الحديث:

“عن عمر بن الخطاب قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يُرى عليه اثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال يا محمد اخبرني عن الإسلام فقال: أن تشهد أن لا اله إلاَّ الله وان محمداً رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا .

قال: صدقت، قال: فعجبنا له يسأله ويصدقه.

قال: فاخبرني عن الإيمان قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره قال: صدقت.

قال: فاخبرني عن الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك.

قال فاخبرني عن الساعة؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل.

قال فاخبرني عن أماراتها؟. قال: أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان.

قال: ثم انطلق فلبثنا ملياً ثم قال لي: يا عمر! أتدرى من السائل ؟

قلت: الله ورسوله اعلم.

 قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم” أخرجه مسلم حديث رقم (1) كتاب الإيمان.

فعلامة الساعة في هذا الحديث (أن تلد الأمة ربتها) وقد كان في سالف الدهر والمشاهد الآن “الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان” وفي زمن التطاول في البنيان فإمام الناس فيه هو عيسى ابن مريم لأنه هو الآخر علامة لنفس هذه الساعة كما جاء في قوله تعالى: “وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ * وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ * إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ * وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ * وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ” الزخرف (57-61).

ونخرج من هذا الفصل أن إمام الناس وخليفة الله اليوم هو عيسى ابن مريم فكل من لم يبايعه ويتبعه يحق عليه قول الأحاديث والآيات السابقة هذا في جانب العقيدة، أما في جانب الحروب التي تخوضها المقاومة الفلسطينية ضد الإحتلال الإسرائيلي الحالي فلا يحدث فيها نصر للمسلمين إلاَّ تحت قيادته وإمرته للمسلمين فهل ينتبه الفلسطينيون لهذه الحقيقة فيعيروا دعوة سليمان أبي القاسم اهتماماً؟ والمطلوب مني إثبات أن سليمان أبا القاسم موسى هو المسيح بنصوص الشرع (الكتاب والسنة).

الفصل الرابع

دلالة الـشرع على أن سليمان أبي القاسم هو المسيح

المعلوم عني أني وُلدت لأبوين معروفين يلتقيان في أول جد لهما وينتهي نسبهما المخطوط إلى الحسين بن علي بن أبي طالب فلا يكون سليمان هو المسيح ابن مريم إلاَّ بإثبات أن المسيح يعود إلى هذه الأمة بميلاد ثانٍ وهذا هو الحق وإليكم الدليل.

ان المسيح ابن مريم لم يبقَ بروحه وجسده كما يعتقد من لا علم له بشهادة قوله تعالى: “وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ * وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ” الأنبياء (7-8).

وقال تعالى: “وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ” الأنبياء (34).

فالأنبياء قبل محمد صلى الله عليه وسلم لم يكونوا خالدين أي أحياء بأرواحهم مركبة في أجسادهم وعيسى ابن مريم واحداً منهم وكذلك البشر قبله وعيسى ابن مريم أيضاً بشر وليس إلهاً ولا ملكاً ولا جاناً. وأما حقيقة التقائه بالرسول صلى الله عليه وسلم في السماء ليلة الإسراء لم تكن خاصة به بل لقى الأنبياء الذين توفوا وفاة موت وقبورهم معلومة في الأرض إلى  اليوم ومنهم من قُتل. فأي شخص اعتقد أن عيسى ابن مريم بقى بعد وفاته في بني إسرائيل بروحه وجسده كفر بما أنزل الله على رسوله بشواهد الآيات السابقة من سورة الأنبياء. “وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ” في فترة هي “قَبْلِكَ”.

ودليل ميلاده في هذه الأمة عند عودته في القرآن قوله عز وجل: “وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ” آل عمران (46). لقد فسر كثير من العلماء أن كلام عيسى في زمن الكهولة المذكورة في الآية يكون بعد عودته في هذه الأمة لأنه توفى قبل الكهولة وبالتالي لا يتحقق معنى الآية إلاَّ أن يكلم هذه الأمة كهلاً.

ولما كانت الكهولة هي العمر ما بين الأربعين إلى الستين سنة وهذا عام ألفين وثمانية من ميلاده الأول وبما أن العمر يزيد مع الزمن بدلالة قوله عز وجل: “وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ” يس (68).

فإن تكليمه لهذه الأمة في سن الكهولة لا يتم إلاَّ بميلاد جديد فكان سليمان أبو القاسم هو المسيح ابن مريم في ميلاده الجديد.

وشاهد السنة أن ميلاد المسيح ابن مريم يكون في آل البيت النبوي كما جاء عن عبد الله بن عمر قال: كنا قعوداً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الفتن حتى ذكر فتنة الأحلاس فقال قائل وما فتنة الأحلاس؟ قال: “هي هرب وحرب ثم فتنة السراء دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي يزعم أنه مني وليس مني وإنما أوليائي المتقون، ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع ثم فتنة الدهيماء لا تدع أحداً من هذه الأمة إلاَّ لطمته لطمة فإذا قيل انقضت تمادت، يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً حتى يصير الناس إلى فسطاطين، فسطاط إيمان لا نفاق فيه وفسطاط نفاق لا إيمان فيه، فإذا كان ذاكم فانتظروا الدجال من يومه أو غده” رواه أحمد وأبو داود والحاكم وقال صحيح الإسناد ووفقه الذهبي.

الحديث يتكلم عن رجلين في زمن الدجال مما يعني أن أحدهما المهدي والآخر المسيح المهدي وبالنظر إلى  جملة الأحاديث في هذا الشأن نجد أن الرجل المذكور في الحديث “يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع” ومعناه أن الأمور لا تستقيم له بسبب الفتن فإن هذا الوصف ينطبق على الرجل الصالح الذي يحاصره الدجال في بيت المقدس وأن الآخر “رجل من أهل بيتي” هو المسيح ابن مريم في ميلاده الثاني ويشهد على ذلك زعم هذا الرجل (أنه مني وليس مني) ان نسبه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم جاء بالإثبات والنفي بإثبات الرسول صلى الله عليه وسلم (رجل من أهل بيتي) ونفيه بزعم هذا الرجل ونسب هذا الرجل مذكور في القرآن بالإثبات والنفي على شاكلة الحديث قال تعالى مخاطباً الرسول “وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ” البلد (2-3).

فأنت (والد) يماثلها في الحديث (رجل من أهل بيتي) و (وَمَا وَلَدَ) يماثلها (وليس مني) والرجل في الحديث نكرة إلاَّ أن تعريفه هو قوله (يزعم أنه مني وليس مني) وهذا هو زعم سليمان أبي القاسم موسى مما يؤكد أن سليمان أبا القاسم موسى هو الرجل من آل البيت المقصود في هذا الحديث وفي سورة البلد وأنه المسيح ابن مريم رسول الله في بني إسرائيل ومهدي آل البيت بميلاده الثاني.

فوصف هذا الرجل البيتي يستحيل أن يكون لغير المسيح ابن مريم في ميلاده الثاني لأنه يحرم شرعاً أن ينسب أحد لغير أبيه قال تعالى: “ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً” الأحزاب (5).  وفي الحديث عن سعد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من أدعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام” رواه البخاري برقم (6766) ومسلم برقم (63).

وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه فهو كفر”. رواه البخاري برقم (6768) وأخرجه مسلم برقم (62). أما فيما يخص إسمي سليمان فلا يحول دون كوني عيسى ابن مريم فتعدد الأسماء للذات الواحدة شيء مشاع ومألوف فتعدد الأسماء لا يعني تعدد الذات بأي حال من الأحوال ولما كان المشاع في الأمة أن المسيح ينزل في الشام وليس في السودان فإني أود أن أبيّن ذلك في الفصل القادم.

الفصل الخامس

الســودان مـكان الـميلاد الثاني للـمسيح

جاء في كتاب البداية والنهاية ومعه نهاية البداية في الفتن والملاحم لابن كثير الطبعة الثالثة 1419هـ = 1998م صفحة (99)

قال أحمد: حدثنا رَوْحُ، حدثنا سعيد وعبد الوهاب، أخبرنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن سَمُرَةَ بن جناده بن جندب أن رسول الله كان يقول: “إن الدجال خارج وهو أعور عين الشمال عليها ظفرة غليظة وأنه يبرئ الأكمه  والأبرص ويحي الموتى ويقول أنا ربكم فمن قال أنت ربي فقد فتن ومن قال ربي الله حتى يموت فقد عصم من فتنته ولا فتنة بعده عليه ولا عذاب، فيلبث في الأرض ما شاء الله ثم يجيئ عيسى ابن مريم من قبل المغرب مصدقاً بمحمد وعلى ملته فيقتل الدجال ثم إنما هو قيام الساعة”. مسند أحمد ج 7/ 20171.

وجاء في نفس المصدر لأبن كثير صفحة (95) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أني خاتم ألف نبي وأكثر وما من نبي يتبع إلاَّ وقد حذر أمته الدجال وأني قد بُيِّن لي من أمره ما لم يُبيِّن لأحد إنه أعور وأن ربكم ليس بأعور وعينه اليمنى عوراء جاحظة ولا تخفى كأنها نخامة على حائط مجصص وعينه اليسرى كأنها كوكب دري معه من كل لسان ومعه صورة الجنة خضراء يجري فيها الماء وصورة النار سوداء تدخن” تفرد به أحمد.

فالحديث الأول حدد مجيء عيسى من قبل المغرب ومغرب الجزيرة العربية مكان صدور الحديث هو السودان.

وأما عين الدجال العوراء فالأحاديث مضطربة في تحديدها ومع ذلك يلاحظ أن وصف الدجال في الحديث الثاني ينطبق على جورج بوش الابن وذلك لأن عينه اليمنى بها عور أي عيب وقد رُكبت له عدسة لاصقه وهي الوصف الدقيق لقوله (كأنها نخامة على حائط) وأن مع جورج بوش كل لسان لأن الولايات المتحدة هي إمبراطورية هذا الزمان وكل شعوب العالم اليوم تخضع لإرادتها وأما صورة الجنة هي خيرات الأرض التي تمتلكها أمريكا والنار التدخن هي ترسانة الأسلحة النارية الأمريكية. فبث الأقمار الإصطناعية الأمريكية لصور الفنادق السياحية وحدائقها الغناء ينساب في جداولها الماء زلالاً لترغيب الناس للتمتع بنعيم الدنيا وفي المقابل تبث هذه الأقمار صور الدخان الأسود المتصاعد من المنازل والمنشآت التي تدمرها القنابل الأمريكية كما فعلت وتفعل في تدميرها لأفغانستان والعراق وجنوب لبنان وفلسطين لإدخال رعب الأمريكان في قلوب الناس. فما تفعله اليوم أمريكا بزعامة جورج بوش الابن هو تجسيد دقيق للمعاني الحرفية لهذا الحديث مما لا يدع مجالاً للاختلاف فيه لأنه واقع يشاهده الناس.    

وخلاصة هذا الفصل أن المسيح يولد في السودان ويسير نحو الجزيرة العربية (يجيء من قبل المغرب) فينزل في الشام على مراحل ويتنقل على ظهر الأرض فينزل في المنارة البيضاء وبين الأعماق ودابق وفي عقبة أفيق وفي القدس لقتال القوات الصليبية واليهودية بقيادة المسيح الدجال. ومعلوم من السُنة وجود أكثر من دجال فإن هلك الدجال سيخلفه دجال حتى تضع الحرب أوزارها بقتل آخر الدجالين.

الخــاتمة

إن الأمة ارتدت عن الإسلام إلى الجاهلية بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ومنذ عهد الصحابة بدلالة القرآن “وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ” آل عمران (144). وتوارثت الأمة هذه الردة بالفطرة “فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه”.

بدلالة الحديث: “إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا بهذا الخير- يعني الإسلام- فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: (نعم)) يعني رِدة وجاهلية وهذه الردة تمت على مستوى الأفراد في الحديث: “يؤخذ برجال من أصحابي ذات الشمال فأقول أصحابي أصحابي فيقول إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم”.

وعلى مستوى الأمة فانها خرجت من الخلافة على منهاج النبوة أي لم تبايع أي خليفة لله فارتدت بمبايعة ملوك (المُلك العضود والمُلك الجبري) فإذا كان هذا هو حال الأفراد والأمة منذ القرن الأول من البعثة الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم: ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته” أخرجه البخاري برقم (2652).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم – قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثاً- ثم أن بعدكم قوماً يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون وينذرون ولا يوفون ويظهر فيهم السَّمَنُ” رواه البخاري برقم (3650).

فإذا كانت الأمة في خير قرونها قد ارتدت عن الإسلام جماعات وأفراداً فبكل تأكيد فإني قد وجدتها في القرن الخامس عشر أكثر بُعداً عن الإسلام وأني جاهد الآن لأعيدها إلى  الإسلام إلى الخلافة التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت”.

وسبب خروج الأمة ورِدتها إلى الجاهلية هو عدم مبايعة خليفة الله المذكور في الحديث “ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية” فالبيعة المذكورة في الحديث هي لخلفاء الله خاصة فالأمة كانت تبايع لخلفاء بني أمية وخلفاء بني العباس وخلفاء الفاطميين وخلفاء الأتراك واستمر الحال إلى  يومنا هذا في مبايعة الملوك والأمراء على اعتبار أنهم خلفاء البيعة المذكورة في الحديث وذلك باطل فالخليفة المطلوب بيعته هو الخليفة الذي إذا لم تجده تهجر المجتمع والمساجد وتهرب في الأرض كما جاء في الحديث (فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام …فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك”.

والنصوص السابقة أكدت أن إمام هذا الزمان (زمان تطاول الحفاة العراة العالة رعاء الشاء في البنيان) وزمن عودة اليهود إلى  الأرض المقدسة (لفيفاً) واحتلالهم لبيت المقدس كل هذه الشواهد تؤكد أن إمام الناس اليوم هو عيسى ابن مريم وأثبتت النصوص أنه يولد في السودان وهو شخص سليمان أبي القاسم. ويترتب على الأمة على مستوى الدول والجماعات والأفراد أن يعلموا الآتي:

لقد ورَثَت الأمة الرِدة عن الأجيال عبر القرون منذ عهد الصحابة في القرن الأول الهجري وبُعثتُ لأعيدها على جادة الطريق والملة الإبراهيمية التي يختار خلفاءها الله كما جاء في الآية “وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً” هذه الملة هي التي أُمرت بإحيائها بعد أن هداني الله إليها كما قال تعالى: “قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ” الأنعام (161). فهل تتبعني الأمة على هذا الصراط السوي أم يقولون لي قول الأمم من قبلكم “أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ * بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ *وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ * قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ” الزخرف (21-24). وقال تعالى: “إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءهُمْ ضَالِّينَ * فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ” الصافات (69-70).

فالأمة لا تتمسك بالكتب المنزلة ولكنها تتمسك بما وجدت عليه آباءها بدلالة الآيات السابقة والحديث الآتي:

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

“كل إنسان تلده أمه على الفطرة وأبواه بعد يهودانه وينصرانه ويمجسانه فإن كانا مسلمين فمسلم. كل إنسان تلده أمه يلكزه الشيطان في حِضْنِّيه إلاَّ مريم وأبنها”. أخرجه مسلم برقم (2658) للبخاري مثله برقم (1358) و(1385).

فالأمة ورثت الرِدة الواردة في آية آل عمران (144) (انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ) وحديث ابن عباس (لن يزالوا مرتدين) عن الآباء بالفطرة الواردة في الحديثين السابقين وبنص الآية (وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ).

وإلى جانب أني أحقق لهذه الأمة الهداية وأعيدها إلى الإسلام بعد خروجها عنه وهم (يقرأون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء) ويصلون (ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء) ويصومون (ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء) ومع كل ذلك (يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية) فالعبادة بدون إتباع الخليفة لا تكفي فإن إتباع الخليفة هو أمر الله في القرآن قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ” النساء (59). فأن سليمان أبا القاسم هو ولي أمركم اليوم. فإن إتباعي يحقق لهذه الأمة النصرة على أعدائها من اليهود والنصارى الذين استباحوا عقيدة المسلمين وأرضهم وعرضهم، وأجمع كلمة المسلمين على كلمة لا إله إلاَّ الله حتى لا يُعبد إلاَّ الله ولا يبقى من الدين إلاَّ الإسلام ليسود العدل والأمن والنظام. فلا نصر لهذه الأمة على أعدائها في هذه الدنيا إلاَّ إذا آمنت قال تعالى: “إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ” غافر (51). وقال تعالى: “وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ” الروم (47).

ولا إيمان لأهل هذا الزمان إلاَّ إذا اتبعوا سليمان أبا القاسم موسى فهو المسيح المشار إليه في قوله تعالى: “وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ” آل عمران (55). فيتبع بالقرآن في عودته لأن إتباعه بالإنجيل نسخ بالقرآن.

ويوم القيامة يحشر أهل هذا الزمان باسمي يقول تعالى: “يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ” الإسراء (71). فالرسول صلى الله عليه وسلم لا يشهد حتى للصحابة بعد موته كما جاء في الحديث “فأقول كما قال العبد الصالح “وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ”. هذا هو طريق الحق جاء مفصلاً في الكتاب والسنة قال تعالى: “أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً” الأنعام (114). فأنا آخر الخلفاء فإذا مت يقفل باب الإيمان بالله لأن الايمان بالله متعلق بخليفته في الأرض قال تعالى: “وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا” النساء (159). وهو مراد قوله تعالى: “يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً” الأنعام (158). فعيسى ابن مريم آية بصريح قوله عز وجل: “وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً” مريم (21).

فـ “هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي”.

 

والحمد لله رب العالمين